توكّل كرمَان فِي بيرُوت


السموأل راجي
2015 / 9 / 2 - 20:24     

توكُّل كـرمَان نمُوذج صِناعة التّخرِيب ، إذ للأجهِزَة الإستِخبارِيّة حِسابَاتٍ مُعقّدَة لا يفقهُهَا إلاّ قِلّة بِسبَب تناقُضِها أحيانًا مع ما يتِمّ إعلانُه أو مع سِياساتٍ تنتهِجُهَا حُكُومات هذِه الأجهِزة ، غيْر أنّ القانُون العامّ لدَيْهَا كأدواتٍ تعمَل لِصالِح أنظِمَة من منظُور تعزِيز "الأمن القَوْمِيّ" بِتفصِيلاتٍ غيْرَ مُسْتَسَاغة لدَى العُمُوم مع ارتِكازها على جَمْع المعلُومَات يجعَل من مُخطّطَاتِها في حاجَةٍ دائِمَة لأدواتٍ تنفِيذِيّة فِي مراحِلها النّهائِيّة تبرُز أمام الإعْلاَم ليكُون انجَاز الخِطّة ظاهِرًا كَــإرادةٍ شعبِيّة أو نابِعة من وطنِيِّين أو نِتاج حِراكٍ عفوِيٍّ برِيءٍ أو حصِيلة تظافُر مجهُوداتٍ شبابِيّة وغيرِها من الأمُور .
من هذِه الأدوَات التِي تتقاضَى أُجُورًا بالورقَة الخَضْراء وتحصُل على إشاداتٍ دُولِيّة وجوائِز صِيتها رَنَّانٍ مِثل "عُود عليّ" فِي أغنِية فيرُوز ، المدعُوَّة تَوَكُّل عبد السَّلاَم كُرْمَان المَولُودة فِي السّابِع من فبرايِر/شبَاط 1979 بِـــمخلاَف شرْعَب فِي مُحافَظَة تعزّ التِي امتَدّ فِيها وتغَوّل نَشَاط الإخوان "الـمُسْلِمِين" مُنذ أن التقَى الـعمِيل للاستخبارات البرِيطانيّة حسَن البَنّا مع محمد زبارة الحسن اليمني في سنَة 1929 بِـمِصر وتوطّدت العلاقَة عبر وُفُود الطُلاّب اليمَنِيِّين في الأزْهَر مُنذ 1935 وأبرزهُم على الإطلاَق أحمد محمّد النّعمان ومحمّد محمُود الزّبيرِيّ وكِلاهما تولّيَا مناصِب هامّة بعد الإطاحة بالحُكم وقَتْل يحي حميد الدِّين فِي 1948 على يدِ أفرادٍ من الإخوان اليمنِيِّين الـمُتحالِفِين مع قُوى تقلِيدِيّة أبرزها عبد الله بن أحمد الوزِير (زيدِيّ مثل الحوثيّين) وبايعُوه إمامًا وانقلبُوا عليه بإذنٍ سعُودِيّ لِيُولد تنظِيمهم الفِعلِيّ كفرعٍ للتّنظِيم الدُّولِيّ للإخوان في اليَمَن مع شخصِيّاتٍ تتلمَذَت فِي مِصر أبرزُهم على الإطلاق الإرهابِيّ عبد المجِيد الزّندانِيّ رئِيس مجلس شُورى التجمّع اليمنِيّ للإصلاح وهو الإسم الذِي تحمله الجمَاعة في اليَمَن.
تَوَكُّل كُرمَان حاصِلة على عدد من الشّهادَات من جامِعات اليَمَن (ومعرُوفةٌ نوعِيّة التّعلِيم هُناك مع الأسَف) إذ نالَت باكالُوريُوس التّجارة من جامعة العُلُوم والتّكنُولوجيَا فِي صنعاء وديبلُوم في علم النّفس التّربوِيّ من صنعَاء أيضًا ، غير أنّ أهمّ شهادة نالتها كانَت في الصّحافة الاستِقصائِيّة بعد ارتِباطها بِـالصّحفِي الأمرِيكِيّ Dexter Filkins المعرُوف بِمُساندته للجُمهُورِيّين والمُحافِظِين الجُدد في الوِلايات المُتّحدة وكان ذلِك من وزارة الخارجِيّة الأمرِيكِيّة ذاتها قِسم مُبادرة الشّرق الأوسَط الجدِيد الذِي اتّخَذ اسمًا وهمِيًّا تسهِيلاً لدُخُول نُشطاء عرب مُرتزَقَة ؛ كمَا نالَت دورَات في حِوار الأدْيان في الوِلايات المُتّحدة وهُناك وَطّدَت علاقاتٍ قويّة مع حاخامَاتٍ يهُود صهايِنَة وزَارَت الآيبَاك American Israel Public Affairs Committee ومنَحَتْها السّفارة الأمرِيكِيّة فِي اليَمَن سنة 2010 جائِزة الشّجاعَة !! وهِي زوجَة محمّد اسماعِيل عبد الرّحيم النّهمِي اخوانِيّ مُتورّط فِي فسادٍ مالِيّ وضَالع حتّى الإبِط في صفقَة بيع حصَل بمُقتضاها على أراضٍ ملك للدّولة بمنطقَة الحِسوَة في مُحافظَة عَدَن وقد نَشَرت توكُّل صورة لهما في لِقاءٍ في سان فرانسِيسكُو ، وكذلِك هِي ابنة عبد السّلام كرمَان عُضو مجلِس شُورى فرع التّنظِيم الدُّوليّ للإخوان في اليَمَن ونائِب برلمَانِيّ ووزِير سابِق فِي احدَى حُكُومات عليّ عبد الله صالِح الذِي ادّعَت توكُّل مُناهَضَته بعد أن اتّضَحت نِهايته .

