كلمة فهمي الكتوت في تأبين القائد الشيوعي فايز بجالي


فهمي الكتوت
2016 / 2 / 20 - 23:08     

السيدات والسادة ..الرفيقة العزيزة، المناضلة شفيقة الشماس ام فؤاد.
أبناء وبنات رفيقنا العزيز، وعموم ال بجالي الكرام. .الرفيقات والرفاق.
الضيوف الكرام، أرحب بكم أجمل ترحيب.
نلتقي في هذا اليوم لتأبين شخصية وطنية، وقائدا شيوعيا مميزا. نؤبن المناضل فايز البجالي، الذي وهب حياته دفاعا عن استقلال الأردن السياسي والاقتصادي، ومن اجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ومن اجل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره .. وحقه بالعودة الى ارض وطنه، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس. وهب فايز؛ حياته من اجل الفقراء والمهمشين، من اجل العمال والفلاحين، من اجل الاطفال المشردين، من اجل حق المرأة بالمساواة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية.
لم يكن فايز عاملا او من اسرة فقيرة، لكنه كان انسانا بانحيازه لفكر الطبقة العاملة، كان ثوريا في دفاعه عن قضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، كان أحد المؤسسين للخلايا الماركسية، منذ اواخر العقد الرابع للقرن الماضي، كان الى جانب يعقوب زيادين وعيسى مدانات ونبيه ارشيدات ووديع برقان وفايز الروسان وإبراهيم الطوال وغيرهم، ممن شكلوا حلقات ماركسية التحمت مع عصبة التحرر الوطني الفلسطيني بقيادة القائد فؤاد نصار. حين كان المناخ السياسي مؤهلا لإعلان الحزب الشيوعي الأردني في ربيع عام 1951. وبروز الحركات السياسية القومية واليسارية. بعد اغتصاب فلسطين وتنامي المشاعر القومية في مواجهة المستعمرين.
تعرفت على ابي فؤاد في أواخر ستينات القرن الماضي، عرفته مناضلا صلبا وقائدا سياسيا، غيورا على مصالح الحزب والطبقة العاملة، عرفته انسانا طيبا ودودا شهما كريما، يتمتع بصفات شخصية وإنسانية، حازما صارما بالتعامل مع القضايا المبدئية، كان يحظى باحترام وتقدير رفاقه ويتمتع بالوفاء والإخلاص لأصدقائه. كانت تقف الى جانبه رفيقة دربه المناضلة والقائدة النسائية شفيقة الشماس، شكلا معا اسرة وطنية نموذجية.
كنت اعتز بصداقته الشخصية على الدوام، وقد أسهمت رؤيتنا السياسية والنضالية المشتركة بتوطيدها، والتي انعكست إيجابا على علاقاتنا العائلية والاسرية. رافقته بالعمل السياسي والتنظيمي، كان جريئا ومبدئيا بمواقفه السياسية والتنظيمية، لا مكان للمساومة والمجاملة في القضايا الأساسية، جمعتنا المبادئ والأفكار الثورية، والنضالات المشتركة كما جمعتنا التحديات الكبيرة، وجمعتنا الأيام الصعبة، وجمعتنا أيضا العلاقات الإنسانية.
كان أبو فؤاد أحد فرسان وقادة الحركة الوطنية الأردنية التي سطرت أروع النضالات الوطنية والقومية، ضد الاستعمار بشكلية القديم والجديد، كان أحد قادة الحزب الذي خاض معركة الشعب الأردني بتعريب الجيش وطرد الضابط البريطاني كلوب، وإلغاء المعاهدة البريطانية، وكان له دور في بناء الجبهة الوطنية الأردنية، التي عملت إلى جانب الأحزاب الوطنية الأردنية، في النضال من اجل انجاز مهام المرحلة، والتصدي للمحاولات الاستعمارية المبكرة، بفرض سياسة التوطين وانهاء الصراع مع الكيان الصهيوني. والتي اخذت اشكالا متعددة. وما نشهده اليوم من صراع دموي مع الامبريالية وحلفائها في المنطقة ما هو الا تكرار لما جرى في أواسط القرن الماضي.
