خصوصيات الأنتفاضة الجماهيرية في العراق!


حميد تقوائي
2015 / 9 / 22 - 19:53     

الأنتفاضة الثورية لجماهير العراق حركة تمثل استمرارا للثورات المعروفة بالربيع العربي وجزء من (في الحقيقة ذروة) الحركة الجديدة للعلمانية والذي شهدناه ما هو الا بروزات لها، ليس فقط في ايران فحسب، بل في كردستان سوريا، تركيا، تونس وافغانستان. اما الانتفاضة في العراق فلها خصائصها التي تميزها عن الحركات الأخرى: هذه الأنتفاضة هي ضد النتائج الأولية والاكثر تجسيدا للنظام العالمي الجديد ولسياساتها الجديدة في الشرق الأوسط.
الثورات في مصر وتونس كانت ثورات ضد الدكتاتوريات التقليدية البالية الخاضعة لحماية الغرب في المنطقة. لا مبارك و لا بن علي ولا انظمتهم قد وجدوا ما بعد انتهاء الحرب الباردة بل كانوا امثلة كلاسيكية وتاريخية للدكتاتوريات الموالية للغرب- مثل الدكتاتورية الشاهنشاهية- التي ترجع جذورها الى الأوضاع السياسية في مرحلة الحرب الباردة. الا ان اوضاع العراق تختلف كليا عن ذلك. فهذه الاوضاع؛ من النظام والمؤسسة الحكومية، القوى الفاعلة في ميدان السياسة، الحرب الداخلية الحالية، اطلاق يد المجاميع الأسلامية-العشائرية وانحلال بنيان المجتمع كليا هي نتيجة لهجوم النظام الأمريكي و المتحالفين معه ضد العراق سنة 2003 والهجوم التي نفذ في اطار قرارات حرب الخليج (الحملة العسكرية ضد العراق سنة1991) وقرارات الحصار الأقتصادي ضد ذلك البلد.
اليوم فان القوى التي هاجمت العراق قد تركوا الدولة والقوى السياسية والمجاميع القومية والمذهبية ومن بينهم داعش الذين حولوا الساحة السياسية العراقية الى ارجوحة لهم بشكل مباشر او غير مباشر نتيجة للهجوم العسكري للغرب والتي نشأت وترعرعت على ارضية هذه الظروف.
وعلى المستوى الأكثر عمقا ومن وجهة نظر العقيدة و الفلسفة السياسية-الاجتماعية، فان أوضاع العراق هي انعكاس للسياسات الما- بعد حداثية ولنظرية "النظام العالمي الجديد" للبرجوازية العالمية والمبنية على تعريف المجتمعات وحكوماتها على اساس الاديان والمجاميع والقوميات والتي برزت في يوغسلافيا وبعد ذلك بسطت نفوذها في افريقيا والشرق الأوسط. ان قوة كمثل داعش تعكس هذا النهج والتوجه للنظام العالمي الجديد للبرجوازية العالمية على مستويين؛ المستوى النظري- العقائدي والمستوى السياسي – العملي. وعلى اساس وجهة النظر هذه، فان المظاهرات والأعتراضات الجماهيرية الحالية في العراق تقف ضد كل هذه الأوضاع وضد كل القوى الما- فوق رجعية والتي نشأت بعيد الحرب الباردة، حركة جديدة لا مثيل لها، حركة يجدر التعرف الى خصوصياتها ومحتواها السياسي و بالاخص مكانتها في النضال الطبقي واعادة تعريفها والتمحيص بها.
