البرجوازية الراسمالية ليس لها اصدقاء في صفوف الطبقة العاملة

جواد المرخي
2015 / 9 / 7 - 22:17     



من خلال تزويد انفسنا بثقافة المعرفة الخلاقة من نبع الفكر الماركسي اللينيني على مدار عقود من الزمن وتجربتنا الحزبية و الوطنية, واصول الحركة العمالية و النقابية و الشيوعية, قد استقينا من الفهم الكثير وعرفنا كيف حاربت البرجوازية الراسمالية الافكار الماركسية مع بداية ظهورها في اوروبا على يد العظماء المؤسسين لها ماركس, و انجلز, وقد اعتبرت البرجوازية الراسمالية ان الافكار الماركسية و الشيوعية مصدر الخطر الحقيقي على المصالح للطبقة الراسمالية في العالم, ذلك بعد ان تبين لهم جليا ان هناك الطبقة العاملة المناهضة لسياساتهم والتي قد تكونت من رحم المصانع التي يمتلكونها, وان هذه الطبقة حسب التعاليم الماركسية هي القادرة على مقارعة الطبقة الراسمالية في ظل ديمومة الصراع الطبقي.

اما ما قد حصلت عليه الطبقة العاملة من حقوق معيشية و نقابية و اجتماعية, فهي قد انتزعت بقوة النضال المستمر للطبقة العاملة وحلفائها من الكادحين, ذلك عبر عقود من النضال قد استبسل فيها عناصر من الكوادر العمالية و النقابية معظمها في صفوف الاحزاب الشيوعية و المنظمات الماركسية, ثم قد استبسلت هذه الكوادر نتيجة حتمية لوعيها الطبقي وتغلغلها في صفوف الحركة العمالية, و النقابية, وقد قدمت هذه الكوادر جل التضحيات الجسام في كل القارات وعلى مراحل مختلفه تحت شعار "يا عمال العالم ويا ايتها الشعوب المضطهدة اتحدوا ولن تخسروا الا القيود".

لقد احدثت النظرية الماركسية التي اسس لها ماركس وانجلز انفجار رهيب هائل في مسالة المفاهيم و الاسس للعلوم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية, وقد اصبحت الماركسية النقيض لما يطرح من قبل منظروا البرجوازية في مسالة تفسير الحياة ومقومات الحياة, خصوصا في مسالة الافكار عندما حصل النقيض المؤكد بين النظرية العلمية في تفسير الكون و الحياة, وبين النظرية الميتفازيقية ذات الاوجه الخيالية.

والاهم هو انه قد طور العالمان الكبيران ماركس وانجلز اسس المفهوم للنضال الطبقي من خلال النظرية الماركسية التي طورت في القوانين و المعرفة الانسانية وكشفت الحقائق وعرت المفاهيم الرجعية و طرق الاستغلال لجذور النظام الراسمالي العالمي, كل ذلك من خلال اكتشاف القوانين لتطور المجتمعات البشرية مع تحديد اسلوب الانتاج لكل تشكيله ومن هي القوى المنتجة في صلب التشكيلات الاجتماعية.

لقد وصف الفيلسوف و الملهم لثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا عام 1917 فلاديمير لينين وهو المطور للفكر الماركسي, قال ان التشكيلات الاجتماعية و الاقتصادية يشكلان تكوين اجتماعي خاص وذو قوانين خاصة متعلقة بالبشرية, وهي التي تصون الانتقال المستمر من تشكيلة الى اخرى وتعتبر كل تشكيلة جديدة هي الاعلى للمجتمعات البشرية, الا ان التشكيلات القديمة لا يمكن ان تستسلم بسهولة لطوفان التغيير لان فيه تقام ازاحة طبقة سياسية واقتصادية واحلال محلها طبقة اخرى جديدة تماماُ.

وهنا و منذ ان حدد الفكر الماركسي اسس التغيير من الراسمالية الى الاشتراكية, ثم قد اوعز فيها المهام من اجل التغيير الى الطبقة العاملة وقد حصر ذلك في مفهوم الصراع الطبقي بين المستغلين و المستغلون.

وقد اصبح منذ تلك الفترة التاريخية من نشر فكرة الصراع الطبقي انه ليس هناك للبرجوازية الراسمالية اصدقاء في صفوف الطبقة العاملة وسائر الشغيلة مادامت الراسمالية تعتمد في كسب الارباح الخيالية علي المنهج الاقتصادي المعتمد على استغلال قوة العمل في الايطار الواسع لاستغلال الانسان لاخيه الانسان.

