عالم جديد الفصل 5 مايور: النساء يُحرِّكن العالم


خليل كلفت
2017 / 2 / 20 - 10:57     

ترجمة خليل كلفت و على كلفت
عالم جديد الفصل 5 مايور وبانديه النساء يُحرِّكن العالم

ما هى الأشياء الإيجابية التي ستحتفظ بها ذاكرة المؤرخ من القرن الماضي على مدى قرن أو قرنين من الآن؟ ربما، إلى جانب عدد من الإنجازات المذهلة، البداية الأكثر حذرا لثورة كبرى: تحرير المرأة.
وفى البداية لم تكن هذه الحركة الكبرى مدرجة في برامج أي حزب تقريبا، أو في جدول أعمال أي مؤسسة تقريبا. والواقع أنها أكدت نفسها من خلال التاريخ، من خلال النزاعات - من خلال الاحتجاج المنظم للنساء، ومن خلال الدلائل، الملحوظة أثناء الحروب ونضالات التحرر الوطني، على أن النساء، في غياب الرجال، استطعن باقتدار أن يجعلن "الآلة تدور". ورغم المظاهر، لم يكن التغير في وضع المرأة - إلا في أحوال نادرة - مفروضا بحكم القانون: إن هذا التغير هو الذي فرض نفسه على القوانين. ومن الإنصاف للنساء أن نعترف بهذه الحقيقة: كان تحريرهن، في المقام الأول، من عملهن، المجهول والصامت، حتى وإن كان عدد كبير من الرجال المستنيرين قد أسهموا في ذلك إسهاما حاسما.
على أن هذه الثورة بعيدة عن أن تكون قد تحققت وأنجزت مهامها. لقد ظل صوت نصف العالم صامتا في أغلب الأحيان(1). وبطبيعة الحال فإنه هنا أو هناك، في عدد من البلدان الغنية، وفى بعض العواصم المتميزة، وفى عدد من الأحياء السكنية في الجنوب، حطمت المرأة قيودها دون شك. ومع ذلك فإن المرأة، حتى في تلك المجتمعات التي اعترفت بها كمواطنة، تظل في أغلب الأحيان "جارية معتقة". إن القطيعة مع الاستعباد ما تزال لم تصل، حتى في البلدان الأكثر تقدما، إلى التمتع الكامل بالحقوق، إلى الحرية والمساواة الفعليتين.
وفى أماكن أخرى، بدأ التحرير بالكاد. وقد بدأ بالمبادئ المدرسية، بألف باء الحرية، المكتوبة في المحل الأول على سبورة الفصل الدراسي، على الكراريس المدرسية، على جدار المدرسة، مع التمزق البطيء لستار الجهل. غير أنه لا شئ قد تم كسبه بصورة نهائية: ففي البلدان الأكثر صناعية، نلاحظ هنا وهناك، منذ عدد من الأعوام، نزوعا إلى النكوص والتقهقر. وفى نظر خصوم المساواة بين الجنسين فإن أنصار المساواة قد ذهبوا إلى "أبعد مما ينبغي". وفى بلدان بالذات ما كادت تضع أقدامها على الطريق الذي يقودهن إلى المدرسة وإلى المعرفة يقوم تعصب أعمى باغتيال تلميذات المدارس. كما أن بعض الإنجازات التي ما تزال هشة إلى الآن، مثل تعليم البنات أو المساواة في الحقوق المدنية، يمكن أن تتعرض لإعادة النظر.
وبطبيعة الحال فإنه لا يمكن إنكار تحسين وضع المرأة الذي تحقق خلال العقود الأخيرة. غير أن هذا التحسين لا ينبغي أن يخفى الفوارق الصارخة التي ما تزال قائمة إلى يومنا هذا. وكما شدد برنامج الأمم المتحدة للتنمية(2) فإنه بين كل صور عدم المساواة في التنمية، يمثل عدم المساواة بين الجنسين واحدة من الصور الأكثر نوعية، وهو "يخترق" كل البلدان، حتى البلدان الأكثر تقدما والأكثر اعتزازا بإنجازاتها في هذا المجال: وبالفعل فإن النساء لا يتمتعن بصورة حقيقية، في أي أمة أو أي بلد، بنفس الفرص التي يتمتع بها الرجال. وفضلا عن هذا، وعلى العكس من عدد من الآراء السائدة، فإن الإنجازات في مجال المساواة بين الجنسين لا تتوقف دائما على ثروة بلد، ولا حتى - وهذا هو الأكثر إثارة للدهشة للوهلة الأولى - على مستوى ما يسميه برنامج الأمم المتحدة للتنمية "بالتنمية البشرية". إن الدخل ليس العامل الحاسم في هذا المجال.
ويبين برنامج الأمم المتحدة للتنمية الثغرات الماثلة في مفهوم التنمية البشرية الذي لا يعكس بوضوح المستوى المتحقق في مجال المساواة بين الجنسين، وعلى هذا يدقق مؤشره للتنمية الذي يقوم من الناحية الأساسية على ثلاثة معايير (نصيب الفرد من الدخل، ومستوى التعليم، والعمر المتوقع عند الولادة) بإضافة "مؤشر جنسي نوعى" (مؤشر التنمية المرتبط بالجنس)، آخذا في الاعتبار الفوارق بين النساء والرجال في هذه النقاط . ومنذ 1970، قامت كل البلدان بتحسين وضع النساء، ولكن بصورة متفاوتة، ودون أن يكون الارتباط بالدخل آليا. ووفقا للتصنيف الموضوع في 1998، تأتى كندا والنرويج على رأس القائمة في هذا المجال، وتليهما السويد وآيسلندا. ومع ذلك فإن 60 بلدا من أصل 163 من البلدان المصنفة يأتي ترتيبها وفقا "للمؤشر الجنسي النوعي" أدنى من الترتيب الذي تشغله وفقا لمؤشر التنمية البشرية، مما يعكس التفاوت في معاملة النساء. على أن ما يلفت النظر أكثر هو أن هذا التصنيف يكشف عن أن عددا من البلدان النامية تسبق بكثير بلدانا أخرى مع أنها أغنى منها كثيرا. هكذا تسبق باربادوس سويسرا وإيطاليا؛ وتسبق الصين بعشرة أماكن بلدا غنيا منتجا للبترول، في حين أن نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي في الصين نصف مثيله في ذلك البلد؛ وتلي تايلندا عن قرب بلدا عضوا في الاتحاد الأوروبي، يصل نصيب الفرد من الدخل فيه إلى أكثر من أربعة أضعاف مثيله في تايلندا(3). وفضلا عن هذا فإن بلدانا تتصرف في موارد محدودة، ولكنها تبدى التزاما سياسيا حازما، مثل الصين، وسرى لانكا، وزيمبابوي، حققت معدلا مرتفعا من محو أمية النساء، في حين أنه في نظر برنامج الأمم المتحدة للتنمية "تأتى بلدان غنية عديدة في المؤخرة"(4).
ويعنى هذا أننا لا ينبغي، في النضال ضد عدم المساواة بين الجنسين، أن نبالغ في تقدير نمو الدخل القومي وحده. فهذه قبل كل شئ مسألة رؤية وإرادة سياسية. وهذا الجهد ليس مرتفع التكلفة بالضرورة. بل إنه يمكن، على العكس، أن يؤدي إلى زيادة فرص تنمية أحد البلدان. ويجب أن ندرك أن مجتمعا لا توضع فيه النساء بصورة صارمة على قدم المساواة والتكافؤ مع الرجال، من الناحية القانونية ومن الناحية الفعلية، إنما هو مجتمع متهالك، تكون إنجازاته بالضرورة دون إمكاناته المبدعة والمنتجة الحقيقية، ويأبى التصدي لتحديات القرن الجديد في شروط مُثلى.
إنجازات
ولا شك في أنه قد تحققت إنجازات رئيسية على النطاق العالمي خلال العقدين الأخيرين، خاصة في مجالات اختصاص اليونسكو. وقد تحققت أروع الإنجازات بالفعل في مجال التعليم: تقلصت الفوارق بين الجنسين، فيما يتعلق بمحو أمية الكبار والتعليم المدرسي للأطفال بنسبة النصف بين 1970 و1990. إذ أن معدل محو أمية النساء، الذي كان يمثل 54% من معدل الرجال في 1970، انتقل إلى 74% في 1990. وفى الوقت الحالي، تتلقى 85% من البنات التعليم الابتدائي مقابل كل 100 من الأولاد، مقابل 65% في 1960. وبين 1970 و1990، في البلدان النامية، ارتفع معدل التحاق البنات بالتعليم الابتدائي بنسبة 1.7% في السنة، في حين لم يرتفع معدل التحاق الأولاد إلا بنسبة 1.2%. وارتفع معدل التحاق البنات بالتعليم الابتدائي والثانوي في البلدان النامية من 38% في 1970 إلى 68% في 1992. وكانت النتائج مدهشة بنفس القدر في التعليم العالي، حيث يصل معدل التحاق النساء فيه الآن إلى 70% من معدل التحاق الرجال، في حين أنه كان يصل إلى نصف معدل جنس الذكور في 1970(5). وفى قلب المجتمع الدولي، يوجد الآن إجماع على اعتبار أن التعليم، وعلى وجه الخصوص تعليم النساء، يمثل الاستثمار الأفضل(6).
وقد تم أيضا تحقيق إنجازات مهمة في مجال الصحة، فقد ارتفع العمر المتوقع عند الولادة للنساء بمعدل أعلى بنسبة 20% من معدل الرجال خلال العشرين سنة الأخيرة. وتقلص معدل خصوبتهن بنسبة الثلث، منخفضا من 4.7 أطفال للمرأة بين 1970 و1975 إلى 3 أطفال بين 1990 و1995، ولم تقتصر نتيجة هذا على زيادة حرية وخيارات المرأة، بل امتدت إلى تقليل أخطار تعرضهن للموت أثناء الولادة أو خلال الحمل. وخلال عشرين عاما، انخفض معدل "وفيات الأمهات" أثناء الولادة بنسبة النصف. ومنذ 1990، في البلدان النامية، لجأت نسبة تزيد على نصف النساء المتزوجات اللائى في سن الإنجاب إلى وسائل حديثة لمنع الحمل، في حين أنه في 1970 لم يكن هذا هو الحال إلا بالنسبة لربع عددهن(7).
