الأيديولوجيات وحرب المصالح


لينا سعيد موللا
2015 / 7 / 16 - 09:47     



قبل أن تكون إيران شيعية كانت فارسية، وقبل أن تكون روما عاصمة الكاثوليكية كانت جوبيتيرية (( جوبيتير )) وحاكمة لكامل حوض المتوسط وبريطانيا، وهي التي استقدمت من حماة السورية في القرن الأول ميلادي فرقة من رماة السهام المهرة، ليصدوا هجوم الأسكتلنديين الزاحفين باتجاه الجنوب البريطاني، وكرمتهم بإعطائهم حقوق المواطنة، ومن ثم منحت حقوق المواطنة للاقليم السوري، ليحكم روما فيما بعد اربعة أباطرة سوريين ..

فارس وروما كانتا متصارعتين .
قبل أن تكون أثينا أورثودوكسية أقدمت على احتلال العالم .

الأيديولوجيا شكلت على الدوام أداة للتوسع عبر صناعة مناصرين وحلفاء، وهي بطبيعتها متغيرة عبر التاريخ بين أن تأخذ شكل الدين أو الفكر السياسي أو الثقافة واللغة .

لذلك عندما تنعت إيران اليوم يالشيعية، ليتصدر البعض بالهجوم على المذهب الشيعي انتقاماً من طموحات ايران التوسعية، وآخرون باتهام السعودية بكونها زعيمة التطرف الوهابي، ويقوم بدوره بالتهجم على المذهب السني على اعتبار أن القاعدة وداعش سنيتين، وأن السعودية تعتمد على الحركات المتطرفة لمد نفوذها، نكون أمام حالة من التعامي عن كون المصالح ثابتة لكن الأيديولوجيا متغيرة، تركيا ببقعتها الجغرافية تغيرت في تركيبتها السكانية وفي ثقافة سكانها ولغتهم ودينهم، لكن طموحاتها كدولة بقيت ذاتها، فالقسطنطينية التي تحولت إلى استانبول بقت عاصمة لأمبراطورية توسعية، وبقيت تعتبر الأقاليم العربية جزءاً من أراضيها وأن سكانها هم أتباع وأدوات لشن الحروب ولمزيد من التوسع.
وبقيت استانبول وطهران متحاربتين، يصعب توحيد أيديولوجيتهما لأنه وبكل بساطة تتنازعان في المصالح ودوائر النفوذ . لا بل أن الأيديولوجيا هي غطاء يهدف للحفاظ على المصالح، وفي حال اختلاف المصالح تختلف الأيديولوجيا .

ودعونا نخلص إلى أن المصالح لأي بقعة جغرافية لا تتغير وأن طموحاتها تبقى ثابتة، قد تغير في أيديولوجيتها وطريقة تسويقها وقد تغير شعاراتها .. لكن الهدف يبقى في تأمين مصالحها الجيو سياسية .

لقد ورث الأوروبيين الأرث الروماني كما ورثت طهران المستحدثة إرث دولة فارس، واستمر النزاع بينهما حول منطقتنا وكأن شيئاً لم يتغير .. فصحيح أن دول حديثة دخلت في لعبة اقتسام المصالح، لكن استانبول وطهران حاضرتان بقوة، أما نحن فما زلنا منذ زمن المناذرة والغساسنة منقسمون بين شرق وغرب . نهاجم الأيديولوجيا المتغيرة وننبش الماضي محافظين على ضيق الرؤيا، نبتكر العداوات ونجتر الكراهية، لكي نبقى أمينين على تبعيتنا، لا نقوى على حكم أنفسنا والدفاع عن مصالحنا، لأن السطحية بقيت ملازمة لنا عبر التاريخ، وهذا بحد ذاته يحتاج إلى ثورة .

وكل عام وأنتم بخير

قادمون

لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية