هل ..... ؟


شامل عبد العزيز
2015 / 10 / 30 - 15:00     

كَتَبَ أبن الروميّ ذات نص " ما كُلَّ عين ترَّ " !
إذا استطعنا إثبات وجود الله من عدمه ماذا سيُغير مما نحن فيه ؟
إذا استطعنا إثبات وجود الأنبياء من عدمه ماذا سيُغير مما نحنُ فيه ؟
هل هناك علاقة بين إثبات الوجود " الله , الأنبياء " أو إنكارهما بالقضيّة الفلسطينيّة , على سبيل المثال طبعاً ؟
هل هناك علاقة بقدوم الاستعمار ورحيله عن بلادنا بإثبات الوجود أو الإنكار ؟
منذ أوّل ثورة " انقلاب " خمسينات القرن الماضيّ في بلادنا وصولاً إلى ما يُسمى " الربيع العربيّ " هل هناك علاقة بالوجود أو الإنكار ؟
هل هناك علاقة بالمشهد السياسيّ الحاليّ " العراق , سورِيّة , ليبيا , اليمن " والحبل على الجرار علاقة بالوجود أو الإنكار ؟
هل هناك علاقة بالوجود أو الإنكار أن يتسلط على رقابنا طغاة أهلكوا الحرث والنسل بالوجود أو الإنكار ؟
هل هناك علاقة بعدم قيام حُكّامنا بمهامهم الحقيقيّة في أن يقدموا لشعوبهم كل ما يحتاجونه وأن يحكموهم بطريقة صحيحة " بناء دولة المواطنة " بعيداً عن الاستعباد وتكتيم الأفواه والذل والعبوديّة والاعتقالات للمخالفين وبناء السجون وتحويل الأوطان إلى مزارع لأهلهم ولذويهم بالوجود أو الإنكار ؟
هل جميع ما نحنُ فيه له علاقة بالوجود أو الإنكار ؟
في أول زخة مطر غرقت بلادنا ؟ يا ربيّ !
لنفترض جدلاً بأن الله غير موجود ماذا سيتغير ؟
وبما أن الفرضيّة تقول بأنه غير موجود إذن لا وجود كذلك لأنبيائه ؟
ونكرر نفس السؤال " ما هي العلاقة " بالوجود أو العدم بكل ما نحنُ فيه من كوارث ومأسي وذل واستعباد ودكتاتوريّة وتخلف فالبلاد العربيّة تحتل المراتب العليا في سلم التخلف العالميّ حسب تقارير التنميّة البشريّة ؟
هل المطلوب من الجميع البحث عن – الله – أم المطلوب قراءة الواقع بطريقة صحيحة وما يدور في العالم من أحداث وأين موقعنا مقارنة مع العالم ثمّ البحث عن العلاج الناجع لجميع ما نحنُ فيه ؟
الذين يحاولون ليل نهار إنكار وجود الله لا يختلفون عن الذين يبحثون ليل نهار كذلك عن إثبات وجوده كلاهما حرث في الماء وتغريد خارج السرب والهروب من الواقع .
الناكر للوجود لا يختلف عن أي رجل دينّ – كهنوتي – متخلف يصرخ ليل نهار – عودوا إلى الله – كلاهما على قدم المساواة في رسالته التي لا قيمة لها وبالأخير لا تخرج عن كونها صراخ وعويل .
الإيمان بالوجود من عدمه مسألة شخصيّة لم يعد أحد يسأل عنها إلاّ من يعيش في المياه الآسنة .
التاريخ يخبرنا بالكثير الكثير من التجارب على أن لا علاقة للوجود أو الإنكار بتقدم الأمم ونهضتها .
نموذجان مختلفان حول أهم مسألة تخص حياة الإنسان ألاّ وهي الدين . استطاع الغرب أن يتعامل معها بدقة فأراح واستراح !
أوّلاً : الاتحاد السوفيتيّ سابقاً :
عن المفكر هاشم صالح :
كان الرفيق ستالين مثلاً يمنع الناس بالقوّة من الذهاب إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة لأداء الصلاة أو حضور القداس . ولذلك ما إن انهارت الشيوعيّة " أو الاشتراكيّة بتعبير أدق مع العلم أن الذي انهار هو رأسماليّة الدولة وليس الاشتراكيّة لأنّها أصلاً لم تتحقق وهذا ليس موضوعنا ولكن للتوضيح حسب وجهة نظريّ " عام 1990 حتى عادت الديانة المسيحيّة إلى روسيا بقوّة وحماسة. وهذا ما يدعى بانتقام التاريخ لنفسه .
ثانياً : إيران وبعض الدول الأصوليّة :
بالنسبة لإيران وبعض الدول الأصوليّة الأخرى فإنه يحصل العكس تماماً . فالشيء الممنوع ليس التدّين وإنما إجبار الناس بالقوة على التدّين وأداء الطقوس (ستالين معكوسا) . ولذلك يقال بأن الشبيبة الإيرانيّة أصبحت تنفر من الدين بعد وصول النظام الأصوليّ إلى سدة السلطة في حين أنها كانت متدّينة جداً في عهد الشاه . وهذا شيء مفهوم تماماً من الناحيّة السيكولوجيّة لأن كل ممنوع مرغوب . انتهى الاقتباس .