وفيما يتعلق بالإنجاب، سمح مؤتمر الأمم المتحدة بشأن السكان والتنمية (القاهرة، 1994) وبشأن النساء (بكين، 1995)، بتعزيز "الاعتراف بالحق الأساسي لكل زوج وزوجة ولكل الأشخاص في أن يقرروا بحرية وبطريقة مسئولة عدد أطفالهم والمسافات بين الولادات وفى أن يتم إعلامهم بوسائل تحقيق ذلك، وكذلك بالحق في التمتع بأفضل حالة صحية ممكنة فيما يتعلق بالجنسية والإنجاب" (برنامج عمل بكين، المادة 95). ويبدو لنا هذا الاعتراف أساسيا، لأن الحرية والمسئولية لا يمكن الفصل بينهما في هذا المجال. فضلا عن أن هذه المسئولية ليست فردية فقط بل هى أيضا جماعية، حيث إنها تمر بالضرورة بتعبئة الموارد لصالح تعزيز المرأة، والأطفال، والأسر، خاصة في مجالات التعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية. وينادى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عن حق، بأن "الأمومة والطفولة لهما الحق في مساعدة ومعونة خاصتين" (المادة 25)، وأن "الأسرة [...] لها الحق في التمتع بحماية المجتمع والدولة" (المادة 16).
وببطء شديد، تنفتح أبواب السلطة السياسية قليلا أمام النساء، على الأقل في عدد من البلدان. وصار وصولهن إلى الحكومة أقل ندرة، وهذا في أغلب مناطق العالم: تضاعف عدد الوزيرات خلال الأعوام العشرين الأخيرة(8). وفى السويد، 40% من البرلمانيين من النساء؛ وهذه النسبة مماثلة تقريبا في النرويج(9). وفى الولايات المتحدة، في حين أوضح استطلاع للرأي في 1937 أن 65% من الناخبين الذين تم سؤالهم اعترضوا على فكرة التصويت للمرأة في انتخابات الرئاسة، حتى إذا كانت جديرة بمنصب الرئاسة، انخفض هذا الرقم إلى 12% في 1987. وهذه الإنجازات ملحوظة أكثر أيضا في الجنوب، رغم الأفكار الزائفة بهذا الصدد: النساء يتمتعن بتمثيل أفضل، في المتوسط، في برلمانات البلدان النامية مما في برلمانات البلدان الصناعية(10). وفى الديمقراطيات، تلجأ النساء إلى وسائل جديدة لإسماع صوتهن: عندما تقرر جمعية نسائية أن تعلن عن طريق الصحافة أنهن سوف يقاطعن المنتجات التي يتم الإعلان عنها في برامج شبكة تليفزيونية، بسبب عنف هذه البرامج فإنه يمكن أن تتغير كل برامج هذه الشبكة بين عشية وضحاها.
خيبات أمل:
التمييز والفقر والعنف
رغم هذه الإنجازات، ما نزال بالفعل بعيدين جدا عن المساواة الفعلية التي تطمح إليها النساء عن حق منذ وقت طويل جدا، والتي اعترفت الأمم المتحدة بها لهن. ويجدر بنا بالفعل أن نتذكر، رغم ميل بعض الدول إلى رفض فكرة المساواة وتفضيل فكرة الإنصاف عليها، أن التمتع المتساوي للنساء والرجال بحقوق الإنسان مبدأ معترف به عالميا في ميثاق الأمم المتحدة. وجرت إعادة تأكيد هذا المبدأ بإعلان فيينا، الذي اعتمدته 171 دولة في مؤتمر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 1993.
والحقيقة أن الفوارق بين الرجال والنساء في مجال التعليم قد تم تقليلها بنسبة النصف خلال العشرين سنة الأخيرة: ولكن هل يمكن أن نسمح لأنفسنا بالانتظار عشرين سنة أخرى قبل أن تتحقق المساواة في الحصول على التعليم في الممارسة العملية. وتستمر أشكال من عدم المساواة لا يمكن التسامح معها. ووفقا لإحصائياتنا فإن حوالي ثلثي نحو 880 مليون من الأميين في العالم من النساء، ولا تعرف امرأة واحدة من كل ثلاث نساء من الكبار القراءة والكتابة مطلقا في الوقت الحالي. وتعيش غالبيتهن في المناطق الريفية(11). ومن أصل 130 مليون من الأطفال الذين لا يمكنهم الحصول على التعليم الابتدائي، ما تزال البنات يمثلن 60% من الإجمالي. وفضلا عن هذا، وكما أوضحت الدول المشاركة في قمة بكين، ما تزال البرامج المدرسية والمواد التربوية "مطبوعة إلى حد كبير بطابع التحيزات الجنسية". ولا يقتصر الأمر على أن المقررات المدرسية لا تعالج مشكلات تطرح نفسها بصورة يومية على النساء والبنات، بل،علاوة على هذا، تمرّ في أغلب الأحيان إنجازات النساء في صمت(12). وفى الولايات المتحدة، وفقا لدراسة للجمعية الأمريكية للنساء الجامعيات، يحصل الأولاد على الأولوية في مواد مثل الرياضيات والعلوم والتكنولوجيا ويجرى إثناء البنات عن الدخول في مثل هذه التخصصات. ويتأكد هذا الواقع أيضا في البلدان الصناعية والبلدان النامية على السواء: النساء ناقصات التمثيل في الفروع العلمية(13). ومن ناحية أخرى فإن مشاركة أوسع للنساء في المهن التعليمية يمكن أن تكون لصالح التعليم المدرسي للبنات، حيث تضمر الأسر في بعض مناطق العالم بعض التحفظات على أن تعهد ببناتها الصغيرات إلى مدرسين. ويبدو تحرير الأطفال من المهام غير المدرسية في نفس أهمية إستراتيجية مدرسية من أي نوع.
ومع قدوم القرن الحادي والعشرين، يوجد على الأقل نبأ طيب نستطيع أن نسعد به: بصورة متزايدة، تغدو الأولوية التي يجب الاعتراف بها، بما في ذلك من حيث اعتبارات الموازنات، لتعليم النساء موضوعا لأوسع إجماع داخل المجتمع الدولي، وليس فقط لدى اليونسكو. ونحن نعلم من الآن - ولم يعد هذا مجرد اقتناع - أن ازدهار تعليم النساء يسهم بصورة حاسمة في التنمية. ويمكن أن تكون النتائج ملحوظة حتى بصورة مباشرة على المستوى الاقتصادي: وفقا لدراسات عديدة للبنك الدولي في كينيا فإن الوصول بالنساء إلى نفس مستوى تعليم الرجال من شأنه أن يرفع غلات محاصيل القوت الضروري من 9% إلى 22%، كما أن تأمين تعليم ابتدائي لجميع النساء سوف يرفعها بنسبة الربع. وفيما يتعلق بالدراسات الميدانية بشأن تأثير تعليم النساء على التنمية الاجتماعية فإنها غزيرة: في البرازيل، الأمهات اللائى لم يترددن مطلقا على المدرسة لديهن في المتوسط 6.5 أطفال، بدلا من 2.5 لدى الأمهات اللائى حصلن على تعليم ثانوي. وفى الولاية الهندية كيرالا، التي وصلت إلى محو الأمية بصورة كاملة، صار معدل وفيات الأطفال هو الأضعف في كل العالم النامي، ومعدل الخصوبة هو الأكثر انخفاضا في الهند. وفى الجنوب، ولكن أيضا في الشمال، تغدو المرأة بهذا، كما قال ادجار موران Edgar Morin برشاقة منذ ثلاثين سنة عن نساء بريتاني في بلوزيفيت، "العميل السري للحداثة".
ورغم احتياجاتهن النوعية، في مجال الصحة والتغذية، ما تزال النساء، خاصة في العالم الثالث، أقل تمتعا بالرعاية من الرجال(14). وتموت حوالي 600 ألف امرأة كل عام في العالم نتيجة المضاعفات المرتبطة بالحمل أو الوضع، 99% منها في البلدان النامية، كما أوضحت منظمة الصحة العالمية في شباط/ فبراير 1997(15). وعلاوة على هذا فإن من المعتقد أن الإجهاضات التي تم إجراؤها في أوضاع صحية مفزعة هى السبب وراء 100 ألف حالة وفاة في السنة. وتقدر الأمم المتحدة أن ملايين النساء يغدون معاقات في أعقاب هذه الإجهاضات. وفضلا عن هذا فإن الإيدز(16) يهددهن بصورة مباشرة: عدد النساء المصابات بعدوى فيروس نقص المناعة البشرية أعلى مرة ونصف من عدد الرجال المصابين بها. وفى الوقت الحالي، تمثل النساء 40% من الحالات الجديدة لهذا المرض مقابل 10% منذ عشرة أعوام(17).
والنساء أول ضحايا الفقر. وبنسبة تزيد على الثلثين فإن الفقر له وجه امرأة - وجه صامت، بلا صوت - وجه لا نريد في كثير من الأحيان حتى أن ننظر إليه، وجه جرى إبعاده إلى هامش مجال الرؤية الاجتماعية. والواقع أن 70% من أصل 1.3 مليار من الفقراء في العالم من النساء. ويقدر عدد كبير من الخبراء أن الفقر الشديد المرتبط، كما هو الحال في كثير من الأحيان، بالتمييزات، يؤدي كل عام إلى وفاة ملايين الشابات والنساء، وخاصة النساء المسنات. ووفقا ل ميشيل أولانيون Michèle Aulagnon فإن "خطر السقوط في الفقر أكبر كثيرا عند النساء مما عند الرجال، خاصة بعد عمر بعينه، عندما تستند نظم الحماية الاجتماعية إلى مبدأ وظيفة مستمرة مدفوعة الأجر"(18).
