الثورة الصينية الجزء الثاني -الفصل السابع

بيير روسيه
2005 / 10 / 16 - 11:50     

الفصل السابع
1945-1949، الاستيلاء على السلطة: التحرر القومي والتحديث والثورة الاجتماعية

لعبت الحرب الصينية اليابانية دوراً في هزيمة الإمبراطورية اليابانية، عام 1945 ، أكبر مما تشير إليه المراجع الغربية التي تركز بشكل أساسي على الحرب التي خاضتها القوات الأميركية في المحيط الهادي، وعلى الهجمات المضادة للقوات البريطانية في جنوب شرق آسيا، وعلى المقاومة الأسترالية. ويشهد الانتصار الشيوعي على ضخامة المعركة الدائرة على الأرض الصينية على امتداد ثماني سنوات. ومع انتهاء الحرب، أصبح الحزب الشيوعي الصيني يسيطر على 19 منطقة محررة، أي ما يوازي 10% من الأراضي الصينية (1). لكن الكارثة النووية سرّعت عملية الاستسلام اليابانية التي تمت قبل أن تتمكن هيئة الأركان العامة الصينية من تعديل مخططاتها العسكرية. أطلق هذا الأمر سباقاً مع الزمن بين الحزب الشيوعي الصيني من جهة و الكومينتانغ من جهة أخرى، فتسابق الاثنان على السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي والاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأسلحة.
حصل هذا بسرعة كبيرة. في 6 آب 1945 ألقيت أول قنبلة نووية على هيروشيما. وفي 8 آب، أعلن الاتحاد السوفيتي الحرب على اليابان وغزا منشوريا (2). وفي 9 آب 1945، دعا ماو تسي تونغ إلى "هجوم مضاد شامل" لتدمير القوات اليابانية و"الاستيلاء على معداتها وأسلحتها وتوسيع المناطق المحررة بقوة (3). استسلمت طوكيو في 14 آب، وأمرت قوات الحلفاء القوات اليابانية المتمركزة في الصين بالاستسلام للكومينتانغ دون غيره. ونظمت الولايات المتحدة جسراً جوياً لنقل قوات شيانغ بأقصى السرعة إلى الأقاليم الوسطى والشمالية بهدف منع القوات الشيوعية من احتلال المراكز المدينية الأساسية. وتدخلت قوات المارينز للاستيلاء على محور المواصلات. فاستطاع الكومينتانغ بهذه المساندة أن يستعيد القسم الأكبر من غنائم الحرب اليابانية.
لكن الحزب الشيوعي الصيني من جهته استطاع في الوقت ذاته توسيع مساحات المناطق المحررة بشكل فعليّ فنشر قواته وحشد قوات جديدة في منشوريا التي احتلها السوفييت حتى شهر نيسان من عام 1946 (4). وكانت موسكو الوعاء الذي استقبل الاستسلام الياباني، فنقلت التجهيزات الصناعية في تلك المنطقة التي كان اليابانيون وظفوا فيها استثمارات كبيرة، وتركت الكومينتانغ يأخذ المدن الكبيرة. لكن الحزب الشيوعي الصيني استفاد من الوضع ليمد في العمق المزيد من الجذور الصلبة. وقد استطاع آنذاك استعادة جزء من الأسلحة اليابانية. في الوقت نفسه الذي كان السباق مع الزمن قائماً فيه، بدأت محادثات السلام بين الحزبين. وقد أخفقت وبدأت الحرب الأهلية وبعد مرور 4 سنوات على استسلام اليابان تأسست الجمهورية الشعبية، كان انتصار الثورة الصينية امتحاناً تاريخياً حقيقياً سمح بالتحقق من صحة التحليلات والدروس المتعلقة بـ30 عاماً من النضال، وتوضيحها ونشرها.
المفاوضات والحرب الأهلية: اتفاق يا لطا
كانت الحرب الأهلية ، منظوراً إليها من منظورها الخاص بها، استمراراً للحرب الدفاعية القومية: كانت نتيجة منطقية للنزاع السياسي الأساسي كما يبدو من خلال تجربة الجبهة الموحّدة المعادية لليابانيين. سبق الحرب، مع ذلك، مفاوضات مكثفة، وليس هناك من تناقض في هذا الواقع. فالمفاوضات مطلوبة كلحظة ضرورية في الحرب. وقد كانت مطلوبة بالتالي لأسباب عسكرية وسياسية وقومية وعالمية.

*الوضع العسكري: كان الحزب الشيوعي الصيني واعياً الوضع الحقيقي لموازين القوى. فجيش القائد العام كان مؤلفاً من 4 ملايين مقاتل و199 فرقة عملانية، ومجهزاً بأسلحة ممتازة ومدعوماً بقيادة ودعم لوجستي أميركيين، وكانت له سيطرة كاملة في الجو. كان خصماً مخيفاً. لكن شيانغ كان يدفع ثمن سياسته السابقة، فقواته كانت ممركزة في جنوب غربي البلاد. وبالرغم من وضع واشنطن جسرين، بحرياً وجوياً، في تصرف شيانغ، احتاج هذا للوقت قبل أن يتمكن من المبادرة على المستوى القومي من جديد. وباءت هجماته الأولى ضد المناطق المحررة بالفشل!(5)
*على المستوى العالمي: تم عزل الحزب الشيوعي الصيني ، كانت حكومة تشانغ كاي تشيك قد عززت موقعها خلال الحرب عبر سلسلة من المؤتمرات مثل مؤتمر القاهرة ومفاوضات يا لطا بين القوى العظمى، إذ كانت تحظى هي وحدها بالاعتراف الرسمي، بما في ذلك اعتراف الاتحاد السوفيتي (6). كانت موسكو تعتمد سياسة مترددة في منشوريا، متفقة مع مصالحها الخاصة وليس مع مصالح الحزب الشيوعي الصيني ، ولكن منسجمة مع روح اتفاقيات يا لطا: بموجب هذه الاتفاقية كانت الصين ضمن نطاق منطقة نفوذ الغرب. وتعهدت واشنطن بدعم النظام "القومي" (7). إلا أنه لم يكن بمستطاع الولايات المتحدة أن تتورط في حرب جديدة في الصين : إذ لم تكن لديها الوسائل السياسية لتحقيق ذلك الغرض (8).
*على الصعيد القومي، لم يكن المناخ السياسي ملائماً للحرب الأهلية. كان السكان يتوقون للسلام. وكانت لا تزال حكومة تشانغ كاي تشيك تتمتع بسلطة حقيقية. وكان شعار الوحدة الوطنية في سبيل إعادة تعمير البلاد شعاراً شعبياً. وإن أياً من قيادة الكومينتانغ وقيادة الحزب الشيوعي الصيني لم يكن لديها أوهام: اشتعلت حرب دعاوية طيلة فترة المفاوضات. إلا أن الطرف المسؤول عن العودة إلى حالة الحرب كان معرضاً لفقدان تأييد قسم ملحوظ من السكان.
وتذكر وثائق الحزب الشيوعي الصيني المتعلقة بتلك الفترة جميع هذه العوامل (9). وانطوت السياسة الشيوعية ، على الأرجح ، على بديل: درس احتمالات السلام المؤقت مع التحضير لاستئناف المعركة. وساجل ماوتسي تونغ بقوة ضد تشانغ كاي تشيك وحذر مرة أخرى من الوقوع في خطأ مشابه للخطأ الذي ارتكب عام 1927: هدفت التنازلات إلى نزع القناع عن الطبيعة الحقيقية لسياسة الكومينتانغ ، وكسب المبادرة السياسية وعطف العناصر المتذبذبة، ومكانة شرعية وحالة سلام (10). "يجب الاعتراف بوجود المصاعب... ولا يجب أن نتصور أنه في يوم جميل سوف يركع الرجعيون بملء إرادتهم. وبكلمة أخرى ، مع أن التوقعات مشرقة، لا تزال الطريق معبدة بالمشكلات" (11).
مع انتهاء الحرب ، بلغت موازين القوى حالة من التوازن غير المستقر. ولم يكن بود ولا بمستطاع أي من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والحزب الشيوعي الصيني والكومينتانغ أن يخطوا باتجاه مواجهة عامة حاسمة. واختل التوازن بعد بضعة أشهر: وانزلقت البلاد بأسرها في اتجاه الحرب الأهلية وكان مغزى هذا الوضع الجديد أنه كان للمفاوضات دور هام. لفترة من الزمن، كانت ساحة المواجهة المركزية هي المعركة في سبيل السلام.
جرت أول جولة من المفاوضات في آب وأيلول 1945، تحت إشراف الجنرال هارلي من الجيش الأميركي، واستؤنفت المحادثات تحت إشراف الجنرال مارشال. وكان الغرض المفصح عنه للمفاوضات خلق الشروط الضرورية لقيام حكومة ائتلافية. وقد التأم كونفرانس سياسي استشاري في كانون الثاني 1946. وجرى تبني 5 مقررات تدعو لإصلاح شامل للمؤسسات القائمة وتوفير إمكانية وقف إطلاق النار. مع ذلك ، وحسب تعبير فان سلايك، "حقق الكونفرانس نتائج ملحوظة على الورق، إلا أن أياً من الأطراف لم يقيد نشاطه ضمن إطار هذه النتائج، ولم تكن لديه ثقة بحسن نية الآخرين... كان تشانغ كاي تشيك مصمماً على بسط سلطته السياسية والعسكرية على كامل التراب الصيني (....). وقد تكلم الحزب الشيوعي الصيني وتصرف كسلطة ذات سيادة تستحق المساواة الكاملة مع الكومينتانغ . (...) لقد سعى الحزب الشيوعي الصيني إلى إيجاد حل سياسي عندما كان في موقف الضعف، وفي الوقت ذاته إلى تعزيز سيطرته وتوسيعها لتشمل أراضي جديدة كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً (2).
لكن ما أن انقضت بضعة أشهر حتى تحولت وثائق الكونفرانس السياسي الاستشاري إلى مجرد قصاصات ورق. ومع حلول شهري آذار ونيسان، بدت الحرب الأهلية أمراً لا مفر منه (13). وبحلول صيف 1949، أصبحت الحرب الأهلية شاملة وشن الكومينتانغ سلسلة من الهجمات الرئيسية. وفي تموز من العام نفسه هاجمت قوات تعدادها مليونا جندي القواعد الشيوعية الكبيرة في وسط البلاد وشماليها واحتل جيش تشانغ كاي تشيك منطقة يانان في آذار 1947. إلا أن الشيوعيين تمكنوا بفضل قدرتهم على الحركة من الحفاظ على قوتهم ومن استنفاد قوة أعدائهم تدريجياً.
وما أن انقضت سنة على الاستئناف الشامل للحرب الأهلية ، حتى تغيرت موازين القوى، وشن جيش التحرير الشعبي-هوذا اسمه الجديد اعتباراً من تموز 1946- هجمات مضادة في كل من منشوريا تحت قيادة لين بياو، وفي السهل الأوسط تحت القيادة المشتركة لـ ليو شانغ وشن يي. وفي أواخر عام 1948 وأوائل عام 1949، بدأ الانهيار العسكري للكومينتانغ . هزم هذا الأخير في منشوريا، وفي معركة هواي في وسط الصين، وفي الشمال، واستسلمت حامية بكين في كانون الثاني. وتسارعت الأحداث منذ ذلك الحين، إذ تم تحرير شمالي غربي الصين تحت قيادة بنغ دي هواي. وتم الاستيلاء على شانغهاي في أيار، وعلى كانتون في تشرين الأول، وعلى نانينغ المحاذية لفيتنام في كانون الأول. وانسحب الكومينتانغ إلى جزيرة تايوان.
لقد انتقلت الصين من معسكر إلى آخر: كانت هذه إحدى هزائم مؤتمر يا لطا. وانتصار الثورة لم يكن أمراً تريده موسكو التي لم تكن تحبذه كما لم تكن تعتقد بإمكان حصوله..وفهم كل من ستالين وماو هذا الأمر، واتفقا لاحقاً ، أقله على نقطة واحدة، هي أن ذلك بات أمراً واقعاً ، فسلّم الاثنان بما حدث في أحاديث لاحقة، أعطاها ستالين عام 1948، ثم ماوتسي تونغ عام 1962 (14). يذكر داديجر في مذكراته أن ستالين روى في شباط 1948 قصة لقاءاته بالوفد الصيني التي أعرب خلالها عن رأيه بأن الظروف لم تكن ناضجة لانتفاضة في الصين، وأنه كان على الشيوعيين الصينيين أن يسعوا للتعايش مع تشانغ كاي تشيك وإلى حل جيشهم. وافق الشيوعيون الصينيون معنا نحن رفاقهم السوفييت، إلا أنهم لدى عودتهم إلى الصين نفذوا عكس الاتفاق تماماً . فأعادوا تجميع قواتهم وتنظيم جيوشهم ، وهاهم الآن يهزمون تشانغ كاي تشيك "(15).
عندما انفجر السجال مع خروتشوف، استعرض ماوتسي تونغ تاريخ العلاقات الصينية السوفيتية أمام اللجنة المركزية للـ ح.ش.ص بكامل نصابها عام 1962. "أمضينا طيلة عام 1960 في صراع مع خروتشوف (...) لكن في الواقع تعود جذور (هذا الصراع) إلى الماضي ، إلى أمور حدثت منذ زمن بعيد. فهم لم يسمحوا للصين بإنجاز ثورتها: حدث ذلك عام 1945. كان ستالين يبغي منع الصين من إنجاز ثورة، زاعماً أنه لا يجب أن نخوض حرباً أهلية وأن علينا أن نتعاون مع تشانغ كاي تشيك ، وإلا زالت الأمة الصينية من الوجود. لكننا لم ننصع لأقواله، وانتصرت الثورة. وبعد انتصارها، ساورت ستالين شكوك بأن تتحول الصين إلى يوغسلافيا ثانية، وأن أتحول أنا إلى تيتو ثان. لاحقاً عندما سافرت إلى موسكو للتوقيع على معاهدة التحالف والمساعدة المتبادلة الصينية-السوفيتية ، كان علينا أن نخوض صراعاً آخر" (16).
*******
أكد انتصار الثورة الصينية صحة تحليلنا للماويّة المرتكز على ثلاث نقاط:
1- كان الأفق الإستراتيجي للماويّة، بكل تأكيد ، الصراع على السلطة وليس المساومة (17).
2- تلا الانتصار سيرورة طويلة من النزاع الداخلي في الحزب سببه حصيلة الثورة الكبرى لفترة 1924-1927 (18).
3- هوذا بالضبط سبب انتصار الماوية في معركتها ضد سياسة البيروقراطية الستالينية (19).
إلا أن القطيعة الحادة جرى تفاديها، إذ قررت بكين ، "الارتكاز على جهة واحدة فقط" في الساحة الدولية. والإبقاء على تحالفها مع موسكو. وأمل الحزب الشيوعي الصيني بالحصول على مساعدة مادية وعلى نموذج للتطور من قبل أخيه الكبير السوفييتي، ذلك البلد الذي بات مصنعاً للغاية مقارنة مع الصين. ولما كان ستالين واقعياً فقد تكيف مع الأمر الواقع. لكن وعلى حد ما ذكره ماوتسي تونغ عام 1962، كان الصراع السياسي الذي انبثق في سنوات الصراع الثوري منذراً بالصراع الذي سينفجر في الخمسينيات ويؤدي إلى الانفصال في عام 1960.

