عبد الكريم قاسم و الرابع عشر من تموز

عبد الكريم قاسم و الرابع عشر من تموز
أسئلة الى اصدقائنا اليساريين
منير العبيدي
لا ادري ما هو وجه الاحتفال بالرابع عشر من تموز خصوصا بعد مرور فترة كافية لاعادة تقييم حدث مهم في تاريخنا الحديث ، انا شخصيا كنت من المحتفلين بالرابع عشر من تموز و لكنني على ضوء الوقائع الجديدة و معايير التقييم اجد نفسي اعتبر الحدث بداية الكارثة للعراق المعاصر.. هنا استغرب تماما ان يساريين و قسم كبير من ليبراليي اليوم من الذين باتوا يؤمنون بالديمقراطية يحتفلون بالحدث و يمجدون عبد الكريم قاسم.
دون ان اُكره احدا على تبني موقفي اطرح على يساريينا و ليبراليي اليوم هذه الاسئلة و اتمنى عليهم ان يجيبوا عليها من اجل الحقيقة.
1. قام الانقلابيون صبيحة الرابع عشر من تموز بقتل الملك و العائلة التي معه بما في ذلك النساء. تم سحل نوري السعيد في شوارع بغداد و سحبت جثة عبد الاله الذي كان جريحا من سيارة الاسعاف و تم قتله و التمثيل به و علقت جثته و هي مقطعة الاطراف ... السؤال : الا يتحمل عبد الكريم قاسم وزر هذا العمل باعتباره قائد العملية الانقلابية ؟ اذا لا ، لماذا لم يقم قاسم و الاحزاب الذي ساندته بإدانة هذا العمل؟
2. لو ان الاحزاب المتحالفة مع عبد الكريم قاسم و هو نفسه ادانت هذا العمل و اصدرت بيانا يتضمن ادانة و تنويها ان المكان الحقيقي لمحاسبة المذنبين هو قاعة المحاكم، الم يكن ذلك كفيلا بردع الرعاع و تربية الجماهير المنفلتة؟
3. هل تؤيد قيام الجماهير بتهديم تمثال الملك فيصل الاول و الجنرال مود؟ لماذا لم تصدر الاحزاب المساندة لقاسم و قاسم نفسه بيانا يقول فيه ان هذا غير جائز اذ يمكن الاحتفاظ بالاعمال الفنية في المتاحف و الاشارة اذا اقتضى الامر إلى أن هذه كانت تمثل مرحلة "طغيان" مثلا؟
4. لماذ يحق لقاسم ان يحاسب الشواف و الطبقجلي على المحاولة الانقلابية التي قاموا بها في حين هو وصل الى الحكم بواسطة عمل عسكري قتل فيه العائلة المالكة؟ ما هو السند الاخلاقي و الحقوقي الذي يتوفر عليه عبد الكريم قاسم لمحاكمة الانقلابيين؟ و كيف يمكنه محاكمة من حاولوا اغتياله طالما هو و العسكريين التابعين له قاموا بقتل العائلة المالكة بما في ذلك النساء العزل؟
5. الم يقم عبد الكريم قاسم بمحاربة الحزب الشيوعي الذي كان اكبر حزب في العراق و كان تعداد اعضاءه عشرات الالوف و قام بدلا من ذلك بتزييف حزبٍ شيوعي بقيادة داوود الصائغ و اعطاه اجازة عمل باعتباره الحزب الشيوعي الرسمي و اجاز صحيفته المبدأ باعتبارها الناطقة باسم الحزب الشيوعي رغم ان عدد اعضاء حزب الصائغ لم يتجاوزا المائة؟
6. ألم يقم المتصرفون (المحافظون) في عهده بمنع جريدة اتحاد الشعب الناطقة بإسم الحزب الشيوعي من الوصول الى العديد من المحافظات و خصوصا المحافظات الجنوبية رغم انها كانت حتى ذلك الحين جريدة علنية مجازة؟
7. الم يقم عبد الكريم قاسم بغلق مقرات انصار السلام و الشبيبة التابعة للحزب الشيوعي رغم ان هذه الاخيرة كان تمارس نشاطات رياضية و اجتماعية بحتة؟
8. الم يقم عبد الكريم قاسم باستبعاد و تجميد و اعتقال الضباط الاحرار الذين شاركوا معه في عملية الانقلاب من ذوي التوجه اليساري مثل خزعل السعدي و غيره مما مهد الانقضاض عليه و استمرار دورة الانقلابات؟
9. ألم يقم عبد الكريم باعادة عناصر امن النظام الملكي و اعتقال العديد من الشيوعيين بما في ذلك قياديون مثل ابو العيس الذي حكم بالاعدام في عهده و تم تنفيذ الحكم به بعد انقلاب شباط؟ ألم تقم عناصر منفلتة من ذوي التوجه القومي المتطرف بمنع "الديمقراطيين" و اليساريين من المشاركة في انتخابات العديد من المنظمات النقابية و خصوصا نقابة المعلمين و قاموا بضرب العديد منهم بالهراوات و المدي دون ان يحرك عبد الكريم ساكنا بل ان المسئول الانتخابي في عهده قد صرح ان كل شيء يجري "هادئا" و "على مايرام".