وخلال عشرين سنة، تضاعف تقريبا عدد النساء اللائى ضربهن الفقر في البيئة الريفية: وصل عددهن إلى 564 مليون في 1988. وأسباب الفقر النسائي، الحضري والريفي، متعددة. ومثل عدم المساواة بين الجنسين بوجه عام فإن الفقر له أسباب معقدة "يتداخل فيها المجال العام والمجال الخاص، المؤسسات و’السوق‘ (سوق العمل وسوق الزواج)"، وفقا ل جى هيرتسليش Guy Herzlich- وهذا ما يؤكده تقرير حديث للبنك الدولي(19). وعلى سبيل المثال فإن النساء يعانين من صعوبات كثيرة في الحصول على الائتمان، أو شراء السلع، كما يقع عليهن الإجحاف في كثير من الأحيان في المواريث. وفى الجنوب، تشغل النساء جانبا كبيرا من الوظائف في "القطاع غير الرسمي"، ويعانين بالتالي من هزال أجورهن أو انعدامها ومن ضعف حمايتهن. وعلى سبيل المثال فإنه في بيرو، في ثمانينيات القرن العشرين، كانت أربعة أخماسهن يعملن في هذا القطاع. وفى أفريقيا بوجه خاص، دفعت الأزمة وانغلاق الآفاق الاجتماعية والاقتصادية النساء نحو القطاع غير الرسمي. ووفقا لليونيسيف فإن حوالي 60% من النساء اللائى يقمن بنشاط اقتصادي في أفريقيا جنوب الصحراء يعملن لحسابهن الخاص، وهذا أعلى معدل في العالم. غير أن هذه أنشطة صغيرة هزيلة الأرباح. وتقدر الباحثة الاقتصادية جينيت يومان Ginette Yoman، من كوت ديفوار، أنه في أفريقيا الغربية، تدير المرأة 30% من الأسر، وهذه هى الأسر الأكثر فقرا(20).
والبلدان الصناعية غير مستثناة. وفى حين أن مستوى تعليم وتدريب الرجال والنساء متكافئ في هذه البلدان إلا أن النساء أكثر تعرضا لأخطار الفقر من الرجال. لماذا؟ أولا، لأنه يقع عليهن بصورة متزايدة عبء إعالة الأسرة، في بيئة كثيرا ما تكون منكوبة اجتماعيا وماليا. وبالفعل فإن النساء يقمن وحدهن بصورة متزايدة بإدارة الأسر: منزل من كل ثلاثة منازل وفقا للأمم المتحدة؛ وفى الكاريبى وفى بعض البلدان الأفريقية، يكون هذا الرقم أكثر ارتفاعا أيضا(21). وثانيا، لأن التمييزات تواصل ضرب النساء في سوق العمل.
وفى مجال العمل، لم تحدث بعد ترجمة تحسين تدريب النساء إلى تحسين للدخل، وإلى مساواة فعلية في الحقوق والمعرفة الاجتماعية. و"في كل بلدان العالم، ما يزال يُدفع للنساء أقل من الرجال مقابل العمل المتساوى"، كما تلاحظ منظمة العمل الدولية(22). وتدل البيانات المتوافرة على أن نسبة النساء "العاملات" ارتفعت بنسبة أقل من 4% خلال عشرين سنة، حيث ارتفعت من 36% في 1970 إلى 40% في 1990، وأن أجر النساء لم يصل في المتوسط إلا إلى ثلاثة أرباع أجر الرجال، وإلى 30% من الدخل الأجري العالمي. ورغم مستوى مماثل من الدراسات لمستوى الرجال في البلدان الصناعية بصورة خاصة فإنهن ما يزلن محرومات من الحصول على مناصب المسئولية في أغلب الأحيان، وبصورة خاصة في القطاع الخاص. وما تزال إدارة المشروعات وعدد كبير من أرفع المناصب في الخدمة العامة مغلقة أمامهن في أغلب الأحيان، حتى وإن كان يحدث في البلدان الغربية بصورة متزايدة أن تصل العديدات منهن إلى مستويات قريبة جدا من السلطة. وفيما يتعلق بأجورهن فإنها ما تزال بعيدة عن أن تقارن بأجور الرجال(23). وبكلمات أخرى فإن الأغلبية الساحقة من النساء يبقين حبيسات داخل ما يسميه بعض الاقتصاديين "الجيتو الوردي": العاملون في الخدمة، وزراعة الاكتفاء، والعمل المكتبي الهزيل الأجور(24). ومن جهة أخرى ففي كل مناطق العالم، تكون النساء أول ضحايا البطالة ونقص العمالة. ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية "يبقى الحصول على دخل مستقل هدفا بعيد المنال بالنسبة لغالبية النساء".
وفى المجال السياسي، ورغم التطورات الإيجابية الأخيرة، يبقى وصول امرأة إلى السلطة العليا استثناءً: منذ الحرب العالمية، انتخبت 28 فقط من النساء لرئاسة دولة أو حكومة؛ وفى 1997، كانت امرأتان فقط تقود كل منهما حكومة، وثلاث نساء كانت كل منهن على رأس دولة(25). وعلى النطاق العالمي، لا تشغل النساء في المتوسط سوى 11.8% من المقاعد البرلمانية، ولا تتجاوز هذه النسبة 30% إلا في أربعة بلدان(26). وفى 48 بلدا، لا توجد وزيرة واحدة؛ وفى 136 بلد، لا توجد امرأة واحدة تحمل حقيبة وزارية في مجال الاقتصاد، وفى كل أنحاء العالم، لا تتولى النساء سوى 9.9% من كل مسئوليات مساعدي الوزراء(27). وبين 1975 و1997، ظل تمثيل النساء في الهيئات التشريعية ثابتا تقريبا حيث كان بنسبة 12.5% على مدى عشرين عاما. وعلاوة على هذا فإنه، على النطاق العالمي، تحتفظ النساء بنسبة 7% فقط من المناصب الوزارية (ولا يتراوح المتوسط إلا بين 6% في البلدان الأقل نموا و3% في البلدان الصناعية). ويجدر بنا أن نؤكد أن مشاركة النساء في الحياة السياسية والاقتصادية ليست مرتبطة بالضرورة بمستوى تنمية البلدان: الواقع أن بعض البلدان النامية تتمتع بمعدل مشاركة أعلى من معدل بعض البلدان الصناعية. وهكذا فإن ترينيداد وتوباجو تسبقان المملكة المتحدة وأيرلندا، كما أن كوبا وكوستاريكا تسبقان فرنسا وإسرائيل، وكذلك فإن الصين والمكسيك تسبقان اليابان(28).
ويجب أن نفهم حقوق الإنسان باعتبارها حقوق الكائن الإنساني، الرجل والمرأة، على أساس صارم من التكافؤ. ومع ذلك فإنه في عدد كبير من البلدان، لا تتمتع النساء دائما بنفس المعاملة التي يتمتع بها الرجال فيما يتعلق بحقوق الملكية، وحقوق الميراث، والحقوق المرتبطة بالزواج والطلاق. ورغم أن الاتفاقية الخاصة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء، التي اعتمدتها الأمم المتحدة في 1979، بدأت السريان بالفعل منذ عدة أعوام، إلا أنه لم يصدق عليها سوى 161 بلد في نهاية 1998، إذ أن بلدانا عديدة لم تصدق عليها أو كانت لها تحفظات على بعض موادها. وقد شدد برنامج الأمم المتحدة للتنمية في تقريره لعام 1995على أن 90 بلدا ما تزال لا تعتبر نفسها في وضع يسمح لها باعتماد كل النصوص التي تقرر المساواة بين النساء والرجال أمام القانون.
وينعكس نقص حقوق النساء في الاضطهاد والظلم المعنوي والبدني اللذين تتعرض لهما النساء، في سياق الوضع غير المقبول المحدد لهن في أغلب الأحيان في المجتمع، وفى سياق التمييزات القانونية والعملية التي تعانى منها النساء. وعلى سبيل المثال، يتواصل استخدام العنف ضد النساء والاغتصاب كسلاح للحرب من أجل نشر الإرهاب والرعب أثناء النزاعات المسلحة(29). وكما يشير برنامج الأمم المتحدة للتنمية فإن الحط من قدر المرأة يبدأ حتى قبل أن تبدأ الحياة: إنه يدمغ طفولتها، ويصير عنصرا من عناصر الزواج، ويتجلى في كثير من الأحيان من خلال مختلف أشكال الاستغلال الجنسي، ويمكن أن ينتهي إلى القتل أو الانتحار. ومنذ فجر التاريخ يوجد عنف مألوف ويومي للغاية في قلب المنزل نفسه. ووفقا لدراسات أجريت في تشيلي، والمكسيك، وﭙ---اﭙ---وازى غينيا الجديدة، وجمهورية كوريا، فإن ثلثي النساء على الأقل تعرضن خلال حياتهن لصورة من صور العنف المنزلي. ويقدر برنامج الأمم المتحدة للتنمية أن هذه الظاهرة تؤثر على أربعة ملايين من النساء كل عام في ألمانيا، وفى فرنسا يضرب الأزواج مليونين من الزوجات، وفى الولايات المتحدة يكون هذا حال أربعة ملايين من الزوجات، وفى كندا، واليابان، وكوريا، عانت 25% إلى 60% من النساء من المعاملة السيئة التي يلقينها من شركائهن.
