(نخلة المشاع)

أخذ نواةَ التمرِ، فلقَها لنصفين واقتطع من روحِه شيئا وضعه في نِصفيّ النواة ،أحكمَ رباطيهما بقبلةٍ، وأودع النواةَ تربةَ ضفةِ النهر.
سيغادر البلاد..وستنمو لتصير فسيلة، تكبر وتكبر، تشربُ النهرَ ويشربها، وفي موسمِ الصيف حين يجفّ النهر، تسقي من روحهِ ظمأَها، وتنمو رويدا رويدا آمنةً من عطش.
في الصيف العشرين من عمرها سيكون هو في الضفةِ الأخرى من العالم، حيث لا أنهرا ولا فسائل، عطشانا أدمن الضمأ..لم تنسه السنينُ طعمَه ونوعَه، وحدُه يعرفُ نوعَ تمرها،
هي أيضا تعرفُ، لكن المارة لا يعرفون..!، فأسموها "نخلة المشاع"، وهكذا لم يدّعي أحدٌ ملكَها، وقنعوا بما تجود به عذوقُها من تمرٍ في الصيف، يقطفون روحَه في ثمرها.
فيما هي وهو وحدهما يعرفان سرّ العطش.