وثائق المؤتمر الوطني الخامس عشر لأوطم المنعقد في غشت 1972 - التقديم والبيان السياسي


أحمد أحمد حرب
2016 / 1 / 26 - 16:53     

تقديم
انعقد المؤتمر الوطني الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب من 11 الى 18 غشت، و المؤتمر ينعقد في ظروف سياسية و تاريخية امتازت بخصوصيات و معالم لم يسبق لمؤتمر وطني لمنظمتنا ان شاهدها؛ تجلى ذلك في التطورات السياسية (الطبقية) العنيفة التي شهدتها بلادنا من جهة، وبحكم التغيرات النوعية الهامة التي عاشتها الحركة الطلابية المغربية -كنتيجة لتلك التحولات-في إطار منظمتنا المناضلة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
فلقد انقضت سنتان دون أن تعقد منظمتنا مؤتمرها الوطني السنوي العادي، مما وضع المؤتمر أمام تجربة نقابية وسياسية ونضالية طويلة وشاقة سجلت تاريخيا أضخم معارك عرفتها الحركة الطلابية المغربية (رغم هزالة المردود المباشر)،وأكدت بالملموس تحولات عظيمة وهامة نقابيا وسياسيا ونضاليا وفكريا، هذه التحولات التي شطبت العديد من المفاهيم والممارسات الإصلاحية، والأساليب البيروقراطية، وتبثث استقلال وديمقراطية المنظمة والحركة ولحمت وحدتها قاعديا، هذه التحولات التي بدت ملامحها منذ المؤتمر الرابع عشر، الذي كان عليه أن يكون بداية الانعطاف في تاريخ منظمتنا، وتاريخ الحركة الطلابية بالرغم من مشكلته التي كانت ستكون موضوعية انتقالية لولا تلاعب الاقلية داخل المؤتمر وتعصبها وضيق أفقها السياسي مما ضخم من عوامل الأزمة وطبعها بذاتية مقيتة، في حين كان يجب أن تحل طبقا لتقاليد منظمتنا في الديمقراطية ومع احترام مؤسساتها الديمقراطية.
على مستوى الساحة الوطنية، عرفت الجماهير الشعبية من عمال وفلاحين فقراء وتلاميذ انطلاقة جديدة في تجذر وعيها السياسي وامتلاكها أساليب وأشكال نضالية وتنظيمية أقوى وأعنف، حققت بها العديد من الانتصارات، وردعت بواسطتها الكثير من مناورات ومخططات الحكم الرجعي التي كانت تهدف ضرب وحدتها النضالية وتمييع حركتها وشعاراتها الكفاحية المتجاوزة لخط الانتظار ومحاصرة تحرك وتسريب العناصر الانتهازية الاصلاحية برفضها لكل أشكال التناور والمساومة (نضال عمال خريبكة-عمال النسج-قطارة-حركة شباب الثانوي) محتلة مركزها الطليعي في مجرى الصراع الطبقي ورافضة نظام الاستغلال والقهر والتبعية للاستعمار والامبريالية، هذا النظام الذي استمر في تناوراته واضطهاده وحملاته التضليلية المبنية على قاعدة تكريس الوضعية الشاذة التي تعرفها بلادنا والتي تتجلى في التنكر التام لكل مظاهر الحريات الديمقراطية، ومن تزييف مفضوح لإرادة ومطامح الجماهير عن طريق فرض أجهزة تمثيلية مشوهة وطيعة وتسخير أجهزته القمعية لتصفية كل المنظمات الجماهيرية المناضلة متوجا كل ذلك بالاختطافات والمحاكمات الصورية العديدة...عما هذا وذاك بالمزيد من استغلال الجماهير وتفقيرها بشتى الاشكال والاساليب.
مع هذا العرض العام لمختف الظروف التاريخية والسياسية التي أثرت في تجربة منظمتنا خلال السنتين، والتي سبقت عقد المؤتمر الوطني 15 خاصة، لا بد من وقفة قصيرة حول حدثين هامين (الصخيرات، المفاوضات) لما أحدتاه من تغييرات لها اعتبارها وسط مجموع القوى المتصارعة على مستوى عقليتها ومواقفها وتكتيكاتها ومراهناتها، ولما قدمته (حدث الصخيرات أساسا) من امكانيات وطاقات لنضالات جماهيرية أقوى (نضالات الطبقة العاملة في الصيف والخريف، نضالات الطلبة والتلاميذ) مما زاد من تفسخ وتضعضع أجهزة الحكم وعزلته نهائيا عن الجماهير الشعبية كافة.
