أسئلة النهضة: الفرد أولاً أم الدولة؟


أحمد جميل حمودي
2016 / 1 / 16 - 15:54     

سأل المفكرون في عصر النهضة كيف ننهض؟ وما زال السؤال ملّحاً والتي أسموها "أسئلة النهضة".
لا بد أن نسأل أنفسنا لماذا نحن أمة غير منظّمة وربما متخلفة؟! التنمية ومن بعدها التقدم وعكسهما التخلف والفوضى لا يكتسبها الإنسان خِلْقة، بمعنى أنه لا يرث هذه الصفات عن أبيه وأمه وأجداده بجيناته الوراثية، وإنما يكتسبها خُلُقا عن "الاجتماع" الذي خلق فيه هذا الانسان. الاجتماع بالمعنى الواسع للكلمة والذي يتكون، من وجهة نظري، من:
- الدولة بنظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي..
- والمجتمع بمؤسساته المدنية والدينية..
- والفرد، والذي، برأيي، يكون نتيجة لما سبق، مع التأكيد على أن الفرد يؤثر عكسا على الدولة والمجتمع، خاصة حين يكون في موقع صنع القرار.
دعوني أوضح ما سبق بمثال بسيط: صفة "الخُلْف بالوعود"، صفة شائعة بمجتمعاتنا، رغم تأكيد الإسلام على أهمية الوفاء بالوعود، وتجدها بين كل شرائح المجتمع بطبقاته واتجاهاته الفكرية المختلفة. قد تكون هذه الصفة عيبا متأصلا في بعض الأشخاص، ولكنها قد تكون عاملا خارجيا في الأشخاص الآخرين..
- فازدحام السيارات سبب خارجي يجعلك تتأخر عن عملك أو موعدك مع الآخرين
- والعمل لمدتين في اليوم الواحد سبب خارجي، ينعكس على مسؤولية الاب تجاه زوجته وأولاده في تعليمهم وتنمية مهاراتهم المعرفية والناعمة (التفاوض، ادارة النزاع، ادارة الغضب..) والذي يجعلك لا تفي وعودك التي التزمت بها.
- وتضارب المواعيد نتيجة الالتزامات الاجتماعية المتعددة التي تخلت عنها الدولة مثل (العمل الخيري) تجعلك مجحفا بحق أناس دون آخرين .
والسؤال أين مسؤولية الدولة في هذه الأمثلة البسيطة؟
- أن توفر للمواطن خطوط مواصلات سلسلة يصل المواطن إلى موعده بوقت قصير..
- أن توفر للمواطن العمل الكريم كي يقوم بالتزاماته الاجتماعية..
- أن توفر للمواطن التأمين الصحي والتعليم النوعي المناسب..
لو جلسنا في اجتماع عمل وسألتَ كل واحد فينا ما هي مؤهلاتك؟ لسوف تجد أن هناك كفاءات مختلفة في العلوم الانسانية والطبيعية ومع ذلك نحن فاشلون!
قالي صديقي يوما، نحن أمة كأفراد individuals ناجحون ولكننا في العمل الجماعي فاشلون! فهل هذا يعود إلى "الفردية" Individual التي نتميز بها عن غيرنا من الأمم؟ كما قيل عن الألمان بأنهم "كأفراد فاشلون وكمجموع ناجحون" وهل ينطبق على أمتنا عكس ما قيل فيهم "بأننا كمجموع فاشلون وكأفراد ناجحون"؟ أم أننا كغيرنا من الأمم إنما البيئة هي التي تصنعنا؟ فنحن ككفاءات ننجح في الغرب ونفشل في دولنا!