الذكرى ال 45


نصارعبدالله
2015 / 6 / 9 - 19:19     

فى مثل هذه الأيام من 45عاما ، تحديدا فى يونيو 1970صدر ديوانى الأول " الهجرة من الجهات الأربع "...لم يكن ديوانا بالضبط، ولكنه كان فى الحقيقة ربع ديوان!! ومع ذلك فقد فرحت به يومها فرحا كبيرا لأنه كان أول مجموعة لى يضمها غلاف، حتى وإن اشترك معى فيه ثلاثة شعراء أخرون هم: أحمد سويلم وفرج مكسيم وعمر بطيشة!! ..فكرة الدواوين المشتركة كانت من وضع وتنفيذ الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور الذى كان فى ذلك الوقت مديرا للنشر فى دار الكاتب العربى (التى أصبح اسمها بعد ذلك الهيئة المصرية العامة للكتاب ) ، وكان من رأيه أن جمع شاعرين أوثلاثة أو حتى أربعة فى ديوان واحد سوف يتيح الفرصة لعدد أكبر من الشعراء لكى ينشروا مجموعاتهم الشعرية، وقد بدأ هذه التجربة بالفعل فى عام 1968 حيث نشر ديوان: " الدم فى الحدائق" الذى صدر فى شهر ديسمبر من العام سالف الذكر لثلاثة شعراء هم محمد مهران السيد، وحسن توفيق،وعزالدين المناصرة... لم يبق الآن منهم على قيد الحياة سوى عزالدين المناصرة الذى يعمل حاليا رئيسا لقسم اللغة العربية بجامعة القدس العربية بالأردن، والذى أتيح لى منذ سنوات أن ألتقى به فى أحد المؤتمرات الدولية، حيث استعدنا معا ذكريات تلك الأيام من ستينات القرن الماضى التى احتضنتنا فيها مجلة الآداب البيروتية كبرى المجلات الثقافية إذ ذاك والتى راحت تنشر إبداع جيلنا كله على امتداد الوطن العربى بأكمله من شعر وقصة ومسرحية ومقال ، ومن خلالها عٌرِفنا حتى فى بلادنا، فقد كان النشر فى "الآداب" هو بمثابة الوثيقة المعتمدة للإنتماء إلى عالم الأدب والفكروالثقافة، وقد حدثنى المناصرة كيف أنه فرح فرحا كبيرا بصدور "الدم فى الحدائق" رغم أنه لم يكن أول ما ينشر له من مجموعات شعرية، فقد سبق أن صدرله قبل ذلك ديوان: " ياعنب الخليل" ، التى يغنى فيه لمسقط رأسه فى أرض فلسطين التى استولى عليها الصهاينة، ورغم أنها فى الأصل أرض كنعانية بناها الكنعانيون (العرب) وأطلقوا عليها اسم "ربع"، إلا أن القائد اليهودى يوشع أو يشوع كما تسميه التوراة ( وهو شخصية مشكوك فى وجودها التاريخى أصلا) ... أطلق عليها حبرون بدلا من ربع!، فى حين أطلق الكنعانيون عليها: "الخليل" وهو الإسم الذى ما زالت تعرف به فلسطينيا وعربيا فى حين أن اللغات الأوروبية جميعا قد اعتمدت اسم حبرون، ..ربما كان هذا من بين ما جعل المناصرة يقول متألما فى قصيدته "ياعنب الخليل" التى يحمل ديوانه الأول اسمها، والتى اختارها فى الوقت نفسه لكى تكون من بين القصائد التى وردت فى مجموعته التى ضمها الديوان الثلاثى المشترك، يقول : " ومرمرنا الزمان المر ياحبرون !!"..أعود بعد هذا الإستطراد إلى ديوان "الهجرة من الجهات الأربع" الذى كان يمثل لى ولعمر بطيشة المجموعة الشعرية الأولى ، أما أحمد سويلم فقد كان قد صدر له من قبل ديوان: " الطريق والقلب الحائر"، وكذلك فرج مكسيم الذى كان قد صدر له ديوان: "فلسطين فى القلب"، ولم يكن فرج فلسطينيا مثل المناصرة لكنه كان مصريا صعيديا من أبناء محافظة المنيا، لكن فلسطين لم تكن ـ فى ذلك الوقت على الأفل ـ فى قلب الفلسطينيين وحدهم ، ولكنها كانت فى قلب كل مصرى وكل عربى، وأظنها لا تزال رغم تلك القلة من الشباب المتأمركين والمتصهينين الذين بدأوا يتسللون للأسف إلى حياتنا.