كما أكدت احداث 16 غشت الأخيرة (والتي تمت اثناء انعقاد المؤتمر) صحة التحليل الذي خرج به المؤتمر والذي اكد حدة الصراع داخل بنية النظام نتيجة تفسخ هذه الاجهزة وعجز هذا التحالف عن الاستمرار في خدمة الامبريالية.
رغم هذه الامكانيات الموضوعية لتنمية وتحويل التطلعات الثورية للجماهير إلى مواقع متقدمة ومتجذرة (تصدع النظام في عموده الفقري - نضالات جماهيرية واسعة) رغم كل هذا، تسجل القوى الحزبية البرجوازية عقمها وعجزها السياسي، وتؤكد غياب كل إرادة لمباشرة التحرك الشعبي بطرح برنامج وطني وديمقراطي للنضال معتبرة الفرصة مواتية لتقاسم السلطة، بالدخول متكتلة فوقيا في مفاوضات "افرانية" جديدة تستجيب لمخطط ((التفتح السياسي)) و ((التصالح الوطني)) والذي كان يهدف منه الحكم الرجعي ترتيب اوضاعه، والهاء الجماهير حتى لا تستفيد سياسيا ونضاليا من تصدع أجهزته، لتخرج منه القوى البرجوازية في النهاية منحلة على مستوى تحالفها المنسوج فوقيا، ومنقسمة فيما بعد على مستوى أجنحتها.
في غمرة تظافر وتمازج هذه الظروف والمعطيات ينعقد المؤتمر الوطني 15 لمنظمتنا المناضلة متأثرا ببعضها من جهة، ومغيرا بشكل حاسم لتلك التي تلتصق ذاتيا وموضوعيا بالحركة الطلابية وبالاتحاد.
فعلى مستوى التأثيرات التي لحقت المؤتمر:
- انعقدت الجلسة الافتتاحية في غياب كل المنظمات الوطنية او الطلابية العالمية، إذ ان اللجنة التنفيذية السابقة لم توجه أي استدعاء لأي من هذه المنظمات (إرادة عزل المؤتمر).
- محاولة اغراق المؤتمر من طرف أغلبية اللجنة التنفيذية السابقة ومنذ جلسته الأولى في مشكل مزيف ومغلوط (مشكل رئاسة المؤتمر) وصرف المؤتمرين عن معالجة المشكل الحقيقي الذي يكمن في تطبيق المبادئ القانونية والديمقراطية لمنظمتنا، هذه المحاولة كانت تستهدف في العمق الى نقل أزمة بعض العناصر المعينة إلى المؤتمر وإلى الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
وفي ظل رغبة يائسة لفرض تلك "الارادة" على الأغلبية الكبرى للمؤتمر، يستمر التماطل والتأجيل لأشغال المؤتمر مدة خمسة أيام توجت بالتهرب والتخلي عن المسؤولية من طرف أغلبية اللجنة التنفيذية السابقة امام المؤتمر والحركة الطلابية بعدم تقديم التقريرين الادبي والمالي، اللذين يعتبران بمثابة تقييم لتجربة سنتين نقابيا وسياسيا ونضاليا وتنظيميا وماليا، على المؤتمر ان يستفيد منها ويحكم عليها او لها.
ولقد عقب الظاهرة الجديدة انسحاب أعضاء من اللجنة التنفيذية وبعض المؤتمرين بعد استغلال جهاز من أجهزة المنظمة (المجلس الاداري) لإعطاء مواقف حزبية على حساب استقلال اجهزة المنظمة.
أمام هذا الشذوذ الذي لم يشهده مؤتمر من مؤتمرات المنظمة (إذا ما استثنينا شذوذ نسبي حصل في المؤتمر 14 والذي قدم فيه التقرير الأدبي باسم عضو واحد من اللجنة التنفيذية) أمام هذه الوضعية الشاذة كان لزاما على المؤتمر أن يصدر بيانا عن المنظمة في اطار القيادة السابقة وادانة للجنة التنفيذية، ولقد قيم المؤتمر بإيجاز التجربة الطويلة على مستوى المبادئ والقوانين ومن خلال ممارسات القيادة، ولينطلق إلى الدفع بأشغال اللجن وتقديم اعمال المؤتمر.
