البند 11 من اعلان رامبوييه


سعيد زارا
2015 / 6 / 20 - 08:41     

تفتقر الخزانة الماركسية الى دراسة اعلان رامبويه الذي انعقد ايام 15 ,16 و 17 نونبر من سنة 1975 رغم خطورة هذا الاعلان
الذي تمت فيه اكبر سرقة في تاريخ البشرية كما أذن لمنتظم دولي جديد يختلف تماما عن الذي سبقه, ففيه اجتمع الستة الكبار
لينهوا مقررات بروتن وودز و يتفقوا على فصل الدولار عن الذهب من خلال البند 11 من الاعلان, اضافة الى مسائل اقتصادية
اخرى ارست دعائم الاستهلاكية و تقسيم دولي جديد للعمل.

لاعلان رامبوييه دلالة تاريخية هامة فهو اول اجتماع للستة الكبار و قد كان بمبادرة من الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان
من اجل تباحث الوضع الراسمالي المنهار الذي انفجر في اواخر ستينيات و بداية سبعينيات القرن الماضي و الذي فرض على
الكبار تحمل المسئولية و التدخل بشكل جماعي للحد من الانهيار المدوي للاقتصاد الدولي تجنبا لكل استحقاق اشتراكي, حيث
انفردت الولايات المتحدة الامريكية فيه بقرار -النجدة المميت- و هو فصل الدولار عن الذهب. لقد كرس هذا الاجتماع لتقليد
يجمع حكام الكبار كل سنة فكانت بورتو ريكو خلال 27 و 28 من شهر يونيو في السنة التي تلت اجتماع رامبوييه, فلندن يومي
7 و 8 ماي من سنة 1977, و بعدها بون خلال 16 و 17 يوليوز و طوكيو يومي 28 و 29 يونيو الخ... حيث كان الاعلان
انطلاق تعاون الكبار على حبك مؤامرة تاريخية ضد كل المنتجين الحقيقين للثروة.

كما سلف و ذكرت فان فكرة عقد قمة الست الكبار في رامبوييه كانت بمقترح من طرف الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار
ديستان حيث طرح في ماي من سنة 1975, امام هنري كيسنجر كاتب الولايات المتحدة الامريكية و الحائز على جائزة نوبل
-للسلام- لدوره في حل حرب فييتنام و كيبور , بمقترح يقضي بالدعوة الى ندوة في قمة يتم فيها تباحث القضايا النقديــــــــة
خاصة سعر الصرف. خلال ندوة هيلسنكي المنعقدة في يوليوز 1975 تقدم الرئيس الفرنسي بشكل رسمي بالدعوة الى قمـــة
رامبوييه توجه فيها الى الولايات المتحدة الامريكية, فالمانيا الفيدرالية, بريطانيا العظمى و اليابان. قبل اجتماع رامبويه عمد
الستة الكبار الى اجتماعات تحضيرية كان اولها في نيويورك يومي 5 و 6 من شهر اكتوبر من نفس السنة 1975 فيــــــــه
رفضت فرنسا طلب الولايات المتحدة الامريكية حضور كندا و فيه ايضا قبلت بتمديد جدول الاعمال ليشمل المسائـــــــــــل
الاقتصادية الى جانب اخري المالية سيتباحثونها في رامبويه, اما الاجتماع التحضيري الثاني فقد انعقد في لندن يومـــــــــــي
11 و 12 من شهر نونبر 1975 و قد اسفر هذا الاخير عن عدم الاتفاق حول المسائل النقدية. لكن هذه ليست سوى اجتماعات
تحضيرية لن تساعدنا في فهم خطورة الاعلان, الا ان اهميتها تكمن في تتنبيهنا الى طبيعة الفترة التاريخية التي تم فيها اول
اجتماع للستة الكبار ليقرروا مصائر البشرية حيث كان الوضع الدولي القائم على مقررات بروتن وودز قد لفظ انفاسه في
بداية السبعينات.


اعلان رامبوييه يتضمن 15 بندا تتناول المسائل الاقتصادية و المالية التي لا تتجاوز الصفحتين من الحجم العادي. قراءته
بمعزل عن الشروط و الظروف التاريخية التي افرزته لن تكشف عن عمق دلالات كل بند من بنوده الصغيرة التي تــــؤرخ
لاخطر منعطف في تاريخ تطور المجتمع البشري, لذا فان استحضار سياقه التاريخي ضرورة ملحة لفهم عمق دلالـــــــــة
خطورة الاعلان.