ووفقا للدراسات المتاحة، تعتبر هذه الأشكال من العنف في إطار الزوجية السبب الرئيسي وراء انتحار النساء. وتوجد أشكال أخرى للعنف: تقدر مصادر غير حكومية أن 25 ألف من النساء يتم حرقهن حتى الموت كل عام في الهند بسبب نزاعات على المهر (الدوطة)(30). وتقدر دراسات أخرى أجريت في كندا، ونيوزيلندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، أن امرأة من كل ست نساء يتم اغتصابها خلال حياتها. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، يسقط كل عام مليون طفل، من البنات بصفة رئيسية، في جحيم البغاء في آسيا. وأخيرا فإنه، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، تعانى 100 مليون من البنات من تشويهات للأعضاء الجنسية. وكل عام يقع مليونان من البنات ضحايا لذلك. ومن جهة أخرى، فمن بين 18 مليون لاجئ في العالم كله، 80% من النساء. وماذا نقول، فضلا عن هذا، عن العار الذي يمثله الاستغلال الجنسي للمراهقات الصغيرات، في البلدان الأكثر فقرا، من ضحايا "السياحة الجنسية"؟ ماذا نقول عن الفضيحة التي يمثلها اللواط مع الأطفال، المنظم في شبكات؟ وماذا نقول عن الصورة المشينة للمرأة، المعروضة "كجارية" في "الإعلانات المبوبة" لبعض وسائل الإعلام الشهيرة؟
وفى صدارة أشكال العنف ضد النساء يبرز الإجهاض التمييزى الذي يتمثل في إزالة الأجنة الإناث، وقتل الأطفال في شكل قتل البنات الصغيرات. وتبدو هذه الممارسات منتشرة بصورة خاصة في آسيا(31). ومن المؤسف أن الإنجازات التكنولوجية يمكن أن توسع نطاق هذه المأساة إذا استمر تصوير المرأة في مجتمعاتنا على أنها مصدر للمشكلات أكثر منها فرصة. وانطلاقا من دراسات محلية أجريت في آسيا أبرزت المجلة الأسبوعية الإيكونوميست الأخطار الرئيسية المرتبطة بإساءة استخدام فحص جنس الجنين بالأشعة فوق الصوتية لأغراض تتعلق باختيار الجنس(32). وبالفعل ففي حين أنه في الأوضاع العادية، يولد 106 من الأولاد مقابل كل 100 من البنات فإن هذا لم يعد هو الحال في عدد من بلدان آسيا حيث تكون النسبة بين الجنسين طبيعية بالنسبة للطفل الأول غير أنها تتغير بشدة في الولادات التالية. وهكذا تنتقل النسبة إلى 120.9 من الأولاد مقابل كل 100 من البنات بالنسبة للطفل الثاني في الصين وإلى 185 بالنسبة للطفل الثالث في جمهورية كوريا. ويفحص الوالدان جنس الجنين ويقرران بعد ذلك ما إذا كانا يريدان الإقدام على الإجهاض أم مواصلة الحمل إلى النهاية. وهذه المشكلة قائمة في الهند حيث يخشى الكثير من الآباء والأمهات أن يفقرهم المهر (الدوطة) عند زواج بناتهم، ووفقا لدورية Journal of family welfare فإنه من أصل 8000 عملية إجهاض أجريت في بومباي بعد تحديد جنس الجنين عن طريق الأشعة فوق الصوتية، كان جنين واحد فقط ذكرا. ولا شك في أن الصين، والهند، وكوريا الجنوبية، حظرت الإجهاض التمييزى، غير أنه من الصعب في الحياة اليومية تطبيق مثل هذه القواعد: في كثير من الأحيان يكتفي الطبيب الممارس العام بإشارة للكشف عن جنس الجنين. ويحدث كل شئ داخل نطاق من التواطؤ الصامت.
ومن المؤسف أن نتائج هذه الممارسات واضحة للغاية. وفى بعض مناطق العالم يفوق عدد الرجال عدد النساء بنسبة 5%. وقد حاول الاقتصادي أمارتيا سين تقدير عدد الأجنة الإناث المجهضة والبنات الصغيرات اللائى سقطن ضحايا لقتل الأطفال. وعلى أساس حساباته، يوجد، نتيجة لهذه الممارسات، نقص يصل إلى حوالي 100 مليون من النساء من سكان العالم. ومنذ بداية القرن العشرين، تقلصت النسبة بين عدد النساء وعدد الرجال في الهند، على العكس من النسب الملحوظة بين الجنسين في أغلب البلدان. وفى الوقت الحالي، لا توجد سوى 929 من النساء مقابل كل 1000 من الرجال، بالمقارنة مع 972 مقابل كل 1000 في 1901(33). ومن أجل وضع حد لهذا النوع من الممارسة، ينبغي أن يعطى المجتمع دورا وكذلك سلطات حقيقية للمرأة، تتيح التعامل معها بصورة حقيقية باعتبارها كفئا للرجل.
وقد انتهى مؤتمر بكين إلى أن العنف تجاه النساء يشكل انتهاكا للحقوق الأساسية والحريات الأساسية للنساء ويحرمهن بصورة جزئية أو كلية من ممارسة هذه الحقوق والحريات. ومن الجلي أن تعديل القوانين أو تعديل تطبيقها الأكثر قسوة لا يكفى وحده لتلطيف لوحة بهذه القتامة. ولا يمكن إلا لتغيير بطئ بالضرورة، ولكن عميق، للعقليات، وإلا لترسيخ ثقافة سلام داخل عقول البشر، عن طريق التعليم على وجه الخصوص، أن يدخل بين الجنسين الاحترام المتبادل وحوارا حقيقيا.
ومن المهم بهذا الصدد أن تصغي مجتمعات البلدان الغنية إلى تجربة النساء اللائى يعشن في سياقات ثقافية واجتماعية مختلفة. ومن المهم كذلك أن تغدو إسهامات النساء في تراثنا المشترك - سواء أكان تراثا أدبيا أم علميا أم فكريا أم فنيا - واضحة ملموسة. وتمثل إعادة النظر في المقررات المدرسية، في هذا المجال، أولوية رئيسية ينبغي وضعها موضع التطبيق بصورة منهجية خلال العقد القادم.
عمل النساء
تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أنه في كل بلدان العالم، باستثناء أستراليا، وكندا، والولايات المتحدة، تعمل النساء ساعات أكثر من الرجال. ويكون التفاوت في عدد ساعات العمل بالغا في البلدان الفقيرة. وبالفعل فإنه في البلدان النامية تعمل النساء في المتوسط من 12 إلى 18 ساعة في اليوم في أنشطة متباينة مأجورة وغير مأجورة، مقابل متوسط يتراوح بين 8 ساعات و12 ساعة بالنسبة للرجال.
ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية فإنه في البلدان الصناعية، يتم تخصيص ثلثي الوقت الإجمالي الذي ينفقه الرجال في العمل لأنشطة مأجورة ويبقى الثلث لأنشطة غير مأجورة. والعكس صحيح بالنسبة للنساء. وفى البلدان النامية، يخصص الرجال ثلاثة أرباع وقت عملهم لنشاط مأجور. وهم يتلقون الجانب الأكبر من الدخل ويتمتعون بالاعتراف الاجتماعي بإسهامهم، في حين أن عمل النساء يكون في كثير من الأحيان منخفض الأجر، أو منخفض القيمة، أو يتم تجاهله(34). وعلى أساس حسابات معقدة تأخذ في اعتبارها في آن معا قيمة العمل غير المدفوع الأجر الذي تنجزه النساء والأجر المنخفض النسبي للنساء في سوق العمل، يقدر برنامج الأمم المتحدة للتنمية بأحد عشر ألف مليار دولار في السنة "الإسهام غير النقدي وغير المنظور" للنساء، الذي لا تعكسه المحاسبة الاقتصادية. وهذه المساهمة قوية على وجه الخصوص في الجنوب. ويقدر البنك الدولي أنه "في بعض البلدان، يمكن أن يمثل العمل غير المدفوع الأجر ثلث الناتج المحلى الصافي"(35). وحتى إذا كانت تقديرات برنامج الأمم المتحدة للتنمية مفرطة، فقد يكون من الحصافة أن تعكس الإحصائيات الوطنية بصورة كاملة الإسهام "غير المنظور" للنساء: لقد كفت النساء عن أن يتم اعتبارهن أصفارا في الإحصائيات الاقتصادية، ويغدو من الأصعب على المسئولين أن ينسوا النساء في لحظة اتخاذ القرارات الرئيسية. والحقيقة أن "الطابع غير المنظور" لإسهام النساء يفاقم الإدراك الاجتماعي الذي يجب وفقا له تصنيفهن ضمن "الأشخاص الذين يعولهم الغير" بدلا من تصنيفهن بالأحرى ضمن المنتجين(36).
وفى مناطق عديدة، يرتبط عمل المرأة بصورة أساسية بالاقتصاد الاكتفائي الذي يتيح تغذية الأسر ولكن دون أن يدخل في إطار السوق. وبالتالي فإن هذا العمل ليس قابلا للحساب، ولا يعبر عن نفسه في صورة قيمة نقدية: ولهذا يجرى حرمان النساء في أغلب الأحيان من المكانة التي يمنحها المجتمع لمنتجي السلع الغذائية التي تباع في السوق. وبالتالي فإنه لا يتم الاعتراف بإسهام أساسي للنساء في الإنتاجية الحقيقية للعالم. ووفقا لجودي جاكوبسون Jodi Jacobson، يتمثل السبب وراء هذا في التمييز الجنسي(37).
وعلاوة على هذا فإن النساء لا يملكن في كثير من الأحيان حق ملكية الأرض أو يملكن حقوقا مقيدة، رغم دورهن الحاسم في الزراعة. إذ تحول دون ذلك عقبات مثل الحق غير المتساوي في حالات بعينها، والعرف الذي يقصيهن في حالات أخرى، وحتى الانحيازات الجنسية للإصلاحات الزراعية(38) في بعض الأحيان. ولهذا نتائج مهمة، وليس فقط من الناحية الديموجرافية. وبالفعل فعندما لا تستطيع النساء الحصول إلا بصعوبة على الموارد الإنتاجية ولا يملكن تخطيط دخل الأسرة ولا السيطرة عليه فإن وضعهن الاجتماعي وأمنهن الاقتصادي يتوقفان على الأطفال. والحقيقة أن معدلات النمو الديموغرافي المرتفعة الناتجة عن هذا الوضع المزعزع "تغذى حلقة شريرة من الزيادة السكانية، والندرة الأشد للموارد، والمزيد من الفقر"(39).
