ملاحظات أولية في بعض المواقف الصادرة عن الرفيق الحسين الزروالي


وديع السرغيني
2015 / 11 / 11 - 19:18     

ملاحظات أولية في بعض المواقف الصادرة عن الرفيق الحسين الزروالي

1. بداية أود أن أشير أن هذه الملاحظات تم تدوينها لمدة قاربت السنة، منعتني عن نشرها أوضاعي الصحية واضطراري لإجراء عملية جراحية متعبة، فرضت علي الركون للفراش والابتعاد عن الكتابة.
وأرجو من الرفيق الحسين وكافة الرفاق الذين يعملون بجد من أجل تصحيح أوضاع الحركة الثورية، وتطوير ممارساتها، ارتباطا ودفاعا عن المشروع التحرري الديمقراطي والاشتراكي، أن يأخذ بعين الاعتبار الظرفية السياسية التي تناولها النقد ومختلف الردود التي رافقته حينها.
2. فمن خلال متابعتي لما يكتب عن الأوضاع السياسية في المغرب، وكذلك بحكم انتمائي لأحد فصائل الحركة الماركسية اللينينية ـ الخط البروليتاري ـ والتي أقدر بصدق إسهامات مناضليها وتفانيهم خدمة للمشروع التحرري الاشتراكي، رغم الخلافات والصراعات المؤثرة على وحدة الصف المنشودة بالنسبة للغالبية الساحقة من مكونات الحركة الماركسية الاشتراكية، فقد صادفت العديد من المقالات الموقعة باسم الحسين الزروالي، وأثارني حماسها الشديد لما يقع داخل صفوف الحركة الماركسية اللينينية المغربية وباسمها، في محاولة جادة للخروج من الأزمة المتفاقمة منذ السبعينات وإلى الآن.
حاولت بكل ما أوتيت من جهد أن أفهم صراحة، ما عبّر عنه الرفيق من أفكار ومواقف، خلال نقده لتيار "الأماميين الثوريين" وتيار "البديل الجذري"، متهما كلاهما بـ"الذاتوية والإطاروية".! لكن تعذر علي الأمر صراحة من أجل المتابعة والفهم، نظرا لكثرة المفاهيم والمصطلحات المقحمة، بدون تفسير أو شرح أو تعليل للسياق الذي استعملت فيه.
3. بداية كنت أحبذ أن يستهل الرفيق نقده بتعريف بسيط ومختصر لما يقوله التياران المعنيين لكي تكون المتابعة والاستفادة عامة، على اعتبار أن القناة المستعملة معروفة بأنها موجهة لجميع القراء والناطقين باللغة العربية، وهم ليسوا بالضرورة مغاربة.. وبالتالي كان من المفيد والأفيد أن نشرك جميع المهتمين بمعركة التغيير الطبقية، مغاربة كانوا أو عرب، لكي يدلوا بدلوهم فيما يخص بعض المفاهيم، المنسوبة عن حق أو عن باطل، للماركسية اللينينية.
4. نفس الشيء بالنسبة للحركة الماركسية اللينينية المغربية ـ الحملم ـ فهي فعلا قائمة الذات، لكن أوضاعها مهترئة تنظيميا، ومفاهيمها وأطروحاتها وبرامجها بعيدة، إلى حدّ ما، عن الخط الثوري الماركسي اللينيني، بكل ما يستوجبه من تاكتيكات وتحالفات ومواقع ارتكاز عمالية وجماهيرية، ومبادرات لتقوية خط النضال الديمقراطي والجماهيري، علاقة بالنقابات وبالحركة الطلابية وحركة المعطلين والحركة الاحتجاجية المناهضة للغلاء والحركة المدافعة عن الحق في الأرض..الخ
وعلاقة مع الموضوعات الماركسية، لا يمكن، كما فعل الرفيق، اختزال، وبشكل تبسيطي، الخط الثوري من خلال استنتاجات خارج السياق، والذي ارتبط تاريخيا بالصراع ضد التحريفية الاقتصادية.. قابل خلالها الرفيق مبدأ "لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" ضد الشعار السياسي الانتهازي، "الحركة كل شيء والهدف النهائي لا شيء" وهو شعار بريشتاين الشهير، زعيم التيار الاقتصادوي الانتهازي، والذي بخس بشكل فج ومبالغ فيه، عدا شكل النضال الاقتصادي المطلبي للطبقة العاملة، جميع أشكال النضال الأخرى، أساسا السياسية والفكرية.
لم نفهم الحكمة في عملية الإقحام هذه، التي ذكرتنا بالقصة المشهورة "سقطت الطائرة"، في نقاش لا علاقة له بالاقتصادوية كخط عمالي، اتجه للتركيز على النضال الخبزي ضدا على الإضرابات السياسية، التي كانت تدعو لها الفرق الماركسية، تهييئا للانقضاض على السلطة السياسية من طرف البروليتاريا الثورية.
