النهج الضبابي والانتهازي لن يخدع الجماهير (رفض الشعب العراقي للأحزاب السياسية)


كريم الزكي
2015 / 8 / 14 - 10:49     

النهج الضبابي والانتهازي لن يخدع الجماهير(رفض الشعب العراقي للأحزاب السياسية)
شعارات وهتافات المتظاهرين العراقيين تطالب بعدم تدخل الأحزاب السياسية في الحراك الجماهيري الضخم الذي يتزايد في الشارع العراقي كل يوم ويتسارع باضطراد مستمر معبراَ عن مشاعر الجماهير وإحساسها المستمر بما عاناه الشعب العراقي خلال الخمسين سنة المنصرمة من ظلم وقهر وحروب مستمرة .
من المؤسف واللافت للانتباه أن الشارع العراقي رفض ويرفض كل الأحزاب . وكذلك الأحزاب التي تدعي اليسار ورفضها من قبل الشارع العراقي هو لعدم قدرتها على تحمل مسؤوليتها والنهوض بمهامها ودورها التاريخي المفروض أن يكون ملقى على عاتقها .
ومن أهم الأسباب التي ادت الى خسارة قوى اليسار مواقعها بين الجماهير هو تخليها على مبادئها الأساسية وركنها على الرف وخوضها صراعاَ فكرياَ وتنظيمياَ داخلياَ بعيداَ كل البعد عن ما مكتوب في مناهجها وخوضها نضالاَ عنيدا فيما بينها بدون أي نهج فكري أو مبدئي . والملاحظ هنا كثرة الانشقاقات حتى بين الحزب أو المنظمة الواحدة على حد سواء . وهنا يبين لنا واقع هذه الصراعات والانقسامات داخل احزاب اليسار . وهو ناتج عن الطموح الشخصي لكوادر هذه الأحزاب في الاستحواذ على المناصب القيادية الحزبية . ونلاحظ وجود الكثير من هذه الشخصيات في رئاسة هذه المنظمات والأحزاب لسنين طولة وتقارب الربع قرن من الزمان (ضاربتاَ عرض الحائط اي نهج ديمقراطي تدعيه ) والملاحظ عن هذه القيادات أنها لم تكن قادرة على النهوض وتطوير عملها بين الجماهير وحتى غير قادرة على تحقيق ابسط المكتسبات والحقوق التي يعاني من فقدانها وضياعها الشعب العراقي , اضافة الى ضياع الوطن لفترات طويلة بين فكي الفاشية البعثية ومن ثم المحتلين وبعد الاحتلال بين فكي قوى الظلام التي جاء بها المحتل وسلمها السلطة , ومما يزيد الأمر سؤاَ نجد تحالفها(( مشاركة قوى اليسار ضمن العملية السياسية التي أوجدها المحتل )) الغير الشريف ومشاركتها حتى مع المحتلين ( مجلس الحكم) وكذلك مشاركتها في تحالف ظلامي مع قوى الظلام التي استلمت السلطة من يدي المحتلين وهو تحالف مبني على اساس المنافع الشخصية لهذه القيادات واستلامها لمناصب عدة في الدولة العراقية . مما جعلها شريك اساسي في العملية السياسية التي نصبها المحتل ووضع لها دستورها الذي مزق العراق . ولغاية اليوم نرى هذه الأحزاب لم تبادر عن التخلي عن هذه العملية السياسية العفنة والتي أودت بالعراق الى الهاوية والمجهول ووقوع أكثر من ثلث ارض العراق بيد قوى الظلام صنيعة المحتلين أيضاَ . وعلى الرغم من محاولتها المساهمة في حراك الشارع العراقي ولكن لم نجدها تتخلى عن هذه العملية السياسية فعلياَ , والمفروض أن تعلن امام الجماهير تخليها عن العملية السياسية بكل وضوح وبدون تردد وتعلن عن استقالة اعضائها من مناصبها في السلطة والبرلمان وتعلن وقوفها بكل قوة مع الشعب المنتفض وتكون قوى اساسية في هذه الانتفاضة العفوية العارمة . أن هذا النهج الضبابي والانتهازي لن يخدع الجماهير . أن التردد والخوف من النضال والتضحية في سبيل تحقيق أهداف الشعب العراقي و الخلاص من هذه الفترة المظلمة من حياته هي من اهم واجبات قوى اليسار في هذا الظرف العصيب الذي يمر به شعبنا .
لم يبخل شعبنا في انتفاضاته العفوية ( انتفاضة اذار 1991 ) حيث اسقط اربعة عشر محافظة واستلمت الجماهير زمام الأمور وأسقطت سلطة صدام الفاشية فيها . ولكن بدون دعم من اي حزب عراقي وطني او يساري , على العكس مررت ايران جهاز مخابراتها وعناصرها من مجموعات المجلس الأعلى لتخريب الانتفاضة . وجرها الى منحى طائفي ادى بالنتيجة الى الإجهاز عليها بكل سهولة من قبل النظام الصدامي . و بقت قوى اليسار تتفرج على كيفية تدمير قوى الانتفاضة من قبل نظام الطاغية صدام . و لا ننسى جلساتهم في بيروت البعيدة في حين كانت كردستان المحررة قريبة جداَ من بغداد حيث لم يجرأ احد من قوى اليسار عل المساهمة في الانتفاضة أو حتى الوصول الى بغداد والتي كانت فارغة من وجود اي قوات ضاربة للطاغية ايام الانتفاضة ..
اليوم خوفنا من أن تذهب مع الرياح تضحيات شعبنا الأبي في انتفاضته المستمرة وتركب الموجة مجموعات مشبوهة ترفع الشعارات البراقة بدون محتوى والهدف منها هو تمييع نضال شعبنا , والإتيان بنظام لا يقل اجراماَ عن النظام الذي اسسه المحتل الباغي
أن مهام وواجب قوى اليسار ( كي تبيض وجهها أمام الجماهير ) هو تقديم استقالاتها الجماعية من البرلمان والحكومة , و المطالبة والإصرار على إلغاء دستور بريمر الرجعي الطائفي وكتابة أو تعديل الدستور بما ينسجم في الغاء الطائفية المقيتة و سن دستور يلغي الى الأبد تدخل الدين في السياسة ويحصن البلد من تدخلات القوى الإقليمية ويعزز مبدأ مساهمة كل اطياف الشعب العراقي بكل ألوانه بتحمل المسؤولية ضمن مبدأ الكـــــفاءة و الإخـــــلاص والتضحيـــــة من أجـــــل الوطــــــــن .

14/8/2015