الناس ضد الأوضاع و القوى القروسطية الظلامية
منذ زمن الهجوم العسكري لدولة امريكا وحلفائها على العراق فان احدى النتائج المباشرة والمتواصله لهذا الهجوم تكمن في تدمير وانحلال النسيج الاجتماعي للمجتمع. في العشرة سنوات الماضية، اصبحت جماهير العراق فريسة لاكثر الحروب بربرية وللجرائم الأرهابية من قبل القوى المهاجمة والجماعات القومية- المذهبية الداخلية، وفريسة للتدخلات السياسية والعسكرية للدول الرجعية في المنطقة كالجمهورية الأسلامية واليوم السعودية والامارت وتركيا؛ فريسة للفقر والحرمان غير المسبوق – والتي بدأت من مرحلة حرب الخليج والحصار الأقتصادي- سلب الحقوق والحرمان من ابسط مستلزمات الحياة الاعتيادية في مجتمع مدني. الحركة الحالية هي رد فعل ضد هذا الوضع الكارثي. ان خصوصية ومحتوى الحركة الحالية هي المواجهة والأتهام بتفكيك المجتمع وتحدي الدولة وكل المجاميع القومية الدينية وتحت راية العلمانية و المدنية.
ان الثورة التونسية قد التفت حول شعار اسقاط بن علي، و في مصر التفت الثورة حول شعار الموت لمبارك. (كما حدث في الثورة الأيرانية عام 79 والتي كان شعارها المحوري "الموت للشاه"). في هذه الثورات، فان دكتاتور واحد كان يمثل كل النظام، وكانت الجماهير تنزل للشارع ضد هذا الدكتاتور وهم في الواقع يتحدون كل النظام.
اما في العراق فانه لا يوجد هكذا دكتاتور، ولا نظام دكتاتوري متعارف. فالدولة في العراق تشكلت بشكل رسمي وعلني من رؤساء القبائل والعشائر والطوائف. المناصب الرسمية وزعت بين "القيادات الكردية" و "رؤساء" السنة والشيعة- اما في اقليم كردستان فقد وزعت بين حزبي عشيرتي البرزاني والطالباني. الدول التي هجمت على العراق والمجاميع المحلية قد توافقوا على انتخاب رئيس الجمهورية من الاكراد، ورئيس الوزراء من الشيعة ورئيس البرلمان من السنة، ومن ثم تعيين ثلاثة معاونين لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من هذه المجاميع والطوائف، ومن الناحية العملية فقد نفذوا ذلك. هذا هو معنى تصدير "الديموقراطية" التي وعد بها بوش بانزال القنابل على رؤوس الجماهير في العرق. بنفس هذا السيناريو نفذوا اللويا- جيركا في افغانستان (مجلس العشائر – المترجم). ان محتوى واهداف الاعتراضات في العراق هي في سحب البساط من تحت هذه "الديموقراطية" القرو - وسطية. بناءا على ذلك فان اول تراجع لدولة العبادي مقابل الموجة الأعتراضية الأخيرة تكمن في طرد المعاونين. وحسب وكالات الاخبار، فقد كانت "الغاء كل المناصب المرموقة على اساس نظام المحاصصة الطائفية الحزبية".
ان الاساس النظري والأستراتيجي لديموقراطية النظام الجديد هي عقيدة ما- بعد الحداثة والمجتمعات الموزاييكية (اي التي يزعم انها كالموزاييك مشكلة من اديان وطوائف وقوميات وليس من مواطنين- المترجم) وتشكيل الدولة الناجمة من رؤساء هذا الموزاييك. وقبل ذالك بفترة وعلى اساس الحرب الكارثية في يوغسلافيا جرى تقسيم ذلك البلد على اساس القوميات (الصرب والكروات والبوسنيين والجبل الاسود وغيرها). ان نفي المدنية والمجتمع المدني - بالمعنى الدقيق والخاص للكلمة- يعني نفي مجتمع مبني على اسس المواطنة ونفي الأعتراف بــ" ان لكل مواطن رأيٌ واحد" في انتخابات البرلمان والدولة ونظام الحكم – هذا هو اساس عقيدة وسياسة النظام العالمي الجديد. ليس فقط في يوغسلافيا والمجتمعات المنحلة في الشرق الأوسط فيما بعد الحرب الباردة، بل حكومات من امثال حكومة الطالبان والجمهورية الأسلامية في ايران الذين تشكلا اثناء الحرب الباردة، فقد اسسا على نفس الأساس المبني على نفي المدنية والمجتمع المدني. ان النسبية الثقافية والتعددية الثقافية كعقائد ثقافية لما- بعد الحداثة ، لا تتطابق فقط مع اطروحة المجتمعات الموزاييكية بل ايضا مع نظرية الدولة والمجتمعات الدينية التي تود الرجوع الى حكومات صدر الأسلام والتي تشكل - ايديولوجية الطالبان والجمهورية الأسلامية واليوم داعش- وتتطابق بشكل كامل معهم. مهزلة صراع الحضارات التي اطلقها خاتمي للدفاع عن الثقافة الأسلامية بوجه " هجمة ثقافة الغرب" التي يكررها خامنئي باستمرار كانت ممكنة فقط في اجواء انحطاط الفلسفة والنظرة الى العالم والسياسة العملية للبرجوازية العالمية.