سيرورة الثورة الدائمة
ولدت جمهورية الصين الشعبية في 1 تشرين الأول 1949. أتى النصر سريعاً، أسرع مما كان يأمل بذلك قادة الحزب الشيوعي الصيني . وكان هذا النصر خاتمة لمسار طويل من النضوج الثوري: فلقد كان نصراً سياسياً واجتماعياً قبل أن يكون نصراً عسكرياً. وشهد على ذلك النمو الهائل للقوات الشيوعية خلال فترة الحرب الأهلية، فلقد بلغ تعداد أعضاء الحزب عام 1946 1350000عضو ، وارتفع هذا التعداد إلى 3100000 عام 1948، ثم إلى 4500000 قبل نهاية عام 1949. إلى أن بلغ 5800000 عام 1950. أما فيما يختص بجيش التحرير الشعبي ، فلقد قفز تعداده من 1،277 مليون في حزيران 1948 إلى 2،8 مليون في حزيران 1949، ثم إلى 5 ملايين عام 1950 (20).
وتجسد الطابع الثوري الحقيقي للحرب الأهلية في النضالات الريفية ، وفي انهيار القاعدة المدينية للكومينتانغ، وفي طبيعة النظام الذي انبثق من النصر.

الثورة الريفية
خلال فترة "الحرب الأهلية الثالثة" ، جذر ماوتسي تونغ سياسته الزراعية وصولاً إلى عام 1947 حيث بدأ بتلطيفها . فحسب الزمان والمكان كان الحزب ، إما متخلفاً عن الانتفاضات العفوية العاصفة للفلاحين الفقراء ، وإما عليه بذل جهود عظمى لضمان العمل المستقل لأكثر الفئات حرماناً، التي كانت سجينة علاقاتها العشائرية، ومسكونة بذكرى أشباح الهزائم السابقة (21).
وسرعان ما أصبح الإصلاح الزراعي في صدارة برنامج الحزب الشيوعي الصيني . وبدأ الانتقال التدريجي من سياسة خفض الإيجارات إلى توزيع الأراضي في أواخر عام 1945. وأصبح التوجه رسمياً بموجب توجيه حول المسألة الزراعية مؤرخ في 4 أيار 1946، كان شعاره الرئيسي هو التالي: "الأرض ملك لزارعها"(22). ويدل هذا القرار إلى أي مدى كانت الحرب الأهلية قد أصبحت حقيقة. لكن هذه السياسة طبقت بطرائق شتى. ومن ثم ، عام 1947، أصبحت هذه السياسة فجأة أكثر جذرية. وشنت قيادة الحزب الشيوعي الصيني "خطوة تصويبية" مستهدفة الكوادر الشيوعية على صعيد كل قرية. أما السرية التي جمعت سابقاً أعضاء الحزب فقد ألغيت في المناطق المحررة كي تتمكن الخلايا من الظهور في لقاءات جماهيرية الغرض منها إخضاع نشاطات هذه الخلايا للرقابة العامة. وفي أيلول 1947، التأم مؤتمر زراعي قومي عقب حملات التصويب السياسية، في حضور ليو شاوكي (23). وجرى تبني مبدأ "قانون زراعي". ونشر هذا القانون في 10 تشرين الأول 1947 (24): ونص هذا القانون على "إلغاء نظام الاستغلال الإقطاعي ونصف الإقطاعي. وعلى ضرورة إرساء نظام زراعي يقوم على مبدأ "الأرض للفلاحين"(25). واتخذت قيادة الحزب الشيوعي الصيني إجراءات جذرية إضافية: المصادرة غير المشروطة لأراضي الملاكين، وإعادة توزيع الأراضي بشكل متساو. لكن. مع حلول نهاية السنة ، اضطر الحزب الشيوعي إلى تليين سياسة الأراضي الخاصة به ودعا إلى تصحيح "الأخطاء اليساروية المتطرفة" (26). إذ كان يجب الأخذ بالحسبان مصالح الفلاحين المتوسطين. وقد تم الإفصاح عن السياسة الجديدة بالتفصيل طيلة عام 1948(27).
يمكن تفسير التغيرات المحدثة في سياسة الأراضي الخاصة بالحزب الشيوعي الصيني جزئياً ، بالتحولات الحاصلة في الظروف العامة. ففي مطلع 1947 ، كان الوضع السياسي صعباً. كان المطلوب تعبئة الطاقات، ولتحقيق هذا الغرض كان ينبغي إطلاق عنان جذرية الفلاحين الفقراء. وعندما استرجعت القوات الشيوعية قوتها خلال السنة، وجب توسيع القاعدة الاجتماعية للثورة بغية تعزيز المؤخرة وإضعاف العدو. إلا أن سياسة الأراضي الخاصة بالحزب الشيوعي الصيني اصطدمت بمشكلة أساسية: نقص الأراضي في شمال البلاد وطبيعة الاقتصاد الفلاحيّ. وحسب رأي تاناكا كيوكو، فعلى الرغم من أن الإصلاح الزراعي تطور بشكل غير متساو في مناطق مختلفة، إلا أنه كان قد طبق تماماً بصيغته الجذرية في مناطق عديدة واقعة تحت السيطرة الشيوعية مع حلول أواخر عام 1946 (28). مع حلول أواسط 1947، وفي حالات عديدة ، كانت طبقة ملاكي الأراضي قد أصبحت ملغاة، ولم يبق إلا القليل من كبار ملاكي الأراضي الأغنياء يتمتعون بتمثيل هامشي بين كوادر القرى (29). ويعزى التقدير الخاطئ للوضع من قبل قيادة الحزب الشيوعي الصيني إلى سوء تقدير هذه القيادة لمسألة ندرة الأرض. فحتى بعد إجراء الإصلاح الزراعي، بقي العديد من الفلاحين الفقراء من دون أرض. إن أي محاولة إضافية لتسوية الوضع عبر توزيعات إضافية للأراضي كان مؤداها التعدي على طبقة الفلاحين الوسطى. "في الواقع، كان على الحزب أن يختار فيما بين التوزيع المتساوي للأرض أو الإبقاء على اقتصاد الفلاحين المتوسطين"(30).
إن أي تحد لهذا الاقتصاد كان مؤداه تمزيق النسيج الاجتماعي والإخلال بالتوازن الإنتاجي. وحسب تاناكا كيوكو، لم تدرك قيادة الحزب الشيوعي الصيني أبعاد هذه المسألة إلا عام 1948 .
" بدأت ، أياً تكن الحال، ثورة زراعية أصيلة خلال الحرب الأهلية الثالثة، وأصبحت ثورة عارمة بعد عام 1949 : فقد سارعت التعبئة الجماهيرية المطلوبة لمتابعة الحرب بشكل متوازن مع التغير الحاصل بالسلطة السياسية والاجتماعية في القرى.
جبهة المدن
عندما عادت حكومة تشانغ كاي تشيك إلى المراكز المدينية على الساحل، كانت تحظى بنفوذ واضح. إلا أن سلطتها سرعان ما انهارت و"خسر النظام الحرب، بادئ ذي بدء ، وقبل كل شيء في القلاع المدينية (31). شكلت أزمة النظام أحد عناصر الوضع الثوري القائم في الصين (32). أدى فساد النظام وإهماله وعصبويته وتسلطه، إلى نفور الرأي العام الديمقراطي والطلاب منه. لقد بلغ التضخم نسباً هائلة. وقفز مؤشر ارتفاع الأسعار، من أساس مئة عام 1937، لدى اندلاع الحرب، إلى 627210 في نهاية عام 1946، ومن ثم إلى 10340000 في نهاية عام 1947! تلقت الطبقات الوسطى وفئات الموظفين ضربات بالغة الشراسة وانخرطت الطبقة العاملة في النضال. لقد خسر النظام معركة المدن على الصعيدين السياسي والاجتماعي. لم يكن النصر مجرد نتاج للتطور التدريجي لعلاقات القوى، حدثت المواجهة النهائية عندما اندلعت الأزمتان الثورية والقومية الحادتان والأصيلتان، اللتان أرست أسسهما نضالات سابقة.

النضالات السياسية
بدأ التحرك الطلابي في أوائل عام 1945. وبعد انقضاء سنة واحدة ، تعمم هذا التحرك ليشمل كل الأمة، وأخذ شكلاً معادياً للإمبريالية بعد اتهام جنديين في البحرية الأميركية باغتصاب شابة صينية. وفي كانون الأول من عام 1946، بدأت حركة واسعة ضد الاحتلال الأميركي للبلاد . طلب الطلاب تشكيل حكومة ائتلافية تضم الشيوعيين، وفي عام 1947، تجند الطلاب ضد الحرب الأهلية وأدانوا لامبالاة النظام إزاء المجاعة التي ضربت مناطق عدة، وبلغت المشاعر القومية ذروة جديدة عامي 1947 و1948 عندما أخذ يتبلور حلف عالمي بين الكومينتانغ والولايات المتحدة و...اليابان وأصبح قمع الحركة الطلابية أشد قسوة.
وخلال بضع سنوات ، اتجه الوسط الطلابي وعناصر "القوة الثالثة" الممثلة أساساً بـ"العصبة الديمقراطية"، للتحالف مع الحزب الشيوعي الصيني .