على مستوى التغيير الحاسم عكس المؤتمر عبر نقاشاته ومقرراته نواة خط فاصل بين تجربتين:
تجربة سابقة عانت أخطاء وانحرافات وممارسات اصلاحية على مستوى التوجيه والعلاقات والمهام (بحكم التوارث المفروض)، تجربة كانت عاجزة على تحقيق وحدة الحركة الطلابية نضاليا، معتمدة على أشكال وأساليب بيروقراطية في التنظيم تمنع من تطوير وتثوير أشكال التحرك القاعدي، وترفض حماية المبادرات الثورية القاعدية عاجزة بحكم قيادتها عن تبني خط النضال عوض الانتظار والمساومة، مكرسة الوصاية في ظل تجميد واجهاض النضالات، قاصرة على اقرار برامج نقابية وسياسية متقدمة، تستوعب وتحقق اهداف المرحلة، وتتجاوب وتطلعات الجماهير الطلابية في الالتحام بحركة شعبهم.
وتجربة نضالية مقبلة استمدت فهمها السياسي من القفزة النوعية التي سجلتها الحركة الطلابية قاعديا خلال السنتين الفارطتين، عبر تمرسها الفكري والسياسي الثوري الذي صب أساسا في مجرى وحدة الحركة الطلابية والتحامها بباقي الحركة الجماهيرية، هذا التمرس الذي مسح العديد من المواقف والقرارات الاصلاحية وأسقط كل وصاية خارجية تفرض على الحركة الطلابية، وكل التبريرات والتدرعات الانتهازية الهادفة لاستغلال المنظمة كورقة ضغط سياسية، وشطب العديد من المفاهيم البرجوازية.
تجربة حصلت رؤيتها التنظيمية من ضرورات التأطير (التي افتقدتها الحركة لمدة) التي يتوجب توفيرها للحفاظ على الوحدة النضالية للحركة، والتي عبرت عنها تحركات القاعدة الطلابية في مبادراتها الخلاقة الثورية ببناء أشكال مستوعبة لزخمها وتحركاتها ومتكيفة مع ظروف القمع التي تتعرض لها، مكسرة كل القيود البيروقراطية التي كانت تكبلها.
تجربة استندت في ابراز مشاكلها النقابية على الواقع الملموس (الخاص والعام) بالربط بين الأهداف والشعارات المطلبية الآنية والبعيدة في علاقتها بالواقع السياسي، هادفة تصحيح الرؤيا النقابية وتعرية كل أنصاف الحلول والحلول المزيفة والديماغوجية.
الخلاصات والدروس التي قدمتها هذه التجربة الخصبة، بعد أن ناقشها المؤتمر، على قاعدة النقد والتصحيح تنعكس وتتجلى في القرارات والمواقف والتوجيهات التي انبثقت عن المؤتمر الوطني 15، وتتمثل في الآفاق الواسعة والرحبة التي فتحها، والتي تبرهن عبر عملية تقييم للعناصر السياسية والنقابية والتنظيمية والثقافية، مهام على مستوى كل هذه الجبهات، التي على الحركة الطلابية المناضلة أن تعبئ خلفها كل طاقاتها وقدراتها الكفاحية ملتحمة، لتضمن نهضتها وطلائعيتها، ولتضع منظمتنا في موقعها الحقيقي في اطار النضال الشعبي التحرري، الذي يعتبر وحده الكفيل بمدها بالقدرة على مجابهة مخططات الحكم ومناوراته واضطهاده، قصد تحقيق انتصارات على مستوى كل الجبهات، وأخيرا لتعيد وتؤمن مركزها على مستوى الحركات الطلابية قوميا وقطريا وامميا.
وبهذا نعتبر أن المؤتمر الوطني الخامس عشر لمنظمتنا المناضلة قد سجل بكل فخر وبكل تواضع نقطة تحول حاسمة داخل الحركة الطلابية المغربية كاستجابة منطقية وطبيعية للسياق الثوري والمد الجماهيري اللذين شهدتهما الحركة الديمقراطية عموما والحركة الطلابية على الخصوص في بداية السبعينات.
***************************
الإتحاد الوطني لطلبة المغرب
المؤتمر الوطني الخامس عشر

البيان السياسي
ما زالت جماهير الشعب المنتجة والمسحوقة ببلادنا، وبعد حوالي سبعة عشر سنة من الاستقلال اللقيط منزوعة من كل مظاهر وشروط حريتها وتحررها السياسي والاقتصادي والثقافي.