غني عن القول ان الرجوع الى القرون الوسطى لم ينتج عن رجوع الاقطاعيين وملاكي الاراضي الى ميدان السياسة بل كنتيجة مباشرة للتعفن ورجعية رأسمالية العصر الراهن لاجل مصالحها ليس فقط في الشرق الأوسط و شمال افريقيا بل في نفس المجتمعات الغربية حيث افسح المجال للدين والهوية القومية والعشائرية للناس. هذا الرجوع الى القرو- وسطية– كما في جولات بابا الفاتيكان والمفتي والاسلاميون المعتدلون في المجتمعات الغربية، او على شكل اللويا جيركا ودولة العبادي والمالكي والجمهورية الأسلامية والطالبان وداعش- وجذورها في النظام العالمي الجديد- تكمن في ضروريات رأسمالية عصرنا. انها تجسيد لسقوط الرأسمالية في قعر التوحش والبداوة.
ان هذه التخبط للمجتمع هي امثلة بارزة للبدوية والتوحش والتي تمثل نتائج تطبيق هذه السياسة والعقائدية للنظام العالمي الجديد. ان الحركة الجماهيرية في العراق هي جواب لكل هذه الأوضاع. ان الشعار المحوري " لا سنية و لاشيعية، علمانية" وطرح التمدن والمجتمع المدني، المطالبة بمحاكمة الفاسدين و تجار الدين، ومطالب الغاء البرلمان ومحاكمة رئيس المحكمة الفيدرالية، كل هذه المطالب توضح حقيقة مثيرة وواعدة وهي ان الجماهير وضعوا اكثر المواضيع جوهرية واساسية نصب اعينهم واهدافهم. هذه الشعارات والمطالب ليست فقط تتحدى دولة العبادي بل تتحدى مقتدى الصدر والسيستاني ووداعش وحتى الجمهورية الأسلامية الايرانية. وفي المظاهرات فان الجماهير تهتف وبشكل مباشر ضد الجمهورية الأسلامية و كل آيات الله الكبار والصغار وقائلين لهم ارحلوا من وجوهنا فنحن لا نريدكم هنا. هذه الشعارات العراقية هي ما يعادل شعارات الربيع العربي- الموت للدكتاتور ويسقط الدكتاتور- ولكنها اعمق واوسع منها. ان النضال الطبقي في العراق لم يتشكل حول نظام برجوازي متعارف كما في بلدان العالم الثالث، بل تشكلت حول وضع النظام العالمي الجديد والسيناريو الأسود. وان المظاهرات الجماهيرية الحالية هي شكل مشخص لهذه المواجهة.