النضالات العمالية والحزب الشيوعي الصيني
كان يتراوح عدد العمال في الصين بين مليونين و3 ملايين عامل. وتمكنت الطبقة العاملة من الحفاظ على مستوى معيشتها خلال الحرب. وأظهرت الآن نضاليتها فتمكنت من الحصول على سلم متحرك للأجور، عام 1946. ومع استمرار الركود الاقتصادي تزايدت وتيرة التظاهرات والإضرابات في عامي 1947-1948. ومع ذلك كانت درجة تسيس البروليتاريا المدينية خفيفة ، أقل بكثير مما كانت عليه قبل نحو عشرين عاماً. أصبحت التقاليد النقابية قوية بعد هزيمة 1927. يذكر رولان ليف ما يلي: "هي ذي إحدى أغرب مفارقات الثورة الصينية الثالثة: على المرء أن يعترف بتعايش النضالية القوية للعمال مع الخمول السياسي شبه التام"(33).
لقد أمكن الحزب الشيوعي الصيني أن يحافظ على شبكة من النشيطين في الحركة العمالية لكنها كانت أضعف بكثير مما كانت عليه سابقاً. وحسب آلان رو، بلغ عدد هؤلاء النشيطين نحو 800 في شانغهاي عام 1948 (34). وفي آذار 1949 أعلن ماوتسي تونغ ، أن مركز ثقل الحركة الشيوعية أصبح الآن متمركزاً في المراكز المدينية :"بين عام 1927 واليوم، كان مركز ثقل عملنا في القرى...بدأت اليوم مرحلة "من المدينة إلى الريف" و"المدينة تقود القرية" ...إن لم نعرف كيف نشن هذه المعارك...لن نتمكن من الحفاظ على قوتنا السياسية ومن الوقوف على أرجلنا وسوف نفشل".(35)
أحاط ليو شاوكي بالمشكلة التي واجهها الحزب الشيوعي الصيني بشكل جيد. فكما قرر الزعيم ماوتسي تونغ . "يجب أن نعتمد على العمال . لكن هل العمال جديرون بذلك؟ تقول الماركسية أن الطبقة العاملة جديرة بالاعتماد عليها. هذا صحيح على العموم، لكن ما زالت تواجهنا مشكلات محددة . لذا يجب أن نسعى لتمكين طبقتنا العاملة من أن تصبح جديرة بالاعتماد عليها تماماً. لكن إذا تجاهلنا تلك المشكلات واتكلنا على العمال دون بذل أي عمل فيما بينهم، فلن يكونوا بالضرورة جديرين بالاعتماد عليهم".
درج حزبنا على الإبقاء على علاقات وثيقة مع العمال، لكن اضطررنا لاحقاً للانتقال إلى الريف. وفي تلك الأوقات، كان ينشط الكومينتانغ وسط العمال لعدة سنوات، وأدى تأثيره إلى جعل صفوف العمال أكثر تعقيداً. لا بل أكثر من ذلك، ضعفت علاقاتنا بالعمال ولم تعد كوادرنا (بما في ذلك أعضاء في اللجنة المركزية) تعرفهم جيداً ، ولم تعد تصلح للعمل فيما بينهم. بالتالي، علينا أن ندرس باجتهاد ...هناك ثلاثة إجراءات أساسية علينا اتخاذها: بذل مستطاعنا للحفاظ على مستوى معيشة العمال، ممارسة حملة توعية مكثفة فيما بين العمال على نطاق واسع، وتنظيمهم" (36).
عندما قدم ماوتسي تونغ وليو تقريرهما إلى اللجنة المركزية ، كان الحزب الشيوعي الصيني قد أحكم سيطرته على المدن الشمالية الكبرى. كانت لديه أولويتان: ضمان تعبئة كل الموارد في سبيل مجهود الحرب وإعادة تنشيط الإنتاج لوضع حد للركود الاقتصادي. وبعد أن ساعد الحزب الشيوعي الصيني على توسيع رقعة حركة الإضراب ، دعا فجأة إلى وقف النضالات العمالية وقدم ضمانات واسعة إلى أرباب الأعمال القادرين على الإنتاج.
في المدن كما في الريف، كانت هزيمة الكومينتانغ هزيمة اجتماعية وسياسية وليس عسكرية فحسب. لكن الطبقة العاملة كانت سلبية أساساً لدى استيلاء الحزب الشيوعي على السلطة. أما العلاقة الاستبدالية التي تطورت بين الطبقات المدينية و الحزب الشيوعي الصيني خلال المعركة فقد أصبحت متبلورة لحظة الانتصار.
مع ذلك ، أصبح المنظور الثوري للح.ش.ص أكثر وضوحاً. وذكر ماوتسي تونغ في حزيران عام 1949 في كتيبه "حول ديكتاتورية الشعب الديمقراطية" يقول "إن دكتاتورية الشعب الديمقراطية مرتكزة على تحالف فيما بين الطبقة العاملة والفلاحين والبورجوازية الصغيرة المدينية، وأساساً على التحالف ما بين العمال والفلاحين، لأن هاتين الطبقتين تضمان ما يتراوح بين 80 إلى 90% من سكان الصين... كما يرتكز الانتقال من الديمقراطية الجديدة إلى الاشتراكية على تحالفهما. تحتاج دكتاتورية الشعب الديمقراطية إلى زعامة الطبقة العاملة (أي الحزب الشيوعي الصيني ) . (...) يجب أن نتوحد مع البورجوازية القومية في نضال مشترك. وتقضي سياستنا الحالية بتنظيم الرأسمالية، لا بتدميرها. إلا أنه ليس بمقدور البورجوازية القومية أن تقود الثورة كما لا يجب أن يكون لها الدور الرئيسي في سلطة الدولة"(37).

طبيعة النظام الثوري
بين عامي 1949 و1952، وضعت "جمهورية الشعب" (جمهورية الصين الشعبية) نفسها تحت شعار الديمقراطية الجديدة"، لكن الطابع الثوري للنظام برز جلياً. فبينما اختلف الوضع في مناطق عديدة، على العموم، عمق النصر الديناميّة التي أطلقتها الحرب الأهلية. في ظل هذه الظروف، منذ البداية ، أجرى الشيوعيون مسيرة إكراهية نحو القطيعة مع الرأسمالية وابتعدوا كثيراً عن فترة طويلة من التعاون الطبقي. تم ذلك بسرعة هائلة . وبقيت سياسة الجبهة الموحدة معمولاً بها. والتأم كونفرانس سياسي استشاري في 30 أيلول 1949: ضم هذا المؤتمر بالإضافة إلى الحزب الشيوعي الصيني أحد عشر "حزباً صغيراً" وتجمعاً وعشر "شخصيات ديمقراطية" . وعين أشخاصاً غير شيوعيين في مناصب حكومية، لكن الجميع ، سواء أحزاباً أو أفراداً ، قبلوا بزعامة الحزب الشيوعي الصيني فيما يختص بالشؤون الحكومية. أبعد من ذلك ، دون هذا المبدأ بوضوح في مقدمة "البرنامج المشترك" المنبثق عن المؤتمر التداولي الاستشاري، ففي حين كانت دكتاتورية الشعب الديمقراطية "سلطة الجبهة الموحدة"، كانت قاعدتها تحالف العمال والفلاحين، وكانت القيادة فيها للطبقة العاملة (أي الحزب الشيوعي الصيني)"(39).
حلت الأحزاب المعادية للثورة ، وجرى تكليف "الأحزاب الديمقراطية البورجوازية بمهمة مساعدة الحزب الشيوعي الصيني في التأثير على شرائح معينة من السكان. إلا أن نشاطاتها كانت خاضعة للرقابة عن كثب، دون أن يكون لهذه الأحزاب أي سلطة على جهاز الدولة على الصعيد القومي (40). أنشئ جهاز الدولة هذا على أساس الأجهزة المنبثقة من النضال وفي مناطق ازدواجية السلطة الثورية مثل الجيش الأحمر، والإدارة المشرفة على المناطق المحررة، والجمعيات والهيئات الشعبية، والميليشيا الخ. كانت سلطة الدولة الحقيقية على الصعيد القومي في قبضة الحزب الشيوعي الصيني الذي كان يتدخل على مختلف الصُّعد من خلال هرم لجانه المختلفة المقابلة.
أثبتت ممارسات النظام على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والعالمي خلال السنوات الأولى (من عمر جمهورية الشعب) إن الانتصار قد عنى في الواقع ثورة رائعة.

على الصعيد الاقتصادي
أممت الممتلكات اليابانية وأمم "الرأسمال البيروقراطي" (أي الرأسمال الذي كانت تسيطر عليه "أسر" الكومينتانغ)، أي نحو 80% من الرأسمال الصناعي الحديث، و67% من محطات الطاقة و33% من مناجم الفحم و90% من إنتاج الصلب و38% من إنتاج الحديد المبروم و60% من النوال و4% من البحرية التجارية، ومعظم سكك الحديد وشبكة النقل الجوي (41).
بقي الإنتاج الرأسمالي على نطاق صغير والإنتاج الحرفي ملحوظين. وفي حزيران 1950 جعل الحزب الشيوعي الصيني سياسته أكثر مرونة بغية تسهيل انتعاش الاقتصاد. كان على الدولة أن تدير الاقتصاد. لكن الرأسمال الكبير، النواة الاقتصادية للثورة المضادة، كان قد هوجم بشكل مكثف. وفقدت البورجوازية قدرتها على العمل بشكل مركزي على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وأنشأت رسمياً عام 1950 "لجنة التخطيط التابعة للدولة" . في ذلك العام ، أنتج قطاع الدولة 56% من المنتجات الصناعية مقابل 5% للقطاع المختلط (العام والخص). وأنتج 21،5 % تلبية لطلبيات الدولة . وفقط 17،5 % من الإنتاج الصناعي جرى إنتاجه وتسويقه خلال قنوات خاصة. تردد الحزب الشيوعي الصيني في توسيع الإصلاح الزراعي ليشمل جنوب البلاد على الفور. حاول أن يدرس إمكان قيام تحالفات ومنح الأولوية الأولى للإنتاج: 23% من سكان العالم (عدد سكان الصين) عليهم أن يتغذوا من 7% من أراضيه القابلة للزراعة! لكنه تردد فقط بما يخص بسرعة سير هذا الإصلاح وشكله. في 28 حزيران عام 1950، تبنت الدولة رسمياً القانون الدولي حول الإصلاح الزراعي. وفي عام 1953 أعيد توزيع 45% من الأراضي وسحقت سلطة الأعيان. وشكلت فرق المساعدة المتبادلة (أولى مراحل سيرورة تأسيس التعاونيات)

على الصعيد الاجتماعي
في الوقت الذي استؤنفت فيه نضالات النساء من أجل تحررهن، استمر قلب العلاقات الاجتماعية في القرى. أنشأ النظام تحالفاً جديداً مع البروليتاريا المدينية – أو أقلّه مع قطاعها المميز، أي الطبقة العاملة المثبتة في المنشآت الحكومية.
في حزيران عام 1950، أوقف الحزب الشيوعي الصيني تجنيد مزيد من الفلاحين وشن حملة كبيرة لتجنيد العمال. وفي عام 1949 كان قد انتسب حوالي 80 ألف عامل إلى الحزب في المناطق الصناعية التابعة لمنشوريا. شكل العمال 6،1% من عضوية الحزب الشيوعي الصيني عام 1951، مقابل 7،2% عام 1952و 14% عام 1956 – أي ما يوازي 1،5 مليون عامل من أصل 11 مليون عضو في الحزب (42). ويذكر رولان ليف أنه جرت تعبئة هذه الطبقة العاملة التي كان الحزب الشيوعي الصيني يبنيها أكثر فأكثر لتصبح الدعامة الأساسية للنظام الجديد.... ويبدو أن (هذا) المجهود الذي بذل للحصول على مشاركة نشيطة قد تكلل بالنجاح فعلاً ، وقد سهل هذا الأمر أن الطبقة العاملة كانت قادرة على الحفاظ على مكتسباتها المحققة قبل عام 1949، لا بل زيادتها. أكثر من ذلك سمح المنحى الصاعد للحراك الاجتماعي خصوصاً خلال السنوات الأولى لجمهورية الشعب لعدد كبير من العمال بالوصول إلى مناصب تقنية وإدارية. بالإضافة إلى ذلك انخرط قسم منهم في الشريحة الاجتماعية الجديدة ذات الامتيازات. وغالباً ما كانت ترقية العمال تتم من خلال النقابات ... "(43)

