أسقاط الطائرة الروسية حادثة ضمن الصراع الدائر بين القطبين الأمريكي والروسي وحلفائهما


سامان كريم
2015 / 11 / 30 - 02:16     

سؤال: مقاتلتين تركيتين طراز أف (16) اسقطت قاذفة روسية نوع (S 24) فوق الأجواء السورية، أردوغان الرئيس التركي صرح بأن الجانب التركي لم يكن يعرف هوية الطائرة وقال أن القوات التركية حذرت الطائرة لعشر مرات عن أختراقها للمجال الجوي التركي.. المسؤولين الروس في تصريحاتهم ينفون أن تكون الطائرة قد تلقت تحذيرات ويؤكدون على أن الحادث مدبر ومعد له سلفا.. الرئيس الروسي بوتين ربط الحادث بمسألة شراء تركيا للنفط المهرب من قبل الأرهابيين في العراق وسوريا.. الرئيس الأمريكي أوباما في تعليقه على الحادث قال أن من حق تركيا الدفاع عن أجوائها.. هل يمكن أعتبار حادث اسقاط الطائرة رسالة موجهة من المحور الأمريكي الغربي وحلفائهم في المنطقة الى المحور الروسي الصيني وحلفائهم في المنطقة، بأن لا تعاون بينهم في ما يسموه بالحرب والقضاء على الأرهاب؟

سامان كريم: قضية اسقاط الطائرة الروسية (سوخوي 24) قضية متعددة الجوانب وشائكة، بمعنى انها قضية من القضايا الثقيلة وفيها توجيه رسائل عديدة الى اطراف عدة ايضا. القضية ليست النفط المهرب من قبل داعش او شرائه من قبل تركيا وهذه قضية قديمة, القضية ليست ضرب "فصائل معتدلة" من قبل روسيا, القضية ليست ان الطائرة الروسية عبرت الحدود التركية او في داخل حدود سوريا.. هذه كلها قضايا ولكنها قضايا ثانوية او افرازات مختلفة عن الحالة السورية الملتهبة.
القضية الرئيسية في هذه الحادثة هي تحديد الخطوط الحمراء لسياسة وتدخل روسيا في سوريا والمنطقة من قبل امريكا وليس الغرب، برايي مفهوم الغرب تغير بعد وصول اللاجئين الى أوربا واحداث باريس.. الغرب منقسم حول قيادة امريكا. عليه ان حادثة أسقاط الطائرة الروسية مخطط له في دائرة مغلقة بين أمريكا وتركيا وربما السعودية مشاركة فيه. هناك مشاكل كبيرة لدى أمريكا, مشاكلها ليس في سورية فقط وهي مشكلة كبيرة، ولكن مشاكلها اكبر بكثير وهو خوفها من قرب اوروبا لروسيا وخوفها من التقارب في العلاقة بين المانيا او فرنسا مع روسيا, ويعني هذا خوفها من نهاية بقائها في قيادة الغرب وخصوصا البلدان الثلاثة – فرنسا وبريطانيا والمانيا- هذا من جانب, ومن جانب اخر ان السياسية الامريكية في المنطقة بعد التدخل الروسي ايلة للفشل. سياسة امريكا حول تقسيم المنطقة على اساس الدين والطائفة الدينية, اي سياسة تقسم المنطقة وفق اهدافها فشلت, وسياسية امريكا حول تقوية الحركات والمنظمات الارهابية بصورة مباشرة وغير مباشرة وفضح سياساتها ومعها حلفائها من جانب اخر. يضاف اليها سياسة تركيا واستراتيجيتها في المنطقة كقوة اقيليمة, من حيث فشلها الكبير في مصر وتوظيف الاخوان المسلمين في المنطقة كقوة سائدة, سقوط الإسلاميين في مصر ضربة قاضية لتركيا ولامريكا, من جانب اخر لتركيا جماعات مختلفة من التركمانيين الارهابيين واحرار الشام وجبهة النصرة وداعش ايضا.. ترتكز عليها لبسط نفوذها في المنطقة والسعودية مشاركة معها الى حد كبير... حين تضرب هذه المنظمات الإرهابية من قبل الطائرات الروسية وخصوصا ان تركيا لديها مصالح اقتصادية مع داعش, تركيا تنهار سياسيا وينهارنفوذها في المنطقة ووينهار اقتصادها بالطائرات الروسية... كل هذه المسائل مجتمعة ادت الى اسقاط الطائرة وهي سياسة وقتل مع سبق الاصرار والترصد.
في التحليل الأخير ستبقى هذه الحادثة ضمن الصراع الدائر بين القطبين, امريكا ومعها حلفائها وروسيا وحلفائها, صراع استراتيجي وجيو سياسي عالمي على النفوذ والثروة في مرحلة انتقالية لتقسيم العالم مجددا. هذا هو الصراع الرئيس, اما باقي المسائل فهي ثانوية بمقياس جيو سياسية واستراتيجية. اخيرا القضية ليست التعاون بين القطبين من المؤكد انهما لا يتعاونون لان تعاونهما يعني الاتفاق السياسي بينهما على توزيع الثورة والنفوذ العالمي.. حينذاك لن تبقي قضية بإسم الحرب على الارهاب، او داعش بالمعنى الحالي. القضية بالعكس هي محاولة لتركيع بعضهما البعض, لترويض قطب لاخر. هذه هي القضية وامريكا اصلا لا توافق لحد الان بوجود اقطاب اخرى.
وأخيرأ هذه الحادثة تؤدي الى تعميق الفجوة وصراع أشد ضراوة وبصورة مختلفة بين القطبين أو المحورين ليس في سوريا فحسب بل على الصعيد العالمي ايضا. ستؤدي الى تصعيد وضراوة الاحتدام بين القطبين في الشرق الاوروبي وعلى اوروبا، وتؤدي الى تشديد الصراع في الشرق الاقصى في الباسفيك وفي بحر الصين, وفي اسرائيل وبين الفسلطينين، وناهيك عن تشديد الصراع بين الطرفين في العراق وعلى ارض العراق لتغير توازن القوى لصالح احداهما.