وفضلا عن هذا فإنه في بلدان نامية عديدة، تقلص الدخل الذي يقدمه الرجال للأسرة نتيجة عوامل مثل الهجرة المتزايدة للرجال نحو المدن، والمستوى المنخفض للأجور، والطلاق، والهجر. وتعانى النساء بالتالي من ضغوط متزايدة القوة بصورة متواصلة من أجل إعانة أسرهن، مما يمكن أن يدفعهن، رغما عنهن، إلى استعمال طرق زراعية غير قابلة للاستمرار من الناحية الإيكولوجية في الأجل الطويل، مثل فترة إراحة الأرض التي صارت قصيرة جدا. ونتيجة للندرة، تقضى النساء الآن ساعات أطول في مهام مثل جمع الوقود، والعلف، والماء. وعلى سبيل المثال، أثبتت دراسة أجريت في مناطق من الهند جرت فيها إزالة الغابات بشدة أن النساء وأطفالهن يقضون في المتوسط من أربع إلى خمس ساعات في اليوم لجمع ما يكفى من الوقود لإعداد وجبة المساء.
وهناك حاجة ماسة إلى الاعتراف بحقوق الإنسان ودمجها بصورة أفضل في المجتمعات حتى يكون بوسع القدرة الكامنة المبدعة والمنتجة للنساء أن تعبر عن نفسها بطريقة أكثر فعالية وأقل زعزعة. والحقيقة أن إقصاء النساء بعيدا عن المحاصيل التجارية والتقدم التكنولوجي وواقع أن دورهن يقتصر في كثير من الأحيان على الاقتصاد الاكتفائي الذي لا تتمتع النساء بأي سيطرة عليه أو إلا بسيطرة محدودة عليه، يثبتان جيدا إلى أي حد يمكن أن يكون لعمل منخفض القيمة ومنخفض التقدير كثرة من الآثار المشئومة. ووفقا لتلخيص جودي جاكوبسون المشكلة ببراعة: "إذا كانت النساء، في الاقتصادات الاكتفائية، هن اللائى يقمن بصورة رئيسية بتوريد المواد الغذائية، والوقود، والماء، لأسرهن، وإذا تقلصت، في الوقت نفسه، فرصة حصولهن على الموارد الإنتاجية، فإن المزيد من الأفراد سوف يتعرضون للجوع، وسوء التغذية، والمرض، وفقدان الإنتاجية. وإذا تعلمت النساء تقنيات زراعية قابلة للاستمرار من الناحية الإيكولوجية واكتسبن معارف واسعة بشأن التنوع الجيني، كما فعلت الملايين، وإذا حدث، في الوقت نفسه، أن يتم رفض أي مشاركة للنساء في التنمية، فإنه لا مناص من فقدان هذه الحكمة".
لقد آن الأوان للاعتراف بحقوق الملكية للنساء ودمجهن تماما في عالم العمل، على قدم المساواة مع الرجال، مما يسمح بتفادي التشوهات الصارخة التي تؤدى إلى الحط من شأن جهودهن.
والحقيقة أن عدم التماثل القائم بين الرجال والنساء يشكل إحدى الصور العالمية الكبرى الثلاثة من عدم التماثل (عدم التماثل في الثروة وعدم التماثل في المعارف العلمية والتقنية ونقلها عن طريق التعليم وعدم التماثل بين الرجال والنساء). وكما سبق أن رأينا فإن هذه الصور من عدم التماثل تُراكِم في كثير من الأحيان آثارها، إذ إن النساء يتعرضن في المتوسط أكثر كثيرا من الرجال للفقر وعدم الحصول على التعليم – ويمكننا أيضا أن نضيف الحرب والعنف.
وإذا كان وضع المرأة سيئا بصورة عامة فإنه يغدو كذلك على وجه الخصوص أينما تم إضفاء الطابع المؤسسي على التمييز ضدهن. ولنكن واضحين تماما: إن نظاما يهزأ بالحقوق الأكثر أساسية للمرأة إلى حد رفض حق البنات في الذهاب إلى المدرسة لا ينبغي أبدا أن يعترف به المجتمع الدولي. ويجب إدانة إضفاء الطابع المؤسسي على التمييز ضد النساء بكل شدة: إن حقوق الإنسان الأساسية عالمية، و"يمكن أن يستفيد كل شخص من كل الحقوق والحريات" التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "دون أي تمييز من أي نوع، خاصة بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي، أو كل وضع آخر"(40). ولا يمكن تطبيق الحق بصورة مختلفة على فئتين من المواطنين، وفقا لما إذا كان الأمر يتعلق بالرجال أم بالنساء. وكما شددت مارى روبنسون Mary Robinson، المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فإننا "يجب أن ندمج الأبعاد الجديدة المعترف بها باعتبارها لا غنى عنها في تطبيق حقوق الإنسان: الجنس، الاستمرارية، البيئة، حق الأطفال، التزامات المشروعات الكبرى"(41).
من الإقصاء إلى الدمج:
المرأة في قلب التنمية
من المؤسف أن موارد الأسرة توزع، في ثقافات عديدة، وفقا لمكانة أفراد الأسرة وليس وفقا لاحتياجاتهم: تجرى معاملة الرجال والأولاد أفضل من النساء والبنات. وفى بلدان كثيرة، يكون التحاق البنات بالمدارس أقل من الأولاد، الذين يحظون بالأولوية. ووفقا للبنك الدولي فإنه بالنسبة ل17 بلدا من أصل 29 بلدا نملك عنها إحصائيات حديثة، يفوق معدل وفيات البنات الصغيرات، اللائى تتراوح أعمارهن بين عام واحد وأربعة أعوام، المعدل الخاص بالأولاد من العمر نفسه(42). وفى مناطق كثيرة من الهند، كما يشدد الاقتصادي أمارتيا سين وعدد من الخبراء، يتلقى الأبناء غذاء أكثر ورعاية أفضل من البنات، وتفسر هذه المعاملة التفضيلية ارتفاع معدل وفيات الإناث خلال الفترة الحرجة الواقعة بين الولادة والخامسة من العمر. وباستثناء البنات من سن 10 إلى سن 14، تموت النساء الهنديات، من جهة أخرى، بنسب أعلى كثيرا من الرجال، بأمراض يمكن تجنبها حتى الخامسة والثلاثين من العمر. وقد لوحظ أيضا هذا النوع من عدم المساواة في تخصيص الموارد الأسرية في ثلاثة بلدان أخرى في جنوب آسيا، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وفى بعض أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء.
وهذا التمييز ضد النساء مؤلم للغاية حيث أنهن اللائى يقمن في الواقع، معظم الوقت، بتغيير العالم يوما بعد يوم، كما أنهن القوى الفاعلة الرئيسية للتنمية الحقيقية. وبالفعل تثبت عدة دراسات أنهن يستخدمن في أغلب الأحيان المال الذي يكسبنه لتغطية النفقات الصحية والتعليمية للأطفال، أو لإعادة الاستثمار في نشاطهن المهني، وأنهن يحتفظن منه لاستهلاكهن الشخصي بأقل مما يفعل الرجال(43). ووفقا لأبحاث أجريت في كل المناطق النامية فإن ما يحدد مستوى تغذية الأطفال هو دخل الأم أو إنتاجها الغذائي أكثر من دخل الأب، ودرجة السيطرة التي تمارسها الأم على هذا الدخل. وكما يقول جيمس جوستاف سپيث James Gustave Speth، مدير برنامج الأمم المتحدة للتنمية: "في العالم الثالث من أدناه إلى أقصاه، في المناطق الريفية، يقوم الاقتصاد المحلى على أكتاف النساء".
وبهذا الصدد فإن التجربة التجديدية للتمويلات المقدمة للمشروعات النسائية الصغيرة من مؤسسات مثل بنك جرامين الذي يصل عدد عملائه إلى مليونين، 94% منهم من النساء، تقود إلى استنتاج واضح: حالما تحصل النساء على الائتمان الصغير فإن بمستطاعهن أن يلعبن دورا أنشط كثيرا من الرجال في النضال ضد الفقر. وقد لوحظ أيضا أن النساء أفضل في تسديد قروضهن وأفضل توظيفا للأموال التي تمنح لهن، ويرجع هذا دون شك إلى قابلية أقل للأمراض الاجتماعية وإلى إدراك أفضل للإدارة والاقتصاد جرى اكتسابه داخل المنزل. وتبدو المرأة، ربما لأنها أقرب إلى الطفل، أكفأ من الرجل في التخطيط للمستقبل. ولهذا يجب النظر إلى الاستثمارات التي قامت بها النساء على أنها تمثل أحد اتجاهات التغيير الأكثر تأثيرا بالنسبة للمستقبل(44). ويتميز بنك جرامين بخصوصية أنه لا يقرض سوى الفقراء، وأغلبهم من النساء. واليوم، يعمل في هذا البنك 12 ألف شخص. ولأن بنك جرامين معروف في العالم كله فقد خلق منافسين له في بلدان نامية مثل ماليزيا، والفليبين، وبوركينا فاسو.
ونحن لا يمكن أن نتجاهل 50% من القدرة الخلاقة الكامنة للبشرية. وينبغي أن نعطى النساء وسائل القيام بدورهن ليس فقط من وجهة نظر اقتصادية، بل في كل مجالات الحياة الفكرية والعلمية التي جرى منذ وقت طويل جدا طمس موهبتهن ورؤيتهن فيها ولم يتم حتى الآن الاعتراف بهما بالقيمة الجديرة بهما. ومنذ إنشاء جائزة نوبل في 1901، لم يفز بها سوى 28 امرأة، من أصل 634 جائزة شخصية. فمن هو العبقرية الشعرية لروسيا في القرن العشرين، إلى جانب ماياكوفسكى Maïakovski؟ على الأرجح امرأة: مارينا تسفيتاييفا Marina Tsvetaïeva. وقد سمعنا جميعا عن الأول. لكن من، باستثناء عشاق الشعر والناطقين بالروسية سمع عن الثانية؟ كما أن الشعبية الحالية لروائيات من أمريكا اللاتينية، مثل نيليدا بنيون Nelida Piň---on أو لاورا إسكيبيل Laura Esquivel، تقدم مثالا رائعا على الإسهام الممكن للنساء في الثروة الثقافية لمجتمعاتنا، وعلى قدرتهن على الإسهام بوجهات نظر مختلفة وأصيلة، وعلى إبداء الشجاعة عندما يفتقر إليها الرجال. وإذا كنا نريد حقا تأمين نجاح إستراتيجيات التنمية فإننا يجب أولا أن نستثمر في تعليم وصحة النساء ونكفل مشاركتهن في المجالات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية للمجتمع.
