رسالة مغلقة الى م. س. للحزب الشيوعي العراقي


عدنان عاكف
2015 / 5 / 20 - 22:17     


عبرت جميع الأحزاب والتكتلات السياسية والمرجعيات الدينية ومنظمات المجتمع المدني عن شجبها وادانتها للأعمال الاستفزازية التي وقعت في الأعظمية مؤخرا
ولفت انتباهي على الخصوص ما ورد في الفقرة الأخيرة من تصريح المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي والتي طالبت بالتحقيق الفوري في ما وقع، ومحاسبة من يثبت تورطهم.".. وليتم الإعلان عن ذلك في الحال، والعمل على الا تضيع الحقائق في دهاليز لجان التحقيق كما هو حاصل حتى الآن. فأوضاع البلد لا تحتمل المزيد من المشاكل والتعقيدات والتحديات "!!

ان المكتب السياسي، وكما هو واضح من هذه الفقرة ، مُتَيَقنُ من ان أحدا، من الذين ينبغي ان يستمعوا الى صوت العقل، لن يستمع الى نداءه، كما لم يستمع احد الى نداءات جميع القوى الخيرة الأخرى، ما دامت " تضيع الحقائق في دهاليز لجان التحقيق "، كما يقول البيان. و كل عضو في م. س. مُتَيَقنُ ومُدركُ أفضل مني بألف مرة ومرة بان مفعول هذا البيان سينتهي بتسجيل موقف من الحدث ليس إلا. وم . س . يعرف قبل غيره ان من بين من ينبغي ان تطاله المساءلة حول ما حدث هم بالذات من يسعى الى لفت انتباههم من " السياسيين، وخصوصا من هم في موقع السلطة والقرار " الذين ، سمحوا لما حدث ان يحدث، والذين، بالرغم من كل ما حدث ويحدث في البلاد، ما زالوا يرفضون بعناد الجهلة والمستهترين على ان لا يفهموا بان " أوضاع البلد لا تحتمل المزيد من المشاكل والتعقيدات والتحديات "!! ولو سألت أي عابر سبيل عن ما يجري سيكتفي بعبارة : " بلغ السيل الزبى "! ولو حاول م. س . ان يعود الى الوراء سنة واحدة فقط فانه سيجد نفسه أمام الكثير من بياناته التي حذر فيها بان " أوضاع البلد لا تحتمل المزيد من المشاكل والتعقيدات والتحديات "!! وليسمح لي الرفاق ان استعين بعبارتهم لأقول بان " أوضاع البلد لا تحتمل المزيد من " المواقف الرجراجة السائبة التي أقل ما يمكن ان توصف بانها مواقف من لا موقف له ".
ولكن ما يثير دهشة غالبية الشيوعيين وأصدقاءهم والكثير من المثقفين الديمقراطيين والعلمانيين ان تشخيصات الحزب لما يجري، ومنذ فترة طويلة واضحة ولا يشوبها شائبة. ولكن ما ان نصل الى السؤال الأهم : " ما العمل ؟ " تتلبد السماء بالغيوم ويعم الظلام بعد ان تنقطع الكهرباء عن عموم البلاد.. ما من شك ان الوضع في غاية التعقيد ولا يحتمل المزيد من الاحتقانات والاختلاف بين الأطراف المختلفة. لكن الوضع لم يعد أيضا يحتمل اخفاء الحقيقة المرة. ان القوى المعادية للعراق، وفي مقدمتهم الفاسدون سياسيا واخلاقيا وماليا يدركون جيدا المأزق الذي يعاني منه العراق والقوى الخيرة، ويسعون الى استغلال هذه الوضعية المعقدة، للقيام بالمزيد من الخطوات التي تقود البلاد الى الهاوية النهائية.
لنتوقف عند البيان الأخير للجنة المركزية بمناسبة الذكرى 81 لتأسيس الحزب. لقد قدم البيان عرضا شاملا عن الأوضاع السياسية والاجتماعية الاقتصادية في البلاد وحصيلة التجربة التي امتدت نحو 12 سنة بعد سقوط النظام الدكتاتوري. وقد لخص البيان ان العملية السياسية
"أنتجت مجتمعة تجربة سياسية مشوهة، ودولة مشلولة، يعصف بها الإرهاب والفساد، والصراعات العبثية بين فرقائها المتنفذين، بحيث لم تستطع تأمين الحد الأدنى من واجبات الدولة الحديثة تجاه مواطنيها، لا في تحقيق الأمن والاستقرار ولا في توفير الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وسكن وصحة وتعليم، ولا في مكافحة البطالة، وتقليص نسبة الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر، ولا في أي شيء أخر..". ما العمل ؟ البيان وبعد كل هذا ما يزال يرى ان ما هو مطلوب بسيط جدا جدا" :
" إنهاء المحاصصة بكل تلاوينها، والاحتكام إلى مبدأ المواطنة، وتكافؤ الفرص أمام كل العراقيين دون استثناء، ومحاربة الفساد المالي والإداري بجدّية اكبر، وتصحيح الإستراتيجية الاقتصادية للدولة، بما يضمن تفعيل القطاعات الإنتاجية، الصناعية والزراعية، ويصون مصالح الفقراء وذوي الدخل المحدود .."..
البيان في هذه الفقرة بالذات لا يتوجه الى أعضاء الحزب والجماهير التي تتفق مع ما ورد في البيان، بل يتوجه الى من يمسك بيده مقاليد الحل والربط، ومن لا يزال يصر على التمسك بنفس النهج الطائفي الأعوج والأهوج، وهم بالذات من أوصل الدولة العراقية الى حالة اللادولة التي نراها. هؤلاء جميعا ينبغي ان يقفوا امام لجنة المسائلة والعادلة، ويقف في مقدمتهم رئيس هذه اللجنة أيضا.
وقبل ان ترى النور كلماتي هذه قررت قيادة التيار الصدري التأكيد على صحة رأيي هذا وذلك من خلال اعلانها قبل لحظات معدودات، لا أعرف عددها بالضبط عن إقالة وزيري الصناعة والموارد المائية من منصبيهما لأنهما " لم يكونا بالمستوى المطلوب لذلك تقرر استبدالهما باشخاص اكثر كفاءة ". وبالتأكيد ان السيد رئيس الوزراء ، الذي يفترض به وفق قوانين جميع الدول الأرضية والتي في مجرة درب التبانة، الدول التي تحترم نفسها، والتي لا تحترم نفسها، ان يكون صاحب الشأن وهو الذي يُقـَيمْ ويَعفي ويـَقيل، سوف يقبل رغم أنفه وأنف مدحت المحمود وعالية نصيف وسليم الجبوري وفؤاد معصوم، وظافر العاني، وشروق العبايجي، بوزيريه الجديدين الذين سيتمتعان بالكفاءة العالية والنزاهة المُشفة، شاء الشعب أم أبى !