هذا الاستلاب الشامل لمقومات الشعب يمارس اليوم من طرف التحالف الرجعي المكون أساسا من بقايا الإقطاع والملاكين العقاريين الكبار والبرجوازية الكمبرادورية والبيروقراطية، مدنية وعسكرية موزعة ومحضونة من طرف مختلف الامبرياليات، وبالأخص الأمريكية منها والأوروبية (فرنسا).
أما بالنسبة لجهاز الدولة وادارتها الاقتصادية والسياسية.. فإنها لا تمثل في هذه الحالة جهازا بيروقراطيا للتنفيذ وحسب، او ممثلا للتحالف يحتفظ ببعض استقلاله عنه، إنه نفس الادارة الموروثة عن الاستعمار القديم، مستوعبة داخلها نظام وتشكيل تحالف الاستغلال، بل ومساهمة في تكوينه، مركزة ومشرعة لمصالحه بتنسيق مع الاستعمار الجديد، وإن هذا التحالف الذي نشأ أساسا بمبادرة من ذلك الجهاز، لا يجد مصدرا لتقويته ومجالا لحل تناقضاته سوى جهاز الدولة نفسه الذي أمسى ببيروقراطيته طرفا رئيسيا في نظام التحالف الرجعي-الاستعماري بل طليعة له.
ان جهاز الدولة يشكل في هذه الوضعية طرفا في الصراع الطبقي الدائر بين المستغَلين والمستغِلين في بلادنا، بل إنه يشكل طرفا رئيسيا في ذلك الصراع، وبالتالي فإن هدف الجماهير في تغييره الجذري لصالح تحقيق مطامحها، كحل للتناقض بينها وبين اعدائها يصبح أكثر الحاحا حين يصبح هذا الجهاز المناهض الأول لمطامحها والمستغل الأكبر لطاقاتها وخيراتها كما هو الحال في المغرب.
هذه الوضعية الشاذة والخاصة بشروط البلاد المستعمَرة تنتج بالنسبة لبلادنا:
أ‌- سياسيا:
- التنكر التام في الداخل لأبسط مظاهر الحريات الديمقراطية حتى بمفهومها الليبرالي، واقامة أجهزة تمثيلية مشوهة وذيلية طيعة لجهاز الدولة، ومخططاتها ومصالح تحالفه الطبقي، ومزورة بشكل مكشوف لإرادة الشعب ولمطامحه.
- الانغلاق المطلق عن أي شكل ولو بسيط من الانفتاح السياسي، وبالمقابل نهج قمع مخطط وشامل ضد كل المنظمات الجماهير وطبقاتها الوطنية، حتى أكثرها إصلاحية والزج بمناضليها التقدميين والوطنيين في معتقلات الحكم وسجونه، بل والاختطافات والاغتيالات الدنيئة والمفضوحة.
- المعانقة التامة والتنسيق الدائم مع مخططات واستراتيجيات مختلف الامبرياليات العالمية، ومع النظام الاسباني على حساب شعبنا العربي في الصحراء المحتلة.
على المستوى القومي:
1- التحالف الصريح والتدعيم للرجعيات العربية، والتنسيق الدائم معها على حساب الشعوب العربية ومصالحها القومية الموحدة.
2- محاربة خفية للثورة الفلسطينية ومساهمة جدية في مخططات تصفيتها المختلفة (الموقف من ايلول الاسود+ زيارة كولدمان...).
3- رهن مصير بلادنا بالاستراتيجية العسكرية الامريكية بتحويلها قواعد عسكرية عدوانية ضد إرادة الشعب العربي والمغربي (بوقنادل، سيدي يحي،القنيطرة).

ب‌- اقتصاديا:
- استغلال مكشوف لجهاز الدولة، وتسخيره لمصالح التحالف الرجعي الاستعماري بأساليب عدة، ومنها بالاخص تكييف التصاميم الاقتصادية والتشريعات بهدف توسيع دائرته، وتركيز وتقوية استغلاله للجماهير.
- بيع الوطن بأبخس الأثمان للسوق الامبريالية، وبالأخص الاوروبية وربط البلاد بمصالحها ومخططاتها، سواء بتجارة الخارجية مجحفة بإغراق البلاد بقروض جائرة تخدم أساسا مصالح النظام.