دور اليونسكو
لا شك في أن أمام اليونسكو دورا أساسيا تلعبه في سبيل تعزيز وضع النساء في المجتمع. ويدعو هذا قبل كل شئ إلى التعميم الفعلي للتعليم المدرسي الإلزامي للبنات، وتحقيق التكافؤ مع الأولاد في التعليم، والحصول المضمون على التعليم المستديم الذي يمكن أن يستفيد، في المناطق الأكثر عزلة، من الإنجازات المتحققة في تقنيات التعليم عن بعد، حالما يكون قد تم القيام بتنفيذ الاستثمارات الضرورية في البنية الأساسية للاتصالات السلكية واللاسلكية. كما ينبغي أن تشجع اليونسكو على الوصول المتساوي للرجال والنساء إلى كل فروع المعرفة: في هذا المجال أيضا، يجب أن يكون التكافؤ هدفا محددا زمنيا وقابلا للتقييم. والنساء دائما ضعيفات التمثيل في مجال العلوم "الصعبة"، ويرجع هذا جزئيا إلى تصور بال عن الثقافة العلمية، باعتبارها "معقلا" ذكوريا. وينبغي بصورة مطلقة تعزيز حصول البنات والنساء على التعليم العلمي والتقني حتى تكون لهن كلمة مسموعة في الجدال الدائر حول التحديث. وبهذا سيكون بمستطاعهن المشاركة بنشاط في التنمية بالكفاءات والمسئوليات على قدم المساواة مع الرجال.
ويجب أن يكون تعليم النساء تعليما لكل النساء، طوال حياتهن: ومن المهم على وجه الخصوص أن يكون بمستطاع أجيال النساء اللائى حرمن من التعليم أن يصرن المستفيدات به في وقت لاحق من حياتهن. ويجب أن يكون لتعليم النساء الأولوية في الاستفادة بالإنجازات التي تحققت في مجال تعليم الكبار. ويشكل هذا النهج الذي بدأته اليونسكو منذ سنوات عديدة مضت، ثمرة عملية طويلة قادت إلى مؤتمر جومتيين الخاص بالتعليم للجميع (1990)، وإلى مبادرة نيودلهي لصالح البلدان التسعة المأهولة أكثر بالسكان (1993)، وإلى المؤتمر الدولي الخاص بتعليم الكبار في هامبورج (1997). ومنذ ذلك الحين تم إقرار هذا النهج باعتباره منعطفا رئيسيا في المجال التعليمي. إنه يمثل أكثر كثيرا من مجرد تدريب على محو الأمية: إن هدفه يتمثل قبل كل شئ في تحسين شروط معيشة الكبار ونوعية حياتهم، عن طريق فن تعليمي معدل، يقوم بصورة خاصة على التدريب المكثف على المعارف والتقنيات باللغة التي ينطق بها الكبار. ومزايا هذا التعليم ملموسة بصورة مباشرة في كثير من الأحيان، إذ أنه يتجسد في الأجل القصير في أنشطة مدرة للدخل. وبالتالي فإن الكبار ليسوا هم المستفيدين وحدهم، بل أيضا، وفى كثير من الأحيان، كل الأسرة، بل حتى جماعة محلية بكاملها: إن تعليم الكبار يبني الجدران ويحفر الآبار في القرى، ويسهم في تحسين الأوضاع الصحية، وييسر الحياة اليومية، ويكفل وجود كل الأطفال في المدارس. وعلى وجه الخصوص فإنه يسهم في إحياء إحساس النساء بكرامتهن، بعد مسيرة عنيدة.
وينبغي أن يتحقق للنساء تأمين حصولهن على قدم المساواة مع الرجال على التعليم المستديم مدى الحياة. ولا يجب أن يكون تعليم الكبار ميزة تقتصر على السكان الأكثر حصولا على التعليم المدرسي. ويمكن لنساء ورجال كل البلدان كل يوم، حتى لمدة ساعة واحدة، أن يتعلموا، ويعيدوا تدريب أنفسهم، ويتقدموا على طريق المعرفة، ويقوموا بتحسين معارفهم التقنية والمهنية. ومن أجل البقاء، ومن أجل الحياة بصورة أفضل، ومن أجل الحياة معا بصورة أفضل، سيكون على رجال ونساء القرن الحادي والعشرين أن يكونوا قادرين على التعلم طوال حياتهم.
ولا شك في أن أعظم نجاح حققته اليونسكو في هذا المجال هو النجاح الذي حققته بجهودها الخاصة بعض الدول الأعضاء، التي أدركت الأهمية الحاسمة لإعادة توجيه استثمارات الموازنة لصالح التعليم، وعدلت موازناتها القومية وفقا لهذه الأولوية الجديدة. وقد تعهدت الهند، والبرازيل، وبنجلاديش، وبلدان أخرى بالتزامات بالغة الأهمية في هذا المجال. ورمز فعالية هذه السياسة هو: وجود علاقة قابلة للإثبات بين زيادة الجزء المخصص للتعليم من الناتج القومي الإجمالي وانخفاض الزيادة الديموجرافية.
ولا حاجة بنا إلى الإسهاب طويلا بشأن الدور الحاسم الذي تلعبه النساء في العملية التعليمية وفى نقل القيم والمبادئ. إن المرأة، وهى المعلمة الأولى، يجب أن تكون الطرف المستفيد من كل إعادة صياغة للنظام التعليمي الذي يهدف إلى تعبئة وتنمية الثروة البشرية لأحد البلدان، بمنظور طويل الأجل.
وفيما يتعلق بحقوق المرأة، يجب أن تواصل اليونسكو تشجيع المبادرات الرامية إلى إقرار وتنفيذ الوثائق المعيارية مثل اتفاقية 1979. كما يمكن أن تسهم اليونسكو في توعية النساء بحقوقهن الحقيقية وبالقوانين التي تحميهن، عن طريق إدخال برامج "محو الأمية القانونية" في كل مراحل التعليم.
وفى نظرنا، يجب أن تكون النساء في قلب العملية الرامية إلى إحلال ثقافة السلام محل ثقافة العنف. والحقيقة أن من النادر، رغم أن التاريخ قد شهد هذا أحيانا من قبل، أن تكون النساء هن اللائى يدفعن إلى الحروب أو المجازر: وعلى العكس فإن النساء هن اللائى يحاولن، كقاعدة عامة، المحافظة على ما يتبقى من النسيج الاجتماعي ويقمن بتأمين الحماية للأسرة عندما يفلت الجنون القاتل للرجال من عقاله. وتسعى اليونسكو، عن طريق برامجها ذات الطابع التعليمي، إلى تعزيز دور المرأة في نقل القيم الثقافية الإيجابية التي تعزز روح التسامح.
وانطلاقا من مبادرة متخذة في بكين منذ القمة الخاصة بالنساء في 1995، شجعت اليونسكو عددا من الشخصيات على توقيع إعلان بشأن إسهام النساء في ثقافة للسلام، بهدف التشجيع بصورة خاصة على بناء "ثقافة للسلام، في الحياة الخاصة كما في الحياة العامة بروح من التضامن والتعاطف"، وعلى إسناد مزيد من المسئوليات إلى النساء، وعلى تعليم رفيع النوعية بشأن حقوق النساء والرجال. وقد وقع على هذا الإعلان بالفعل أكثر من ألف من الشخصيات، ورؤساء الدول أو الحكومات، والحاصلين على جائزة نوبل للسلام، ومسئولي وكالات الأمم المتحدة. ويشكل تحسين وضع المرأة إحدى الأولويات الكبرى لإستراتيجية اليونسكو. ولسنا هنا إزاء نهج "نسوى" féministe (المرأة قادرة على أن تفعل مثل الرجال) بل نحن بالأحرى إزاء نهج "نسائي" féminine، يقوم على الاعتراف المزدوج بالمساواة والاختلاف، حتى تكون النساء قادرات على التصرف باستقلال تام، بطريقتهن الخاصة في الرؤية والحياة، بأسلوبهن المميز، دون إنكار ذاتهن أبدا.
ولا شك في أن العمل في سبيل مساواة النساء ما يزال غير كاف. ومع ذلك تقدم لنا قرارات قمة بكين إطارا شاملا وموثوقا للعمل. فقد آن أوان العمل: فهل سنكون قادرين على أن نحدد في هذا المجال الأولويات الحقيقية؟ إننا مقتنعون بأنه يجب إعداد وتنفيذ إستراتيجية مستقبلية لصالح النساء، تتمحور حول عدد صغير من النقاط الجوهرية، بالاعتماد على تخصيص تمويل ملائم خلال العشرين سنة المقبلة. لأن تدخل الحكومات ضروري: أمام التفاعل، غير المواتي غالبا للنساء، بين آليات السوق، وضغوط الدوائر الخاصة، وعجز الدوائر العامة، لن يكون بوسع النساء اختراق "السقف الزجاجي" الذي يعوق الآن تقدمهن دون إصلاحات هيكلية وتدابير حصيفة تدعم المساواة الفعلية، بدون الوقوع في الإفراط في التعصب بشأن "الصحيح سياسيا" political correction أو "الصحيح أنثروبولوجيا" anthropological correction.
ويبدو لنا أنه توجد ثلاث مؤسسات مدعوة إلى أن تلعب دورا أساسيا في دعم النساء على المستوى القومي والدولي: البرلمانات، ووسائل الإعلام، والبلديات. والأمر المهم ليس فقط أن يتم تمثيل النساء في هذه المؤسسات للحياة العامة، بل أيضا أن تتصدى هذه المؤسسات لمعالجة مسائل أساسية تهم المستقبل مثل تعليم النساء، وحماية كرامتهن، والمشاركة الفعلية للنساء في الحياة الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، وتحسين مصيرهن – وهو أيضا في أغلب الأحيان مصير أطفالهن.
