إسمه به زوه نه


زهدي الداوودي
2015 / 12 / 29 - 02:52     

قصة قصيرة
أسمه به زوه نه
زهدي الداوودي
لا يدري من الذي أطلق عليه هذا الاسم الغريب الذي مشى بعد مولده، دون أن يعترض عليه أحد من أبناء محلته. ولكي لا يظل الاسم غريبا، تحوم حوله الشبهات، قرر أصدقاؤه تغييره .وإطلاق أسم جديد عليه. ورغم اعتراض بعض أصدقائه على التغيير، كونه سيجرف معه ذكريات جميلة نمت وترعرعت مع مجمل تطوره إلى أن بلغ السادسة عشرة وأصبح بطل الملاكمة في منطقته، رغم كل ذلك صرح تصريحا خطيرا أبدى فيه موقفه تجاه النادي الذي قضى عمره في خدمته وخدمة أعضائه. ولذلك قرر أن لا يتدخل في قراراتهم بشأنه فهو مجرد خادم مطيع لا أكثر ولا أقل:
"كنت دوما هكذا وسأظل هكذا رغم تحديات البعض"
وبدأت الهمسات تنتشر في أنحاء النادي من قبل الذين لا يعترفون بمجموعته.
كان به زوه نه يعرف الذين يخاصمونه جيدا ويعرف امكاناتهم وعلاقاته مع دوائر الدولة وأن أية معاملة لا يمكن أن تروج بدون وساطته وتدخله. وكان عند تمشية المعاملة يطلب من الجانبين عدم نشر أي خبر عنها. كما أن هيئة إدارة النادي كانت مشغولة باقناع أكبر عدد ممكن من أعضاء النادي للمساهمة في السفرة السياحية إلى بغداد.
سأله ذات مرة أحد أصدقائه القدماء عن عمله ومصدر معيشته:
"الجواب يا عزيزي عند الله. إنه وحده الذي يوزع الارزاق. هل يمكنك أن تشك في عدالته عند توزيع الارزاق؟"
وتنساب أجوبته مثل انسياب القمح من خرجه:
"استغفر الله، توبة يا ربي"
"الله كريم، لم يقتل أحدا من الجوع"
وويل لمن يقف على العكس من هذا القول الذي يحمل الحقيقة المطلقة في ثناياه. والمعروف عنه أنه أكتسب لقب الملاكم أو منحوه إياه، لأنه لا يوجد منافس حقيقي يقف بوجهه، فتركوه وشأنه دون أن يعترض أحد على لقبه.
كانت عقدته التي تسلب راحته النفسية، هي أسمه الذي كان يحير الجميع. ذات مرة سأله أحد الزورخانجية عن أسمه وكيفية نطقه. قال وكأنه جالس أمام تلميذ في الصف الأول الابتدائي. انتبه يا عزيزي|
به زونه: الباء مع فتحة.
الزاء مع السكون.
الواو مع الفتحة
النون مع الفتحة.
قام الزورخانجي من مكانه متثاقلا وهو يقول:
"من أين لك هذا العلم يا بزوووه نه. هذا فوق طاقتي. سوف أناديك من الآن فصاعدا بالقطة"
أجاب به زوه نه وهو يقلد مواء القطط:
"ولكن، ليس في النادي، هل فهمت؟"
"مفهوم أغاتي"
نجحت السفرة إلى بغداد نجاحا باهرا، ولكنها أصبحت شؤما لن ينساه به زوهنه كاد أن يفقد حياته ثمنا لها:
في جولة صباحية في شارع الرشيد ترك المجموعة دون إرادته، منحرفا إلى جسر ضخم أعجبه أن يقطعه إلى الجانب الثاني. وحين بلغ منتصف الجسر اقتحمه الزهو والكبريا. وفجأة ظهر أمامه رجل ضخم قال وكأنه يخاطب طفلا:
"با با.. أنت شقاوة مال يا ولاية؟":
أجاب بهزونه بكبرياء:
"أنا شقاوة مال كركوك"
بدون أن يبذل جهدا، حمله الرجل كما لو أنه يحمل طفلا وألقاه في النهر.
وكان ما كان.