- التنفيذ الدقيق لمخطط الاستعمار الجديد بالتوزيع الدولي للعمل وللسوق والذي "يترك لنا" الفلاحة والسياحة كأسبقية.
- لا يمكن أن يدعم كل هذه الإجراءات سوى المزيد من استغلال الجماهير وتفقيرها سواء بنزع وسرقة الأرض للفلاح الصغير، أو بالارتفاع الفاحش للأسعار وتجميد الاجور، او بتصاعد الضرائب المباشرة وغير المباشرة، والتفنن في تنويعها، أو تفاقم البطالة الصريحة والمقنعة، بتجميد سوق العمل واقفال المعامل والمناجم جزئيا أو كليا.
أما الأسباب البعيدة والرئيسية فتكمن أولا في تصاعد نضالات الجماهير وتنامي وعيها السياسي خلال السنوات الأخيرة، والعجز التام للنظام نتيجة لطبيعته الطبقية عن تلبية أبسط مطالبها.
ومن ناحية ثانية تفسخ جهاز الحكم ومؤسساته، وتفشي الفساد والانحلال بها لدرجة لم تعد معها خادمة جيدة لكل أطراف التحالف، ولا مجالا صالحا لحل تناقضاته، مما جعل الامبريالية نفسها (الامريكية خاصة) ترغب في التخلص من النظام الحاكم، واستبداله بنظام قادر على حماية مصالحها على المدى الطويل.
- بعد 10 يوليوز تميزت التطورات السياسية ببلادنا بمميزات خاصة يجب الوقوف عندها، وابداء رأي الطلاب فيها، فقد كانت خصائص الوضعية كالتالي:
على الصعيد الجماهيري= نفس نضالي جديد أكثر قوة، وأشد صلابة، وعمق في مستوى الوعي السياسي، وأشكال نضالية جديدة، وشعارات أكثر تقدما وثورية (قطارة، خريبكة، حركة الشبيبة)).
على صعيد النظام= مزيدا من التضعضع والتفكك في أجهزة النظام مع استمرار تفسخها، وانعزال أكثر عن الشعب او على الصعيد الدولي.
على صعيد الاحزاب= المدرجة عادة في المعارضة= عجزت نهائيا نتيجة لطبيعتها الطبقية المتدبدبة والاصلاحية، والتي تخاف حركة الجماهير عن القيام بأية مبادرة لتطوير الموقف لصالح الجماهير بطرح برنامج وطني وديمقراطي للنضال تخوض حوله ومن أجله اوسع الجماهير المضطهدة والمستغلة نضالا تعتبر شروط انتصاره من الناحية الموضوعية متوفرة بديلا عن موقف الانتظار الذي عزلها عن الجماهير وأفقدها ثقتها، إلا أنه بدلا من ذلك اعتبرت الحدث فرصة مواتية لتحقيق ما كانت تنتظره في الصعود إلى الحكم وتقاسم النفوذ والمنافع السياسية والاقتصادية مع النظام.
امام هذه الوضعية الجديدة تماما، كان المخطط بالنسبة للحكم هو محاولة تحقيق هدفين حاسمين في هذه المرحلة:
1- إعادة ترتيب أوضاعه من جديد، وترميم الثغرات الكبيرة التي نتجت عن تمرد طرف رئيسي في تحالفه، وبالتالي خلق نوع ولو وهمي من الاستقرار لتطمين الاستعمار الجديد على رؤوس أمواله ومصالحه.
2- محاولة تلهية الجماهير والحيلولة بينها وبين الاستفادة السياسية والنضالية من تزعزع أركان النظام عن طريق إجراء أثمن الحلول الزائفة والتنازلات الكاذبة (الغاء ضريبة الراديو والدراجات وتخفيض ثمن السكر)، وبالوعود بإصلاحات شاملة لأوضاعها المتخلفة.
ولقد كان الاطار الذي جرى ضمنه هذا المخطط هو ما يسمى بالتفتح على الأحزاب والهيئات الوطنية، وخلق نوع من التصالح الوطني، هذا الشعار الكاذب والمضلل وجد لدى البرجوازية المغربية بمختلف شرائحها، وعلى الأخص قيادتها السياسية تقبلا رحبا، واستعدادا كان ينتظر دوما اقتسام الغنيمة بالصعود إلى الحكم عن طريقين:
أ‌- إما انتظار حركة جماهيرية نضالية تركبها وتتكلم باسمها وعلى حسابها لتقنع الحكم بعد ذلك بضرورة ادخالها في تحالف الاستغلال كعنصر مساعد في تهدئة الجماهير، إن لم يكن قمعها.. "تجربة حوار افران بعد مارس 65".
