ابادة جماعية، لكن من قبل اوربا!


رعد سليم
2015 / 4 / 26 - 21:14     

بعد غرق السفينة التي كانت تحمل حوالي ٩-;-٠-;-٠-;- لاجئ قادمين من ليبيا ومتوجهين الى ايطاليا عن طريق البحر المتوسط، صرح محافظ مدينة بيلمرو الايطالية ليولوكا اورلاند بان اوربا ترتكب ابادة جماعية بحق الاف اللاجئين، وذلك لقيامهم بغلق جميع الطرق الامنة امام المهاجرين من الشرق الاوسط وأفريقيا وتمنعهم من الوصول الى مكان أمن في بلدان أوربا. وقال اورلاند بان هذا جريمة حرب وابادة جماعية تقوم بها دول الاتحاد الاوربي، وأنهم لديهم مسؤولية مباشرة عن قتل وغرق الاف اللاجئين في السنوات الاخيرة في البحر المتوسط. وقال بان اوربا عليها واجب انساني بفتح الابواب الرسمية واستقبال هؤلاء اللاجئين الهاربين من الحرب والماساة في بلدانهم التي سببها اساسا السياسة الاوربية اتجاه هذه الدول. وتطرق ايضا بان الانسان ليس هو من يختار مكان ولادته في الاصل، ويجب ان يختار الانسان بنفسه المكان الامن الذي يريد العيش فيه.
ان هذه التصريحات لانسان يساري احتلت مكانة كبيرة في وسائل الاعلام والصحف الاوربية، وفتحت جدالا واسعا وسط السياسيين في دول الاتحاد الاوربي للايجاد الطريقة المناسبة لحل هذه المشكله الانسانية الكبيرة. لكن مع الأسف الشديد يواصل البحر الابيض المتوسط ابتلاع اجساد الاف المهاجرين اليائسين وتغرق معهم مصداقية الديمقراطية الاوربية وقيمها، ثم لا تاتي قممها الا بتشديد الاجراءات الامنية والنصوص القانونية.
بعد الاجتماع الطارئ لزعماء دول الاتحاد الاوربي الاخير في بروكسل، وبدلا من ايجاد طريقة لمساعدة الاف اللاجئين العالقين في دول شمال افريقيا لانقاذهم وفتح طرق امنة لهم للسفر او لنقلهم الي الدول الاوربية، قرروا تدابير صارمة ومنها عسكرية لغلق كافة طرق الوصول الي اوربا. وقرروا في اجتماعهم بان كلفوا مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد فردريكا موغريني باقتراح السبل الكفيلة لمعالجة الازمة بالاستيلاء او تدمير الزوارق التى يستخدمها مهربو البشر قبل أن تتحرك حاملة المهاجرين..
ان الهجوم العسكري على العراق تحت حجة اسلحة الدمار الشامل وبعدها احتلال العراق، سبب من اشعال الحرب الطائفية وبروز الحركات الاسلامية الوحشية، وتحول العراق الي ميدانا للحرب والدمار وكان نتيجتها التشرد لملايين من الناس من بيوتهم وقتل الاف منهم يوميا.
ان السياسة العدوانية والاستعمارية الجديدة لامريكا والغرب في العالم بشكل عام والشرق الاوسط بشكل خاص، من اجل الحفاظ على مصالحها الراسمالية خلق الحرب والفوضى والمجاعة والفقر في الكثير من دول المنطقة، ونتيجتها هروب الملايين من البشر من مكان سكنهم الاصلى ومحاولة ايجاد المكان الامن لهم.
ان الهجوم الغربي العسكري على ليبيا تحت ذريعة الحفاظ على ارواح المدنيين من هجمات القذافي ومساعدة المجوعات الاسلامية الاجرامية، دمرت الحياة المدنية وركائز الدولة ومؤسساتها والمجتمع باكمله، وفتحت باب للمجوعات والعصابات الاسلامية المتعطشة للدماء بالسيطرة على الارض وخلق جهنما للملايين من البشر.
ان محاولة الغرب وامريكا بتغير مسار الثورات في "الربيع العربي" للحفاظ على مصالحها وابعاد المسار الثوري الانساني الذي انتفض الانسان العربي من اجله، خلق جوا من الفوضى وانعدام الامن وتدخل الجيش والارهاب الاسلامي الوحشي بحق الملايين من الناس في تلك الدول، وأنتجت موجه من الاف اللاجئين والمشردين.
ان السياسة الغربية والامريكية تجاه سوريا تحت غطاء الدفاع عن حقوق الانسان وحربهم على الديكتاتورية، ادت الي تدمير الدولة المدنية السورية بكاملها وفجرت كل البلد وحولته الي ركام، وفرغت عشرات المدن بأكملها من الساكنين المدنين فيها، وبقت عشرات المدن الأخرى تحت رحمة البراميل المتفجرة للنظام والهجوم الوحشي والبربري للعصابات الاسلامية المجرمة مثل داعش وجبهة النصرة والجبهة الاسلامية وجيش ما يسمي بالحر، لتقضي على حياة الملايين من السوريين العزل. حرب سورية وسياسة الغرب وعملائهم فى المنطقة تجاه سوريا غيرت سمات المجتمع السوري وادت الى تشرد اكثر من ١-;-٢-;- مليون أنسان من أماكن عيشهم الأمنة.
ان الفجوة الهائلة والمستويات المعيشية بين دول الشمال والجنوب، والفقر والبطالة والمجاعة والمرض سببت هجرة الملايين من تلك الدول باتجاه الدول الاخرى من اجل ايجاد مكان للعمل والحصول على لقمة العيش. كل هذه الحروب والسياسات التدميرية لامريكا ودول اوربا من اجل الديموقراطية وازالة الديكتاتورية او تطبيق القوانين الدولية ليست سوى عبارات جوفاء، لان العالم يعرف جيدا من صنع ووقف بجانب ديكتاتوريات المنطقة وشيوخ الخليج طوال هذه السنين، ويعرف من صنع داعش وزرع الطائفية والتطرف في المنطقة. والعالم يعرف جيدا بان الكلام عن الشرعية والقوانين الدولية لايشمل اسرائيل والسعودية وبقية الدول المتحالفة معهم.
ان هروب وتشريد ملايين البشر في المنطقة سببه الاساسي السياسة الامبريالية الامريكية والغربية، وعلة المشاكل الكلية للانسان المعاصر هو النظام الراسمالى البشع التي لايسمح للانسان ان يعيش حياة حرة وكريمة.
ان موت الاف اللاجئين في البحر عار على الراسمالية والديمقراطية وحقوق الانسان الغربية، لذلك يجب على كل دعاة التحرر وحقوق الانسان رفعوا صوتهم الي جانب صوت محافظ مدينة بيلمرو الايطالية بوجه الحكومات الاوربية، من اجل ايقاف الابادة الجماعية بحق الالاف من اللاجئين القادمين الي الدول الاوربية وتامين الطرق القانونية اللازمة من اجل استقبالهم في ملاذ امن.