لنفحص اذن البند 11 من اعلان رامبويه جملة جملة مستحضرين السياق التاريخي الذي افرزه لنبرز خطورته.

يقول الستة الكبار في البند 11 من اعلان رامبوييه :

فيما يتعلق بالقضايا النقدية ، فإننا نؤكد عزمنا على العمل من أجل مزيد من الاستقرار. هذا ينطوي على بذل الجهـــــــــود
لاستعادة الاستقرار ضمن الشروط الأساسية للتنظيم الاقتصادي والمالي الدولي. في نفس الوقت ، سلطاتنا النقدية ستتحرك
لمواجهة فوضى الأسواق أوالتقلبات الطارئة لأسعار الصرف.و قد سجلنا بارتياح التقارب, الذي كان منشودا من طرفــــــ
مجموعة من البلدان, بين وجهات نظر الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا حول موضوع الحاجة إلى الاستقرار و كـــذا
إصلاح النظام النقدي العالمي. هذا التقارب سيسهل التوصل إلى اتفاق في إطار صندوق النقد الدولي في الدورة المقبلــــة
للجنة المؤقتة حول المسائل العالقة بخصوص الإصلاح النقدي العالمي.

1
بدأ الستة الكبار قولهم في هذا البند ب “ فيما يتعلق بالقضايا النقدية” , العبارة واضحة, اي ان جدول اعمال القمة المتعلق
بالمشاكل النقدية التي يتخبط فيها العالم ستعالج في البند 11 .

2
فإننا نؤكد عزمنا على العمل من أجل مزيد من الاستقرار

ذلك يفيد بان انجاز المزيد من الاستقرار مشروط بتعاون الست الكبار, لكن القول بالمزيد من الاستقرار يعني ان العالــــم
يعرف هزات عنيفة في القضايا المالية و النقدية تتشترط التعاون من اجل تجاوزها الى بر الامان, فما كانت اذن تلكـــــــ
الهزات العنيفة؟؟؟
كان نجاح البلاشفة في هزم القطعان الهتليرية الدور الحاسم في بروز الرافعة الاشتراكية من اجل تحرر البلدان المستعمرة
من طرف الامبريالية , فقد الحقت حركة التحرر الوطني هزائم شنيعة بالمعسكر الامبريالي و كانت ملحمة فيتنام قــــــدوة
ملاحم التحرر العالمي اثرها ترتب على الولايات المتحدة الامريكية قبطان المعسكر الراسمالي ان تصرف كل دولاراتها
على مواجهتها الشيوعية التي اندلعت شرارتها في كل روافد التحرر دون. في فيتنام جرت امريكا اذيال الهزيمة فما كان
لها الا ان تمول حربها الغير الشرعية بدولارات مكشوفة غير مغطاة بالذهب, لتخل بذلك مسؤولية الالتزام بممقررات
معاهدة بروتن وودز التي كانت تحمي قانون القيمة الراسمالي, مما دفع بالرئيس الامريكي نيكسون ان يخطب في 15
غشت من سنة 1971 حيث قال : « لقد وجهت الكاتب كونلي ان يعلق مؤقتا الغطاء الذهبي”.
خطاب 15 غشت 1971 او المعروف بالصدمة النيكسونية لانه كان قرارا احاديا لم يستشر فيه القبطان الامريكي احدا
من اتباعه لان عبارة التعليق المؤقت للغطاء الذهبي كانت خدعة لاستدراج الكبار الاخرين في تبني الالغاء التام للغطاء
الذهبي حيث استرسل يطمئنهم  في الخطاب نفسه : «  لاصدقائنا الاجانب, بمن فيهم العديد من اعضاء مسؤولــــــــي
المجتمع البنكي الذين يهتمون بالاستقرار و تدفقات التجارة, اعطيهم هذه الضمانة : الولايات المتحدةكانت دائما و ستظل
الشريك التجاري المستقبلي الجدير بالثقة”.
مباشرة بعد الخطاب تم تخفيض الدولار لمرتين في مدة لم تتعد السنة و الربع اولاها منذ1 بنسبة 8 بالمائة في دجنبر
1971 في اتفاقيات واشنطن او ما يسمى باجتماعات المكتبة و ثانية بنسبة 10 بالمائمة يومه 13 فبراير 1973 هزتـــــ
اركان معاهدة بروتن وودز سرعت من انهيار النظام الراسمالي. تجدر الاشارة هنا ان تخفيض الدولار لم يتم منذ سنة
1934. تلك كانت الهزات العنيفة التي هزت الاستقرار الدولي و استدعت التعاون من ممثلي الست الكبار لبذل الجهود
من اجل مزيد من الاستقرار. هذا يعني ان الدول المجتمعة في رامبويه كفلت الدولار بتعاونها مع الولايات المتحـــــدة
الامريكية في بتر كل الجدائل التي تشد الدولار الى الذهب و هو العملة الوحيدة التي كانت تحول الى الذهب فـــــــــي
السوق الدولية.

