على ضوء نتائج الانتخابات الفدرالية الكندية ، هل من دور جديد في السياسة الدولية ؟


محمد حومد
2015 / 10 / 27 - 08:15     


لقد مرت عشر سنوات تقريبا على حكم حزب المحافظين برئاسة ستيفان هاربر(Stephen Harper ) لكندا ٬-;- عشر سنوات و حزب المحافظين يريد لكندا احتلال مواقع الزعامة الإمبريالية عبر استعراض قوتها التيكنولوجيا و العسكرية ٬-;- يريدها أن تتصدر كل بؤر التوثر في العالم ٬-;- في كل من أمريكا اللاتينية ٬-;- آسيا (منطقة الشرق الأوسط٬-;- أوكرانيا...)٬-;- أفريقيا و أروبا الشرقية.. فأي نداء أو دعوة من الرئيس الأمريكي أوباما(Obama) لمواجهة الأخطار الوهمية إلا و سارع ستيفان هاربر إلى احتلال الصفوف الأمامية ٬-;- فهو الحليف الأول و بدون منازع لأمريكا ٬-;- بل أكثر تغطرسا من أوباما نفسه ٬-;- إنه صورة طبق الأصل للحزب الجمهوري الأمريكي في كندا.
منذ اعتلاء حزب المحافظين بزعامة ستيفان هاربر الحكم بكندا وهو يسير على نهج سياسة خارجية شرسة و عدوانية ضد شعوب العالم ٬-;- لقد أصبحت كندا تنازع كل من فرنسا و بريطانيا في استعراض عضلاتها بالمناطق الساخنة٬-;- فسرعان ما نادت الإمبريالية الأمريكية لإنشاء تحالف دولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية الظلامي القروسطي حتى سارع ستيفان هاربرإلى إرسال أحدث الطائرات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط ، و عقب الأحداث التي شهدتها أوكرانيا التي أطاحت بالرئيس السابق لم يتردد ستيفان هاربر و لو ثانية في إعلان الدعم المطلق و اللامشروط للرئيس الجديد عكس انتفاضات الربيع العربي حيث أبدى تريثا طويلا ... لقد كان من الرؤساء الأوائل المتحمسين لضرب الحصار الاقتصادي على روسيا ، الوجه الآخر للإمبريالية الصاعدة …
أما نتانياهو (Netanyahu) فيحظى بالدعم المفرط من طرف المحافظين رغم البطش و التهجيرالذي تمارسهما الآلة القمعية الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني الأعزل ولطمأنته هو و حاشيته بادر ستيفان هاربر إلى زيارة الأرض المحتلة و شاركه الطقوس الدينية الأرثدوكسية القروسطية.
و تحت ذريعة الإرهاب سن حزب المحافظين عدة قوانين على رأسها قانون الارهاب الذي يهدف إلى الحد و التقليص من حرية التعبير و إعطاء جهاز المخابرات الكندي مزيدا من الصلاحيات... و ليس ببعيد منا و في إطار الحملة الانتخابية المراطونية الأخيرة التي دامت حوالي شهرين و نصف حاول التركيز فيها على نعرات الذات و ذات الآخر باءت بالفشل في مواجهة الحزب الليبرالي الكندي …..
انهزم ستيفان هاربر في الانتخابات و أعلن فور هزيمته تنحيه من رئاسة الحزب ، وإذا كان الخاسر الأول في هذه المعركة داخل كندا هو حزب المحافظين فالخاسر الأول خارجها هو نتانياهو ….
فقد نتانياهو إحدى علاقاته الحميمية ، فهل ستفقد دولته الإجرامية علاقتها الحميمية مع كندا….؟

انهزم ستيفان هاربر في الانتخابات و حل محله جيستان تريدو(Justin Trudeau) الشاب الجديد الذي استطاع أن يرد للحزب الليبرالي الكندي قوته السياسية التي عرفت انهيارا كبيرا منذ رحيل جون كريتيان(Jean Chrétien) سنة 2003 ، فمنذ ذلك الحين و الحزب يتخبط في إيجاد القائد السياسي المناسب ، و في هذه الفترة الوجيزة تعاقب على رئاسة الحزب ثلا ثة زعماء سياسيين باء جميعهم بالفشل في رص صفوف القواعد و آخرهم اناسييف(Michael Ignatieff) ذو الجذور القيصرية الروسية الذين غادروا روسيا إبان ثورة 25 اكتوبر العظمى ، فهل سيغير القائد الجديد جيستان تريدو ذو الشعبية الواسعة و خصوصا في صفوف المهاجرين من السياسة الخارجية الكندية ؟ هل سيلغي الصفقات الدولية التي وقعها الراحل ستيفان هاربر ؟ و هل سيضع حدا لسياسة سلفه كما وعد جمهوره في الحملة الانتخابية......؟
صحيح أن الوزير الأول الجديد جستان تريدو فور إعلان انتصاره في الانتخابات البرلمانية سارع إلى مكالمة أوباما هاتفيا و إخباره على عزمه الانسحاب من التحالف الدولي في مواجهة تنظيم داعش بالعراق و إيقاف الضربات الجوية و الاقتصار فقط على الدعم اللوجيستكي ، لكن يبقى السؤال العملي و الفعلي المطروح هو هل سنرى عودة الطائرات الحربية و العساكر في القريب العاجل إلى الأراضي الكندية ؟ فمن المجازفة و الوهم الاعتقاد بذلك ، لأن الأمور تحضى بصفقات و سيناريوهات داخلية معقدة و في غاية السرية كما حصل في سنة 2003 عندما كان الليبراليون بزعامة جون كريتيان في الحكم ، لم تشارك كندا مباشرة في الهجوم الدموي العدواني اللاأخلاقي الذي شنته الولايات المتحدة الأمريكية و حلفاؤها على الشعب العراقي ، فتم الترويج حينها للاختلاف بين الدولتين الجارتين بشكل مبالغ فيه إلا أنه في المقابل ، و المسكوت عنه، تولت كندا مهمة التغطية العسكرية الشبه كاملة في أفغانستان
أما فيما يخص الدعم الكندي لدولة نتانياهو الإجرامية فعلاقة جيستان تريدو ، الذي لم تطأ قدماه كيان هذا الأخير ، الجد محدودة لن تغير من الأمر شيئ كما هو الشأن بالنسبة للرئيس الأمريكي أوباما ، فبعض العناصر الوازنة في المجتمع الكندي ذات العلاقات الوطيدة مع الدولة العبرية أعطت الولاء المطلق للوزير الأول الجديد إبان حملته الانتخابية ، فأكيد أن لهذا الدعم السياسي قراءة واضحة الأفق.
إن الأيام القادمة ستجيب على مجموعة من التسؤلات و ستزيل الشكوك لمن لديه شك في السياسة الخارجية للنظام الكندي ، فهل الحركات الظلامية المتواجدة بالديار الكندية الداعمة للوزير الجديد ستدين هذه السياسة الخارجية و تنزل إلى الشارع لاستعراض شطحاتها المعهودة.....؟