التجذر المعادي للرأسمالية
يذكر رولان ليف أن إعادة إحياء القاعدة البروليتارية المدينيّة هذه كانت مهمة ملحة خاصة أن فترة" الديمقراطية الجديدة" كانت تقترب من نهايتها ".
ويضيف الكاتب ..."وأفضت هذه المرحلة عام 1952 إلى إطلاق مفاجئ لموجة معادية للرأسمالية أدت إلى تشريك كامل للاقتصاد وإلى قطع رأس الطبقة الرأسمالية عامي 1955-1956".
أكثر مما بالنسبة إلى الإصلاح الزراعي في الريف، كانت الثورة المدينيّة عمل عنف طبقي تزامن مع سلسلة من الحملات السياسية التي أطلقها الحزب الشيوعي الصيني بين عام 1950 و1952: حملة الإعلام ، النقد والنقد الذاتي، حملة تصفية العناصر المعادية للثورة، الحملة الثلاثية المضادة للفساد والتبذير وبيروقراطية الكوادر (سان فان) والحملة الخماسية ضد الرشاوى ، والتزوير، والتهرب من دفع الضرائب، وسوء استخدام الممتلكات، والحيازة غير الشرعية لأسرار الدولة الاقتصادية، أي الحملة ضد البورجوازية التجارية والصناعية.
وكما حصل في الريف، خلّف الإرهاب الأحمر ، بالمفهوم الذي اكتسبه هذا التعبير خلال الثورة الفرنسية لعام 1793 (44)، خلف ضحايا عديدة. نتج عن حملة قمع العناصر المعادية للثورة، اعتقال الملايين، وتنفيذ حكم الإعدام بحوالي 600000 إلى مليون شخص بين عامي 1951 و1952. وقطع رأس العصابات والمنظمات السرية المسيطرة على النقابات المهنية. وخلال حملتي (سان فان) و(ووفان) أنشئت لجان أحياء، وتعززت النقابات التابعة لح.ش.ص، وحطمت الروابط بين الاتحادات العمالية وأرباب العمل- كذلك بالنسبة للروابط بين الأجراء والمقاولين الفرعيين.
بقيت الطبقة العاملة خاضعة سياسياً لح.ش.ص، إلا أن تنظيمها نما وزاد وعيها الطبقي.

على الصعيد الدولي
تجلت الطبيعة الثورية للانتصار في مجال السياسة الخارجية. في تشرين الثاني 1949 ، استخلص ليو شاوكي دروس التجربة الصينية لصالح بلدان الشرق. في خطابه الافتتاحي أمام مؤتمر الاتحاد الدولي للنقابات المنعقد في بكين قال: "إن الطريق الذي سلكه الشعب الصيني... هو الطريق نفسه الذي يجب أن تسلكه بلدان مستعمرة وشبه مستعمرة عديدة..يجب أن تشكل الطبقة العاملة جبهة موحدة عريضة بقيادة الطبقة العاملة وحزبها. ويجب ألا تقود البورجوازية القومية المتذبذبة، المستعدة دائماً للمساومة , أو البورجوازية الصغيرة وأحزابها، هذه الجبهة الموحدة...إن الكفاح المسلح هو الشكل الرئيسي للنضال في سبيل التحرر القومي في العديد من البلدان المستعمرة ونصف المستعمرة"(45) .
في 18 كانون الثاني 1950، وعندما كانت حرب الهند الصينية مستعرة، اعترفت بكين رسمياً بجمهورية فيتنام الديمقراطية (46). وقعت معاهدة التحالف والصداقة الصينية- السوفيتية في 14 شباط 1950 بعيد شهرين من المفاوضات الصعبة. وفي 21 حزيران من عام 1950 ، اتخذت الحرب الكورية بعداً عالمياً، ووصلت القوات الأميركية، في 7 تشرين الأول إلى ضفاف نهر يالو yalu، على الحدود بين الصين وكوريا، وتدخل ما يتراوح بين 700000 و800000 جندي صيني في 16 تشرين الأول، وانضمت لاحقاً إليهم تعزيزات كثيفة ، وتمكنت هذه القوات من دفع القوات العسكرية الأميركية إلى الوراء وصولاً إلى خط العرض 38. لكن كان ثمن ذلك نحو 800000 إصابة بسبب الفارق في التسليح والتجهيز.
في كانون الأول 1950، فرضت واشنطن على الصين مقاطعة تجارية وحصاراً اقتصادياً وفي 1 شباط 1951، طردت جمهورية الصين الشعبية من الأمم المتحدة، واستولت تايوان على مقعدها. وهكذا، طرد الشعب الأكثر تعداداً على كوكب الأرض من مجتمع الدول العالمي، لأنه تجرأ على التصدي لأوامر الإمبريالية وربح.
بين عام 1949 و1953، عندما وقعت معاهدة الهدنة في كوريا، كانت الصين على رأس المواجهة العالمية بين الطبقات.
*********

تقويم إجمالي أولي لحصيلة ثورة 1949
في بداية القرن، كانت الصين واقعة في أزمة مجتمع شاملة وكانت تواجهها مهمتان حيويتان هما: مهمة التحرر القومي (معاداة الإمبريالية) ومهمة التحديث (معاداة الإقطاعية). وقد تنافس طرفان على زعامة هذه الأمة المضطهدة على امتداد ثلاثة عقود: الكومينتانغ والح.ش.ص.
استفاد الكومينتانغ من فرص لا يستهان بها لصالحه. مثالاً على ذلك الإرث المهيب لصن يات صن، والموارد المادية والطاقة، والاعتراف الدولي ، والقاعدة العسكرية المدينيّة. أعطيت له تلك الفرص لمدة عشر سنوات (1927-1937) بهدف تعزيز سيطرته على الأمة كلها، ولمدة ثماني سنوات لإثبات جدارته في الحرب ضد المحتلين اليابانيين. ثم أعطي فرصة أخيرة بعد الحرب العالمية الثانية، فتلقى دعماً من موسكو وتدخلاً نشطاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. ففشل. إن فشله يعود إلى عجز البورجوازية عن قيادة نضال مزدوج من أجل التحرر والتحديث (47).
لم يحظ الحزب الشيوعي الصيني بفرص مشابهة. كل ما حصل عليه كان قد جناه خلال النضال، خلال نضال صعب. بعد ثلاثين عاماً من القتال، لا يمكن، بأي حال من الأحوال ، تفسير انتصار الحزب الشيوعي الصيني على أنه نتيجة صدفة (48). إن انتصار الحزب الشيوعي الصيني هو انتصار الرد الثوري على أزمة شاملة في المجتمع.
تسلط التجربة الصينية الأضواء على مسألة سجاليّة إلى أبعد حدود، تتعلق بالعلاقة بين المرحلتين الديمقراطية والاشتراكية خلال السيرورة الثورية للبلدان التابعة. كان هناك تمييز واضح فيما يختص بالمهام الأساسية بين فترة الصراع على السلطة والفترة التي تلي عملية الاستيلاء عليها. كما كانت هناك مهام ظرفية وأحلاف تحددها حالات طارئة. لكن فيما يختص بالقوى المحركة والقيادة السياسية ، فإن السيرورة الثورية هي سيرورة شاملة واحدة: طوران أو مرحلتان (49) لثورة واحدة، وليس ثورتان تفصلهما فترة تاريخية من التطور الرأسمالي. إن الربط بين هاتين المرحلتين في الثورة يتحدد بالسرعة التي جرى فيها اتخاذ إجراءات معادية للرأسمالية من قبل الجمهورية الشعبية وقبل كل شيء – وبما أن المسألة ليست مسألة سرعة في الأساس – باستمرارية سيرورة الانتقال من المهام الديمقراطية إلى المهام الاشتراكية وبالطريقة التي تراكبت بها تلك المهام بعد النصر.
يظهر بوضوح أن الإطاحة الثورية لـ سلطة الدولة الطبقية القديمة واستبدالها بأخرى جديدة في التجربة الصينية هي رافعة لنضج growing over الثورة [ المقصود نضجها من ثورة بورجوازية ديمقراطية إلى ثورة اشتراكية (المعرب)]
بكل تأكيد ، فإنه بالإضافة إلى التعبئة الجماهيرية ، لعبت الدولة العمالية الصينية الجديدة دوراً نشطاً مهماً جداً في تغيير علاقات القوى بين الطبقات وفي تحويل المجتمع(50). هكذا أظهرت الثورة الصينية بوضوح سمات سيرورة ثورة دائمة (أو ثورة غير منقطعة).
في هذا المجال، من المفيد الإشارة إلى أن قيادة الحزب الشيوعي الصيني رفضت إنشاء حائط صيني بين النظام الذي أسمته "الديمقراطية الجديدة " والنظام الذي أسمته "ديكتاتورية البروليتاريا ". ويقول ليو شاوكي في تقريره السياسي المقدم إلى اللجنة المركزية في المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي : "منذ إنشاء جمهورية الصين الشعبية، استولت الطبقة العاملة على السلطة في البلاد ضمن ظروف تحالف ثابت مع مئات الملايين من الفلاحين، أصبح حزب الطبقة العاملة -الحزب الشيوعي الصيني- هو الحزب الذي يمسك بزمام السلطة في البلاد بأكملها. بالتالي، فإن ديكتاتورية الشعب الديمقراطية باتت في جوهرها شكلاً من أشكال ديكتاتورية البروليتاريا. وعلى هذا النحو، أصبح بوسع الثورة البورجوازية الديمقراطية في بلادنا أن تتحول مباشرة بالوسائل السلمية إلى ثورة بروليتاريّة اشتراكية. إن قيام جمهورية الصين الشعبية يعني عملياً اكتمال مرحلة الثورة البورجوازية الديمقراطية في بلدنا، وبداية مرحلة الثورة البروليتارية-الاشتراكية، بداية فترة انتقالية من الرأسمالية إلى الاشتراكية".(51)

