پوتين ونتنياهو هما السبب وراء بقاء آل الاسدفي الحكم والأسد يشكل خطرا على السلم في العالم‎


بهاءالدين نوري
2015 / 10 / 6 - 14:08     

اذا كان لب المشكلة ومصدر المأساة في سوريا هوبقاء بشار الأسد في الحكم فان سربقائه حتى الان انما يكمن في حرص الرئيس الروسي فلاديمير پوتين و رئيس حكومة اسرائيل العنصري المتشدد نتنياهو على بقائه. بديهي أن لكل منهما هدفه الخاص المختلف عن هدف الآخر. موسكو تجد في بقاء الأسد بقاء لنفوذه في سوريا ضد الغرب، بينما يجد نتنياهو في بقاء الأسد جارا عربيا هزيلا عاجزا عن أي تهديدموجه الى اسرائيل.
ماكان بمستطاع نتنياهو أن يؤثر جديا على الوضع في سوريا لولا تحكم اسرائيل بالسياسة الأمريكية بالنسبة لجميع المواقف ذات العلاقة بالوضع الاسرائيلي- العربي . فالموقف الذي راق لنتنياهو ازاء الأسد اصبح في صلب سياسة الادارة الامريكية اذ تبنى أوباما فكرة ابقاء النظام مع تغيير الأسد بشخص آخر . ولم تتحقق هذه النكرة لأن پوتين قدم للأسد وفرا من السلاح المتطورالثقيل والخفيف ليحمى بهانفسه . وهو يحمل ، كحاكم بعثي ، فلسفة( من حق الحاكم أن يقتل ويهجر تسعة اعشارشعبه ويبقى حاكم العشر المتبقي ).
وقد اثبتت الاحداث على الارض خطا نتنياهو، و معه اوباما ، اذ اتخذا هذا الموقف من نظام الاسد بزعم ان ذلك يحول دون تطور الفصائل الاسلامية المسلحة ، لكن النتيجة كانت عكسية حيث برزت جماعات داعش والقاعدة ( النصرة ) هي الاقوى والاوسع انتشارا . ولو عمل اوباما وحلفاءه ، بشكل جدي لكانت لهم فرص اكثر لازاحة الاسد قبل سنتين حيث كان وضع الائتلاف والفصائل العسكرية المعتدلة افضل بكثير مما هو الأن . لكن تناسب القوى العسكرية على أرض الواقع قد تغير خلال السنتين الاخيرتين اذ زج حزب الله اللبناني بقواته في المعركة واتسع الدعم الخارجي للاسد و تطورت مشاركة روسيا – وهي تملك ثاني اقوى جيش في العالم – من مجرد تقديم السلاح للاسد الى ارسال قوات جوية وبدء عمليات جوية مكثفة ليس فقط ضد الدواعش ، بل ضد جميع المعارضين للاسد ، بمن فيهم الفصائل المعتدلة التي دربتها امريكا نفسها مؤخرا . ومع بدء العمليات الجوية الروسية وجه الروس لونا من الانذار الى امريكا مطالبين اياها بسحب طائراتها من سوريا . و اذا قدر لپوتين ان يفرض مايريد من قمع للمعارضين وابقاء الجلاد بشار الاسد فان نتائج خطيرة سوف تترتب على ذلك بالنسبة الى الوضع السياسي في الشرق الاوسط .
بل يجدد الحرب الباردة ، التي تميز بها الوضع الدولي في سني ما بعد الحرب العالمية الثانية ولحين تسلم گربجون قيادة الاتحاد السوفيتي . ويجدر بالاشارة أن الرئيس پوتين كان مسؤول المخابرات السوفيتية ( ک گ ب ) في أواخر أيامها ، وكان مشبعا بالعقلية الستالينية ، التي أدت في نهاية المطاف الى سقوط النظام الاشتراكي وعودة الرأسمالية الى الحكم . ويؤكد المراقبون ان پوتين وضع آننذ كل طاقاته في خدمة ثورة الردة ، لاسقاط الزعيم السوفيتي ميخائيل گربجون وتسليم السلطة الى بوريس يلسن كمرحلة انتقالية تمهد لتسلمه شخصيا رئاسة الحكم فيمابعد . وهو الآن يحلم بالحلم الروسي الموروث من عهد القياصرة الذين شكلوا امبراطورية كبيرة وكانوا يبحثون دوما عن سبل لتوسيعها في اوروبا . ووراء هذا الهدف شاركوا في الحرب العالمية الاولى . والسؤال المطروح اليوم : هل يعيد التأريخ نفسه ،هل يفكر بوتين في القيام بمغامرات كبرى لتحقيق الحلم الروسي الموروث ؟ اظن انه يفكر في ذلك ، وفي يده جيش قوي مجهز بالاسلحة النوية والتقليدية المتطورة ، ومغرور لدرجة كبيرة . وهو رأى في سوريا اليوم ، حيث يتشبث الاسد بالقشة بأمل النجاة من الغرق ، المكان الملائم للسباحة عكس التيار فنقل قوات جوية وبدأ بحملة واسعة في ضرب معارضي الاسد من شتى الألوان .
لكن حسابات بوتين خاطئة . فالزمن يختلف عن زمن القياصرة وزمن السلطة السوفيتية ، والبشرية بوجه عام لم تعد كما كانت في القرن الماضي .. نحن في ظروف العولمة والحضارة البشرية قطعت شوطا ابعد في تقد مها ، والشعوب ، بما في ذلك الشعب الروسي ، لن تنساق وراء قيصر جديد أو هتلر جديد . واذا لم يدرك بوتين هذه التغيرات فانه سينتهي الى مصير لايحسد عليه .
واما الشعب السوري المنكوب ، المبتلي بالاسد و بمن يدعمون الأسد ، فانه المنتصرفي نهابة المطاف ورغم كل التضحيات .