رسالة من تحت الماء


مكارم ابراهيم
2015 / 4 / 27 - 13:22     

لاتغضبي مني أمي لاني غرقت في البحر
مع الهاربين من موت الحروب والفقر والربيع العربي
لم انتحر أمي لكن الموت كان مصرا على ملاحقتنا
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في البحر
بعد ان بعت خاتم زواجك واساورك وقلادة جدتي
لاعبر البحر مع المهرب في قاربه المهترئ
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في البحر
ولم احقق حلمك في التخرج من جامعاتنا واصبح طبيبا واخدم ابناء وطني
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في البحر
ولم اصل الى جنان دول الرفاه الاجتماعي
واطلب جمع شملك الى هناك
بلاد الغرب حيث لافقيرولامشرد ولامعتقل سياسي
هكذا اخبرونا المهاجرون من اوطاننا الشرقية
سافروا للغرب واتركوا الشرق بدماره ومعاناته
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في البحر
تركتك وحيدة بعد ان قتل الارهابيين والدي واخي الصغير
لاننا نلبس صليبا
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في البحر
كنت احلم بحياة كريمة لاجلك هناك في بلاد الغرب
بلاد تحترم مواطنيها اوطان غير اوطاننا تساعد اليتيم والمريض والمعاق
اما في بلاد نا الاسلامية دمرت بيوتنا وقتل اطفالنا واغتصبت نسائنا
لاحياة في اوطاننا الشرقية كان علينا الهرب للغرب
لاتغضبي مني امي لان كفني سيكون من اكليل ارواح الهاربين المفقودين
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في البحر
حلمت بالوصول الى بلاد الغرب حيث تتحقق المعجزات
هكذا اخبرونا عنهم ولم يخبرونا عن جوليان اسانج وادوارد سنودن وشيلسي ماننغ
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في البحر
ولم اسمع كلامك بالبقاء للدفاع والموت في وطني ويكٌفني ترابه
فالجميع هرب الى الغرب ليعيش هناك برغد
وعند الموت يرسلون جثثهم الى تراب الوطن
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في بحار الغرب هربا من اوطاننا
علمتينا بان الوطن عزتنا وحمايتنا لكن هذه اوطانهم لا اوطاننا
لا تغضبي مني امي لاني غرقت في البحر
ولاقبر لي ولاشاهدة لتزوريني في العيد
وتضعي زهورا على مقبرتي
لكني ساكون في كل قطرة مطر تبلل كوكبنا
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في البحر
ولن تغسلي جثتي فستاكلها الاسماك
وليس ديدان مقابرنا
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في البحر هربا من الموت فستقبلني الموت بذراعيه
لاتغضبي مني امي سالتق باابي في الجنان الطاهرة هناك بعيدا عن ارضنا الملوثة بدماء الابرياء
لاتغضبي مني ياامي لاني فضلت الموت هناك وليس في وطني
فالبحر سيغسلني وسيكون كفني بحبات لولوئه ومرجانه ومحاره
لاتغضبي مني امي لاني غرقت في البحر
فانا الان في جنة الخلد مع الهاربين من الموت بحثا عن الحياة
فرحب بنا الموت واهل وسهل
مكارم ابراهيم
27ابريل نيسان 2015