ب‌- أو أزمة داخل النظام مما يضطره للالتجاء إليها كعامل مساعد في انقاد وضعيته المتدهورة ،الانقلابات الاخيرة؛ فكيف الحال وقد اجتمع العاملان معا بعد حدث الصيف الماضي 71.
وهكذا ابتدأت مفاوضات افران جديدة بكل سمات المفاوضات السابقة تقريبا، دخلتها البرجوازية هذه المرة متكتلة في اطار (الكتلة) بين الحزبين الرئيسيين لهذه الطبقة.
وكما استطاع الحكم بعد انتفاضة الجماهير المغربية في مارس 65 الخروج من أزمته مرحليا بمساعدة هذه الطبقة نفسها التي دخلت معه حينئذ في حوار عزلها فيه ومنع بواسطتها أي تحرك جماهيري إلى أن استرجع قوته واعاد ترتيب أوضاعه وأجهزته القمعية بدأ في الهجوم سريعا باغتيال المناضل المهدي بنبركة...إلخ – استطاع هذه المرة كذلك وبنفس سمات وخصائص المناورة السالفة عزلها وتضليل بعض الفئات الاجتماعية الاخرى بواسطتها إلى أن خرج من أزمته جزئيا وأعاد ترتيب أوضاع المهزوزة من جديد وبادر بمناورة حل مجلس النواب، والقاء دستور جديد للاستفتاء، من غير اتفاق مع المتفاوضين، وحتى بدون علمهم تم تشكيل حكومة جديدة بدون مشاركتهم.
إن ما يفسر عدم استفادة البرجوازية المغربية في اطار تكتلها من تجربة 65 ومفاوضات افران ليس بلادتها السياسية أو قصورها عن استيفاء شروط ومقومات اللعب والتناور السياسي –الذي تجيده- بل ان مصدر ذلك يكمن عميقا في طبيعتها الطبقية الذيلية الاصلاحية والمتدبدبة، والتي تضعها أقرب الى الحكم، والاستعداد منها إلى الجماهير.
ومع ذلك فإذا كانت البرجوازية قد وقعت في الفخ وساهمت مع الحكم في حل مشاكله، فإن الجماهير هذه المرة لم تتردد رغما عن محاولات الاصلاحية من الاستفادة من الظرف وخوض نضالات قوية، وبمختلف الاشكال والاساليب لفرض مطالبها، ولقد كانت ضخامة هذه المعارك، وجسامة التضحيات المبذولة فيها كافية لتقديرها واعتبارها عن جدارة في سجل معارك الشعب المجيدة، رغم ضآلة مردودها المباشر.
وفي محاولة من المؤتمر الوطني الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب للخروج بخلاصات أساسية للمرحلة الحالية من تاريخنا الوطني يمكن اعطاء المعالم الرئيسية التالية:
1) رجوع النظام الاستغلالي التبعي إلى سابق طبيعته القمعية ضد الجماهير وبأساليب أكثر قهرا من السابق بعد فترة المفاوضات التي استطاع من خلالها الخروج من أزمته ولو جزئيا بمساعدة الممثلين السياسيين للبرجوازية المغربية.
2) أزمة النظام مازالت أكثر عمقا وانكشافا رغم محاولته الواعية لتغطيتها واخفاءها بمظاهر واستعراضات دعائية وسياسية وديبلوماسية.. ومع تعميق أزمته على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
3) تكريس عزلة أحزاب الاصلاح عن الجماهير، ومن تم بدء تفكك وانحلال تكتلها الفوقي والظرفي بطبيعته بعد فشل الفرصة= المفاوضات.
