حقيقة التدخل الروسي في سوريا


لينا سعيد موللا
2015 / 10 / 23 - 01:54     

من متابعة لتصريحات الديبلوماسيين والخبراء الروس أن دخولهم واستقرارهم في منطقة الساحل السوري قد هدف إلى تحقيق واقعين هامين :
الأول أن يحلوا تدريجياً محل القوات الإيرانية وجميع القوات الأجنبية التي يعتمد عليها النظام في قتاله ضد قوات المعارضة.
لكن ضعف قوات النظام في البقاء على الأرض التي استهدفها الطيران الروسي، قد حال دون الاستعانة بقوات إيرانية و من حزب الله وبعض المرتزقة العراقيين أو الاستعانة بقوات الجيش الشعبي. و الواضح أن وجودهم في هذه المنطقة قد أضعف الأسد في حاضنته التي يعتبرها حصنه الأهم، بحيث لم يعد يشكل في الساحل السوري الآمر الناهي والقادر على قتل أو تغييب أي سوري علوي يعارضه، وهو ما زرع سابقاً الرعب بين أبناء الطائفة العلوية ومنعهم من البحث العملي عن بديل . و هو أيضاً مكن الأسد من الاقتصاص وبكل جبروت وقسوة من جميع المخالفين منهم، والأمثلة كثيرة.

ويرى بعض الأصدقاء المعارضين من أبناء الطائفة أن هذا التواجد العسكري الروسي سيمنحهم قدرة على اختيار بديل يمثلهم ويضمن لهم مستقبلاً بعيداً عن الثأر من الطرف الآخر.

الواقع الثاني أن تواجد القوات الروسية في تلك المنطقة سيحول دون ارتكاب مجزرة تستهدف أبناء الطائفة العلوية، وهو هاجس يتملك أغلب أبناء الساحل السوري. وهو سبب آخر يدفعهم للانخراط بالعملية السياسية المزمع بدأها في مرحلة قادمة دون أن يكون الأسد موجوداً فيها.

لقد بات الأسد عملياً رهناً بمشيئة الروس، أما موسكو البراغماتية فهي مهتمة بتحقيق مصالحها سواء في منع خط الغاز القطري والايراني من العبور إلى الأسواق الأوروبية، أو في الاستحواذ على الاستثمارات النفطية التي ستقام على البحر المطل على الساحل السوري، كما في بقاء قواتها وطائراتها في قاعدة جوية في البر السوري تشكل استراتيجياً كسراً للحصار المطبق عليها من قوات الحلف الأطلسي والتفافاً عليها في حال منعت سفنها وبارجاتها من الخروج عبر مضيق يسهل إغلاقه من البحر الأسود . وهو أمر لم يزعج إسرائيل وبالتالي لم تتحرك بمواجهته واشنطن.

أما استهداف القوات الروسية لقوات الجيش الحر كهدف رئيسي، فلأن موسكو مقتنعة أن هذه القوات لا يمكن الضغط عليها لتذعن بالمصالح الروسية، أما قوات داعش والنصرة فيمكن التعامل معها عسكرياً في خطة قادمة، خاصة في حال التوافق مع الداعمين لها وانتهاء الغرض منها .

والواقع أن هذه الأهداف الروسية لا يمكن ضمانها إلا بتوافق دولي لكنه بالتأكيد يحتاج منها إلى فرض الأمر الواقع، ومن ثم المساومة والتفاوض حوله .