ففي الرابع من تشرين الثاني 1955 جاء الرئيس التركي جلال بايار الى الأردن، وتبعه رئيس الأركان البريطاني الجنرال تمبلر، لتأمين انضمام الأردن الى حلف بغداد الاستعماري، وذلك لأهمية موقع الاردن الاستراتيجي بالنسبة للدول العربية المستهدفة، "سوريا ومصر" بسبب مواقفهما المعادية للإمبريالية، لكن الشعب الأردني، اثبت انه الصخرة التي تتحطم عليها الاحلاف العسكرية. فقد استقبلا بالإضرابات والمظاهرات الشعبية الواسعة، بقيادة الشيوعيين والقوميين، وكان فايز أحد قادة تلك المرحلة.
كان أبو فؤاد أحد رموز مرحلة التغيير، والنضال الوطني الذي شهدته البلاد في عام 1956 بنجاح الحركة الوطنية في اول انتخابات نزيهة، وتشكيل اول حكومة برلمانية وطنية وإلغاء المعاهدة البريطانية. وكان عروبيا بامتياز بدفاعه عن حق الشعوب العربية في التحرر والحرية والديمقراطية والوحدة العربية، وبدفاعه عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته وحقه بالعودة. كما كان امميا بتضامنه مع نضال الطبقة العاملة وحركات التحرر العالمي.
السيدات والسادة
هناك من عاش على الأرض قانعا بالفتات .. هناك من قبل بالظلم والاضطهاد .. هناك من استسلم للأقدار .. هناك من حصد مال الاوطان، وهناك من استغل فقر الفقراء .. لم ينتم فايز لأي من هؤلاء .. فايز من الرجال الذين ضحو بزهرة شبابهم دفاعا عن الفقراء .. من الذين دفعوا اثمانا باهظة للحرية والديمقراطية. فايز ممن يقولون لا مفر أمامك من دفع الظلم حين يأتيك، إن أردتَ البقاء إنساناً. فايز من الرجال الذين تصدوا للظلم والاضطهاد والفساد، فايز من المجموعة الخيرة في وطننا التي دافعت عن كرامة الانسان، دفع فايز من حريته الشخصية ثمنا للدفاع عن استقلال البلاد وسيادة الوطن.
كان فايز مناضلا صلبا لا يلين، حاد المزاج في مواجهة خصومة الطبقيين، تصدى للإرهاب في أحلك ظلماته. دفع من حياته وحياة اسرته ثمنا باهظا، لمواقفه المبدئية في السجون والمعتقلات، منها ثمان سنوات متواصلة في معتقل الجفر الصحراوي 1957- 1965، ومنها الاعتقال في زنازين المخابرات، وقد زار معظم السجون الأردنية، وكان اخرها سجن سواقة في نيسان عام 1989 حين كان احد القادة المعتقلين بسبب تصديه للسياسات الحكومية بتحميل المواطنين اعباء الازمة المالية والاقتصادية واحد قادة هبة نيسان المجيدة، بعد انهيار سعر صرف الدينار امام العملات الاجنبية، واختفاء احتياطات البلاد، وإفقار وتجويع المواطنين، وتفشي مظاهر الفساد، وارتهان الاقتصاد الوطني لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين.
السيدات والسادة
رغم الكارثة التي حلت في الوطن العربي .. الا اننا على ثقة ان الشعوب العربية ستفشل الهجمة الامبريالية الصهيونية الظلامية الفاشية على الوطن العربي، كما أفشل شعبنا الاردني وحركته الوطنية التقدمية سياسة الاحلاف الاستعمارية، وسيدحر شعبنا الفلسطيني المحتلين الصهاينة. وما نشاهده من انتفاضة باسلة في الأرض المحتلة الا تأكيدا على ذلك. إننا مدعوون في هذا الوقت بالذات، بالتصدي للانقسامات المذهبية والطائفية والإقليمية وتمتين الوحدة الوطنية، وتصويب البوصلة، تجاه الصراع الرئيسي مع العدو الصهيوني.
نم قرير العين يا رفيقي، سنبقى على العهد ما حيينا، عزاؤنا ان تراثك النضالي المجيد، يشكل منارة لشعبنا في مواصلة النضال من اجل أردن وطني ديمقراطي، وضمان حقوق أطفالنا واحفادنا في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، المجد والخلود لفقيدنا الكبير، واحر العزاء الى رفيقة دربة شفيقة الشماس والى اسرته ورفاقه واصدقائه.
فهمي الكتوت