4) تصاعد القوى النضالية لدى أوسع الجماهير الشعبية ونمو طاقتها واستعدادها لخوض المعارك بأطول نفس وبشتى الأشكال، وبشعارات أكثر تقدما مع تجاوزها لخط الاصلاحية الفكري والسياسي، ومن تم بدء تجذر وعيها الطبقي الثوري، وبدء اكتسابها لقوتها الحقيقية الكامنة في الاستقلال الايديولوجي والسياسي ثم التنظيمي عن الاصلاحية كتنظيم أو كخط وأسلوب في الممارسة، وكذلك في اطار النهضة العامة للجماهير على مستوى الوطن العربي (الخليج، لبنان، مصر، تونس، المغرب) الشيء الذي سيضعها في موقعها الحقيقي مع استراتيجية النضال القومي كإطار وحيد وفاعل، وضامن لاستقلال حقيقي لتحركها بعيدا عن اقليمية وشعوبية البورجوازية.
5) وان اكبر درس نستفيده مع الجماهير، ومن خلال الممارسة نفسها هو ضرورة فرض استقلال سياسي وفكري وتنظيمي للبروليتاريا والفلاحين الفقراء عن تنظيمات وخط الاصلاحية، وما دامت البروليتاريا لم تصل الى هذه القناعة، والى هذا القرار ومن خلال ممارستها نفسها، فان تحركها سيلقى مع ذلك جزئيا اصلاحيا في الكثير من جوانبه، ذيليا ومهدورا في واقعه، بدلا من تصريفه في معركة شاملة للتحرر الوطني، وفرض الديمقراطية الشعبية.
وما يجعلنا نأمل في انجاز هذا الهدف غذا هو الممارسة النضالية الصامدة والصحيحة التي تخوضها الجماهير الكادحة اليوم.
ان المؤتمر الوطني الخامس للاتحاد الوطني لطلبة المغرب يرى انه لكي يخرج من هذا التحليل للوضع في بلادنا بمهام وطنية، لا بد من ربطه بالظروف العامة دوليا والخاصة بالوطن العربي:
فعلى الصعيد العربي تتميز الاوضاع بانحسار ومد=
- انحســـار:
1) بضربة سبتمبر الاسود بالأردن ضد المقاومة الفلسطينية، والتي فقدت نتيجة لذلك مجالا من اهم المجالات حيوية بالنسبة لنشاطها الثوري من جهة، وفقدت عناصر جيدة من خيرة العناصر المتمرسة بالكفاح المسلح.
2) القمع والاجهاض الذي سلط على الحركة الديمقراطية في السودان من طرف الرجعيات الجديدة، والطعنة الغادرة التي وجهت للحزب الشيوعي السوداني والمنظمات الجماهيرية الاخرى وقيادتها الثورية.
3) هجوم الرجعيات القديمة، خاصة السعودية على الثورة في الخليج العربي وجمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية، بتحالف تام مع الامبريالية البريطانية والرجعية في المنطقة (اتحاد المارات).
4) انشاء الاتحاد الثلاثي بهدف تدعيم حكومات هذا الاتحاد على حساب حرية وتحرر الشعوب العربية في البلدان الثلاث.
- مـــد:
1) برنامج توحيد المقاومة في اطار مشروع (الجبهة الوطنية المتحدة) – والمؤتمر الشعبي العربي المقبل.
2) تصاعد نضالات الجماهير العربية، وتنامي وعيها السياسي ومبادرتها النضالية المنظمة (لبنان،مصر،تونس،المغرب).
3) تقدم الثورة المسلحة وتجذرها في اوساط الجماهير بالخليج العربي.
4) ترسيخ نظام الديمقراطية الشعبية، وتجذره لدى الجماهير في اليمن الجنوبي كأقوى ضمانة للانتصار على اعداء الثورة المتآمرين عليها في الخارج (السعودية، اليمن الشمالي).
5) استمرار الثورة في ارتيريا بشكلها المسلح، وتثبيت اسس النظام التقدمي بالصومال.
أما على المستوى الدولي فيمكن تلخيص اهم مميزاته :-
1) تصاعد نضالات حركة التحرر الوطني الاجتماعية، واتساع دائرتها في كل القارات ضد كل اشكال الاستعمار القديم والجديد.
2) ازمة عامة وعميقة تعيشها مختلف الانظمة الامبريالية في العالم، وبالاخص في المظاهر التالية:-
أ‌- اشتداد التناقضات فيما بينها.
ب‌- أزمتها الاقتصادية المتكررة والمتوالية، وبالأخص في نظامها النقدي، وقيمة عملتها المهيمنة على جزء كبير من نظام التعامل الدولي.