"بعض الانتهازيين في صفوف العمال يحاولون التقليل من حدت الصراع الطبقي"
لقد ابتلت الطبقة العاملة عبر مراحل نضالها بصنوف عديدة من الانتهازيين سواء ان كانوا في صفوف الحركة العمالية او النقابية, او ذات التوجه السياسي, والذين ارتبطت مصالحهم و ارتبط مصيرهم ببقاء النظام الراسمالي و ارباب العمل, و اصحاب القرار السياسي, الا ان اهم ما في الامر هو الاستمرار لنضال الطبقة العاملة وسائر الشغيلة ضد الجشع الراسمالي, بحيث من المعروف ان البرجوازية الراسمالية تتحالف مع كل القوى التي تخدم مصالحها بجميع افكارها المذهبية و القومية و الطبقية و الاجتماعية, مادام هذه القوى تتفق في مابينها على استمرارية الاستغلال وبطرق مختلفة, و يتمثل ذلك فى التلاعب بثروات الشعوب ونهب المال العام في ظل انظمة غارقة في الفساد المالي, ومن ثم حماية مصالحهم بقوانين تكبل الحريات و تغلظ طرق الاضطهاد و التنكيل بقوى المعارضة او الاحتجاجات و الاضرابات العمالية و الجماهيرية, و من ثم العمل على محاربة القوى المدنية و السياسية و الحقوقية و النقابية و العمالية التي تتحرك وتناضل من اجل فك شفرات الهيمنة للطبقة البرجوازية الحاكمة, و المهيمنة على القرار الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي.

وهنا ان التناقضات المستمرة الداخلة في كيان النظام الراسمالي العالمي والذي دوما يتعرض فيها لموجات الركود الاقتصادي او الانهيار المالي و المصرفي, ان في ظل هذه الازمات الاقتصادية تحاول الراسمالية ان تحرك الاقتصاد عن طريق خلق الازمات السياسية في العالم حتى ان تخلق لها اعداء وهميين للحصول على المزيد من التنازلات من قبل الانظمة المختلفة التي تسير في فلك النظام الامبريالي الذي تحركه الصهيونية العالمية.

الا ان مثل هذه السياسات اصبحت مكشوفة للشعوب المناضلة في العالم ضد الهيمنة للامبريالية العالمية بالمزيد من النضال من قبل الجماهير المتضررة من سياسات الجشع للبرجوازية الراسمالية علي مستوى العالم في ظل الانحلال الاخلاقي للبرجوازية التي كانت تنادى بالحرية و المساواة منذ عهد الثورة الفرنسية وهي الان تهتم بالكلاب والقطط والخيول التي يمتلكها البرجوازي وتتوفر لها الاماكن المريحة و الاكل الطيب و العناية البيطرية’ بما ان الانسان تهتك كرامته وتسلب حقوقه ويعذب ويضطهد ويهجر من موطنه جراء حروب لصالح الراسمالية’ كل هذه حزمة من الحوافز لتطوير سبل النضال في صفوف الكادحين عن طريق المزيد من الوعي الاجتماعي والسياسي و الطبقي و الحقوقي و النقابي.

وقد حدد ماركس المهام لنضال الطبقة العاملة وسائر الشغيلة مؤكد ان الانتصارات التي تحققها هذه القوى لا تاتي من فراغ من تلقاء نفسها ولا تاتي هبه من خلال التضرع بل ان سقوط الانظمة الراسمالية وحلفائها قد يستغرق وقتا طويلا ويحدث الانتصار عبر النضال الثوري للقوى البشرية المحركة و الفاعلة وهذا هو دور الاحزاب والقوى اليسارية في العالم.

هذا يحدث في ظل تفاقم الصراع على مستوى العالم بين الامبريالية و الشعوب المضطهدة و في المقدمة جماهير العمال و الفلاحين وسائر الشغيلة الفكرية و اليدوية, مع تلاشى دور الحياة المستقرة للطبقة الوسطى والزيادة في حجم الفقر و البطالة والهجرة والتشرد و العيش الصعب جراء غلاء المعيشة هذه نتيجة حتمية لجشع البرجوازية الراسمالية ومن يحميها من انظمة وقوى مجتمعية غارقة في الفساد, ومايحدث من تحركات شعبية في الوطن العربي ضد سياسة الانظمة الفاسدة و الدكتاتورية و الطائفية الاتباشير ونتيجة حتمية ان صبر الجماهير قد نفذ وان الكذب و الخداع و التضليل بكل الوانه بات لايجدي نفعا ان الجماهير لها الحق في الدفاع عن مصالحها و في المقدمة جماهير الطبقة العاملة وسائر الشعوب المضطهدة.