لا أستبعد تقارب بين الحكومة السورية والحكومة التركية


سامان كريم
2015 / 12 / 6 - 23:55     

سؤال: في مقابلة مع شبكة "سي.بي.إس" الخميس 3 / 12 / 2015، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما "لن نشرع في الذهاب إلى العراق أو سوريا على غرار غزو العراق.. هذا الرد جاء لتوضيح قرار الأدارة الأمريكية بارسال قوات برية الى العراق لمحاربة داعش. من جانب أخر الحكومة اللألمانية وافقت على مشروع قرار ينص على مشاركة الجيش الألماني في الحرب على داعش، كما وأن مجلس العموم البريطاني وافق بأغلبية كبيرة مشاركة بريطانيا في الغارات الجوية على مواقع داعش في سوريا.. كما وأن مجلس الأمن الدولي تبنى في 20 / 11 / 2015 مشروع قرار فرنسي لمحاربة داعش في كل من سوريا والعراق، دعا جميع الدول إلى اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية بما يتفق مع القانون الدولي لمحاربة "المنظمات الإرهابية" في العراق وسوريا.. هل نحن أمام اعادة لسيناريو عام 2003 والذي نتج عنه غزو واحتلال العراق.. أم أن نحن امام سيناريو جديد وشكل جديد من الصراع على مناطق النفوذ؟؟

سامان كريم: المجتمع البشري وخصوصا مجتمعاتنا في الشرق الاوسط وبالتحديد سورية والعراق, امام تسخين الوضع بصورة دراماتكية, تسخين وفي الشتاء القادم, نحن على عتبة تغيرات ربما كبيرة, في تغيير مواقف الدول والقوى السياسية. القضية هي تهديد اوروبا واوربا ليست قضية اقتصادية او سياسية بحتة, وليس الخوف على قتل الالاف منهم كما تدعي البرجوازية العالمية.. تهديد اوروبا بالنسبة لهم تهديد مهد وارجوحة الرأسمال في بريطانيا وفرنسا والمانيا.. حيث ولد الرأسمال والطبقة البرجوازية كطبقة سياسية اجتماعية حاكمة, وحكمها كحكم لطبقتها ولدت من رحم مخاضات طبقية في بريطانيا.. تهديد المهد ليس قضية سهلة وفق الرؤية العالمية للبرجوازية والرأسماليين الكبار, مهد الراسمالية يعني ايضا مهد للايدولوجيات والافكار التقديمة والتحررية في حينها، وايضا مهدد لكل الايدولوجيات والفلسفات الرجعية التي خدمت وتخدم الرأسمال ايضا, هذا من جانب ومن جانب اخر بالنسبة للطبقة الحاكمة أن "الغرب" بوجه "الشرق" له معانيه الجوهرية وليس فقط الثقافية, من هنا تفرز كل خزعبلات التاريخ من الديانة المسيحية وفروعها المختلفة التي جاءتنا عبر التاريخ وليس عبر كتاب الله, الى اديولوجيات الكراهية بوجه الاخرين, عبر استذكار المواقف الصليبية والحروب الامبريالية وقوام التكنولوجيا الحديثة بوجه التخلف.. عليه اوروبا بعد احدث باريس "تمخضت فولدت فأراً".
المشاركة الفرنسية لحد الان هي الاصدق لانها ضربت في خاصرتها ضربت من قبل هؤلاء الارهابيين الذين يتدربون تحت إمرة حلفائها في المنطقة ان لم نقل تحت امرتها مباشرة, ضربت ليس بصواريخ بل بطلقات كلاسيكة واسلحة تقليدية قديمة في عقر دارها من قبل الجيش الجرار الارهابي، الداعشيون الذين تدربوا وتمولوا من تركيا والسعودية وقطر البلدان التي لديها علاقات قوية مع فرنسا وخصوصا السعودية منبع العمل والفكر الارهابي. عليه ان فرنسا ومشاركتها بصورة اكثر جدية هي قضيتها وربما بصورة مؤقتة نظرا لحلاوة الراسمال. بخصوص المانيا فمشاركتها رمزية, مشاركة لمواساة جيرانها فرنسا. ومهماتها التي اعلنتها هي مشاركة مواساتية وليس عسكرية مباشرة فهي مساعدات لوجستية لفرنسا وتزويد الطائرات بالوقود وارسال فرقاطة لحماية "حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول"... هذه هي مشاركة المانيا وهي حاولت وتحاول ان تبعد نفسها عن المشاكل!!! قدر الامكان خصوصا أن لديها طموحات كبيرة في تبوء مواقع اقتصادية عالمية اكثر تقدما من جانب ومحاولات ربما سرية لتطوير قدراتها العسكرية الذاتية... ونحن نعرف ان لدى فرنسا وروسيا وحتى امريكا وبريطانيا خوف تاريخي من المانيا وموقعها بسبب الحربين العالميتين الأولى والثانية..