3
هذا ينطوي على بذل الجهود لاستعادة الاستقرار ضمن الشروط الأساسية للتنظيم الاقتصادي والمالي الدولي

هذا القول فيه من الخداع ما يوحي بان التعاون و الجهود المبذولة تتم ضمن شروط التنظيم الاقتصادي و المالـــــي
والدولي القائم الذي تسهر عليه المؤسسات الدولية , وهذا غير صحيح بالمطلق فالعكس هو المراد تماما حيثـــــــــــ
الاستقرار المبتغى , و هو العمل على الحد من تخفيض النقد العالمي و كفالة الدولار المكشوف , لن يكون الا بنسف
معاهدة بروتن وودز تنص على تغطية الورقة الخضراء بالمعدن البراق.
في مواجهة التهاوي المروع للدولار الذي تقرر في اجتماعات المكتبة اجتمع وزراء الدول اعضاء المجموعـــــــــة
الاروبية الاقتصادية في بال شهر ابريل من سنة 1972 و على توجيهات فانر بيير الوزير الاول لدولة اللوكسومبورغ
تقرر انشاء اتحاد نقدي اروبي يسمح بهامش تقلبات عملاتها في حدود نسبة 4,5 بالمائة كنفق يتحرك فيه ما اسمـــوه
الثعبان النقدي الاروبي, لكن الاتحاد النقدي و في ظرف اقل من سنة لم يستحمل التخفيض الثاني للدولار في 13
فبراير 1973 فكانت النتيجة ان خرج الثعبان من نفقه و اصبح تعويم الدولار واقعا موضوعيا, مما يعني نهايـــــــة
مقررات بروتن وودز و ضرورة اعادة تغيير قوانين المؤسسات الدولية التي انبثقت منها و على راسها صنــــــدوق
النقد الدولي.

4
في نفس الوقت ، سلطاتنا النقدية ستتحرك لمواجهة فوضى الأسواق أوالتقلبات الطارئة لأسعار الصرف

في هذا التصريح ايضا خطورة كبيرة تدمر احد اركان النظام الراسمالي. السلطات النقدية في المقام الاول هي الابناك
المركزية للدول, ستتحرك لمواجهة فوضى الاسواق و هي اسواق العملات , فهذا يضمر ما يلي : ان الفوضى التــــي
اندلعت في اسواق الصرف كانت بفعل تاخر السلطات النقدية في ضبط اسواق الصرف عبر التحكم في سعر عملاتها
, و مواجهة التقلبات الطارئة في اسعار الصرف يقتضي اذن تدخل الابناك المركزية عبر تحديد سعر عملاتها وهــو
ما تقوم به منذ نهاية معاهدة بروتن وود, اي ان سعر عملة ما يكون بقرار من طرف البنك المركزي و هو قــــــــرار
سياسي اي ان النقود لم تعد . بضاعة تشير الى ساعة عمل الانتاج المتضمنة في البضاعة المشار اليها و بمعنى اخــر
فان النقد العالمي سلبت منه الوظيفة التي كان يؤديها على اتم وجه في الاسواق العالمية بوصفه بضاعة شكلها العيني
هو التحقيق المباشر للعمل الاجتماعي البشري كمعاير لباقي القيم.
, هنا بالضبط ارى تعديل ما يسمى بالثالوث المستحيل للاقتصادي روبرت ماندل , ليصير المثلث على الشاكلة التالية :
أ- نظام سعر صرف ثابت.
ب- دولار مكشوف.
ت- تدخل السلطات النقدية.
يرمي الثالوث المستحيل الى فكرة استحالة تزامن اطراف المثلث في وقت واحد اي انه حسب النموذج المعدل يستحيل
لنظام مبني على الدولار المكفول من طرف العملات الاخرى و الغير مغطى بالذهب ان يبلغ نظام سعر صرف ثابت
رغم تدخل السلطات النقدية.