وفى هذا السياق، قدم برنامج الأمم المتحدة للتنمية برنامجا ينبغي أن يضعه المجتمع الدولي موضع التطبيق بلا إبطاء. أولا، يجب تحقيق المساواة القانونية في غضون عشرة أعوام من الآن، بالالتزام بجدول أعمال زمني دقيق، وصولا إلى التصديق الكامل لاتفاقية 1979. كما أن العنف ضد النساء المستخدم كسلاح حرب يجب تجريمه والعقاب عليه كجريمة حرب. ويجب شن حملات لمحو الأمية القانونية من أجل توعية النساء بحقوقهن. كما يمكن أن تقوم مؤسسات مختصة تابعة للأمم المتحدة بإعداد تقارير حسب البلدان حول وضع النساء والإنجازات المحققة على درب المساواة وفقا للأهداف المحددة من قبل المجتمع الدولي والحكومات(45).
ويجب تشجيع القدرة على الاختيار، وبالتالي الحرية، في العمل للنساء والرجال. وعلى سبيل المثال، يجب تشجيع الرجال، عن طريق تدابير ملموسة مثل تلك التي وضعتها بلدان شمال أوروبا موضع التطبيق، على المشاركة في الرعاية الأسرية. كما ينبغي مدّ مفهوم الخدمة العامة، فيما وراء التعليم والصحة، إلى دور الحضانة، ومقاصف المدارس، والدعم التعليمي (الواجبات المدرسية، إلخ.)، كما هو الحال بالفعل في عدد من البلدان، إذا أردنا ألا تتناقض النظم المدرسية مع التعزيز الضروري للنساء عن طريق العمل. كما أن تعديل الأوعية الضريبية ونظم الضمان الاجتماعي، حتى تتكيف مع تطور دور النساء، مهم أيضا، تماما مثل تعديل القوانين المتعلقة بالملكية، والميراث، والطلاق.
غير أنه لا شئ سوف يتغير بصورة حاسمة ما لم يتم تحديد عتبة حرجة بنسبة تصل على الأقل إلى 30% على مستوى كل بلد كنسبة حد أدنى لمناصب اتخاذ القرار التي ينبغي أن تشغلها النساء على المستوى القومي. وهذا الهدف ليس عشوائيا، إذ أنه تمت التوصية به منذ 1990، في نهاية أعمال طويلة قامت بها مفوضية الأمم المتحدة لشئون وضع النساء. وفيما يتعلق بالبرلمانات أو الحكومات، كانت سيشيل، وهولندا، وأربعة بلدان من شمال أوروبا هى التي عبرت هذه العتبة. على أن الإنجازات ملحوظة أكثر فيما يتعلق بالمناصب الإدارية والقيادية المسئولة: عبرت خمسة عشر بلدا بالفعل عتبة ال30%. ويجب أن يكون هدف الحد الأدنى المتمثل في 30% موضوعا لجدول زمني دقيق داخل كل بلد، في عدد من المجالات الرئيسية لاتخاذ القرار.
ويجب، بصورة خاصة، قيام كل بلد ببلورة برامج أولوية لتحقيق التعليم الشامل للنساء على مدى الحياة، وتأمين صحة أفضل للنساء الحوامل والأمهات، وتيسير منح الائتمان للنساء. وربما كانت هذه هى النقاط الأكثر حسما لتعديل توزيع أوراق اللعبة. وبطبيعة الحال، تثبت التجربة أنه في هذه المجالات الثلاثة يغدو القيام بعمل حاسم ضروريا، وكذلك إعداد سياسات طويلة الأجل، للإزالة التدريجية للحواجز التي تعترض طريق مساواة الفرص أمام النساء وطريق التنمية.
وقد سبق أن ذكرنا المكاسب الكبيرة التي يمكن أن تجنيها البلدان النامية من تعليم النساء. والواقع أن تكلفة مثل هذه الإصلاحات محدودة جدا: وهى زهيدة بالمقارنة بضخامة النفقات غير الإنتاجية في مختلف أنحاء العالم. كما أنه وفقا لتقديرات الأمم المتحدة يكفى استثمار إضافي يتراوح بين 6.5 مليارات دولار في السنة لتأمين التعليم المدرسي الشامل للبنات في المرحلتين الابتدائية والثانوية على مدى الخمسة عشر عاما المقبلة(46).
واليوم، تراهن المؤسسات الدولية، وبنوك مساعدة التنمية، والبنك الدولي ذاته، وبطبيعة الحال اليونسكو، التي كانت رائدة في هذا المجال، على النساء، لأنهن صرن مفتاح التنمية. إن النساء يكسبن، ويعرفن كيف يسددن قروضهن. وبصورة متزايدة، تدخل النساء في مجال الأعمال. وفى الجنوب، وخاصة في القطاع غير الرسمي، تغدو المشروعات الصغيرة بصورة متزايدة في أيدي النساء.
وإذا كان القرن العشرون قرن تحرير المرأة فإن القرن الحادي والعشرين يجب أن يكون قرن تحققها. غير أن النساء، في انتظار هذا، يعشن في الفاصل بينهما: عصر انتقالي تتجاور فيه كل المتناقضات، زمن من الأنوار والظلال العنيفة. فهل هناك ما يدهش إذن، في هذه النهاية للقرن، في أن النساء يطلقن في كثير من الأحيان صرخة ألم، وفى أنهن غالبا يستسلمن لليأس، أو الشقاء، أو التمرد؟ وهل هناك ما يدهش في أنه في اللحظة نفسها ترتفع كلمة رجاء، عندما يصلن، هنا أو هناك، إلى الظفر بعدد من الحقوق، أو إلى أن يدفعن إلى التراجع، وإنْ بصورة مؤقتة، استغلال أو اضطهاد أو إقصاء الرجل للمرأة.
ومع ذلك، فمثل هذا الرحالة البعيد النظر كلود ليفى ستروس Claude Lévi-Strauss، الذي حلم منذ أكثر من نصف قرن مضى بأن المدارات حزينة، فإننا نغدو مقتنعين أكثر فأكثر بأن المرأة هى مستقبل الإنسان.
وتستوقفنا حقيقة: النساء، اليوم، هن اللائى يغيرن العالم. إنهن اللائى يحركن الأرض. والمرأة ليست مشكلة: إنها قبل كل شئ حل، ونحن لا نستطيع إلا بهن أن نبني عالما أكثر عدلا، وأكثر حرية، وأكثر مساواة، وأكثر تضامنا. وكما شدد أحد مستشاري الأمين العام للأمم المتحدة للإعداد لمؤتمر بكين، جاك لانج Jack Lang، الوزير السابق للثقافة والتعليم الوطني في فرنسا: "لقد آن الأوان لمنح كل نساء هذا الكوكب المكان الجدير بهن. وينبغي أن نواجه الحقائق: إن النساء، بتحريرهن لأنفسهن، مدعوات لتحرير العالم. وبعيدا عن أن يصرن سؤالا، ستكون النساء، أولا وقبل كل شئ، حلاًّ. حلاًّ لمشكلات التخلف والزيادة الديموجرافية، حلاًّ لمشكلات استتباب السلام، حلاًّ لمشكلات السلطة والديمقراطية"(47).
منطلقات وتوصيات
منح الأولوية في الاستثمارات العامة ومساعدة التنمية لتعليم النساء والبنات بهدف إلغاء صور عدم المساواة القائمة بين النساء والرجال فيما يتعلق بالحصول على التعليم بكل مستوياته، وعلى محو أمية الكبار، وفيما يتعلق بالوصول إلى كل فروع المعرفة.
تيسير حصول النساء على وظائف المسئولية العامة، والإشراف، والقيادة، مع التركيز بصورة خاصة على هدف ما لا يقل عن 30% من تمثيل النساء في البرلمانات، ومجالس المجتمعات المحلية والإقليمية (البلديات، المناطق، إلخ.)، والهيئات العامة لاتخاذ القرار.
مراجعة البرامج والمقررات المدرسية من أجل تأمين تمثيل كاف لدور النساء، وإنجازاتهن، وإسهاماتهن؛ وتوعية المعلمين والتلاميذ بمشكلات التمييز على أساس الجنس.
تأمين الحصول المتساوي للنساء على الائتمان وعلى عمليات القرار الاقتصادي، وترجمة مبدأ "الأجر المتساوي للعمل المتساوي" (المادة 23، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) إلى وقائع.
النضال بعزم أكيد ضد صور العنف التي تمارس نحو النساء، وخاصة الإجهاضات التمييزية، وتشويهات الأعضاء التناسلية، والعنف المنزلي، والاستغلال الاقتصادي والجنسي، وأعمال الاغتصاب والعنف إزاء النساء، وخاصة في زمن الحرب، والنص على اللجوء إلى المحاكم الوطنية والدولية المختصة. وتعزيز احترام أكبر للنساء في وسائل الإعلام، وفى وسائل الاتصال المسموعة والمرئية، وعلى الإنترنت.
تقديم فرصة الحصول على الصحة والتغذية للنساء؛ وتقديم مساعدة ومعونة خاصة للأمومة؛ وتقديم فرصة الحصول على خدمات متعلقة بالصحة الإنجابية؛ وتحسين البيانات الإحصائية الخاصة بصحة النساء؛ وتعبئة الموارد الضرورية للأسر في مجالات التعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية.
إعداد البلدان لتقارير عن وضع النساء والإنجازات على طريق المساواة وفقا للأهداف التي يحددها المجتمع الدولي والحكومات.
تأمين التصديق بلا شروط، والتطبيق، والنشر للوثائق الدولية الكبرى المتعلقة بمساواة الجنسين، وخاصة اتفاقية 1979 بشأن القضاء على كل صور التمييز ضد النساء.