الحركة العلمانية و داعش: قطبين لمواجهة واحدة
داعش ظاهرة جديدة في حركة الأسلام السياسي. انها حركة من النوع الذي تنصل من كل الأدعاءات المعادية للاستكبار ولاسرائيل و ادعاءها بانها مآوى الفقراء والمستضعفين. انها حركة اسلامية مستثناة من القاعدة لا تعرف هويتها من معاداتها لامريكا ولا ضرب منافع امريكا، بل انها تريد تأسيس حكومة اسلامية قرآنية في المنطقة.ان العمليات الارهابية لدعش قبل ان تستهدف امريكا واسرائيل فانها تستهدف اجنحة الأسلام السياسي المعادية لامريكا – الأسد والجمهورية الأسلامية- ولجماهير الشعب " الكافر" . هذه الوقائع ليست فقط تفضح الهوية المجرمة لداعش بل تفضح بشكل مباشر كل قوى ألاسلام السياسي امام اعين الناس. قبل الأنتفاضة الأخيرة في العراق وقف الشعب الكوباني ضد هذا النوع من الأسلام، ولحد اليوم فانهم يشكلون جبهة مؤثرة في الحرب ضد داعش في كردستان سورية. ان المظاهرات في المدن التي تخضع لسيطرة داعش لم تحدث – وهو شيء واضح حيث ان اصغر اعتراض سيواجه بسيوف داعش المجرمة - ولكن نفس وجود داعش كان عاملا مؤثرا لاستقطاب الجو السياسي في المجتمع بين كل الدول والمجاميع الأسلامية في طرف والجماهير المطالبة بالتمدن والعلمانية من طرف اخر. وبوجهة نظري فان داعش هي تجسيد للكلمة الأخيرة لرٍأسمالية النظام العالمي الجديد ومظهر كامل لعقيدة المجتمعات والدول الموزاييكية. فبعد ظهور داعش تحولت الحرب بين القطبين الأرهابيين الأسلام السياسي و ارهاب الغرب العسكري الى حرب داخلية بين الدول والقوى الأسلامية المتنوعة- داعش ونظام الأسد والمملكة العربية السعودية وتركيا وقطر والجمهورية الأسلامية الأيرانية و الحوثيين و غيرهم. نزلت الجماهيراالمتعبة من يد القوى المنفلتة المتهيجة الى الشوارع ضد كل الدول والمجاميع القومية والدينية بشعارات العلمانية والتمدن.عندما كانت القوى العسكرية الأمريكية وحلفائها تحتل العراق، كانت الادعاءات المناهضة لامريكا تشكل رأسمالا سياسيا للاسلام السياسي من امثال مقتدى الصدر والسيستاني والجمهورية الأسلامية والمجاميع الدينية والقومية الاخرى من امثالهم. حينها لم تكن الأجواء السياسية مساعدة لجماهير العراق لابراز وجودها المستقل. لكن بخروج امريكا من العراق وفي ظل الأستقطابات الأسلامية الجديدة في المنطقة وتصعيد " الحروب الداخلية" داخل حركة الأسلام السياسي، فمن جانب لم يبقى اثرللقوى المعارضة لامريكا المطالبة باخراجها من قبل القوى الأسلامية ومن جانب اخر واجهت الجماهير بشكل مباشر القوى الأسلامية، أعدائهم" المحليين" الداخليين. ان شعار لا سنية ولا شيعية في المجتمع ومطلب الجماهير بحكومة مدنية وعلمانية، من هنا خرجت الى العلن. هذه الحركة معادية لداعش وضد عقيدة المجتمعات الموزاييكية. وفي التحليل الاخير فانها جواب على أستراتيجية رأسمالية النظام العالمي الجديد في عصرنا.
