بين الاستبداد والمواطنة !


شامل عبد العزيز
2015 / 11 / 30 - 13:31     

بين الاستبداد والمواطنة !
" حالما يوجب سيّد لا وجود بعد لشعب يتصف بالسيادة " . جان جاك روسو ..
إذن لا يمكن الحديث عن مواطنة في إطار حكم استبداديّ ..
هذا ما قاله سيد مرتضى في دراسة له بهذا الخصوص .
أنا أسأل :
لماذا فشلت جميع الدول العربيّة في بناء المواطن ودولة المواطنة ؟
لن نذهب بعيدًا ولكن منذ انقلاب يوليو – تموز " طيب ,, ثورة الضباط الأحرار " لم يكن بينهم من هو حرّ " في مصر ولغاية اليوم وفي جميع البلدان كيف كان شكل الحكم في بلادنا ومن هم الذين تسلطوا على الشعوب ؟
العراق على غرار مصر – ثورة الضباط اللأحرار - !
لم يتسلط سوى الدكتاتور والدكتاتوريّة والحزب الواحد .. إذا كان هناك من يشك فيما أقول فعليه بالدليل ,, ولكن ما معنى أن يكون هناك دكتاتور وحزب واحد ؟ معناه فشل هذه الحكومات والأحزاب وزوالها وتدمير كل شئ في البلاد ,, أيضًا من يقول بعكس ذلك عليه بالدليل ؟
العالم ينادي بالديمقراطيّة ونحن ننادي بالديمقراطيّة والحوار المتمدن ينادي بالديمقراطيّة ولكن هل كان هناك ديمقراطيّة – الجواب – قطعًا لا ,, هل هناك من يعتقد أن يكون هناك ديمقراطيّة في ظل الاستبداد ؟ الجواب أكيد – لا – أيضًا , إذن لا بد من زوال الاستبداد .. أليس صحيحًا ؟
السؤال " كيف يُزال الاستبداد " ؟ بيد منْ وعلى يد منْ ؟
رشحوا لنّا فردًا – شخصيّة – حزب .. ! بعيدًا عن الإنشاء المُكرر المُعاد !!!
بما أنَّ الاستبداد هو السائد إذن هناك شئ ما ينتج من انعدام الديمقراطية وسيادة الاستبداد ,, فما هو ؟ الجواب هو عدم وجود مواطن ,, فمن هو المواطن ,,؟
المواطن عند أرسطو هو " هو مواطن الديمقراطية " .. فأين هي الديمقراطيّة العربيّة ؟
هذا بالنسبة للمواطن فما هي المواطنة ودولة المواطنة ؟
المواطنة هي المشاركة في الحياة السياسيّة ، هي ممارسة وضمان للحقوق المدنيّة والسياسيّة ..
يقول فيصل دراج :
الشعوب التي لا تُمارس حقوقها السياسيّة هي شعوب ميتة او قريبة من الموت !!!
يا سلام .. المشكلة أن لساننا طويل ,, على ماذا ,, لا أدري ؟ هل هناك رجاء من الميت ؟
أما دولة المواطنة وهنا أقتبس : هي تلك الدولة التي تحترم مواطنيها وتدافع عن أمنهم وتوفر لهم الفرص ، وتساوي بينهم في الحقوق والواجبات ، من دون التمييز بينهم ، بحيث يكون موقع الفرد فيها يحدد على أساس الإنجاز والكفاءة والنزاهة والوطنيّة ، ولا يمكن لهذه المواطنة أن تتحقق إلا في ظل نظام ديموقراطيّ تعدديّ ، يحترم حقوق الإنسان ، ويصون كرامته ، ويوفر ضرورات العيش الكريم ، بل ولا يكتمل مفهوم المواطنة إلا في دولة الإنسان التي تمارس الحياد الإيجابيّ تجاه قناعات وآراء وأفكار مواطنيها ، بحيث لا تمارس الإقصاء والتهميش والتمييز تجاه مواطن ما بسبب معتقداته أو أصوله القوميّة والعرقيّة ، ولا تمنح الحظوة أو الميزة لمواطن لأي من تلك الاعتبارات ، وتؤكد على احترام التنوع والتعدد وليس على نفيه ، تعددية تقوم على قاعدة المساواة بغض النظر عن الأوزان النسبيّة للأطراف ، والسعي بوسائل قانونيّة وسلميّة للإفادة من هذا التنوع والتعدد في تمتين قاعدة الوحدة الوطنيّة. انتهى الاقتباس ..
يا أدعياء العَلمانيّة هل قرأتم ذلك ؟
بشرفكم أين هذا في بلادنا ؟ أليس من العار أن نتحدث عن المواطن والمواطنة ودولة المواطنة والديمقراطيّة ؟ بعد أن تحدثنا عن العَلمانيّة والبرجوازيّة والبروليتاريا ..