5
و قد سجلنا بارتياح التقارب, الذي كان منشودا من طرف مجموعة من البلدان, بين وجهات نظر الولايات المتحـــــدة
الأمريكية و فرنسا حول موضوع الحاجة إلى الاستقرار و كذا إصلاح النظام النقدي العالمي

في البند 11 خلص الست الكبار الى تقارب مريح بين وجهات نظر في مقاربة موضوع الحاجة الى الاستقرار و الذي
يعني قبل كل شيء الحد من تهاوي و انحطاط الورقة الخضراء التي فقدت -عذريتها- بريقها التي تستمده من المعدن
النفيس, و خاصة وجهتي نظر الولايات المتحدة الامريكية و فرنسا. هذا يفيد مباشرة ان امريكا وفرنسا تخالفتا فـــي
مقاربة الوضع النقدي الدولي. فما هي هذه الخلافات؟؟؟

تعزو الكثير من الاراء في الاوساط الاقتصادية الامريكية انهيار معاهدة بروتن وودز الى فرنسا حيث استخدمتــــــــ
فرنسا بقيادة الجنرال دوغول ذو النزعة الوطنية مقررات بروتن وودز ضد معاهدة بروتن وودز عندما ضغطت بكل
ما لديها لاسترجاع ذهبها من خزائن البنك الفدرالي الامريكي.

استجمعت فرنسا قواها المنهارة بعد الحرب العالمية الثانية في بداية الستينيات خلالها احتجت على الهيمنة الامريكية
في جميع المجالات و خاصة المالية و النقدية منها حيث انتقد دوغول بشدة مقررات بروتن وودز متهمة اياها بانها
لم تعد تستجيب لمقتضيات الظروف الدولية الجديدة نظرا لاحتكار الدولار الحق المطلق في التحويل الى الذهبـــــ
دون العملات الاخرى كالفرنك الفرنسي الذي استعاد عافيته و مصداقيته في الاسواق الدولية, و على ضوء تلكــــــ
الظروف الجديد ة طالبت فرنسا باصلاح النظام النقدي العالمي .كانت مطالبة فرنسا باصلاح نظام النقد الدولي تقوم
على انتقاد الممارسات الامريكية التي رصدها مواطنها الاقتصادي المناهض للافكار الكينزية جاك رووف اتجاه
تمتعها بنفوذ يخول لها ان تتجاوز العجوزات المتراكمة في ميزان الاداءات .
انتقادات دوغول لمقررات بروتن وودز لم تذهب الى حد الاستغناء عن الذهب كمعاير لكل البضائع بل كانت تؤكده
, فقط كانت فرنسا تسعى للحق في تبديل عملتها الفرنك الى الذهب لانها عاينت مغالاة امريكا في استنفاذها للدولارات
الحقيقية في بسط قوتها العالمية و هذا ما اغضب الامريكان. ففي مناظرة صحفية اجراها يومه الرابع من شهـــــــر
فبراير سنة 1965 صرح : »...نحن نعتقد بضرورة انشاء المبادلات الدولية كما كانت عليه قبل الالام الكبــــــــرى
(و يقصد هنا بالحرب العالمية الثانية) على اساس نقدي لا يقبل الجدل دون ان يحمل اي علامة خاصة بدولة مــــا.
ما هو هذا الاساس؟-يتساءل دوغول-. في الحقيقة لا نرى هناك سوى الذهب لخصائصه الواقعية ومواهبه, اي نعم
الذهب, الذي لا يغير طبيعته, الذي يمكن يحول الى سبائك و قطع, لا جنسية له و قد اصبح ابديا و كونيا لقيمــــــة
لا تتاكل و ائتمانية بامتياز لباقي القيم... »

