موت عبد الرزاق عبد الواحد ... وسيلة للشهرة


محمد السيد محسن
2015 / 11 / 11 - 18:24     


عمان .. 2015
---------------------------------
ما إن وصل الى العراقيين خبر وفاة شاعرهم .. وأهم رموز الشعر العمودي المتبقي في البلاد العربية , عبد الرزاق عبد الواحد حتى كشفت المواقف ومواقع التواصل الاجتماعي عن عورة تفكير العراقيين من خلال الاختلاف المزمن على كل رموزهم
العراقيون الذين اختلفوا منذ العاشر من اكتوبر من عام 680 للميلاد في مقتل ابن بنت نبيهم الحسين بن علي حيث قال البعض انه خارجي وقتل , فيما اعتقد الاخرون انهم أخطأوا حينما غدروا به واستنزلوه لكربلاء وفتكوا به , فاعلنوا توبتهم واسس سليمان بن الصرد الخزاعي حركة التوابين , هم نفسهم اليوم يختلفون في صدام حسين والجلبي وهم نفسهم الذين سحلوا رئيس الوزراء العراقي السابق نوري باشا السعيد ثم بكوا على ايامه وترحموا عليه وبالتالي فان العراقيين لم يتفقوا حول كل الذين يتوافهم القدر وان اختلفت طرق موتهم ,
الى ان جاء خبر وفاة الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في باريس التي دخلها قبل اسبوعين فقط من وفاته , حتى امتلأت صفحات الفيسبوك وتويتر بتعليقات وتحليلات لمواقف الرجل , وجل مواقف الرفضين اقترنت بموقف عبد الرزاق عبد الواحد من صدام حسين , فيما اقترنت مواقف المحبين لكونه شاعر عراقي مبدع في مجال ابداعه
نعاه مقتدى الصدر ورفض نعيه اتحاد الادباء العراقيين ولم تعلق لا صحف ولا قنوات ولا سياسيو الاسلام السياسي عن موته , الحكومة العراقية كانت متواجدة في منزل عائلته في باريس للتعزية بوفاة الراحل لكنها في بغداد التزمت الصمت
الرجل الذي خط شيعة العراق قصيدته بماء الذهب في مرقد الامام الحسين في كربلاء , اختلف فيه حتى "مشاية الحسين" فالبعض قال انه ذنب للكتاتورية السابقة , فيما قال اخرون ان الحسين لن ينسى من رثاه وان قصيدته له كانت صادقة وعبد الرزاق لم يحاب الحسين في مدحه و رثائه
لكن ما يثير في موت عبد الرزاق موقف بعض انصاف الادباء الذين نسوا ان يشتموه في حياته وتذكروا ان يكيلوا له الشتائم ليلة موته فقط
وذهب اخرون الى الحديث عن مواقف شخصية كانت معه وحين لم يجدوا نفعا من تسقيط الرجل عبر تلك المواقف بدأ البعض منهم يتحول الى ناقد كلاسيكي وهو لم يستطع ان يكتب بيتا عموديا واحدا في حياته , بل البعض الذي يعد نفسه شاعرا وناقدا , بيد انه لم يتعرف بعد على بحور واوزان الشعر فبدأ في تحليل قصيدة الحسين , يتحدث عن طباقات وجناسات وتشابهات بينها وقصيدة الجواهري ظنا منه انه يستطيع اقناع الاخرين ان عبد الرزاق ليس شاعرا فذا ,
انها وسيلة لانتقاء الأعداء للوصول الى شهرةٍ ما
انها وسيلة النكرات للصعود على ظهر عدوٍ مفترض غادر الحياة , للتعريف بانفسهم
احد الأدباء اتصل بي يوم السابع عشر من سبتمبر عام 2015 وهو اليوم الذي بث فيه البعض خبرا عن وفاة عبد الرزاق المزعومة وتساءل عن صحته واغتبطني لاني كنت معه ونشرت صورا فوتوغرافية معه لافند خبر وفاته .. المثير ان هذا المغتبط – بكسر الباء – هو من الذين شتموا عبد الرزاق عبد الواحد وقال فيه انه ذهب غير مأسوف عليه لانه كان شاعر الطاغية , والامر ينطبق ايضا على "شعراء كثر للطاغية" ايضا حفلت الصحف العراقية طيلة سنوات ما قبل 2003 بقصائدهم وتمجيدهم لصدام حسين , هؤلاء ايضا شتموا عبد الرزاق عبد الواحد
اما محبو عبد الرزاق ومريدوه فقد تباروا فيما بينهم للوصول الى الشهرة من خلال خبر موته فمنهم من أرسل الرسائل الاكترونية والنصية عبر الهواتف متصديا لاقامة مجلس عزاء واخرون بحثوا عن صيغة تمثيل جهاتهم في مجلس استذكار له , اما الفئة الأكثر ايلاما فهي التي كتبت موثقة بعض ما تتعتقد انها وثائق مهمة في تخويلات باقامة مجالس العزاء
والامر بين كل ما ذكرت لايستحق التباري لأن المحبة لا يجب ان ترهن هبتها الى المواقف , أحبوا الرجل دون أن تأخذوا من الاخرين موقفا بعديا , ولا تخططوا لمنهج حبكم للاخرين
أما الكارهون لعبد الرزاق عبد الواحد وخصوصا من الادباء فاقول : ان جميعكم قرأ رولان بارت , وجميعكم يتفاخر بأنه يعرف نظرية "موت المؤلف" وهي النظرية التي دعا اليها بارت للتعامل مع النص الابداعي دون الخوض في ظروف كتابته واسم كاتبه وتداعيات ما خلفه النص من تطور تكويني للناص , انها نظرية تدينكم ايها الشاتمون , كان حريا بكم ان تتعاملوا مع عبد الرزاق عبد الواحد كمبدع كما تعاملتم مع كثير من المبدعين الذين كانوا لا ينفصمون عن السلطة من مطربين وفنانين وشعراء وكتاب ومؤلفين, بل وسياسيين وضباط وامنيين وقادة كانوا تحت مظلة السلطة السابقة واليوم يتصدرون المشهد السياسي والابداعي العراقي , والانكى من ذلك انهم فازوا في انتخابات ديمقراطية كان الاصبع البنفسجي العراقي حاسما في ترقيتهم وترشيحهم دون وجل او ريب. لكن الذي نسجله اخيرا ان المبدع العراقي بات بدون كفيل في وطن يأسره السراق