ما معنى أن يتحدث أحدهم عن أشياء غير موجودة ؟
هل هي الأوهام أم الجنون ؟
كيف نصل لمرحلة الديمقراطيّة ؟ هل هناك خارطة طريق ؟ من صاحبها ؟ من سيوافق على ما يقوله ؟
هل زوال الاستبداد والوصول إلى الديمقراطيّة يكون بجرة قلم هنا وهناك ؟
يمكن أنا أفكر وأسأل بطريقة غبيّة ؟ ربما ,, كل شئ جائز !
موضوع المواطن والمواطنة ومفهوم دولة المواطنة له جذور تاريخية وليس حديث العهد فمنذ أيام أرسطو وهو في محل نقاش وصولاً إلى روسّو – ماكس فيبر – هوبز – سبينوزا – هيغل – مونتسكيو - هنري لوفيفر – ميكافيلي ,, إلخ وكل واحد منهم كان له رأيًا في ذلك ..
من كل هؤلاء يعنيني ما قاله هنري لوفيفر وهو في الصميم حسب الرؤيّة الشخصيّة :
( هنري لوفيفر يعتبر الوضع المفارق للدولة - وطبيعة الممارسة السياسيّة المتأرجحة بين الوضوح تارة وبين الغموض تارة أخرى - أصبح موضوعا " للمعرفة والتفكير " ، خصوصا في قدرة هذه الأنظمة على قيادة الأفراد والجماعات إلى المجهول والى أوضاع غير محسوبة العواقب تصل إلى مستوى الهيمنة والدمار، وهذا ما يتبين من خلال الأنظمة الديكتاتوريّة وأنظمة الحزب الواحد التي صادرت الحريات ومارست كل أشكال العنف.) .
هذا هو مربط الفرس " بين مزدوجين " لا شئ غيره – ( الأنظمة الديكتاتوريّة وأنظمة الحزب الواحد التي صادرت الحريات ومارست كل أشكال العنف )...
هل هناك دمار أكثر من دمار بلادنا ؟
منذ عقود ونحن تحت جزمة الحاكم ,, الطاغية الذي وصل على ظهر الدبابة والوارث للعرش ..
لماذا لم يستطع أحد أن يتصدى له وفي حالة التصدي فالسجون العربيّة فنادق 7 نجوم ولكن هل هذا مبرر ؟
هي أسئلة فقط ؟
نطالب بالحريّة والحرّيات فأين هي ؟ كيف يكون هناك حريات مع الاستبداد ؟ من سيجلب لبلادنا الحرّية ؟ من سيحققها لنّا ؟
لابدّ من زوال الاستبداد لأنه السرطان ولا شئ غيره .
العرب هي الأمة الوحيدة التي تحاول أن تضع العربة قبل الحصان !! لا يستقيم السير في ذلك !!
نطالب بالتنوير فما هو ؟ قال أحد الأصدقاء في تعليق له على الفيس بوك مستهزئاً " البعض يظن أنه زجاجة ويسكي وامرأة عارية " .. نعم هناك من يفكر بهذه الطريقة العرجاء والثقافة البالية ظناً منه أنه على شئ وفي الحقيقة هو لا شئ ..
الأمة العربية كذلك تحاول إعادة صناعة العجلة !
لا ادري ما هو شغلها الشاغل ؟
إذا لم يكن المواطن هو القضيّة الرئيسيّة والأولى للعرب فلن يكون لهم أيّ قضية ,, لا فلسطين ولا عَلمانية ولا ديمقراطية ولا غيرها .. التاريخ قال لنّا ذلك !
بناء المواطن وليس سحقه واذلاله واستعباده ثمّ بعد ذلك ليكن لدينا قضايانا ..
«إننا لن نصبح بشراً إلا إذا أصبحنا مواطنين». جان جاك روسو ..
كم سنحتاج حتى نصل لمرحلة المواطن – المواطنة – دولة المواطنة ؟
هو مجرّد سؤال والجواب عندكم ولديكم !!!!
الاستبداد معناه أن نكون في الحضيض – جميع الدول التي حكمها الاستبداد في الحضيض ..
ماذا يقول الياس خوري بهذا الصدد ؟ يقول :
الحضيض الذي نعيش فيه هو نتاج الاستبداد السياسيّ الاقتصاديّ والاجتماعيّ الذي فرضته الديكتاتوريات وجمهوريات الوراثة . الحضيض هو الاستبداد الذي حطم المجتمع وتركه عاريًاً بلا مؤسسات . الحضيض هو أن تبرر الاستبداد بإسم محاربة الاصوليّة .
الى متى سنبقَّ في الحضيض ؟ انتهى ..
بعد كل هذا وتسألون ؟ كيف ؟ بعد كل هذا وتناقشون ؟ كيف ؟السؤال الحقيقيّ هو " كيف نخرج من الاستبداد الذي أودى بنا للحضيض " ؟ لا يوجد سؤال غيره !!!
معالجة النتائج لا قيمة لها .. النتائج شئ بديهي للعديد من الأسباب .. يجب معالجة الأسباب وبعكسه " ما زاد حنون في الإسلام خردلة ولا النصارى لهم شغل بحنون " !
الأسباب " الاستبداد بجميع أنواعه " .. هو المرض الحقيقيّ .
لله في خلقه شؤون !!