و قد تمت الاشارة و لو بشكل مقتضب الى اهم الخلافات العالقة ضمن العلاقات الامريكية الفرنسية, فما هي اذن
اوجه التقارب في وجهات نظر فرنسا و امريكا التي خلص اليها البند 11 من اعلان رامبويه من اجل “اصلاح
النظام النقدي الدولي” و التحكم في استقرار نظام الصرف.؟؟؟
في تصريح له , قال وزير الاقتصاد و المالية الفرنسي فوكارد انه لبلوغ نظام صرف مستقر سيكون ذلك عبـــــر
ثلاث مراحل :
« بداية, يتوجب على كل عضو في صندوق النقد الدولي ان يلتزم بالتتنسيق مع الصندوق و اعضائه من اجل ضمان
ترتيبات صرف محكمة و تعزيز نظام صرف مستقر.
ثم , خلال مرحلة انتقالية, يمكن لاي بلد ان يختار بين ثلاثة انواع من نظام الصرف :
أ- نظام المعادل الثابت,
ب- نظام السعر المركزي
ت- و اي نظام اخر بما فيه طبعا التعويم.
اخيرا, يمكن للصندوق ان يقر نظام المعادل المستقر قابلا للتعديل, بتصور حصري للصندوق وتحت مراقبته,
من قبل اغلبية مؤهلة ب 85 بالمائة كحقوق التصويت. »
تصريح وزير الاقتصاد و المالية الفرنسي هذا اجمل ذلك التقارب بين الخلافات التي طبعت العلاقات الامريكية
الفرنسية فيما يخص المشاكل النقدية, حيث اتيح هامش للدول المشاركة في الاعلان لان تختار نظام صرفــــــــ
عملتها كمرحلة انتقالية الى مرحلة نهائية يحددها صندوق الاقتراع في الصندوق الدولي.

عبثا كانت فرنسا تسعى الى استقرار الدولار المتهاوي الذي علق غطاءه الذهبي للابد و التي كانت تناهــــــــض
تشريع نظام التعويم و هي من حيث لا تدري قطعت صلتها بنظام الذهب كمعاير لكل القيم واصبحت تكفل الورقة
الخضراء , لان حصة امريكا في التصويت في صندوق النقد الدولي التي تكفلها حقوق السحب الخاصة كبيــــرة
جدا و هي تؤهلها للتصويت لصالح تعويم عملتها و تمديد المدة الى اجال مسمى.

تخلت فرنسا اذن, بقيادة فاليري جيسكار ديستان عن تشبثها بنظام الذهب المعاير اهم اركان النظام الراسمالي,
لصالح -استقرار- الدولار الذي فك ارتباطه بالذهب المعاير الممتاز كما يحب دوغول ان يصفه. و هو ما يعني
ان فرنسا التي كانت ترفض مطلقا نظام تعويم الدولار ساهمت في نهاية معاهدة بروتن وودز حيث يقضي هذا
التعاون الذي ادى الى تقارب وجهتي نظر امريكا و فرنسا في القضايا النقدية الى ضرورة اصلاح النظام النقدي
الذي سيجعل من مهامه استقرار الدولار الذي فك ارتباطه بالذهب حتى لا يتهاوى نتيجة -للتقلبات الطارئة-.

6
هذا التقارب سيسهل التوصل إلى اتفاق في إطار صندوق النقد الدولي في الدورة المقبلة للجنة المؤقتة حـــــول
المسائل العالقة بخصوص الإصلاح النقدي العالمي.

"التقارب الذي الذي سيسهل التوصل الى الااتفاق” بين الست الكبار وخاصة امريكا و فرنسا كان بصياغـــــة
جديدة للفصل الرابع من القانون الاساسي لصندوق النقد الدولي الخاص بنظام الصرف من طرف اللجنة المؤقتة
التي تراسها الوزير البلجيكي ويلي ديكليرك , بحيث حرر الفصل ليضع حدا نهائيا لمقررات بروتــــــــن وودز
و فك ارتباط الدولار نهائيا بالذهب. و كان ذلك بعض شهرين من اعلان رامبوييه في جمايكا كنغستون يومـــه
السابع و الثامن من شهر يناير 1976 و به نعى الستة الكبار جثمان الراسمالية.



البند 11 من اعلان رامبوييه كان الشاهد على فصل الدولار الذي غدا نقدا عالميا بدون منازع بعد الحربـــــــ
العالمية الثانية عن البضاعة النقدية الذهب ليغدو بتعبير جاك رووف ذاك اللاشيء الذي يرتدي زي النقــــد.
و به نقل الست الكبار القيمة الى ذاك اللاشيء.

كيف يمكن للنظام الراسمالي ان يعيش اذن و قد غدا معبوده لا شيئا ؟؟؟