من هم حلفاء وأصدقاء الشعب الفلسطيني


محمد نفاع
2015 / 10 / 15 - 07:29     

*إذا ارتفع لدى الشعب المحتل والمضطهد مستوى المقاومة عن مستوى القيادة فالحق دائمًا مع الشعب وعلى القيادة أن تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار*

•يجب فرط التحالف الفلسطيني مع أمريكا، ومع الرجعية العربية ومع المحتل الإسرائيلي ومع كل من يجامل هذا الشعب وقيادته بالكلام وفي جوانب هامشية جدًا بالنسبة للقضية الجوهرية وهي إنهاء الاحتلال والاستيطان من جذوره وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس والحق المقدس لعودة اللاجئين الفلسطينيين


لم تكن هنالك أية حاجة لهذه السنوات الطويلة العجاف لاكتشاف أمريكا الاستعمارية، ودورها في استمرار نكبة الشعب العربي الفلسطيني واستمرار وتصعيد الاستيطان والاحتلال، ولا دور إسرائيل ومحاولة استجداء الحق الفلسطيني العادل منها، ولا الاعتماد على الرجعية العربية وأموالها القذرة الملطخة بالجريمة والذل. في هذه السنوات العجاف والهدوء الفلسطيني لم يتوقف المحتل الإسرائيلي عن الاستيطان وبناء الجدار، والقتل والمصادرة ومحاولة الإذلال، وليس فقط بسبب الانقسام المشؤوم، جرى ويجري الاستفراد بغزة والضفة معًا، بكل الشعب الفلسطيني وكل فصائله بدون استثناء، من المتطرف إلى المعتدل والمهادن.
الصمت المهين عن محاولة كسر شوكة المقاومة اللبنانية البطلة الجبارة والتربص بها من عرب أنذال على مستوى النظم والأحزاب والأفراد هو قمة الخيانة والدنس، لكن هذه المقاومة الباسلة خيبت آمالهم، فكل التقدير والاعتزاز.
المشاركة في احتلال العراق، ومحاولة كسر سوريا البطلة بشعبها وجيشها ونظامها هو حضيض إنساني وأخلاقي وسياسي وقومي ووطني، هو خيانة عاهرة.
الانضمام إلى جوقة التحريض على إيران وموقفها البطولي والحث على ضربها هو من ارخص وأحقر المواقف.
بين هذه القضايا يوجد المشترك، يوجد الرابط، كل من يقف ضد الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية مستهدف، كل من يتصدى ولو نسبيًا وبتفاوت للنهب الاستعماري يضعونه في خانة الإرهاب!! ويبدأ نباح ذلك الإعلام.
لكن العتمة لم تكن كما يريد الحرامي.
صمود المقاومة اللبنانية في لبنان وسوريا حيث تقدم المساعدة والمساندة ساهم في تغيير الموازين، صمود سوريا الأسطوري في وجه قوة الاستعمار والصهيونية والرجعية، ساهم في تغيير الموازين، صحوة العراق المجزأ ساهمت في تغيير الموازين، وكذلك الموقف الصامد لإيران الذي استلبته من فم الوحش.
وجاء الدعم الروسي الهائل، بوزنه العسكري والسياسي.
وأشير باعتزاز إلى المقالات التي نشرها بين حين وآخر الرفيق البروفيسور، كلمان الطمان بتحليله العميق والشامل والمترابط للدور الاستغلالي لأمريكا ومن معها في الاتحاد الأوروبي المتكالبين على نهب خيرات الشعوب وخاصة النفط، في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
صمود الشعب اليمني الفقير ضد تحالف آل سعود وقطر وهذا اللفيف القذر على مستوى النظم والأحزاب والأفراد يساهم في تغيير الموازين.
نحن في بداية مرحلة جديدة، هامة وخطيرة قد تكلف الكثير من سفك الدم!! فهل من بديل. هل توقف سفك الدم قبل بداية هذه المرحلة الجديدة!!
"إذا دافعت وتصدّيت فمن الطبيعي ان تُقتل وان تَقتل، واذا لم تحارب ولم تدفع فمن الطبيعي ان تُقتل فقط". فهل يوجد بديل آخر.
وكم صدق الناس الذين قالوا: ما ترد الصّاع الا الصاع وأوقية.
يجب ألا نستهين بوجود القطب الآخر، القطب الجديد بعد الانهيار في وجه قطب الإجرام الامبريالي العريق.
قد يستهين البعض بالتصريح الذي صدر عن كوريا الشمالية، جمهورية كوريا الديمقراطية، الفقيرة اقتصاديا، ضد امريكا العدوانية، هذه الدولة تصدت لليابان وفرنسا وأمريكا، وصمدت وانتصرت. أليست "دكتاتوريتها" أشرف بما لا يقاس من ديمقراطية أمريكا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل! فهي لم تحتل ارض أي شعب كما فعلت وتفعل ديمقراطية الغرب الاستعماري!!! وهي دولة ذات قدرات عسكرية هائلة وهو المطلوب، لذلك لا تُقتحم!! فيها تقديس شخصية لقادة قاوموا الاحتلال وانتصروا.
لدى النظم العربية تقديس لشخصيات خائنة في منتهى النذالة.
