حِشمةُ المجتمع - قصة قصيرة -


ضياء حميو
2015 / 6 / 1 - 08:54     



شجرةُ الدردار الكبيرة، كأنّها فطر أخضر عملاق، بأغصانها التي هي أشجار صغيرة، تُشذّبها طبيعةُ نموها لتغدو مظلةً كبيرة، طاقتها تشدُّ العابرين بهمومهم، ولا مناصَ من التوقف تحتها لكل عابرٍ.
هكذا شدّتها الشجرةُ أسفلها، فيما هي تطوي أوراقَ الطلاق، أخيرا حصلتْ عليها.
إنها البداية فقط، ستحمل معها لقباً قاسيا؛ "مطلّقة"!.
لن يهتم المجتمعُ وشخوصُه لأسباب الطلاق، فحكمهم مسبق بإدانتها!
أمها مهمومة بهذا لأنها ستحصل على لقبٍ جديد؛ "أم المطلّقة"، وأختها "أخت المطلّقة"، والتي استشاطتْ غضبا منها، لأنها رفضت أن تؤجله ريثما تتزوج، وصديقتها، ماعادتْ تدعوها إلى بيتها خوفا من أن تتسبب بـ "انحراف زوجها"!.
تعاين إجابتها عن أسباب الطلاق وكيف أن القاضي رمى الأوراق في وجهها مشمئزا، متهما إياها بالوقاحة، حين ذكرتْ أن السبب الأساس هو عجز الزوج الجنسي، طلب منها أن تكتب ((ضرر نفسي)) عوضا عن ((عجزٌ جنسي))، قال لها أن القضاء يُفضل هكذا صيغة، كي لا تجرح حشمة المجتمع!.
اعترتها ابتسامة إشفاق على نفسها، حين تراءى لها قطبي التناقض في مجتمعها، إذ يُدينها الأول أن طلبتْ الطلاق، ويدينها الثاني إذا ما قامت بفحص الزوج قبل الزواج والتأكد من فعاليته، وتاريخ صلاحيته.
هكذا أوصاها الجميع: "بعد الطلاق، لا تذكري السبب الحقيقي، سيتهمونك بالشبق وبعدم الإحتشام، لا تجرحي حشمة المجتمع"!.