لو؛ أقول لو، شأء القدر، و قُدرَ، في يوم أغبرِ تشرقُ فيه الشمس من الغرب، وقرر أهل الحل والربط استشارتي وطرحوا علي نفس السؤال " ما العمل؟ " لقلت بصوت خافت لا يسمعه رجال الأمن والمخابرات، ولكن بنبرة حازمة صارمة، يفهم مغزاها كل من يعز عليه العراق ومستقبله ومستقبل الأجيال القادمة :

لنباشر ببناء دولة جديدة . وهذا يتطلب هدم الدولة القائمة التي ورد وصفها في بيان اللجنة المركزية. وبالمناسبة ان اللجنة المركزية سرقت وصفها للدولة العراقية من قول خالد للشاعر العباسي الجوهري قاله قبل ألف عام :

يا دولة ليس فيها من المعاني شظية
زولي فما انت إلا على العباد بلية
وعلى أية حال علينا ان نستمع الى نبض الشارع فبل فوات الأوان.. والشارع لم يعد ينبض فحسب، بل انتقل الى مرحلة الغليان الهادئ. يبدو لي ان هذه الهوسة الشعبية التي تتردد فالتظاهرات والاحتجاجات الشعبية في مختلف المحافظات منذ فترة طوية يمكن ان تقول الكثير. قد يقول البعض انها شعارات شعبوية. ربما، لكن لا أحد يستطيع ان يوجه اللوم لشعب جائع، بل ينبغي ان يطال العقاب من جوعه.. وهي ليست موجهة لمن تخاطبه فقط بل لكل من يساهم في بناء دولة الخراب:
!!" نواب الشعب كلهم حرامية "
أما هذه الهوسة فهي تتضمن ما هو أخطر بكثير، لتشمل أطراف وفئات بنت حاضرها ومستقبلها و تعتاش على المؤسسات الدينية ! :
" شلون تبايع حيدر وانت اللي بايك راس المال، شلون تبايع حيدر " ؟؟؟