الحزب الشيوعي الصيني :تقويم
لكن ، هل بوسعنا التكلم على سيرورة ثورة دائمة أي، خلق مجتمع انتقالي إلى الاشتراكية في بلد لم تكن البروليتاريا تشكل فيه سوى نسبة ضئيلة من السكان وحيث لم تقد البروليتاريا مباشرة النضال، وحيث كان الحزب القائد منعزلاً عن المدن بشكل خطير؟
إن الإجابة الوافية عن هذا السؤال تتطلب دراسة الصين بين عامي 1949-1987، وإظهار أن سماتها الأساسية وتناقضاتها المحددة كانت فعلاً سمات مجتمع انتقالي وتناقضاته. وهذا ما لسنا بصدده. إلا أن أحد جوانب هذا السؤال يقع ضمن نطاق دراستنا، والمقصود دراسة تحليلية للحزب الذي قاد الثورة.
لم يكن الحزب الشيوعي الصيني حزباً بورجوازياً، فقد تأسس وخاض معركة ضد البورجوازية الصينية والعالمية- وعندما حاول أن يتبع قيادة البورجوازية ، انقلبت عليه وحطمته. لقد استخدم الحزب الشيوعي الصيني سلطته لسحق السلطة الاقتصادية والسياسية للبورجوازية.
نشط الحزب في صفوف الفلاحين وبالتعاون معهم. لكن ، على عكس توقعات تروتسكي (وغيره من المراقبين) لم يتحول إلى حزب فلاحي أو زراعي.
لعب دور المعبر عن مطالب الفلاحين، لكنه صاغ توجهاته على أساس أهداف واعتبارات بعيدة كل البعد عن الأفق الاجتماعي والإيديولوجي للفلاحين (مشروع مجتمع صناعي، منظور للتجميع في مجال الزراعة، فهم موازين القوى الدولية، وتطور الوضع على الصعيد المحلي). نظم تعبئة الفلاحين وعارضها في أحيان أخرى، من أجل أن يقنّيها ويوجهها. أعاد تأكيد منظوره المدينيّ حالما شعر أن بمقدوره تركيز نشاطاته على المدن.
حسب رأي بعض المحللين، لا سيّما رولان ليف، كان الحزب الشيوعي الصيني حزب الانتلجنسيا الثورية، بمواجهة أزمة حادة، ومع فقدان البورجوازية والبروليتاريا القدرة على تطبيق حل، طرحت هذه الشريحة الاجتماعية المتبلورة في الحزب مشروعها الخاص لبناء مجتمع جديد ، وأمسكت بلجام التعبئة الريفية، ثم حولت نفسها فيما بعد إلى نخبة اجتماعية جديدة وتحالفت مع الأرستقراطية العمالية (52). وتكمن قوة هذا التحليل في كونه يلاحق عن كثب المسيرة التاريخية للح.ش.ص. لكنه ينطوي على عيب أساسي، ألا وهو عجزه الظاهري عن الإجابة عن مسألتين تتجليان خلال تفسيره للأحداث:
ما هي طبيعة المجتمع الجديد وما هو المعنى العالمي لقيام هكذا ثورات في هذا القرن (من الثورة الروسية إلى ثورتي كوبا ونيكاراغوا)؟
بالرغم من أنه قد يبدو للوهلة الأولى من المفارقة أن نعرف الحزب الشيوعي الصيني على أنه حزب عمالي، يبدو لي أن هذا التعريف هو الأكثر ملاءمة لتاريخ هذا الحزب الشيوعي الصيني. يجب الأخذ بعين الاعتبار جملة من العوامل القومية والعالمية، السياسية والاجتماعية، نذكر منها:
-عمق الأزمة الشاملة للمجتمع الصيني (53). فقد مارست هذه الأزمة ضغطاً دينامياً وقوياً على محركي الثورة، إذ أن امتداد فترة الأزمة الملحوظ ، أتاح لهم الوقت الكافي لتصويب توجهاتهم من جديد.
-تأثير الثورة الروسية ووجود الاتحاد السوفييتي الذي، رغم ستالينيته، أعطى احتمال تطور لا رأسمالي مصداقية أكبر ومنح المرجعية الماركسية حقيقة ملموسة.
-انبثاق مد قومي جماهيري حديث مستند إلى الشعب في بلد تابع تمكن من الالتحام مع انبثاق معاصر لمنظور اشتراكي.
-أصول الحزب الشيوعي الصيني الذي قبل طرده إلى الريف ، كان قد اكتسب طابعاً بروليتارياً جماهيرياً أصيلاً، ودروس تجربة 1924-1927 . إن تلك الدروس، بالإضافة إلى جهاز كوادر الحزب، ساهمت في ضمان التواصل بين الحركة الشيوعية الأصيلة وتلك الخاصة بالفترة الماويّة.
-متطلبات صراع حياة أو موت خيض دون هوادة. وأصبح ضمان قاعدة جماهيرية إلى جانب نوعية الأعضاء ونوعية القيادة مستلزمات ضرورية دائمة للبقاء. وهذا ما جعل الانحراف الإصلاحي غاية في الصعوبة وساهم في ضمان استمرارية تفكير ثوري حي (54).
- طبيعة التشكيلة الاجتماعية: كل تلك الأمور التي تحدثنا عنها تصبح عملانيّة فقط في حال لقي الحزب الشيوعي الصيني الدعم من قبل شرائح اجتماعية- وإن لم تكن بروليتارية بكل معنى الكلمة-يمكن اندماجها في منظور ثورة دائمة.

التشكيلة الاجتماعية: تقويم
تجسد تجربة الثورة الصينية التفاعل الديالكتيكي بين الحقائق القومية والحقائق الاقتصادية الاجتماعية من جهة (العوامل الموضوعية) والفاعلين السياسيين من جهة أخرى (العوامل الذاتية) (55). ويسمح تاريخ الحزب الشيوعي الصيني بتعميم تحليل الممارسة الثورية في عالمنا المعاصر. وهو ذا وجه من أشد الوجوه حفزاً للمناضلين. لكن الثورة الصينية تسمح أيضاً بتحديد تحليل التشكيلة الاجتماعية في البلدان المستعمرة. وتلك مهمة خاصة بالنسبة لمراقبين غير مطلعين مباشرة على شؤون هذا المجتمع ولا يفقهون لغة أهله، ذلك لأنه يتطلب استيعاب جملة من الإحصاءات التجريبية (56)، عليهم الغوص ما وراء العموميات والسعي لمعرفة خصوصيات تاريخ هذه البلاد وتشكيلتها الاجتماعية المعاصرة (57)، بالإضافة إلى تنوع الأوضاع المناطقيّة بغية مقارنة تأثير ممارسات سياسية معينة في أوضاع وظروف اجتماعية حقيقية.
لا أدعي بأني أكملت تلك المهمة التحليلية، لكن أود أن أختم هذه الدراسة بتعريف بعض المسائل التي قد يساعد نقاش التشكيلة الاجتماعية الصينية في توضيحها.

القاعدة الاجتماعية لسيرورة الثورة الدائمة
أكدت السيرورة الثورية الصينية – وغيرها لاحقاً- جوهر نظرية الثورة الدائمة. إلا أن شكل هذه السيرورة اختلف كثيراً عن النموذج الأصلي الذي يفترض فيه أن تقود الطبقة العاملة المدينيّة بنفسها النضال بفضل انبثاق أدوات السلطة الخاصة بها (المجالس). ويطرح هذا الاختلاف مشكلات سياسية (لأن "الشكل" يتساوى في الأهمية مع "الجوهر" في نظر الذين يتمنون الفعل) ونظرية على السواء (ما الذي جعل تواصل السيرورة الثورية ممكناً؟)
سبق أن أتينا على ذكر مسألة الفلاحين الذين أظهروا ثباتاً وعزماً على الانخراط في المجتمع الانتقالي أكثر مما توقعت التقاليد ذلك. وذكرنا دور الآنتلجنسيا المناضلة والأهمية المتكررة للشبيبة الطلابية. وتجدر الإشارة أيضاً إلى الطريقة التي انخرطت بها عناصر مقطوعة الأصول ومتساقطة (من طبقاتها الأصلية) ، مؤقتاً أو بصورة دائمة، في المعركة الثورية، وإلى وزن البلدات الريفية وأثرها على المحيط الاجتماعي (58)، وإلى وجود نصف بروليتاريا مدينية وريفية واسعة، على غرار الذي يجر العربة الصينية التقليدية ، وإلى عدم وجود طبقة عمالية واحدة بل عدة طبقات عاملة مختلفة الظروف ومتباينة التقاليد. وعلينا أن نذكِّر أيضاً بنضال النساء الريفيات الذي كان ، خلال الثورة الصينية أوسع وأثبت من نضال البروليتاريا المدينيّة!
لكن، وقبل كل شيء، ينبغي الإشارة إلى الطريقة التي يمكن أن تنتظم بها شرائح مختلفة لخوض المعركة الثورية على أيدي طليعة مناضلة وأن ترتبط بعضها ببعض خلال النضال: على سبيل المثال، الطريقة التي كانت فيها تعبئة نساء الشعب قادرة على لعب دور الرابط في سياسة التحالفات، أو دور كادحي المدن الذين كانوا ملتقى طرق اجتماعياً أصيلاً بين المدينة والريف، بين البروليتاريا والبورجوازيات الصغيرة.
إن الدراسة التحليلية للتشكيلات الاجتماعية على ضوء النضالات الثورية تغني كثيراً مفهوم التحالفات الاجتماعية في الثورة الدائمة (59). وتدل التجربة الصينية، كما يبدو، على أن القاعدة الاجتماعية لسيرورة الثورة الدائمة أوسع مما كنا نعتقد.

تنوع التشكيلات الاجتماعية للبلدان التابعة
إن مقارنة التشكيلات الاجتماعية للبلدان التابعة المختلفة بعضها ببعض تسلط الضوء على خصوصية كل منها . فإن تسلسل المهام والشعارات وترتيبها الزمني، كما والطريقة التي تتراكب فيها هذه المهام والشعارات ، وشكل سيرورة النضج ، لا يمكن أن تكون هي نفسها في الصين الفلاحية أو في كوبا التي تكثر فيها المزارع، أو في الأرجنتين المتمدنة أو في تيمور الشرقية.
ففي البلدان نصف المصنعة الأكثر تقدماً ، تكون المطالب البروليتارية أكثر مركزة. وفي البلدان الأكثر تخلفاً، حيث لم تبلغ الطبقات (الحديثة) القدر الكامل من التحجر، لا زال قابلاً للنقاش احتمال حدوث سيرورة ثورة دائمة، من دون ،على الأقل، انعكاسات نضال قائم في المنطقة الإقليمية ذاتها (مثل انعكاس الأحداث في روسيا أو الصين على منغوليا).
ففي شرق أسيا وحدها، توجد تشكيلة واسعة جداً من التواريخ القومية ومن التشكيلات الاجتماعية المعاصرة (60) بالتالي. إن دفع النقاش الجوهري إلى الأمام يفترض تجاوز تحديد عام للأوصاف. حقاً، ما الدروس التي يمكن استخلاصها من التجربة الصينية إذا لم نتفحص نقاط التباين ونقاط التشابه (حالة التبعية ، وزن العالم الريفي) في الوقت ذاته؟