5. هناك من المجموعات المناضلة من تعيش وضعية تنظيمية مهترئة وحالة تفكك، لا تبشر بأي تطور إيجابي في المستقبل، لأنها بصراحة ترفض أي تقارب أو تحالف أو تقاطب.. ينمي من قدرات المجموعات المناضلة، في إطار من النضال المشترك.
فلا معنى للعداء للتحالفات والأقطاب، إذا كانت هناك ضرورة تنظيمية تفرض التقاطب والصراع الفكري الديمقراطي والرفاقي بينها، خاصة وأن الحالة التنظيمية ما زالت متدهورة لا تتجاوز حالة الحلقية، التي تعرقل بشكل بارز وملحوظ، مهمة إعادة البناء للمنظمة الثورية الماركسية اللينينية بكل ما تتطلبه العملية من تحصين من الهفوات والانزلاقات، التي تتم في الغالب باسم الماركسية وتوجيها من "ما العمل؟"!
6. وفي تقديرنا الموضوعي نعتقد بأنه لا وجود لفراغ تنظيمي بالمعنى الدقيق والشمولي للكلمة، فالحملم موجودة في ساحة النضال كحركة لها وزنها، تراجعت قوتها من السبعينات إلى الآن شيئا فشيئا، لكنها ظلت موجودة معاندة تمارس الصراع، تخطأ وتصيب، لكنها موجودة.. إلا إذا اعتبرنا الحركة مجرد أشخاص وفعاليات وحساسيات، دون أن يرقى الأمر لتنظيمات وتيارات، لها أفكارها المرجعية وبرامجها الموجهة لعملها في الساحة.. ويمثل هذا التقييم في نظرنا افتراء في حق الحركة ومناصريها وتضحياتهم، لا يليق بناقد موضوعي معني مباشرة بتطوير وتقدم الحالة التنظيمية لنضال الطبقة العاملة وفصائلها الماركسية.
7. فالبرنامج الثوري لأي تيار أو تنظيم ثوري لا يتخذ شكله المبطـّن، بل يتم من خلال الإعلان الجماهيري حتى يطلع عليه الجميع. أما "النهج الديمقراطي القاعدي" الأصل فقد سطـّر أرضيته وبرنامجه الطلابي خدمة لنضالات الجماهير الطلابية المطلبية والديمقراطية، ولم يعلن قط عن انخراطه في العمل الثوري المباشر في أية فترة من الفترات، بما لا يعني ذلك خلو الحركة القاعدية من الثوريين، من جميع الأصناف والاتجاهات.
8. بنفس الصيغة، وفي نفس السياق نجدد طلبنا للرفيق بتوضيح ما يقول، حتى يكون للكتابة معنى ومقصد يجذب القارئ للمتابعة والمشاركة.. فلا معنى أن تدرج في سياق النقاش أوراق 84، 86، 94، 96.. التي لا يفهم معناها ومغزاها واتجاهها سوى نخبة من المناضلين الذين اهتموا بتفاصيل صراعات الحركة الطلابية من الثمانينات إلى الآن بما لها وما عليها.. علاوة على من كرس كتاباته وتنظيراته للتضخيم من شأن هذه "الأوراق"، والتي ليست سوى مقالات وتوجيهات واستنتاجات عرضية وبسيطة، لا تسمن ولا تغني من جوع الشباب الثوري المتعطش لأرضية فكرية سياسية في المستوى، تليق بتطلعاتهم، وتنير له الطريق نحو الخلاص من نظام التفقير والاستبداد الجاثم على صدور الكادحين المغاربة، كنظام رأسمالي تبعي، عميل للإمبريالية.
9. انتقدت الذاتية وتضخيم الذات ومركزة الحركة حولها، وهو شيء مطلوب ومحمود.. لكنك قدمت نموذجا هزليا وبئيسا، حين تصورت أن التاريخ انطلق فقط سنة 2005، وهي السنة التي لربما تفتحت فيها على عالم اليسارية الجذرية و"أوراقها"، وهو ما يبرر فهمك الضيق واطلاعك السطحي عن دقائق الأمور في التجربة الطلابية القاعدية، كترديد وترويج لبعض القراءات المزورة التي تناقلتها ألسنة بعض الجهلة الذين تخيلوا أنفسهم، وفي غفلة من المناضلين الصادقين بأنهم مؤرخين مكلفين بحماية التراث القاعدي من الضياع والتلف.. دون مسائلة أو استشارة صناع التجربة الحقيقيين، والذين ما زالوا أحياء يرزقون.
