الإغتراب فى الواقع المصرى


وليد فتحى
2015 / 10 / 5 - 02:39     

العمل يشكل هويه الإنسان ولربما هى القيمه الإساسيه فى حياته ، ولذلك يتلقى العلم والخبرات حتى يحصل على موقع متميز فى العمل ، لكن الواقع ليس بتلك القيمه المثاليه ، لإن الحياه التى يسيطر عليها قيم الرأسماليه فهى تنتج المزيد من التوحش وتدمير هويه الإنسان بالمزيد من القهر والظلم ، وفى النهايه يصبح العمل فى حد ذاته عبئا على صاحبه ويتحول من قيمه إنسانيه لنهضه المجتمع والبشرية الى قيم إنحطاطيه تستعبد الإنسان وتقهره وتصبح تلك القيم قيما إجراميه لربما تقتل الإنسان مهموما مقهورا !!
فعلى الصعيد الداخلى من قانون الإغتراب لدى كارل ماركس واذا تم تطبيقه على العامل أو الموظف المصرى سنجد إشياء غير إنسانيه تقتل إبداعات غالبيه المجتمع المصرى وتحوله الى مجرد سلعه رخيصه ويحدد ثمنها هم الإثرياء والمضاربين والبراجوزيه المتعفنه ، ففى مصر تلك الدوله البائسه إقتصاديا لإنها تقع فى طور التابع الذليل لقوانين الرأسماليه العالميه أو بالإحرى العولمه ومابعد الحداثه ـ فمصر لا توجد فيها فى الواقع سوى فئتين أو طبقتين بمستوياتها وهى طبقه من يملك الثروه وتعقبها السلطه ومن لا يمتلك سوى قوه عمله من إجل الإحتياجات الإساسيه للحياه العاديه ، فمن يمتلك الثروه فهم ليسوا رأسماليين بالمعنى الغربى وإنما هم مجرد مستورديين للمنتجات الإوروبيه والإمريكيه لبيعها فى السوق المصرى وبالإضافه الى سوق العقارات ومضاربات البورصه و...
فتلك الفئه التى تبتز الإقتصاد المصرى يمثلون اليد الخفيه للتدمير وتنفيذ إليات السوق الرأسماليه على المستوى العالمى بدرجه بشاعته وحقارته على باقى فئات المجتمع الذين لا يمتلكون الثروه ، فهم فى وسائل الإعلام يدعون الى الإستثمارات بمبرر تشغيل الشباب ولكن فى النهايه ماهم إلا لصوص يتم حمايتهم بقوانين تم وضعها على إيدى فئه تقترب من هؤلاء الإثرياء ولكن فى مناصب حكوميه وبالتالى نعتبرهم من نفس ذاك الفئه التى تريد التدمير والتخريب بمبرر أن موارد الدوله لا تكفى لجميع المواطنيين ولذلك فهم يمتلكون السلطه التشريعيه والتنفيذيه والإدرايه عن طريق رأس النظام من رئيس الجمهورية والحكومه والمجالس التشريعيه بالإضافه الى القضاه والجيش والشرطه والإعلام المتأمر !!
أما الفئه الثانيه وهم الإغلبيه فى مصر وهم الذين يضطرون بيع قوه عملهم لتلك الحثاله القذرة حتى يأكلون ويشربون ويستريحون قليلا لليوم التالى وهلم جرا ـ فالموظف مثلا فى معظم مؤسسات الدوله لا يكفيه راتبه الشهرى ولإنهم لم يحصلون على إمتيازات إضافيه مثلما فى مؤسسات سياديه أخرى مثل المؤسسه العسكرية ووزراه الدخليه والبترول والقضاه والإعلاميين وكبار الصحفيين وعيرهم ..فيضطرون البحث عن عمل إضافى فى القطاع الخاص المرتبط بجشع وحقاره هؤلاء البراجوزيين وفى إعمال غير إداميه وخاليه من المعنى الحقيقى للعمل ذاته ،حتى يستطيع أن يسد الجانب الشرائى لديه ولدى اسرته والتى تباع بإثمان فى إزدياد طردى دون ضابط ولا رقيب ـ وبالتالى يحدث للعامل أو الموظف معنى الإغتراب والإقصاء الذان ذكرهما كارل ماركس فى إيقونته رأس المال ـ ولذا يتحول الموظف أو العامل الى مجرد أداه أو آله فى يد تلك البراجوزيه العفنه لا يستطيع أن يسمو بروحه بالقراءه أو المناقشه فى أمور فكريه مع أحد أو التنزه أو مشاهده العروض الفنيه أو حتى الإعتناء بإطفاله وإسرته لإنه طوال الوقت ذهابا وإيابا مجرد أنسان خالى من الروح يعمل ويكدح دون أن يحقق أى شئ سوى التعب والإحساس بالظلم والإمتهان والقهر ـ واذا تبرم أو إعترض الإوضاع المأساويه فهو معرض للضرب والإعتقال وإيضا الموت وبالتالى سيخسر كل شئ ولكن يضطر الصمت لإنه لم ولن يجد البديل !!