أشكال النظام الثوري
تتجلى دكتاتورية البروليتاريا في جملة من الأشكال المختلفة, ومن السهل جداً أن نفسر هذا الأمر: تولد دولة العمال إبان نضال فريد من نوعه وتحمل سمة هذا النضال. فعديدة هي العوامل التاريخية التي تصنع شكل الأنظمة الثورية (61). وإن أياً من هذه العوامل بمفرده لا يستطيع أن يحدد مسار الأحداث، غير أن التشكيلة الاجتماعية هي بالتأكيد أحد أهم هذه العوامل، لا سيما إذا أخذت بكلّيتها (أي: تراكب التشكيلات الاجتماعية-الاقتصادية والسياسية- الدولانيّة والإيديولوجية-الثقافية).
وعلى سبيل المثال، إن المسألة الأساسية للديمقراطية والشرعية الاشتراكيتين قابلة للمقارنة من زاويتين متكاملتين: البرنامجية والسياسية. فمن الزاوية البرنامجية ، تبرهن تجربة السنوات الست الأخيرة إلى أي مدى تشكل الديمقراطية الاشتراكية والشرعية الاشتراكية حاجتين ضروريتين لكل المجتمعات الانتقالية على طريق الاشتراكية. ويولّد غيابهما تناقضات حادة. إلا أن التجربة تبرهن أيضاً أن كل البلدان لا تستطيع بلوغ هكذا نظام سياسي عبر سلوك الطريق ذاته. ومن الزاوية السياسية (أي تحديد المهام الملموسة)، ينبغي تحليل كل سيرورة على حدة بخصوصيتها.
يتمتع الفاعلون السياسيون بحرية الإرادة التي من شأنها أن تحدد إلى حد بعيد نجاح النضال أو فشله. فعلى قيادة الحزب الشيوعي الصيني تحمل تبعات خياراتها، في أحسن الأحوال- تحديد توجه فعلي على سبيل المثال- وفي أسوأ الأحوال: أعمال قمع لم تكن تتطلبها الحالة وخرقت الشرعية الثورية والديمقراطية. وإنني أشير على سبيل المثال إلى القمع الذي تعرض له المثقفون الجذريون في يانان عام 1942 ، والذي كان مدخلاً لأزمة "المائة زهرة" عام 1956 (62) وللقمع الذي طال التروتسكيين.
في 22 كانون الأول 1952 ، اعتقلت الشرطة الأمنية التابعة لح.ش.ص ما يتراوح بين 200 و300 ناشط ونصير تروتسكي، ولم تبرر هذه الاعتقالات السرية علنياً ولم تؤد إلى محاكمات عادية. ولا زال مصير العديد منهم غير معروف حتى الآن . ولم يطلق سراح القائد التروتسكيّ زنغ شاولي إلا في 5 حزيران 1979، في عمر يناهز الـ78، وبعد أن أمضى 25 عاماً في السجن في عهد جمهورية الشعب (جمهورية الصين الشعبية). ويذكر أن زنغ شاولين كان قد أمضى ست سنوات في سجون تشانغ كاي تشيك (من 1931 إلى 1937)! (63)
لم تمارس أجنحة الحزب الشيوعي الصيني طريقة القمع ذاتها بحق التروتسكيين الصينيين. ففي هذا المجال ، عمل البلاشفة الـ28 يداً بيد مع الكرملين . ورغم أن موسكو أعربت عن استيائها من القيادة الماويّة (64)، إلا أن الوجه القمعي لهذه القيادة هو حقيقة أيضاً . يتجسد هذا الوجه القمعي بالوجه البوليسي المقيت لـ كانغ شينغ الذي انضم للقيادة الماويّة عقب عودته من موسكو، في عام 1937، والذي صب افتراءاته الدنيئة على شن دوكسيو. وخلال الثورة الثقافية أكثر من الإعدامات والأعمال القذرة. ولدى عودة جناح دنغ هسياو بنغ إلى السلطة ، جرى طرده من الحزب (رمزياً) بعد مماته، إذ كان قد توفي في عام 1975. وهو ذا إجراء غير اعتيادي على الإطلاق.
في حين أن القيادة الماويّة كانت مسؤولة عن قراراتها، خاضت نضالها في محيط خاص، إذ فرضت عليها الإكراهات التاريخية ثقلها بالكامل. وكان قد ورث ماوتسي تونغ من أيام شبابه ميلاً شعبوياً ممزوجاً بميول فوضوية. إلا أنه أصبح رجل حرب ، ومقاتلاً في حرب الأجنحة (التكتلات)، ومن ذوي النفوذ. وكان لتأثير الكومنترن ولسيرورة الحرب الشعبية طويلة الأمد دور في تطوره. وكان للقاعدة الاجتماعية للحزب تأثيرها: علاقة حزب شيوعي بالفلاحين تختلف عن علاقته بالطبقة العاملة (65).
إن الموضوعة المركزية للـ"الخط الجماهيري" تكشف عن أمور كثيرة. فلقد كان على الحزب أن "يصغي للجماهير" ، لأن أفكاراً صحيحة كانت تصدر عن الجماهير عشوائياً وكان يجب سستمتها [أي تنسيقها ضمن سيستام أو منظومة (المعرب).] على يد الحزب قبل إعادتها إلى الجماهير. كان الحزب بالتالي "الوسيط المتعذر استبداله".
في الصين تراث أُنسيّ humanist ، لكن ليس فيها تجربة قرون من الديمقراطية السياسية التي تعود جذورها في أوربا إلى التراث اليوناني- الروماني ومن ثم إلى تطور المدن البورجوازية الحرة. أما في "إمبراطورية المناطق الوسطى"، فلقد أخمدت سلطة الدولة المركزية هذا التراث.
إن الثورة الصينية ثورة ديمقراطية عظيمة لأنها حررت شعباً من شكل معين من الاستغلال الاقتصادي، وأيضاً لأنها جسدت نهوض فلاحين فقراء ونساء ريفيات محتقرين ووضيعي الحال إلى مستوى الكرامة الإنسانية. ولا يمكن تفسير عنف جلسات "تحدث عن المرارة" وانفجار الكراهية ضد وجهاء القرى إلا بذكرى الاستغلال، ولعل من الأنسب أن نقول، ذكرى أعمال الإذلال المتكررة. فلقد جعلت الثورة الصينية العمل اليدوي موضع احترام في بلد كان الأغنياء يطيلون فيه أظافرهم للدلالة على عدم حاجتهم للعمل بأيديهم. وأصبح وضع العامل المثبت في مصنع للدولة وظيفة مرغوباً فيها، يرسل الكوادر الحزبيون أبناءهم للعمل فيها.
إلا أننا رأينا أيضاً وزن العوامل المنافية للديمقراطية في الثورة الصينية، بدءاً بالنزعة المحافظة في القرى وانتهاء بالنفوذ السوفييتي الستالينيّ ومتطلبات معركة عسكرية شرسة . فلقد أنتجت الثورة نظاماً كان في الوقت ذاته شعبياً وديمقراطياً، ومتسلطاً وبيروقراطياً. كان ثمة خلط شبه كامل بين الحزب والدولة (جهاز الحزب وجهاز الدولة). وكان الحزب الشيوعي الصيني يخضع لنقد الجماهير على الصعيد المحلي (القاعدي)، وهذا شيء لا يستطيع حزب ستالينيّ نموذجي أن يقبل به، إلا أنه كان مطلق السيادة على كل شؤون الدولة. فالحزب له جذوره في الشعب المعبأ، إلا أنه يرتفع فوق الطبقات التي ينطق باسمها. هوذا أحد أهم تناقضات النظام الداخلية، والذي تجلى في تطوره اللاحق.
إن حل هذا التناقض يتطلب أن تحترم الطليعة المناضلة بأمانة التنظيم الداخلي للسكان وأن تتسلح بتوجه على المديين المتوسط والطويل: أفق مجتمع تشكل الديمقراطية الاشتراكية والشرعية الاشتراكية نواته الصلبة، ومشروع سياسي واختيار الوسائل الملائمة لجعل المعركة المناهضة للبيروقراطية واقعاً ملموساً (66). لقد جعلت الظروف الموضوعية هذه المعركة صعبة بشكل خاص في الصين. إذ كان البلد متخلفاً اقتصادياً ومعزولاً دولياً (واجه حصاراً إمبريالياً، ولم يكن بمستطاعه الاتكال على ثورة في الغرب واضطر لدفع ثمن مرتفع لقاء المساعدة السوفييتية) (67). لم يكن بمستطاع الثوريين الصينيين أن يستندوا إلى التقاليد الديمقراطية البورجوازية ويتجاوزوها من ثم كما هو حال الثوريين في الغرب. بل حاولت القيادة الماويّة أن تطبق على المجتمع الانتقالي مبادئ "خط الجماهير" التي أثبتت فعاليتها خلال الصراع على السلطة. ورغم فشل هذه التجربة، فهي جديرة أن تدرس على ضوء المنهج النقدي لأن من شأنها المساعدة على إيجاد أنماط التنظيم والنشاط المناسبة للظروف الخاصة والأشكال والمصادر القومية القادرة على تحقيق تقدم حقيقي على صعيد بناء المجتمعات الانتقالية. (68).
إن تجربة الثورة الصينية هي البرهان الحي على صحة النقاط الأساسية في البرنامج الماركسي الثوري المتعلق بالبلدان المستعمرة. إلا أنها تطرح عدة أسئلة ليست أجوبتها بديهية. وتستدعي تفكيراً جماعياً في الممارسة الثورية وأسسها، وفي الإكراهات التاريخية التي ستواجهها الثورة، وفي الوسائل الكفيلة بمعالجتها.
وينسحب هذا الكلام على تجربة جمهورية الشعب منذ قيامها عام 1949 وحتى اليوم. لكن هذا موضوع بحث آخر.
هوامش الفصل السابع
(1) استناداً إلى مصادر شيوعية ، ضمت المناطق المحررة 95 مليوناً من السكان، ونظم الحزب الشيوعي الصيني جيشاً مؤلفاً من 910000 شخص، وميليشيا مؤلفة من 2.22 مليون ووحدات دفاع ذاتي تضم 10 مليون. انظر: جايمس ب. هاريسون، تاريخ الحزب الشيوعي الصيني 1921-1972، المسيرة الكبرى إلى السلطة ، لندن : ماكميلان، 1973، ص 372.
(2) على خطى اتفاقيات يالطا الموقعة في 11 شباط 1945، قسم العالم في مؤتمر يالطا إلى "مناطق نفوذ" ما بين الولايات المتحدة، وبريطانيا والاتحاد السوفياتي.
(3) ماوتسي تونغ ، "الجولة الأخيرة مع الغزاة اليابانيين" ، (9 آب 1945) المختارات، ج3، ص289.
(4) استناداً إلى جون جيتنغز تم إرسال قوات مؤلفة من 100.000 لتدعيم منشوريا (حيث كان محاربو العصابات يعملون) بأمر من الجنرال زو. دي في 11 آب 1945. البارز في هذا القرار أنه كان قد اتخذ قبل سنة ولم يستند إلى موافقة السوفيات. وتذمر الشيوعيون في أكثر من مناسبة لعدم تسلمهم المساعدة التي تأملوها من موسكو في منشوريا. العالم والصين، 1922-1972، لندن ، إير ميتهوين، 1974، ص 148-150.
(5) في تشرين الأول من عام 1945، دمر الحزب الشيوعي الصيني فرقاً عديدة من جيش شيانغ جنوبي-شرقي شانكسي وهونان.
(6) مرجع مذكور الحزب الشيوعي الصيني بتجربة مريرة عندما وقع الاتحاد السوفياتي على معاهدة مع حكومة تشانغ كاي تشيك معترفاً بسيادتها على كل الأراضي في 15 آب 1945.
(7) انظر من جملة المراجع جون غيتنغز، الفصلان الخامس والسادس.
(8) فهم ماوتسي تونغ أن تطور القنبلة النووية لن يغير واقع الأمور أساساً وحارب التشاؤم الذي تملك بعض الجماعات.
(9) مثلاً التقرير الذي قدم إلى مكتب الصين الشمالية بين فترة توقيع المعاهدة الصينية-السوفياتية وفترة خروج ماوتسي تونغ إلى تشنجكوينغ (آب 28) ، الذي لخصه فان سلايك van siyke. يشير كتاب تلك الوثيقة إلى احتمال العودة إلى الحرب الأهلية، لكن تبقى إمكانية حصول تطور سلمي لأسباب ثلاثة : الشعب يتوق إلى السلام، حقيقة أن لا الولايات المتحدة ولا الاتحاد السوفياتي يرغبان بالحرب الأهلية في تلك المرحلة، والمشاكل التي تواجه تشانغ كاي تشيك والتي ستدفعه إلى تقديم تنازلات. وأشارت الوثيقة إلى أن الحزب الشيوعي الصيني نفسه كانت تعترضه بعض المصاعب. لم يكن بمقدوره أن يخضع المدن الكبرى نظراً للتسليح الجيد لقوات تشانغ كاي تشيك ولكون الاتحاد السوفياتي غير قادر بسبب التزاماته بتطبيق بنود المعاهدة (الصينية-السوفياتية) على مساعدتنا مباشرة. وتذمر كاتب التقرير قائلاً: "لم نفهم السياسة الروسية الفعلية". انظر أعداء وأصدقاء....، ص 186-188.
(10) ماوتسي تونغ ، "الوضع وسياستنا بعد النصر في حرب المقاومة ضد اليابان" و"تشانغ كاي تشيك يثير الحرب الأهلية" (13 آب 1945)، المختارات، الجزء الرابع، ص 1-26 و27-31.
(11) ماوتسي تونغ ، "حول مفاوضات شانغ كينغ" (17 تشرين الأول، 1945) المختارات، الجزء الرابع، ص 60). في مذكرة للجنة المركزية للح.ش.ص حول مفاوضات السلام مع الكومينتانغ (26 آب 1945)، يشير ماوتسي تونغ إلى أن الاتحاد السوفياتي في الوقت الحاضر والولايات المتحدة وبريطانيا تعارض حدوث حرب أهلية في الصين"، لكنه بعد ذلك يكتب أنه "إذا مازال الكومينتانغ عازماً على إشعال حرب أهلية بعد الخطوات المذكورة التي اتخذها جزئياً، سيضع نفسه في موقع خاطئ أمام أعين الأمة بأكملها والعالم بأكمله، وسيكون لحزبنا الحق في شن حرب دفاعية لصد هجماته". المرجع ذاته، ص 48-49.
(12) فان سلايك، ص 187. رفض ماوتسي تونغ بشكل مفضوح ما يتضمنه مؤتمر يالطا في وثيقة سرية في نيسان عام 1946 في الوقت الذي اعترف فيه بحق الاتحاد السوفياتي بقبول مساومات: "هكذا مساومة (دولية) لا تفترض من شعوب العالم في البلدان الرأسمالية أن تحذو حذوها وتعقد مساومات في بلادها. إن شعوب تلك البلدان ستستمر في شن نضالات مختلفة تتناسب والظروف المختلفة لتلك البلدان. إن مبدأ القوى الرجعية في تعاملها مع القوى الديمقراطية للشعب هو بالتحديد تدمير ما باستطاعتها تدميره والتحضير لتدمر لاحقاً ما لم تستطع تدميره اليوم. بمواجهة هذا الوضع ، على القوى الديمقراطية للشعب تطبيق المبدأ نفسه كذلك ضد القوى الرجعية". المرجع ذاته. ص 87-88.
(13) المرجع ذاته، ص 189.
(14) الاستشهادان غالباً ما وضعا معاً، على سبيل المثال من قبل جايمس هاريسون ص 384-385.
(15) ديديجر، مرجع مذكور ، ص 204.
(16) ماوتسي تونغ ، "خطاب في الاجتماع العاشر بكامل الأعضاء للجنة المركزية الثامنة" (24 أيلول 1962) ، في شرام، mao tse tung. Unrehearsed talks and ietters;1956-1971 ص 191.
(17) في رسالة خاصة مؤرخة في 19 تشرين الأول عام 1984، لامني ألدو برونزو لأني قللت من تقدير ميزة "المرحلية" في تطلعات ماوتسي تونغ في الثلاثينيات والأربعينيات (انظر أيضاً كتابه الشيوعيون في الصين، ميلانو: نووفي ايديزسوني انترنازيونالي، إن نقطة الجدال التي أثارها برونزو مشوقة. كنت قد أشرت في فصل سابق إلى عدم تحديد نسبي في منظور ماوتسي تونغ ، لكنني أعتقد حقيقة أنه لم يكن كبيراً كما اعتقد برونزو. ما يبدو لي أساسياً هو أن يفهم الصراع كنضال ثوري من أجل السلطة.
هذا هو المنظور الذي على أساسه تراكمت قوى عسكرية واجتماعية وسياسية وتنظيمية، وهذا ما يفسر أن الفهم التجريبي للوضع كان مفيداً وأن التعديلات المتتالية للخط جرت في الوقت المناسب.
(18) في هذا الخصوصن من المفيد ذكر أن شو آن لاي (zhou eniai) كان قد قدم تقريراً إلى المدرسة المركزية للحزب في يانان في عام 1944 على إثر دراسة استغرقت ستة أشهر حول "الصراع بين الخطين" بمناسبة "دراسة وثائق الثورة العظمى". بالرغم من كون التقرير تكتلياً ويموه دور ستالين، فإنه تقرير مشوق فيه يعيد شو النظر بتاريخ الحزب الشيوعي الصيني استناداً إلى دراسته لطبيعة الثورة من موقع مهماتها، والقوى المحركة والقيادة. ويتذكر المفهوم الذي طوره ماوتسي تونغ في عام 1939 والقائل أن "الثورة الصينية كانت ثورة ديمقراطية بورجوازية ضد الإمبريالية والإقطاعية شنتها الجماهير الواسعة للشعب تحت قيادة البروليتاريا". انظر شو، "حول المؤتمر السادس للحزب" (3 آذار و4منه، 1944) وحول الجبهة المتحدة" (30 نيسان 1945)، المختارات، الجزء الأول، ص 177-210و213-244.