بعد أن نالَت توكُّل جائِزة نُوبل ونصِيبها المالِيّ فيها بعد القِسْمَة حوالي 330 ألف دُولاَر ، وبعد أن تمّت تغطِيتها إعلامِيًّا من قنوات الجزِيرة الصّهيُونِيّة والـــC.N.N وأشْباهِها ، وبعد أن اتّضَحَت للعلَن علاقتها بهِيلارِي كلينتُون ، بدَأ مُسلسل التّسرِيبات فخرَجَت وثائِق تُفِيد بِعلاقة شبكة "حُقُوقِيّة" يمنِيّة بِتجنِيد جمِيلات من اليَمَن وتسفِيرهنّ إلى سُورِيا وهذه الجمعِيّة تقُودها توكُّل كرمَان نفسَها ، وهذا ليسَ بِغرِيب خاصّة بعد اعتِراف هِيلارِي في مُذكّراتها بتدرِيب الولايات المُتّحدة عناصِر من التحقُوا بداعِش وتمرّدُوا على مُدرّبِيهم وكان الغرض منهُم الإطاحَة ببشّار الأسَد ، وجاءَ ذِكر توكُّل في تلك المُذكّرات على أنّها مشرُوع أمرِيكِيّ بامتِياز ويعمَل تحت إشراف وزارة الخارِجِيّة الأمرِيكِيّة بِمُلحقاتها ؛ هذَا عِلاوةً على دورِها في تجنِيد فتيَاتٍ من تِعِز انضمَمْن للإخوان وحُوِّلْـــنَ فِيما بعد للقاعِدة خاصّةً أنّ العلاقة بين توكّل وأنور العَوْلقِيّ وخاصّة الإرهابِيّ الدُّولِيّ ناصِر بن عليّ العَنَسِيّ معرُوفة خاصّةً وأنّ لهُما نفس الأستاذ والــمُرشِد الرُّوحِيّ وهو عبد المجِيد الزّندانِيّ.
طبعًا توكُّل تحمِل جنسِيّة أردُوغانِيّة مُنذ 2012 وأُخرى قطرِيّة بعد لِقائِها الرّسمِي العلنِيّ بِـتمِيم بن حمد آل ثانِي في الدّوحَة ، وهذا ليْس بِغرِيب فشقِيقة توكُّل اسمُها صَفَاء تعمَل فِي قناة الجزِيرة ومندُوبة للمدعُوّ غانِم الكبِيسيّ رئِيس الاستخبارات القَطَرِيّة فِي مصر سنة 2012 ثُمّ كإحدى الواجهات الإعلاميّة عبر تقارِير عن سُوريا ، وشبكة صحفيّات بِلا قُيُود التي أطلقتها توكُّل تَــتَــمَوّل بالكَامِل من بيت "الحُريّة" FREEDOM HOUSE المعرُوفة ومن مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية MEPI التِي جاءَت لِتطبِيق مشرُوع الشّرق الأوسَط الجدِيد ولإجهَاض أيّ آفاقٍ لتكرِيس المَطالب الشّعبيّة للثّورات خاصّة فِيما يتعلّق بالكرامة الوطنِيّة لذلك كان تدخّلها في اليَمَن مُسانِدًا للمُبادرة الخلِيجِيّة وليْس لمجلس تأسِيسِي يُعِيد تشكِيل الجمهُورِيّة ، ولِذلك سانَدَت محمّد مرسِي العيّاط الجاسُوس المصرِيّ ، ولذلك هنّأَت راشِد الغنُّوشيّ الذِي كان في بريطانيا أيّام الثّورة التُّونسيّة ولم يكُن للنّهضَة أيّ تواجُد ميدانِيّ ولِذلك تتواجد توكّل الآن في بيرُوت تنفِيذًا لتوصِيات من وزارة الخارجيّة الأمرِيكِيّة واسنادًا لتيّار المُستقبل السّعُودِيّ ومُشتقّاته الذي يبدُو مُتهاوِيًا .