النظام السعودي يشتري إسكات الشعب الفلسطيني بأموال دنسة وهزيلة، من ناحية أخرى يقوّي المعتدي الإسرائيلي مباشرة أو بواسطة السيد الأمريكي والخنوع له والوقوف في متراسه ويموّل نسبة عالية من عدوانه، فإلى متى!!
إذا ارتفع لدى الشعب المحتل والمضطهد مستوى المقاومة عن مستوى القيادة فالحق دائمًا مع الشعب وعلى القيادة أن تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار.
الكلام لا يدور عن أصوات "مغامرة" ومزايدة، نحن نتكلم عن شعب كامل مجروح ومهان ولا يوجد أي أفق لحل قضيته في هذا الواقع، بل بالعكس، فان المحتل الإسرائيلي يعمل ليل نهار، لخلق واقع أقسى وأمرّ وأخطر ويدلق اقتراحات "للتفاوض بدون شروط مسبقة" وهو الذي يصعّد ويصعّب ويقرر هذه الشروط.
يجب فرط التحالف الفلسطيني مع أمريكا، ومع الرجعية العربية ومع المحتل الإسرائيلي ومع كل من يجامل هذا الشعب وقيادته بالكلام وفي جوانب هامشية جدًا بالنسبة للقضية الجوهرية وهي إنهاء الاحتلال والاستيطان من جذوره وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس والحق المقدس لعودة اللاجئين الفلسطينيين، وهذه النقاط فيها قرارات الهيئة الدولية، هذه الهيئة اليوم وبسبب تركيبها تهرول في تنفيذ املاءات السيد الأمريكي وتصمت عن قراراتها هي بسبب معارضة أمريكا. قد يقال ان هذا حكي قرايا وليس حكي سرايا، وحكي القرايا هو الأصح وهو أرفع من مستوى حكي السرايا، كل المشكلة كانت من سرايا الاستعمار والرجعية.
يجب فرط هذا التحالف بكل بنود الاتفاقات المجحفة، الجانب المعتدي لا يتقيد بهذه الاتفاقات بل ويصعّد فلماذا على الجانب الضحية أن يكون أمينا لها!!
يجب التوجه إلى تحالف جديد مع النظم والدول والقوى السياسية المعادية للاستعمار ولو بصورة نسبية، والمعادية للرجعية العربية والمعادية للاحتلال والمستعدة لتأييد حق الشعب الفلسطيني إذا هو تمسك بهذا الحق والدفاع عنه بدون أي تراجع، هذه القوى موجودة وقوية وان بتفاوت، لكن الأهم هو الاعتماد على الشعب الفلسطيني نفسه والإفادة من ثِقله ووزنه، فهذا أمضى سلاح. وليس من الغريب أبدًا ان تلتقي مصالح روسيا مثلا مع مصلحة الشعب السوري والعراقي والإيراني والفلسطيني واللبناني والليبي واليمني... لأن البعض يقول: لروسيا مصالحها، فليكن. ولأمريكا مصالحها ونرى أن مصالح أمريكا مبنية على جرائم بحق كل شعوب المنطقة وخصوصا الشعب الفلسطيني، والواقع الحاضر، والماضي خير دليل واثبات.
هنالك وعظ بارد يطلقه البعض محذرين من المقاومة، ومحذرين من تفاعل هذه الأقلية العربية مع مقاومة الشعب الفلسطيني في القدس وفي الضفة.
معهم كل الحق في التحذير من المزايدات والاعتداء على المرافق العامة، والقيام بخطوات مغامرة ومزايدات مرفوضة ومضرّة، تعطي المعتدي الإسرائيلي مبررًا للقمع القتل، مع انه لا يوجد أي مبرر لهذا القمع الوحشي وخاصة هذا التصعيد واستعمال السلاح الحي من قبل قرارات نتنياهو وكل من يدور في فلكه.
لا يمكن أن نسأل أين العالم ونحن نسكت على الجرائم، لا يمكن أن نسأل أين العالم إذا لم نكن على مستوى المسؤولية، ثم إن العالم عَالمان كما أن العرب عربان. هنالك عالم وعرب الجريمة والعدوان، وهناك عالم يتصدى للعدوان، هذا ليس حبًا في سفك الدم بل حبًا في التقليل منه إن لم يكن إيقافه تمامًا. وان سُفك فله على الأقل ثمن في فرض السلام العادل رغم انف الغاصبين، علينا التعلم من تجربة الشعوب التي وقعت ضحية للعدوان والاحتلال، دم شهدائها لم يذهب هدرًا، كانت تُقتل ولكن تَقتل أيضا. تقتل سياسيا، وتقتل اقتصاديا، وتقتل بمعنى القتل، المقاومة مشروعة جدًا، تجار الحروب هم تجار، يحسبون الربح والخسارة.
عندما شعر الجمهور اليهودي بخسائر العدوان على لبنان وعلى غزة مثلا قامت المظاهرات ضد الحرب، من قبل قوى لا بأس بها، بالرغم من تحريض اليمين الفاشي، وكان للحزب الشيوعي ومواقفه المبدئية والجريئة والمسؤولية والنقية من المهاترات والمغامرات والمزايدات الفارغة الدور البارز والقيادي في هذا الحراك. وهو ما يقوم به اليوم. أما بعض المهرّجين أسود الكلام نعام الوغى فقد انتقلوا إلى المتراس المعادي في أحضان الرجعية العربية والقوى الظلامية التكفيرية، نقول البعض وبلا تعميم.