ت‌- الاندحار العسكري لطليعتها الامبريالية الامريكية في جنوب شرق آسيا امام الشعب الفيتنامي البطل، وفي العديد من المناطق الاخرى.
3) ازدياد التناقض على المستوى الدولي بين الشعوب الاشتراكية المناضلة لاستكمال تحررها الوطني الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وبين الامبريالية بمختلف اشكالها، وعلى رأسها الامبريالية الامريكية.
من هذه الخلاصات يمكن القول بأن الاتجاه العام على الصعيد الدولي الذي يطبع المرحلة يكمن في:-
1) تقهقر الامبريالية والقوات الرجعية.
2) ازدياد المد الثوري واتساع حركات التحرر الوطني، وازدياد التناقضات الطبقية داخل الدول الامبريالية نفسها (الاضرابات في بريطانيا وفي الولايات المتحدة الأمريكية).
أمام كل هذه الاوضاع الداخلية منها والعربية والدولية يرى المؤتمر الوطني الخامس عشر واجبا عليه واستمرارا لخطه التقدمي النضالي في هذا المجال ضرورة مساهمته مع باقي القوى الوطنية المخلصة في وضع برنامج وطني لنضال شعبنا من اجل فرض شروط التحول الديمقراطي الشعبي، والتحرر الوطني لبلادنا،وذلك من خلال النقط والمهام التالية: -
1) النضال الحازم من أجل فرض حق ممارسة الحريات الديمقراطية= حرية التنظيم النقابي والسياسي، حرية التجمع والاضراب والتظاهر، حرية التعبير والمعتقد واحترام الحقوق المدنية.
2) فرض تحرير مجموع المناضلين الوطنيين والتقدميين المعتقلين منذ 1967.
3) النضال من أجل فضح وتعرية الديمقراطية المزيفة المتمثلة في الدساتير الممنوحة، والبرلمانات الشكلية التي يلجأ اليها الحكم كلما اشتدت بوتقة الصراع الطبقي وتعمقت ازمته وعزلته عن الجماهير، والعمل على عزل الطبقة الرجعية الحاكمة المرتبطة بالإمبريالية، والنضال من اجل توسيع الجبهة المعارضة للنظام على اساس برنامج نضالي تحرري يمكن تلخيص ملامحه فيما يلي: -
أ‌- اقتصـــاديا = النضال من اجل التحرر من سيطرة الامبريالية والصهيونية والرجعية المحلية، وانجاز اصلاح زراعي حقيق، وتشريك اهم وسائل الانتاج.
ب‌- سيـــاسيا = النضال من اجل ديمقراطية في الداخل ومناهضة استراتيجية الاستعمار الجيد والامبريالية في الخارج مع مساندة فعلية لحركات التحرر الوطني والاجتماعي العربية والاممية، وبالاعتراف بالحكومة الثورية المؤقتة للفيتنام وبالحركات الثورية الاخرى، مع قطع العلاقات مع الحكومات العملية في فيتنام الجنوبية وكوريا الجنوبية، والاعتراف بكوريا الشمالية والمانيا الشرقية والبانيا.
ت‌- تـرابـــيا = باستكمال تحرير أجزائنا الترابية التي ما تزال محتلة، سبتة مليليا ومساعدة شعبنا العربي في الصحراء على تحرير الصحراء المستعمرة من طرف الاستعمار الاسباني.
ث‌- بإنهاء الوجود العسكري الامريكي ببلادنا، وتصفية قواعده، التي تشكل خطرا دائما على سيادتنا الوطنية، وسيادة ومصالح كل الشعب العربي، وبالأخص في نضاله القومي لتحرير فلسطين من الإمبريالية الامريكية والصهيونية.
ج‌- ثقــافــيا = بإلغاء نظام البعثات، وكل مظهر للغزو الثقافي الاستعماري الرجعي، وتحرير تعليمنا وكل ثقافتنا من كل ما هو معاد للشعب ومطالبه في ثقافة تقدمية أصيلة.
إن منظمتنا الاتحاد الوطني لطلبة المغرب تلتزم بالعمل الدؤوب وفق هذا البرنامج مع كل المنظمات الوطنية التي ترغب معها في النضال الى جانب الجماهير من أجل تحقيقه، وتأخذ على نفسها بخلق المبادرات واشكال النضال العملية من اجل الدعوة الجماهيرية لهذه النقط وفرض انجازها على اساس منظومة = - النقد– الوحدة– النقد.
========================
===========