ماذا يعني تقدم وانتصار العلمانية في العراق؟
ان ثورات الربيع العربي في الأساس لم تصل الى نهاية المطاف، بسبب غياب القوة والحزب القيادي الثوري والشيوعي. ان الانتفاضة الثورية في العراق تعاني من نفس نقطة الضعف. لكن لا نستطيع تحديد وتقييم الثورات والأعتراضات ولا يجوز، تأطير النصر او الهزيمة بالاسود والابيض. ان المقياس هو تقدم وتقوية الحركة العمالية، وانفتاح الاجواء اليسارية والراديكالية في المجتمع وتغير توازن القوى لصالح الطبقة العاملة والجماهير و99% من المجتمع وستنتهي بخسارة الطبقة الحاكمة وباي تحول سياسي واجتماعي سيحدث مستقبلا. و علي اساس هذه المؤشرات فان ثورات مصر وتونس وبغض النظر بانها لم تنجح في تحقيق شعار" خبز حرية كرامة انسانية"، الا انها وفي المحصلة النهائية وضعت الحركة العمالية والتحررية وخاصة العلمانية في تونس في موقع اكثر ملائما بالقياس الى اوضاع ما قبل الثورة. يجب تقيم الحركة الجماهيرية الحالية في العراق على اساس هذه المؤشرات. اعلن هدف هذه الحركة بشعار " لاشيعية، لا سنية ، العلمانية والمدنية". فبالقدر الذي ستتقدم فيه هذه الحركة الى الأمام من خلال تطور الوعي الذاتي والتمايلات في المجتمع لحد الوصول الى فصل الدين عى الدولة والقانون والحياة الأجتماعية للناس وبشكل عملي يؤدي الى تنظيم المؤسسات والتنظيمات الجماهيرية لمواجهة المجاميع القومية الدينية، بنفس القدر ستتقدم الحركة الثورية في العراق وتقترب من تحقيق اهدفها في سحب البساط من تحت الدولة والمجاميع القومية الدينية في العراق. من الممكن، ويجب تفسير هذه الحركة العلمانية والمدنية تفسيرا يساريا و شيوعيا وتطويره وليس فقط بمعاير وموازين المجتمع المدني بل في اتمام التحول الى المجتمع الأنساني- كما اعلن ذلك ماركس في نصوصه حول فيورباخ- الى مطلب وميل عميقين بين اوساط فعالي الحركة الجماهيرية.

جانب اخر من جواب السؤال حول مصير الأنتفاضة الجماهيرية في العراق، هو القول بعدم امكانية تحديد مصير اي ثورة او حركة في بدايتها. ان دور ألأحزاب والقوى السياسية في تقدم ونصر واضعاف او حرف او هزيمة اي حركة هي مسألة مصيرية. في الحركة الحالية في العراق اي تقدم او نصر نهائي – بمعنى خلاص المجتمع ليس فقط من شر القوى القومية الدينية بل من شر سلطة الطبقة التي تحتاج الى هذه القوى- مرهون بتدخل وتاثير القوى الثورية الشيوعية في قلب التحولات الراهنة.
نقطة اخرى هي يجب ان ننظرالى تحولات العراق في قلب حركة شاملة معادية للدين، حركة علمانية في المنطقة لها امثلة متعددة شاهدناها بام اعيينا منذ سنوات في ايران واليوم في تركيا وتونس وكردستان سوريا وافغانستان.الأعتراضات الجماهيرية في العراق جزء من هذه الصحوة، وتشكل ذروة موجة الأعتراضات العلمانية في المنطقة. ومن وجهة النظر هذه ليست فقط القوى اليسارية في العراق بل كل الأحزاب الشيوعية وكل القوى الراديكالية والعلمانية في المنطقة لها مهام متشابهة ويجب عليهم التضامن معا. في المحصلة النهائية فان مصير الحركة في العراق مرهون بمدى وسعة الدفع بهذه المهام قدما الى الامام.
الخطوط الاساسية لوظائف اليسار
مهام ألاحزاب والقوى الشيوعية في العراق والمنطقة في الأنتفاضة الجماهيرية الراهنة تتألف من المحاور الأساسية التالية:
1- توضيح وتحليل الحركة الراهنة ومحتوى الأهداف الموضوعية والواقعية من وجهة نظر الشيوعية وتوضيح المضمون الجماهيري والأهداف الموضوعية والواقعية لهذه الحركة للناشطين الذين يلعبون دورهم داخل جماهير العراق وعلى صعيد المنطقة. يجب على جماهير الشعب ان تدرك وان يكون لديها تصور واضح وشامل عن العلمانية والمجتمع المدني. فقط القوى الشيوعية باستطاعتها ان تطرح هذا التصور في المجتمع.

2- تعميق النقد الراديكالي للاعتراض الجماهيري للوضع الراهن. الحركة المستمرة للجماهير العراق هي حركة نافية كما حال كل الحركات الثورية الأخرى. حركة ضد الدولة وضد القوى القومية والدينية الحاكمة. نحن الشيوعيون من واجبنا ان نعمق هذا الـ " لا " وننتقد ونهاجم جذور النظام القومي والديني في العراق. يجب على الجماهير ان تفهم ارضية النظام العالمي الجديد والرأسمالية ويتعرفوا على سبب ظهور القوى القومية - الأسلامية في العراق وكل المنطقة ويفهموا التمدن والعلمانية حسب تفسيراتنا نحن الشيوعيون ويتعلمون منا.