تبقى مشاركة بريطانيا فهي بصراحة مسخرة, ارسال ثمانية طائرات لقصف مواقع داعش في سوريا... مسخرة ولكن في الوقت نفسه هي اقرب من مشاركة سياسية الى مشاركة فعلية في الحرب. بريطانيا تحاول ان تجد موطأ قدم لها في المفاوضات والسياسية حول سوريا، وتحاول ان يكون لديها صوت اكبر تجاه البلدان الاخرى المشاركة من جانب، ومن جانب اخر بريطانيا سلكت السلوك الالماني من الناحية السياسية والاقتصادية، التركيز على الاقتصاد والعلاقات مع الصين وخوفها ايضا من التدخل اكثر, الذي ربما ينعكس عليها سلبا من ناحية علاقاتها القوية مع الصين, خصوصا ان هذه العلاقات وبهذه الصورة القوية بدأت منذ اشهر, يضاف الى ذلك محاولاتها الخروج من الاتحاد الاوروبي "هذا بعكس المانيا".. هذه هي قضية بريطانيا وهي مشاركة سياسية قبل ان تكون عسكرية بمعنى الكلمة.
سقوط الطائرة الروسية غير بعض اداوت اللعبة في سوريا لحد الان على الاقل. تدخل اكثر عنفا وشراسة وقوة من قبل روسيا, ارسال احدث الصواريخ العالمية الى سورية حيث قال احد الجنرالات السوريين: "لم اتوقع يوما ان ارى صواريخ اس 400 في سورية" وهذه التحولات احدثت شرخا في موازين القوى داخل الاراضي السورية والسماء السوري ايضا, وإبعاد تركيا من سوريا ولو بصورة مؤقتة لحين حلحلة هذا الوضع بينها وبين روسيا. كل هذه التغيرات ونحن امام تسخين المواقف بين الفرقاء خصوصا المعارضة السورية امام غربلة ذاتها في مؤتمر الرياض. نحن امام تسخين الوضع وتبادل وتغييرات في الادوار.. حين اقصد تسخين لا ينحصر في سوريا فقط بل في اليمن وفي ليبيا والعراق خصوصا.. بطبيعة الحال نحن لسنا امام احداث مشابه لاحتلال العراق في سنة 2003 بل في التعويل على الحلفاء من قبل امريكا والغرب من جانب وحتى روسيا من جانب اخر.. تركيز اكثر على القوى العربية في الايام الاخيرة الماضية يدل على هذا الامر.. على اية حال فترة المفاوضات ولو انا لا اعتقد أن تصل الامور الى اتفاق بشأن المعارضة المقبولة لدى روسيا وحلفائها وامريكا وحلفائها خصوصا السعودية وتركيا في المنطقة.. على الاقل خلال الفترة القليلة القادمة.. بهذا المعنى ارى ان المأساة في سوريا ستستمر دون افق للحل على الاقل خلال المدى المنظور وفق منطور ومصالح القوى الكبرى.. لان الاكل ليس مطبوخ.
هنا ووفق التحليل اعلاه لا أستبعد تقارب بين الحكومة السورية والحكومة التركية.. وارى هذا الطريق او ربما الوسيلة الناجعة الممكنة في هذه المرحلة لحلحلة المشكلة بين روسيا وتركيا, هذا ممكن في هذه المرحلة, خصوصا نحن نرى تحركات تركية نحو العراق وبالتحديد نحو مدينة الموصل واطرافها كبديل لتواجدها في سوريا على الاقل بصورة مؤقتة... واخيرا براي البرجوازية العالمية خصوصا امريكا ليست لديها مشكلة ما في سوريا او العراق او اليمن... القضايا بالنسبة لها تحت سيطرة... والجانب الاخر لا يستسلم.. هذه هي القضية. والعمال وطبقتنا على الصعيد العالمي نائمون في نوم سرمدي في زمن " الشكاك" لديهم.