(19) لم يمكن تفسير انتصار 1949 كتغير بسياسة موسكو إثر الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. هكذا تفسير لا يأخذ بعين الاعتبار استمرارية النضالات وتسلسل الأحداث الفعلي في الصين نفسها، ولا المضمون السياسي للسجالات حول التوجهات داخل الحزب الشيوعي الصيني ، ولا الدور النشيط الذي لعبته القيادة الماوية لفترة طويلة من الزمن في تنظيم النضال من أجل السلطة، ولا التوتر الذي ظهر بين الحزب الشيوعي الصيني والكرملين، ولا تصريحات النشيطين أنفسهم حول ما حصل.
(20) انظر جايمس هاريسون، ص 395-396.
(21) هذا النوع من التناقض بين نشاط الحزب وعمل الجماهير، أو بين أوضاع في مناطق ومقاطعات مختلفة موجود في كل ثورة بما فيها الثورة الروسية.
(22) في ذكرى حركة 4 أيار 1919. أعيد إنتاج التعليمات في ليو، المختارات، الجزء الول، ص 372-378. لعب ليو دوراً مهماً على الأخص في هذا المجال من عام 1946 إلى عام 1948. خلال الثورة الثقافية ، ألقى التكتل الماوي كل "الأخطاء اليساروية" لعام 1947 عليه. استناداً إلى تاناكا كيوكو، من الممكن أن تكون الخلافات بين ماوتسي تونغ وليو حول كيفية تطبيق السياسة الزراعية ، لكن بالمجمل بدا أن الزعيمين قد مرا بتطور مواز. انظر تاناكا كيوكو، "ماو وليو في الإصلاح الزراعي لعام 1947: حليفان أم متصارعان؟ فصلية الصين، العدد 75، أيلول 1978. إن تاريخ الحزب الشيوعي الصيني كما أعيدت كتابته خلال الثورة الثقافية تكتلي إلى ابعد حدود (يصف النزاع الدائم بين "الاتجاه الأحمر" لدى ماوتسي تونغ و"الاتجاه الأسود" لدى ليو). أخطاؤه لا يمكن تعدادها. لكن من المفيد الإشارة إلى أن ليو اعترف عام 1949 بأنه يتحمل مع غيره من الزعماء مسؤولية خاصة تجاه الأخطاء اليساروية لعام 1947، انظر "بعض المسائل المتعلقة بالعمل في المدن (12 آذار 1949)، المختارات، الجزء الأول، ص417. يبدو أن القيادة المركزية للح.ش.ص عند انتهاء الحرب كانت مؤلفة من ماوتسي تونغ ، وليو شاوكي، وشوآن لاي، وشودس ورن بيشي أحد أقدم زعماء الحزب الشيوعي الصيني ، الذي توفي بسبب المرض عام 1950.
(23) انظر ليو، "خطاب ختامي للكونفرانس القومي حول الأرض"، (13 أيلول 1947)، مرجع مذكور ، ص379-392.
(24) نشر النص، "البرنامج الأساسي حول القانون الزراعي الصيني"، الصادر عن ل.م. للح.ش.ص، في ملحق أ.هنتون، فان شن، ص727-731. ""Fanshen تعني "أن يستدير الجسم دورة واحدة". و"الاستدارة" أو "الانتفاضة" كانت الشعارات المركزية للإصلاح الزراعي عام 1947. وعينت "حملة التصويب" مجموعة واحدة من الأهداف المتسلسلة رقمياً للبلاد بأسرها، وهذا نقيض مبدأ "اللامركزية العملانية". هذا أحد تناقضات "خط الجماهير" الذي غالباً ما سيطرح مشكلات جديدة.
(25) انظر ماوتسي تونغ، "الوضع الراهن ومهماتنا" (25 كانون الأول1947)، المختارات، الجزء الرابع، ص157-176.
(26) انظر كتابات ماوتسي تونغ لتلك الفترة في المختارات، المجلد السادس.
(27) انظر كتابات ماوتسي تونغ لتلك الفترة في المختارات ، المجلد السادس.
(28) تاناكا كيوكو، ص 568-569. انظر أيضاً زو، "الإصلاح الزراعي وتوطيد الحزب في المناطق المحررة القديمة ونصف القديمة" (22 شباط 1948)، المختارات، الجزء الأول، ص322-331.
(29) كيوكو. ص593.
(30) المصدر السابق، ص593. إن للمسألة بعداً سياسياً، كما يلحظ الفصل الخامس: خطر تسليم قاعدة شعبية جديدة للكومنتانغ. بالإضافة إلى ذلك، كانت الفروقات بين الفلاح الغني والمتوسط غالباً غير واضحة وكان يجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار. وجد الحل بعد الانتصار مع تطوير اقتصاد تعاوني.
(31) ليو، ماو ينتزع السلطة، ص14.
(32) إن ازمة النظام البورجوازي هي أحد المعالم المميزة لوضع ثوري حاد جداً.
(33) رولاند ليو، "الصين: هل هي دولة عمالية؟ العالم العمالي الصيني في ظل الاشتراكية الحقيقية"، في ك.أوبير، المجتمع الصيني بعد ماو ، باريس: فايار 1986، ص 46.
(34) آلان رو، La Casse-tete chinois ، باريس، المنشورات الاجتماعية، 1970، ص83.
(35) ماو ، "تقرير إلى الدورة الكاملة الثانية للجنة المركزية السابعة للحزب الشيوعي الصيني" (15 آذار 1949)، المختارات، ج4، ص361.
(36) ليو ، "بعض المسائل المتعلقة بالعمل في المدن"، ص419.
(37) ماو ، "حول الديكتاتورية الديمقراطية الشعبية، (30 حزيران 1949). في شرام، الفكر السياسي...ص234-235. النص الكامل في النسخة الرسمية انظر المختارات ج4، ص41-424.
(38) ليو، مرجع مذكور ، ص64.
(39) "البرنامج المشترك للكونفرانس الاستشاري السياسي للشعب الصيني (29 أيلول 1949)، وثائق مهمة من الدورة الكاملة الأولى للكونفرانس الاستشاري السياسي للشعب الصيني، بكين 1949، ص1. وينص البند الأول على أن "الجمهورية الشعبية (...) تجسد الديكتاتورية الديمقراطية للشعب بقيادة البروليتاريا" المرجع ذاته ص2. إن الوثيقة بأكملها تأخذ صيغها الأساسية من وثائق الحزب الشيوعي الصيني .
(40) انظر فان سلايك، أعداء وأصدقاء...، الفصل العاشر، مع وجود استثناءات محلية مؤقتة.
(41) الأرقام في هذا القسم مأخوذة من رو ، مرجع مذكور .
(42) الأرقام من لو، الصين، هل هي دولة عمالية؟..ص48-49.
(43) المرجع ذاته.
(44) رو، ص132.
(45) ليو، "خطاب الافتتاح لاجتماع الاتحاد النقابي العالمي (ت2 1949)، كارير دانكوس وشرام، الماركسية...ص381-382. أقل ما يقال أن موسكو لم تستحسن قيام "نموذج" ثوري بديل. ولقد أفهمت موسكو بلدان الشرق الأخرى أنها لا تعتقد بأن "الطريق الصيني" يناسبها. انظر مقتطفات من تقرير جو كوف لأكاديمية العلوم في الاتحاد السوفياتي، المرجع ذاته، ص 384-386.
(46) وهذا أمر لم تفعله موسكو مع أنه تم الإعلان عن قيام جمهورية فيتنام الديمقراطية عام 1945، عشية ثورة آب.
(47) إن النجاح النسبي للكومينتانغ في تايوان لا يلغي دلالة فشله في الصين. فكثرة المشاكل لا تقارن بين الجزيرة والصين. في تايوان، استفاد الكومينتانغ أيضاً من انعكاسات النصر الثوري في الصين. إن حجم المساعدات الإمبريالية إلى تايبه يعزى إلى الأهمية الجيو-استراتيجية للمنطقة: إنشاء حصار صحي حول الصين الحمراء. طبق الكومينتانغ إجراءات كان قد عارضها في الصين (مثل الإصلاح الزراعي الموجه ضد ملاكي الأراضي التايوانيين، الذين كانوا بالمناسبة منافسين لإقطاعيي الكومينتانغ الذين هربوا من الصين). كان تأميم الأملاك الإمبريالية عملية سهلة لأنها كانت ملك اليابانيين وهذه هي الظروف التي مكنت تايوان من الاستفادة على غرار كوريا الجنوبية من التحولات على صعيد التقسيم العالمي للعمل في العالم الرأسمالي.
(48) أو نتيجة "ظروف استثنائية" تفسر على سبيل الافتراض كيف يمكن أن تنتصر الثورة بالتعارض مع سياسة الحزب الشيوعي الصيني. هذه "الظروف" (الحرب العالمية، الشلل النهائي للقوى الإمبريالية، إلخ...) ليست في الواقع استثنائية، فلقد كانت قائمة في حالة الثورتين الروسية واليوغسلافية (الظافرتين)، وفي حالة ثورات أخرى، منيت بالهزيمة! على نقيض ذلك، فإن الثورة الفيتنامية، بقيادة "شقيقة" لقيادة الحزب الشيوعي الصيني ، وإن مختلفة عنها، اضطرت للظفر من دون الإفادة من أي من هذه "الظروف الاستثنائية". والحقيقة أن هذا ما جعل الفرق بين النصر والهزيمة عائداً عموماً إلى الطريقة التي قيد بها النضال. كانت هذه المسالة موضع نقاش طويل في الحركة التروتسكية. ويعتقد بنغ شوزي وبنغ بيلان أن "الظروف الاستثنائية" تفسر وحدها انتصار الحزب الشيوعي الصيني. انظر مقال شن بيلان (بنغ بيلان)، الدروس الحقيقية للتجربة الصينية مع حرب العصابات"، النشرة الداخلية للنقاش الأممي، المجلد العاشر، العدد الثني، 1973. من جهة أخرى، يعتقد وانغ فانكسي أن هذه الظروف لم تكن استثنائية وأنها لا تفسر شيئاً بحد ذاتها. ويعتقد أيضاً أن التروتسكيين الصينيين لا يستطيعون تجنيب أنفسهم النقد الذاتي عبر التذرع بالظروف"، راجع ف.ه.وانغ، حول أسباب انتصار الحزب الشيوعي الصيني وفشل التروتسكيين الصينيين في الثورة الصينية الثالثة- رد على آل بنغ"، النشرة الداخلية للنقاش الأممي، المجلد 19 العدد3 ، حزيران 1983، ص5-16. بالاشتراك مع لو ك.، "لا يزال ضرورياً" استخلاص الدروس من فشل التروتسكيين الصينيين (أطروحة مقدمة إلى المؤتمر القادم للأممية الرابعة)"، أيلول 1983، 8 صفحات منسوخة.
(49) لا أعطي كبير اعتبار للمحاولات الحاذقة للتميز بين "الطور" و"المرحلة" ، وهي حجة متقلبة بوجه خاص حين تجري ترجمتها إلى 60 لغة مختلفة.
(50) على المدى البعيد، يجب أن يكون هناك تطابق بين الطبيعة الطبقية للدولة ونمط الإنتاج السائد، أو بوجه أكثر عمومية –إذا ما شملنا المجتمعات الانتقالية –البنية الاجتماعية-الاقتصادية. لكن ما يميز فترات الثورات الاجتماعية إنما هو بالتحديد التعارضات بين المستوى السياسي للدولة والمستوى الاجتماعي الاقتصادي. في فترات كهذه، يفرض دور الدولة نفسه بقوة خاصة كعامل تاريخي وليس بالضبط كنتاج تاريخي.
(51) ليو، التقرير السياسي للجنة المركزية للح.ش.ص إلى المؤتمر القومي الثامن للحزب" (15 أيلول 1956)، في المؤتمر القومي الثامن للحزب الشيوعي الصيني-وثائق، بايجينغ، 1981، ص15:Foreign Languageo Press
(52) انظر ليو، ماو يأخذ ...، و"تشكل الشيوعية الصينية والبروز الماوي". وتحليل ليو يلتقي جزئياً مع تحليل ديفيد روسيه حول الصين والاتحاد السوفياتي. لكنهما يفترقان أيضاً حول بعض النقاط. يستخدم ديفيد روسيه مفهوم رأسمالية الدولة ويدرس مسار تلك الثورات في إطار أزمة انتقال دولية أسبابها تتعلق بتطور قوى الإنتاج بشكل سريع إلى حد أنها تتخطى قدرات الطبقتين الأساسيتين القديمتين، البورجوازية والبروليتاريا، انظر المجتمع المنفجر، باريس : غراسيه، 1973، وحول الحرب، باريس: رآمساي، 1986.
(53) لوسيان بيانكو، أصول الثورة الصينية ، 1915-1949، ستانفورد كاليفورنيا، ستانفورد يونيفرسيتي برس، 1971، وفي مقدمة النسخة الفرنسية الأخيرة (باريس غاليمار، 1987)، يعرض الكاتب تطور تفكيره على مدى عشرين سنة منذ النسخة الأولى.
(54) بدا أن عدد الكوادر المركزيين في الحزب الشيوعي الصيني الذين استسلموا بعد هزيمة 1927 كان صغيراً إلى حد بعيد.
(55) انظر بيانكو، مرجع مذكور ، الفصل الختامي.
(56) عرف ماركس ذلك جيداً، فدرس الروسية "ليدرس البلاد ويستوعب فرادتها.
(57) إن مجتمعاً معطى ، أو تشكيلة اجتماعية ملموسة، هو نتاج تاريخ قديم وحديث خاص ، وبالتالي فريد على الدوام.
(58) تلك نقطة لفت انتباهي إليها لسلي إيفانز.
(59) في إطار الصيغة العامة لتحالف البروليتاريا والفلاحين الكاسب إلى جانبه البورجوازية الصغيرة، وهو ما يجب أن يكون واضحاً.
(60) انظر على سبيل المثال المقاربة المقارنة التي صممها فريتجوف تيشلمان، تطور أندونيسيا الاجتماعي، نمط الإنتاج الآسيوي وتراثه، ذي هاغ/بوسطن/لندن: مارتينوس نيجهوف، 1980.
(61) بالإضافة إلى التشكيلة الاجتماعية: طبيعة المرحلة ، الظرف القومي والإقليمي والعالمي، مسار النضال وأشكال ازدواجية السلطة، الواقع الملموس لميزان القوى، التقاليد السياسية، الخيارات التي اتخذها الفاعلون الثوريون والمعادون للثورة.
(62) انظر بالأخص، غريغور بنتون، "المعارضة الأدبية" في ينان، نيولفت ريفيو، العدد 92 ، تموز-آب 1975، ومقاله...........Wild lilies, Poisonous Weeds
(63) انظر غريغور بنتون، "إطلاق سراح القيادي التروتسكي زنغ شاولين في الصين، أنبريكور ، العدد 59، 19 أيلول 1979، ومنشورات بيانكو وشيفرييه، القاموس السيري....
ثمة تراث صلب من معاداة التروتسكية في الحزب الشيوعي الصيني يبدو أن كل قادته ساهموا فيه. انظر على سبيل المثال شو ده، حول أسباب قيام تكتل تروتسكي معارض في الصين وآفاقه" (ت1 1929)، المختارات، ج1، ص57-60. كذلك في مقالة أخرى مثيرة يطلق شو ده شتيمته المعتادة "حرب الأنصار المعادية لليابان"، المختارات، ج1، ص47.
(64) تبنت اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية قراراً حول المسألة الصينية يندد بشدة بالميوعة التي تم بها تطبيق الحملة المعادية للتروتسكية: "في هذا المجال، بدا الحزب بعيداً كل البعد عن أن يكون قد فعل ما دعي إليه. من الخطأ الفاضح اعتبار التروتسكيين حزباًُ أو تياراً سياسياً، كذلك ليست مقبولة قطعاً الطريقة التي طرح بها النداء الصادر في العام الماضي عن اللجنة المركزية مسألة إمكانية ضم التروتسكيين إلى الجبهة الموحدة القومية المعادية لليابانيين. علينا بكل الوسائل تدعيم النضال ضد التروتسكيين، هؤلاء العملاء للزمرة العسكرية اليابانية. "قرار أ.ش حول المسألة الصينية"، النقطة 7، أ.ش. والنضال ضد الفاشية والحرب، موسكو 1980، ص480. كانت القيادة الماوية تركت بالفعل المجال مفتوحاً أمام احتمال مشاركة التروتسكيين الصينيين في الجبهة الموحدة القومية المعادية لليابانيين. كانت تلك فترة محاكمات موسكو وكان مفترضاً أن تتخذ فروع الكومنتيرن إجراءات مماثلة. ونتيجة لتعليمات الكرملين، جرى اغتيال مناضلين ثوريين عديدين-تروتسكيين وغير تروتسكيين –بطريقة إجرامية في كل العالم.
(65) بسبب التقاء برنامج الحزب ووعي البروليتاريا (الكامن) لمصالحها الخاصة بها كطبقة، وهو أمر لا ينطبق على الفلاحين.
(66) على وجه الخصوص، ينبغي اتخاذ إجراءات اجتماعية –اقتصادية تحدد بصراحة مستوى معيشة الكوادر من القاعدة إلى القمة.
(67) وتعتبر تلك النقطة الأخيرة هامة لأن الانتقال إلى الاشتراكية يتطلب تنظيماً على المستوى العالمي. إن بناء الاشتراكية غير قابل للإنجاز ضمن الحدود القومية لدولة واحدة حتى لو كانت الأكبر على الأرض. بالطبع ، يمكن ويجب أن تتقدم الثورة دون انتظار انتشارها عالمياً، لكن لا يمكن أن يحدث هكذا تقدم إلا لقاء مصاعب متزايدة.
(68) إن هذا لا يعارض المفهوم العالمي للثورة وإعادة البناء الاشتراكية. للأسف فإن ماوتسي تونغ إما بسبب تجربته أو لأنه حاول أن يجعل من الضرورة فضيلة، تصور بناء الاشتراكية "في بلد واحد".