3- التحول الى ممثل والناطق والقائد للحركة الراهنة في العراق. في الحقيقة فان راية العلمانية وفصل الدين عن الدولة و القوانين وابعاد الدين عن المجتمع و راية المجتمع المدني والتمدن ليس فقط في العراق بل في كل العالم ترفرف بيد القوى الثورية اليسارية والشيوعية. ان الليبرالية البرجوازية تركت هذه الراية جانبا وتوجهت الى الأديان والطوائف والقبائل في السياسة والمجتمع. من المفروض ان تلاحظ جماهير العراق عمليا و في تجاربها اليومية هذه الوقائع و يتعرفون مرة اخرى على الشيوعيون بعنوانهم ممثلين وخطباء وقادة في نضالاتهم ضد القوى القومية و الدينية.

4- نشر فكرة التدخل المباشر للجماهير في رسم مصيرها السياسي والأجتماعي وبناء تنظيمات ومؤسسات على شاكلة المجالس. ان التدخل المباشر للجماهير كان احد خصائص حركة الأحتلال (يقصد احتلال الميادين – المترجم) في مصر. يجب الأعتماد على هكذا تجربة لتنظيم هذه المؤسسات التنظيمية في قلب الحركة الراهنة في العراق خاصة في ظل ضعف الدولة واطلاق يد المجاميع الرجعية والتأكيد على ضرورة طلب الأتحاد وتنظيم الجماهير على مستوى المحلات و المدن لمواجهة هذه القوى. يجب رسم الافاق والتصورات وتقوية الارادة في ان التدخل المباشر في متناول المجتمع وتوجيه النداء للجماهير المعترضة حول الوضع الراهن ودعوتها لتنظيم مؤسساتها لممارسة ارادتها المباشرة.

5- بناء علاقات متطورة بين الناشطين العمليين لهذه الحركة. صحيح ان الحركة الراهنة في العراق محرومة من قيادة مركزية وحزب الا انها ليست كليا حركة عفوية. في العراق، كما في تجربة مصر و تونس تمتلك الاف النشطاء والمنظمين يكافحون على صعيد المناطق والصعيد العام والذي عادة ما تنظم فعالياتهم عن طريق وسائل الاتصال الاجتماعي. هذه القوى لليسار الأجتماعي تشكل حلقة الأرتباط والتدخل للاحزاب الشيوعية في الحركة الراهنة في العراق.

6- كتابة التقارير ونشر الأخبار وجلب المساندة لحركة جماهيرالعراق الراهنة. تواجه الحركة الثورية في العراق الصمت المطبق والمقصود من قبل الأعلام ووكالات الأنباء العالمية. يجب كسر هذه المؤامرة عن طريق وسائل الاتصال الاجتماعي وعن طريق المنشورات والأذاعات والتلفزيونات وعلى شتى الأصعدة وان نعكس نضال جماهير العراق على كل منابر اليساريين و التحررين لجلب تضامن شعوب العالم مع هذه النضالات.

7- تأسيس قطب يساري من الأحزاب والقوى اليسارية والشيوعية والعلمانية في العراق والمنطقة من اجل تحقيق المهام التي اشرنا اليها.
هذه هي الخطوط الاساسية للمهام التي تقع على عاتق الشيوعيين اليوم. ان اي درجة من التقدم ونيل المكاسب وفي المحصلة النهاية انتصار الأنتفاضة الثورية في العراق لهو رهن بتقدم الحركة الشيوعية باتجاه هذه الأهداف. ان مصير الحركة في العراق رهن بهذه القضية.
حميد تقوائي
منشور في جريدة انترناسيونال 624
ترجمه الى العربية: سمير نوري
نشرت باللغة العربية في جريدة نحو الاشتراكية العدد 185