نحو مقاطعة شاملة للكيان الصهيوني


فهمي الكتوت
2015 / 11 / 14 - 22:42     

في خطوة هامة؛ أقدم الاتحاد الأوروبي على قرار بإلزام "إسرائيل" على وضع ملصق يحدد منشأ منتجات المستوطنات الصهيونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 في الضفة الغربية والقدس، بالإضافة إلى هضبة الجولان السورية، بدل المنشأ "الإسرائيلي" الذي تضعه على منتجات المستوطنات، بشكل مخالف للقانون الدولي، وبهدف تمييزها عن غيرها. ويهدف الملصق لاطلاع المواطن الأوروبي على منشأ المنتجات.

على أهمية القرار؛ إلا أنه لا يعتبر مقاطعة اقتصادية "لإسرائيل"، حيث لا تشكل المنتجات المستهدفة أكثر من 1% من التبادل التجاري الذي قدر بحوالي 154 مليون يورو سنويا. لكنه قرار سياسي بالدرجة الأولى، فالقرار يعتبر رسالة للكيان الصهيوني بعدم شرعية الاستيطان واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

قوبل القرار الأوروبي بردود أفعال عنيفة من قبل العدو الصهيوني، حيث علقت "إسرائيل" مشاركتها في جلسات الحوار مع الاتحاد الأوربي، ووصفت القرار بالعنصري، كما أعلن نتنياهو بكل وقاحة؛ أن على الاتحاد الأوروبي أن "يخجل من نفسه" من قرار وضع ملصق على منتجات المستوطنات حسب وصفه. وهو يسعى لاستخدام أوباما للضغط على الاتحاد الأوروبي للتراجع عن هذا القرار، أوباما الذي لا يقل وقاحة بإدانته لما يسمى بالإرهاب الفلسطيني ضد الإسرائيليين، بوصفه للمقاومة الباسلة للاحتلال الصهيوني الجاثم على أرض فلسطين، وتعهده بأمن "إسرائيل" الذي تتصدر أولويات سياسته الخارجية. مؤكدا خلال لقائه نتنياهو وجود صفقة جديدة من أسلحة الدمار للكيان الصهيوني، التي تستخدم ضد شعب أعزل، مشددا على حق إسرائيل في الالتزام بحماية شعبها! بمعنى أدق حماية الاحتلال من شعب احتل وطنه!

نذكّر من يحاول تزوير التاريخ؛ إنّ الفاشيين الجدد في الكيان العنصري الصهيوني يحتلون دولة فلسطين التي أقرت الأمم المتحدة حدودها في 29 / 1947 /11 بقرارها رقم 181 القاضي بتقسيم فلسطين، وإقامة دولة عربية على حوالي 43% من أرض فلسطين، وعلى الرغم من اعتبار القرار مجحفًا بحق الفلسطينيين في حينه، إلا أنّ الشعب الفلسطيني حرم من هذا الحق، وتعرض للتشريد بعد احتلال العصابات الصهيونية لأرضه بدعم من الإمبريالية العالمية. وبعد ذلك يخرج علينا أوباما رئيس الدولة الراعية للإرهاب الإسرائيلي، والتي تمارس أبشع أنواع الجرائم بحق الفلسطينيين، وتنفذ إعدامات ميدانية يوميا للمقاومين للاحتلال، بإدانتهم وتسخير آلة الحرب الأميركية لحماية المحتلين الطغاة.

لعل اختلال موازين القوى بين حركة التحرر العربي، والتحالف الإمبريالي الصهيوني، تملي علينا تسخير مختلف الطاقات والجهود والإمكانيات المتاحة في مواجهة المحتلين الصهاينة، بما في ذلك المقاطعة الشعبية للمنتجات الصهيونية، التي تعبر عن التزام مبدئي بنهج مقاومة التطبيع، والتي برزت كحركة سياسية نضالية بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي إدانةَ الجدار الاستعماري والاحتلال الإسرائيلي برمّته، في 9 يوليو 2005.حين وَقّع ما يزيد على 170 اتّحادًا ومنظّمةً فلسطينيةً في فلسطين والشتات، نداءً تاريخيّاً يدعو إلى مقاومةٍ مدنيةٍ عالميةٍ ضدّ "إسرائيل" عن طريق مقاطعتها وسحبِ الاستثمارات منها وفرضِ العقوبات عليها.

ففي الوقت الذي يصدر الاتحاد الأوروبي قراره بالطلب من الكيان الصهيوني بإلصاق منشأ منتجات المستوطنات الصهيونية، وتتسع قاعدة المقاطعة للكيان الصهيوني من قبل المؤسسات الثقافية والاجتماعية والإنسانية العالمية، تمتلئ شوارع بعض العواصم العربية بالمنتجات الإسرائيلية دون خجل، ويتولى بعض المنبوذين من التجار وأصحاب النفوس الضعيفة بإخفاء مصدر بضائعهم الواردة من "إسرائيل" خشية من مقاطعتها شعبيا، كما تواصل بعض الحكومات العربية تعاونها وتنسيقها السياسي والأمني وعقد صفقاتها التجارية مع العدو الصهيوني، خاصة بعد ما استخدمت اتفاقيات أوسلو ووادي عربة ذريعة لإلغاء المقاطعة العربية الرسمية "لإسرائيل" ووفرت مناخا لتحقيق اختراق صهيوني لعدد من الأقطار العربية.

فقد أعلن سيلفان شالوم وزير الداخلية "الإسرائيلي" قبل أيام، عن استكمال صياغة شروط العطاء الدولي لمشروع (قناة البحرين؛ الأحمرـ الميت)الذي سيستخدم لإزالة ملوحة مياه البحر وتوليد الطاقة، وسيتم عبره ضخ حوالي 120 مليون م 3 من المياه، ستزال ملوحة 80 مليون م3 منها.وستنقل المياه بواسطة أنابيب تمتد لمسافة 200 كلم للمستوطنين الصهاينة، وسيتلقى الأردن نحو 25% من المياه المنقولة فقط.

كما سبق ونجحت مساعي هيلاري كلينتون بتشجيع الأردن في التوقيع على صفقة استيراد الغاز من "إسرائيل"، وفقا لما أوردته في مذكراتها "خيارات صعبة" حين طلبت من وزير الخارجية الأردني ناصر جودة في يناير 2012 البدء بمحادثات مع الإسرائيليين سرا إذا لزم الأمر، للوصول لاتفاق لاستيراد الغاز من "إسرائيل"، وبعد محادثات سرية، طوال عام، أعلن عن صفقة الغاز مع الكيان الصهيوني في بداية العام 2014،تضمنت التوقيع على رسالة النوايا مع شركة "نوبل إنيرجي" الأمريكية كممثلة عن شركات الغاز الإسرائيلية الثلاث صاحبة الامتياز في استخراج الغاز الطبيعي من حقل (ليفا ياثان) المجاور لشاطئ مدينة حيفا المحتلة، بقيمة 15 مليار دولار، لمدة 15 عامًا.