ملخص الأحداث الرئيسية

1839-1842: حرب الأفيون.
1850-1864: ثورة الـ"تايبنغس".
1899-1900: تمرد الـ"بوكسر".
1911-1912: الثورة الجمهورية ("الثورة الصينية الأولى").
1914-1918: الحرب العالمية الأولى.
1918-1919: تأسيس الأممية الشيوعية.
1919: حركة الرابع من أيار.
1921: تأسيس الحزب الشيوعي الصيني.
1925-1927: "الثورة الصينية الثانية".
1928: "ماوتسي تونغ "و"زو دي" في الـ"جنغانشان".
1929-1934: جمهورية "جيانغسي" السوفياتية.
1930: فشل الانتفاضة الشيوعية في "شانغشا".
1931-1932: اليابان يحتل شمالي-شرقي الصين ويهاجم شانغهاي.
1934-1935: المسيرة الطويلة-مؤتمر زون يي-المؤتمر السابع للكومنترن.
1936: "حادثة كسيان" (كانون الأول/ديسمبر).

1937-1945: الحرب الصينية اليابانية
1937-1938: تقدم ياباني وسقوط ووهان(ت1، أكتوبر1938).
1939-1945: الحرب العالمية الثانية.
1939-1940: المعاهدة السوفياتية –الألمانية والعاهدة الثلاثية-(ألمانيا، إيطاليا، اليابان).
1941: "حادثة جنوبي آنهوي" (الجيش الرابع الجديد)-ألمانيا تهاجم الاتحاد السوفياتي-بيرل هاربر: الولايات المتحدة الأمريكية تعلن الحرب على اليابان-القمة العسكرية بين بريطانيا والولايات المتحدة والصين.
1942: "الحركة التصويبية" داخل الحزب الشيوعي الصيني.
1943: مؤتمر القاهرة –حل الأممية الشيوعية.
1944: القوات اليابانية تحتل "شانغشا".
1945: مؤتمر يالطا-المؤتمر السابع للحز.ش.ص. –استسلام ألمانيا النازية –الكارثة النووية (هيروشيما-ناغازاكي) –الاتحاد السوفياتي يعلن الحرب على اليابان-استسلام اليابان -المعاهدة الصينية السوفياتية-مفاوضات السلام بين الحزب الشيوعي الصيني والكومينتانغ، الحروب الأهلية الصغيرة.
1946-1949: الحرب الأهلية الشاملة في الصين.
1946: استئناف الإصلاح الزراعي-هجمات قوات الكومينتانغ في شان دونغ ويانغسو.
1947: هجوم شيوعي في منشوريا –تعبئات طلابية –جيش الكومينتانغ يحتل "يانان"-هجمة مضادة للقوات الشيوعية في الصين الوسطى- إعلان "القانون الزراعي".
1947-1948: الاضطرابات العمالية.
1948: هجمة شيوعية على نطاق واسع.
1949: إعلان تأسيس جمهورية الصين الشعبية في 1 تشرين الأول /أكتوبر 1949.
1950: هروب الكومينتانغ إلى تايوان.
1950-1953: الحرب الكورية.

التنضيد : واصل العلي – حمص سوريا تاريخ 14/10/2005