10. الم يصف سلام عادل السكرتير العام للحزب و الذي قتل بعد انقلاب شباط عبد الكريم قاسم انه طاغية قاد العراق الى طريق الهلاك؟
11. الم يقم عبد الكريم قاسم بإلغاء المؤسسات الدستورية في العراق الملكي دون القيام بتأسيس اي برلمان او هيئة تمثلية و حكم البلاد و حده بالبدلة العسكرية؟
12. أن التمسك بعبد الكريم قاسم هو محاولة للعثور على مجد من الماضي و هو من بعض الوجوه يشبه توجه الاحزاب الدينية في الارتكاز على الماضي لتبرير وجودها الحاضر، إلا تشترك معي في أن التوجه نحو الماضي و تبييض صفحة قائد عسكري محدود الافق ألغى المؤسسات الدستورية و شرع العنف هو دليل على الافلاس و عدم القدرة على صياغة برنامج مستقبلي؟
13. انا لا اختلف معك في أن عبد الكريم قاسم قد شرع تشريعات مهمة في مجال الثروة النفطية و تحديد الحد الاعلى للملكية الزراعية و حقوق المرأة و لكن هل قام بذلك ضمن الآليات الصحيحة أي الاليات الدستورية و التشريعية. اليس القيام بهذه التحولات دون سند اجتماعي و دستوري هو من بعض الوجوه انتحار ؟
14. كما لا اختلف معك في أن عبد الكريم قاسم كان نزيها. لا شك في ذلك. هل تعتقد ان النزاهة كافية لحكم بلد؟ الم تكن العائلة المالكة و نوري السعيد و الاغلبية من رموز النظام الملكي يتمتعون بالنزاهة؟
15. اذا كانت النزاهة كافية لحكم بلد ما فبإمكان المرء ان يجد مئات الالوف من النزيهين و لكن ربما ليس بينهم واحد قادر على الحكم ، ان فن الحكم لا يتطلب النزاهة فقط بل القدرة و الرغبة على بناء مؤسسات و قيادة سياسة خارجية و اقتصادية حكيمة ، الا تتفق معي في ذلك؟
16. أخيرا و ليس آخرا: الا تعتقد ان 14 تموز قد فتحت الطريق لانقلابيين آخرين للقيام بالامر نفسه و كانت هي نفسها بداية انحدار العراق للتهلكة.
لا اجد في الماضوية و مغازلة مشاعر الجماهير البسيطة المولعة بالنزاهة مخرجا لازمة اليسار و لا منقذا له ، انما النظر الى الامام لطرح برنامج مستقبلي يقوم على النقد الموضوعي للماضي و للسلوك السياسي للقادة.
لاحظ معي ان كل عناصر اليسار الذين دعموا عبد الكريم قاسم و رغم انهم يدعون اللبرالية الان و ينشطون في منظمات ديمقراطية لم يقوموا حتى بادانة اعمال العنف التي حدثت في عهده و لا ادري كيف يستقيم الديمقراطي مع نظام عسكري الغي كل المؤسسات التمثيلية..
فائق احترامي