إذ لم تتوقف مساعي الرفاق من مناضلي الحملم، من أجل تقوية العمل السياسي الشيوعي في ربوع الوطن، ومن خلال الارتباط بجميع الحركات الاجتماعية المناضلة العمالية والطلابية والتلاميذية والشبابية المدافعة عن الحق في الشغل، أو المناهضة للغلاء والظلم والاستبداد..الخ ومنذ فشل التجربة التنظيمية الأولى، التي انتهت عمليا نهاية سنة 79، بالرغم مما تلاها من محاولات إعادة البناء التي فشلت هي الأخرى، أو بالأحرى نجحت في تشكيل تجارب جديدة، راجعت الجوهري من تجربة الحركة السبعينية ـ منظمة العمل الديمقراطي الشعبي وحزب النهج الديمقراطي ـ. أما المحاولات التي اتجهت لإعادة البناء على أسس ثورية جديدة، يحضر فيها التقييم وتقويم الاعوجاجات، وضبط الانحرافات والانزلاقات، فهي قليلة، لكنها مقاومة فعلا، لها قادتها ومنظروها، وتستحق الإشادة والتشجيع والتطوير، تقديرا لتضحياتها ولصمودها ضد الإحباط والانهزامية..الخ
10. على حدّ علمنا ومعلوماتنا، يعتبر التنظيم حجر الزاوية في النظرية الماركسية اللينينية، فالحاجة لتنظيم عمل المناضلين أينما تواجدوا مهمة دائمة وثابتة، وإن كان التنظيم يمر بمراحل، وتتنوع أهدافه علاقة بمهمة التنظيم وارتباطا بالقاعدة التي يستهدفها، من أجل فاعلية نشاطها، ليبقى التنظيم الماركسي الثوري، أي الماركسي اللينيني، هو أرقى وأقوى سلاح تنظيمي، هدفه توحيد صفوف الطلائع العمالية والمثقفة الثورية في تنظيم حديدي صلب، يكون هدفه توحيد صفوف الطلائع العمالية والمثقفة الثورية في تنظيم حديدي، صلب، يكون هدفه الإطاحة بالرأسمالية وبناء الاشتراكية، على أنقاض نظامها، خلال مسلسل ثوري مضبوط ومخطط له، تشارك في نضالاته جميع الطبقات والقوى الشعبية الكادحة بكل حزم وانضباط.
فبدون تنظيم لا يمكن تصنيف ثلة من المناضلين، الذين لا تتجاوز نضالاتهم، المشاركة في حركات الاحتجاج والرفض لحالة الاستغلال وما ينتج عنها من بطالة وفقر وحرمان.. بأنهم فعلا ماركسيين.. إلا إذا انخرطوا فعلا في مهمة تنظيم البروليتاريا، وتوعيتها وتحفيزها، من أجل بناء حزبها المستقل عن جميع الطبقات الاجتماعية الأخرى، بهدف النضال وقيادة النضال للقضاء على الرأسمالية والاستيلاء على السلطة السياسية، لبناء ديمقراطية جديدة، قوامها المجالس العمالية والشعبية، في المدن والبوادي، لمباشرة مصادرة الأملاك، والتأميم، والثورة الزراعية، وتنظيم الإنتاج والتوزيع، وفق الخطة الاشتراكية.
فمن يتردد في بسط قضية التنظيم على جدول إعماله، ليس بماركسي، ولا علاقة له باللينينية، وبمهمة محاربة التحريفية.. فقمة التحريفية هي أن ننسب للماركسية شدرات من هنا وهناك، مدعمة بأسماء لقادة ومفكرين، دون تقدير موضوعي، أو معرفة حقيقية وملمّة بإسهاماتهم، وبجدوى هذه الإسهامات في النضال الذي تخوضه البروليتاريا المغربية في اللحظة الحالية.
11. وعلاوة على الأخطاء في تواريخ تشكيل بعض المجموعات كالمجموعة الماوية مثلا.. وفي تقدير أسباب الانسحاب من حزب "النهج الديمقراطي"، وارتباطا بالنقد الذي وجهه الرفيق للمجموعتين في محاولة مهزوزة، تهرب الرفيق خلالها من مناقشة الأطروحة الأصل، أطروحة "الجبهة الوطنية" وأسبقية النضال الوطني عن النضال الطبقي التي تبنتها جميع الفصائل المنحدرة أو المنبهرة بالتجربة السبعينية، والتي ما زالت تدافع عن تكرار التجربة بدعوى أنها لم تخطأ وإنما الخطأ كان في التنفيذ وعدم الالتزام.
12. وأكتفي بهذا القدر من الملاحظات حول ما كتبه الرفيق الحسين الذي أقدر إسهاماته في مجال متابعة النقاشات والمشاركة فيها، عسى أن يكون هدفنا في المرحلة هو تشجيع جميع هذه المبادرات التنظيمية، لطرح الأرضيات ونقاشها بكل جدية ومسؤولية، دون تجني أو تحقير.. وأتمنى أن تكون الفكرة الوحدوية والرفاقية هي سيدة الجدال بدون تعالي أو أستاذية، تحترم جميع الآراء في إطار من النقد والنقد الذاتي، الذي يجب أن يسود على الجميع، ويلتزم به الجميع.. وتحية رفاقية عالية.
وس