" داعش على غرار إيران في إجبار الناس على التدّين " ..
الحلّ الغربيّ هو الحلّ الوحيد .. لا مكان للدين في السياسة ولا مكان للسياسة في الدين ..
العَلمانيون العرب " إلاّ من رحم ربيّ " يدعون الحرّية ويطالبون بها ليل نهار ولكنهم يكذبون ولكن لا ادري هل يكذبون على أنفسهم أم علينا ؟
الحرّية أنواع ولكن أهم تلك الحرّيات هي حرّية التدّين التي تدخل ضمن الحرّيات الشخصيّة وحرّية الفكر .
ميزة الغرب الأوروبيّ على كل النطاقات الحضاريّة الأخرى هي أنه يسمح بالتدّين وعدم التدّين في آن معاً . بمعنى آخر فإنه يسمح بالحرّية الدينيّة.. وهذا هو معنى العَلمانيّة بالضبط . هذا هو جوهرها .
الحرّية لا تكون في اتجاه واحد فقط ، وإلا فليست حرّية . كل متدّين مواطن بالضرورة ولكن ليس كل مواطن متدّيناً بالضرورة.
ما لم نفهم ذلك سيبقّ الصراخ والعويل إلى أبد الدهر بين العلماني وبين المتدين " الملحد والمؤمن " .
لا تحاربوا الله ولا الأنبياء فأنتم تحاربون طواحين الهواء بل حاربوا الطغاة والأحزاب الشموليّة والحركات الأصوليّة , حاربوا من وصل للسلطة وأودى بنا للحضيض فالحكام العرب لم يكونوا من الإخوان المسلمين – المنافقين - أو من السلفيّة الجهاديّة – الظلاميّة - بل كانوا يدعون العَلمانيّة .
جهودكم ضائعة لا قيمة لها في جميع الأحوال بل لا تخرج عن كونها لا جديد يذكر ولا قديم يعاد ..هي في أحسن أحوالها مجرّد سفسطة كلاميّة .. في حالة حسن النيّة طبعاً لمن يكتب في هذا الاتجاه ولو اني أشك في حسن نيته ..
تركيز الجهود يجب أن تكون منصبة على الطغاة والأحزاب الشموليّة القمعيّة والحركات الأصوليّة التي ترفع شعار " الإسلام هو الحلّ " وهو شعار سقيم لا معنى له ..
ذات مرّة قال مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا مُخاطباً شعبه :
"إذا كنا جميعًا رجال دين فمن سيقوم بتصنيع الطائرات والصواريخ والسيارات وأدوات التكنولوجيا الحديثة ، فيجب أن يكن هناك علماء في التجارة وفي العلوم التقنيّة الحديثة وفي كل مجالات المعرفة ، ولكن على أساس من التعاليم الإسلاميّة".
عندما أرادنا الصلاة توجهنا صوب مكة وعندما أرادنا بناء البلاد توجهنا صوب اليابان " . انتهى الاقتباس .
ما المانع ان يكون هناك علماء يؤدون فروضهم الدّينيّة أوليس هذا من باب الحرّية الشخصيّة التي نؤمن بها جميعاً ؟
تُخبرنا الموسوعة العلميّة :
الإسلام هو الدين الرسمي في أغلب الولايات الماليزيّة وأكبر الأديان في ماليزيا ، على الرغم من أن المجتمع الماليزيّ مجتمع متعدد الأديان . وفقاً لتعداد السكان والمساكن عام 2000، ما يقرب من 60.4% من السكان مسلمون، بينما تشكل البوذيّة 19.2%، 9.1% مسيحيون ، الهندوس 6.3%، و 2.6% يمارس الكونفوشيّة والطاويّة وغيرها من الديانات التقليديّة الصينيّة. ما تبقى من الأديان ، هي الإحيائيّة والدين الشعبيّ ، والسيخيّة بينما أفاد 0.9 ٪-;- بأنهم إما ملحدون أو لم يقدموا أية معلومات . انتهى الاقتباس من الموسوعة ..
قبل 34 عاماً وتحديداً في عام 1981 لم تكن ماليزيا على الخارطة الدوليّة بالمعنى الصحيح أو الحقيقيّ ولكنّها اليوم تتنافس لكي تكون من ضمن الدول الصناعيّة الثمانيّة !
العَلمانيّة لا تحارب الأديان – العَلمانيّة معها ,, الولايات المتحدة الأميركيّة بلد عَلمانيّ ونسبة التدّين تزيد عن 70 % يحكمها رئيس مسيحيّ وتركيا بلد عَلمانيّ يحكمها رئيس مسلم وإسرائيل بلد عَلمانيّ يحكمها رئيس يهوديّ ,, من يفهم العكس عليه أن يراجع أفكاره .
للعلم فقط التدّين في البلاد العربيّة أقل منه في أميركا .. وللعلم كذلك فإن المؤيدين للفصل بين الدين والدولة في العالم العربيّ يزيد عن 57 % ونسبة الذين قالوا بعدم الفصل 38 % !
" لكل مجتهد نصيب " .
إكراماً مني للزميل عبد الحسين سلمان " جاسم الزيرجاوي " كان هذا المقال ..