تأمين المساواة الوطنية والمدنية للنساء، وبصورة خاصة فيما يتعلق بحق الملكية والميراث









إشارات الفصل 5

(1) Federico Mayor, “Femme”, poème rédigé à l occasion de la Conférence internationale des Nations Unies sur les femmes (Beijing, 1995).
(2) Rapport mondial sur le développement humain, 1995.
(3) PNUD, Rapport sur le développement humain 1998, Paris, Economica.
(4) PNUD, Rapport sur le développement humain 1997, Paris, Economica.
(5) في كل مكان في العالم، تدفعنا بعض الإنجازات إلى أن نكون متفائلين: في البلدان العربية، بين 1970 و1990، ارتفع عدد البنات المقيدات في المدارس مقابل كل مائة ولد من 47 إلى 77. وفي التعليم العالي، ارتفع هذا المعدل من 34 إلى 65. و30% من طالبات التعليم العالي مسجلات في العلوم الطبيعية أو التطبيقية. وفي جنوب شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادي، تضاعف معدل الالتحاق بالتعليم العالي بين 1970 و1990. وفي جنوب آسيا، انخفض معدل أمية النساء من 81% إلى 67% خلال عقدين. وفي أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، يمثل عدد البنات المقيدات في التعليم الثانوي 97% من عدد الأولاد، ويتماثل عدد النساء وعدد الرجال الذين يواصلون الدراسات العليا. وفي أفريقيا جنوب الصحراء، تضاعف عدد البنات المسجلات في التعليم الثانوي ليصل إلى أربعة أضعاف بين 1960 و1990، فارتفع من 8% إلى 32%: PNUD, Rapport sur le développement humain, Paris, Economica, 1996.
(6)“Education: the best investment”, déclaration conjointe de Federico Mayor, James Wolfensohn, James G. Speth, Carol Bellamy et Nafis Sadik, International Herald Tribune, 11-12 mai 1996.
(7) PNUD, Rapport mondial sur le développement humain 1995.
(8) ) من 3.4% في 1987 إلى 6.8% في 1996: Données Nations Unies, Division for the Advancement of Women, octobre 1997. Voir aussi Courrier international, hors-série n° 10, octobre 1994.
(9) ) 40.4% في السويد، 36.4% في النرويج: PNUD, Rapport mondial sur le développement humain 1998.
(10) ) Le Monde, 31/8/95.
(11) في البلدان النامية، في عام 1995، كانت نسبة النساء الأميات 38.3%، في حين كانت نسبة الرجال الأميين 21.1%. وفي البلدان الأقل تقدما، انخفضت النسبة إلى 61.9% للنساء و40.5% للرجال. وفي النيجر واليمن، تصل نسبة النساء اللائي لم يتلقين تعليما إلى قرابة 90%.
(12) في فرنسا، انتهى تقرير برلماني في 1997 بشأن تمثيل الرجال والنساء في الكتب المدرسية إلى أن "عدم المساواة في المعاملة بين الرجال والنساء ما يزال قائما في مجال الأدوات المدرسية التي تميل إلى نقل معرفة وتقدم للتلاميذ والتلميذات "صورة فوتوغرافية" للمجتمع في لحظة بعينها". ويوصي واضعو التقرير، بين توصيات أخرى، بتدريب المدرسين بهدف رفع وعيهم بشأن هذا التمييز على أساس الجنس: Sénat-Assemblée nationale. Rapport de Simone Rignault et Philippe Richert sur la représentation des hommes et des femmes dans les livres scolaires, mars 1997.
(13) النساء دائما أقل تمثيلا في مجال العلوم "الصعبة". وبين الطلبة الذين يواصلون دراسات عليا في الفيزياء لا توجد سوى 2% من النساء في اليابان، و3% في سويسرا وفي ألمانيا، و5% في الولايات المتحدة: UNESCO, Rapport mondial sur la science 1996: وقد تلقت عشر نساء فقط جوائز نوبل في المعارف العلمية مقابل 300 رجل: El Pais, 18 mars 1998.
(14) Organisation mondiale de la santé (OMS), rapport 1996.
(15) شددت المديرة التنفيذية لليونيسيف، كارول بيلامي Carol Bellamy، أثناء تقديمها لطبعة 1996 من تقرير اليونيسيف على أنه "لا مبالغة في القول بأننا إزاء إحدى مآسي عصرنا التي تلقى أشد الإهمال"، إذ أن 1600 من النساء، ومنهن مراهقات، يمتن كل يوم لأسباب ترتبط بالحمل والولادة، تاركات مليون يتيما، "فرصة بقائهم على قيد الحياة ضئيلة للغاية". وهي تذكرنا أنه "مقابل كل امرأة تموت، توجد ثلاثون امرأة يعانين من إصابات خطيرة"، أيْ أكثر من 15 مليون امرأة في السنة. ووفقا للتقرير فإن من السهل تحقيق هذا الهدف لأنه ليس مكلفا جدا. وحتى البلدان الأكثر فقرا يمكن أن تقدم للأطباء والدايات والممرضات تدريبا أساسيا لضمان الرعاية: UNICEF, rapport 1996.
(16) انظر فصل "السكان: قنبلة زمنية؟".
(17) UNICEF, rapport 1996: هناك تقديرات بأن أكثر من 15 مليونا من النساء سوف يُصبن بالفيروس من الآن وحتى عام 2000 وأن 4 ملايين منهن سوف يمتن به.
(18) Le Monde, 31/8/95.
(19) Ibid.
(20) Revue de presse UNICEF, France, 17/5/95, 19/6/95.
(21) خلال العقد الأخير، ارتفعت بطالة النساء بسرعة أكبر من بطالة الرجال، ولهذا فإنهن مضطرات في كثير من الأحيان إلى قبول وظائف عابرة. وفي فرنسا، فإن حوالي 8 من المستفيدين من دخل الحد الأدنى للاندماج من كل 10 أشخاص هم أشخاص متوحدون، تشكل النساء أغلبيتهم. وفي الولايات المتحدة، تمثل النساء اللائي بدون أزواج أو اللائي يكون أزواجهن غائبين واللائي يكون دخلهن في المتوسط أقل بنسبة 23% من خط الفقر الرسمي قرابة نصف الأسر الفقيرة التي تتلقى إعانات مالية.
(22) Bureau international du travail, 1995.
(23) تبين دراسة لمنظمة العمل الدولية أنه خلال العشرة أعوام الأخيرة، في حين أن أجور الإناث ارتفعت بنسبة 10% في الولايات المتحدة، فقد تراجعت بالمقارنة بأجور الرجال في ألمانيا، والدنمارك، والبرتغال، واليابان، وتركيا، وظلت راكدة من الناحية العملية في فرنسا، وبلجيكا، وهولندا. وتقدر هذه الدراسة نفسها أنه في البلدان الصناعية، يتم تعيين 75% من النساء في مهام ذات أجور متدنية تقليديا في القطاع الثالث وأنهن أقليات إلى حد كبير في الوظائف ذات المسئولية الرفيعة في القطاع الخاص: Voir Le Monde, 26 août 1995.
(24) Le Monde, 31/8/95.
(25) Nations Unies, Division for the Advancement of Women, “Women 2000: Women and Décision Making”, octobre 1997.
(26) PNUD, Rapport mondial sur le développement humain 1998, et “Women in Government” (janvier 1996, United Nations, Division for the Advancement of Women).
(27) United Nations, Division for the Advancement of Women, ibid.
(28) PNUD, Rapport mondial sur le développement humain 1998 (classement des pays selon l indicateur de la participation des femmes).
(29) يشكل الاغتصاب في زمن الحرب أو أشكال العنف السياسي مشكلة خاصة. وقد شهدت على هذا نساء من تشيلي، أو البوسنة، أو رواندا، أو كمبوديا، أو ليبيريا، أو الصومال في مؤتمر بكين في 1995. وتكون هذه الأعمال مدبرة في بعض الأحيان لأهداف خاصة بالتطهير الإثني. وفي بكين، في أيلول/سبتمبر 1995، أقر نص دولي، لأول مرة، بأن الاغتصاب جريمة حرب.
(30) “Dowry Bride-Burning in India, Part 1”, 3 février 1999, United Nations Radio Programmes-Women.
(31) وفقا لديموغرافي من جامعة برنستون بالولايات المتحدة، آنسلي كول Ansley Cole، هناك 60 مليونا من بنات ونساء شرق وجنوب آسيا "مفقودات". وكان يمكن أن يعشن لو لم يكن هناك تمييز بين الجنسين قبل الولادة، ولا قتل للطفلات، ولا موت نتيجة الإهمال.
(32) The Economist, 5/8/95.
(33) Jodi Jacobson, L É---tat de la planète, World Watch Institute, 1993.
(34) PNUD, Rapport mondial sur le développement humain 1995.
(35) Banque mondiale, cité dans Le Monde, 31/8/95.
(36) Jacobson, 1993, op. cit.
(37) Ibid.
(38) PNUD, cité par G. Herzlich, Le Monde, 18/8/95.
(39) Jacobson, 1993, op. cit.
(40) المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
(41) Intervention à la huitième séance des Entretiens du XXIe siècle, organisés par l Office d analyse et de prévision de l UNESCO, 8 juin 1999.
(42) Banque mondiale, étude citée par Le Monde, 31/8/95.
(43) Courrier international, hors-série n° 10, octobre 1994.
(44) Courrier international, hors-série n° 10, octobre 1994. Voir aussi Muhammad Yunus, Vers un monde sans pauvreté, Paris, Lattès, 1997.
(45) WomenWatch, espace Internet d information et de discussion sur la promotion de la condition des femmes, a été créé le 8 mai 1997 (journée internationale de la femme) et regroupe la Division pour l avancement des femmes (DAW), le Fonds de développement des Nations Unies pour les femmes (UNIFEM) et l Institut international de recherche et de formation pour l avancement des femmes (INSTRAW).
(46) PNUD, Rapport mondial sur le développement humain 1995.
(47) Jack Lang, Demain les femmes, Paris, Grasset, 1995.