العراق: الخروج من المأزق..!؟


باقر الفضلي
2015 / 8 / 16 - 20:48     

هناك غير قليل من المتابعين للشأن العراقي، ممن ساورهم الشك في جدية الإصلاح المنتظر، الذي تضمنه بيان رئيس الوزراء العراقي السيد حيدر العبادي، والذي حضي بمساندة مجلس النواب، وبإجماع الكتل السياسية، بإعتباره جاء إستجابة لمطالب المتظاهرين، وتعبيراً عن موقف جدي من قبل الحكومة لتحقيق تلك المطالب من خلال إجراءات جدية على الصعيد التنفيذي، والتحرك بإتجاه إجتثاث الفساد الذي ضرب بأطنابه في كل مكان، وتحول الى آفة تأكل الأخضر واليابس، لدرجة بات معها، يشكل هاجساً لدى المواطنين، يدفعهم في أغلب الأحيان، للتشكيك بأي شيء تقدم عليه الحكومة بإتجاه الإصلاح ، بل وتحول الى جدار من عدم الثقة، يفصل ما بين جموع المواطنين، وما تعلنه الحكومة..!

وفي أغلب الظن، ومن هذا المنطلق، فقد إختلف الأمر عند العديد من الباحثين والكتاب والسياسين، حول الخروج بتفسير مناسب للأحداث الأخيرة التي تعرض لها العراق خلال عام من الزمن، ومنذ إجتياح الموصل، وحتى اليوم، وما طرأ من تغيير على مستوى السلطة الحكومية والتبدل الذي رافق تلك الأحداث، بتكليف السيد حيدر العبادي كرئيس جديد للحكومة، حيث تزامن هذا الإختلاف في الرأي، خصوصاً حول تفسير الخطوات الجديدة التي أقدم عليها السيد العبادي، والموسومة بورقته للإصلاح، والدوافع التي تقف خلفها، وحاول البعض أن يفسرها وفقاً لما يراه قريبا من تصوراته للواقع...!؟

ليس في كل هذا وغيره، ما يبعث على الإستغراب، فالتغير الذي مس كل شيء من مكونات النظام القائم بعد عام/2003 ، وفرض نفسه على العراقيين، في أطر من الدستور والقانون والنظام، والتشكيلات المؤسساتية المختلفة، وكرس عملياً من خلال ما يدعى بنظام " المحاصصة"، بإعتباره بديلاً لنظام الحكم الفردي السابق، فتبلورت المحاصصة، لتصبح وكأنها الأصل في الفشل والإخفاقات التي دفعت الى ذلك المآل الذي وصلت اليه البلاد..!؟

وبالنتيجة فقد إختلطت الأوراق بين المصالحة والمحاصصة والإصلاح، وبات أحدهم شبيه بالآخر، فلا إصلاح دون محاصصة، وباتت المحاصصة، وكأنها تعني المصالحة، ولم يعد تشكيل الحكومة مبنياً على أسس من النهج الديمقراطي البرلماني المتعارف عليه دولياً، فلا غالب ولا مغلوب، ومن يكلف بمهمة تكوين الحكومة، ويضمن التأييد لها من قبل التشكيلات الأخرى، عليه فقط أن يضم الى صفوفها، وزراء من مختلف المكونات السياسية، لدرجة أصبحت معه الوزارة المعينة، وقفاً لتشكيلة معينة، وهلمجرا...!؟

لقد أصبح الجميع في الكتل السياسية بعد مسيرة العملية السياسية، لما يزيد عن أثني عشر عاما، رهناء ذلك المأزق الذي دخله العراق، ووجد المواطن العراقي نفسه هو الآخر، وفي أحسن الأحوال، يضرب أسداساً بأخماس، في بحثه عن الطريق الذي يسعفه في الخروج من المأزق المذكور، فكانت المظاهرات، إحدى الوسائل التي سلكها، عساه أن يجد عبرها، ذلك الطريق الذي يوصله الى سلم النجاة، للخلاص من الجحيم الذي وجد نفسه فيه؛ فكان حاله كحال...

"المستجير بعمر عند كربته *** كالمستجير من الرمضاء بالنار"....!!؟

ومع مشروعية الطريق الذي سلكه المواطن العراقي، في التعبير عن الرأي، فإن سالكه لم يسلم، من التدخل غير المشروع من قبل من سولت وتسول لهم أنفسهم حرف إتجاه تلك المظاهرات، بالإتجاه الذي يخدم مصالح من دفعوهم، بهدف حرف المظاهرات عن مقاصدها، لدرجة التعرض للمتظاهرين والإعتداء عليهم ، كما جرى في ساحة التحرير، ومناطق أخرى، بهدف إشاعة الفوضى الأمنية والسياسية، والدفع بإتجاه الإحتراب الداخلي، ووضع المعيقات في طريق الإصلاح المنتظر؛ إذ ليس من الغرابة بمكان، أن يسعى كل من يجد نفسه متهماً بشائبة الفساد، الى حبك الفتن ووضع العراقيل في عجلة التغيير المطلوب..!؟(*)

ولعل من المفيد هنا، التأكيد على ما أشار اليه رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي، عن محاولات البعض عرقلة الإصلاحات، ممن قد يتضررون من أية عملية تغيير إصلاحية، قد تقدم عليها الحكومة، وذلك بمحاولة لخلط الأوراق، أو نشر معلومات غير دقيقة عن الفساد، ومحاولة ترويجها على صعيد الإعلام والصحافة الألكترونية وغيرها، لما في ذلك ما تقدمه من خدمة الى ردود الفعل التي تصدر من نفس تلك الجهات المتضررة من أية عملية إصلاحية، وبالذات من المفسدين، ممن قد تطالهم يد المحاسبة القانونية...! (**)

فالخروج من المأزق الذي كبل به العراق، ولأكثر من عقد من الزمن، يظل أمراً ملحاً أمام الجميع، بما فيها كافة الكتل السياسية وفي مقدمتها الحكومة الإتحادية، الأمر الذي يتطلب وحدة الكلمة الوطنية، المقرونة بوعي المواطن، وبتكريس المواطنة ، كمبدأ أساس في حياة البلاد، وبنفس الإتجاه، فإن التغيير بهدف الإصلاح، هو الآخر يستوجب تعزيز مباديء الديمقراطية في جميع مرافق الحياة، وأن تكون الحاجة للتغيير، بإتجاه بناء الدولة المدنية الديمقراطية، قناعة حقيقية وضرورة وطنية، وعمل جاد من قبل جميع الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية، لا فقط مجرد شعارات تتصدر بيانات قوائم تلك الكتل السياسية الإنتخابية؛ فالفساد ووليده الإرهاب، صنوان لا يفترقان..!؟(***)
باقرالفضلي/ 2015/8/15
____________________________________________________________________________________________
(*) http://www.iraqicp.com/index.php/sections/news/32059-2015-08-15-14-53-18
(**) http://www.iraqicp.com/index.php/sections/news/32036-2015-08-15-07-32-34
(***) http://www.iraqicp.com/index.php/sections/news/32102-200-50