أصنامُ الفلّينِ الفخمة


شوكت جميل
2015 / 8 / 6 - 16:12     

هذا ديدنهُ و دوامه ، أن يقبعَ على كرسيهِ في بهوٍ رخاميٍّ شاسع ، غطّتهُ قبابٌ بلورية شفيفة ، و في يديهِ خرقته المبللة عطرا و ماء ..."غراب العامل" هكذا ينادونه ، و ما من أحدٍ يحفلُ ، فيما يبدو ، بباقي لقبه ،غرابٌ و حسب ، هذا ما يعرفونه ، لم تكن مهمةُ صاحبنا جسيمة ، فكل ما عليه أن ينهضَ بين الفينةِ و الفينة ، ليدور عليها و هي موزعةٌ أطرافَ البهو ، فيمسح ما علقَ بقسماتها الفخيمة من ذراتِ تراب ، و قد ينحني أحياناً _ و هذا ما يتعبه_ ليلعق بخرقته المنداة أصابعَ قدميها ،هذه الظهيرة ،لم يدرِ أي شيطان قد عراه ، فسلَّ من جيب قميصه المتهريء و لاعته الرخيصة ليشعل سيجارته الرديئة، رغم لافتات المنع ، و ينهض كدأبه و لكن ليدور عليها واحداً فواحداً مخلفاً خرقتهُ على كرسيه ، ما هي إلا لحيظاتٌ ،حتى عادَ صاحبنا قريراً إلى مجلسهِ ، يحدقُ في ألسنةِ النارِ تأكلُ أصنامَ الفلينِ الضخمة ، و هو يعبُّ دخانه بلذةٍ لم يألفها قبلاً ،ما بين صفير ونعيق ناذرات الحريق و هرج و نعيق الناس ؛كان منتشياُ كأنه لا يراهم ، و قد أسر عينيه عصفورٌ مرهق ، يحلقُ فوقَ القبة ..... و في جريدة الصباح يقرأ الناس : مجنون الحرائق يقول "أنا أخر الموحدين ، في هذا الكون الوثني"!.