علي افريقيا الاتحاد لمواجهة الهيمنة الاقتصادية الغربية


كريبسو ديالو
2015 / 4 / 5 - 03:58     

لقد كانت ولا تزال المبادلات التجارية عبر التاريخ في افريقيا عوامل أساسية لفتح نوافذ استعمارية لاستنزاف ثروات الشعوب الافريقية ونفس المنطق يتكرر اليوم في القرن الحادي والعشرين مع اتفاقيات الشراكة الاقتصادية بين الدول الإفريقية والاتحاد الأوروبي ومعلوم أن اتفاقيات الشراكة الاقتصادية هي اتفاقيات تجارية متمخضة عن معاهدة لومي 1975 التي تم استبدالها باتفاقية كوتونو 2000 الهادفة إلى تطوير منطقة للتبادل الحر بين أوروبا ومجموعة بلدان إفريقيا والكاريبي والهاديACP وهي في صيغتها الأخيرة عبارة عن حزمة من الاتفاقيات بين الدول الأوروبية والدول الفقيرة وخصوصا افريقيا الفرنكوفونية التي تتمثل في فتح الحدود بين البلدان المشتركة ورفع الضرائب الجمركية على السلع المتبادلة وغيرها من البنود التي تعمل لصالح المؤسسات الأوروبية بعبارة أخرى أبسط ستصبح السلع الأوروبية المستوردة معفية من الرسوم الجمركية في بلداننا مما يعني انخفاض الواردات الجماركية لبلداننا بنسبة ٢-;---;--٠-;---;--٪-;---;-- الامر الذي سيخلق عجزا ميزانيا لكثير من البلدان الافريقية والتي تعتمد اعتمادا أوليا على الحركة الجمركية كما هو حال السنغال مثلا والغطاء الخارجي الذي يسعى الشركاء الأوروبيون لإقناع الأفارقة بها هو كون الاتفاقيات ثنائية الطرف والأثر بحيث يصبح السوق الأوربي مفتوحا أمام المؤسسات الافريقية وهو كما ترى لا معنى له إذا علمنا أن الدول الافريقية ليست صناعية وإنما دول مستهلكة إضافة إلى أن صادراتها ضئيلة جداً لا تتجاوز ٥-;---;--٪-;---;-- من السلع العالمية علاوة على ذلك فالسلع الافريقية ذات جودة ضئيلة فيبقي أن المستفيد الوحيد هي الدول الصناعية والخاسر كل الخسارة هي الدول الفقيرة المستهلكة ففي الوقت الذي تغلق فيه الدول الأوروبية أبوابها أمام الأيدي العاملة الإفريقية المهاجرة وتشدد في إجراءات التأشيرة تسعى جاهدة لتثبيت أقدامها في قارتنا تحت تبريكات الرأسمالية الشرهة وإن لهذه الاتفاقيات آثار سلبية على المنظومتين الاقتصادي والسياسي الأفريقيين منها تدمير المنظومة الاقتصادية الافريقية الهشة عن طريق خلق أجواء تنافسية في معركة غير متكافئة تسمح بوأد مؤسسات التمويل المتوسط والمصغر الإفريقية ومن المعلوم انه ليس بوسع المؤسسات الافريقية الدخول في معركة تنافسية تجارية مع نظرائها الأوروبية لعدة عوامل أبرزه أن الشركات الإفريقية متروكة على حالها ولا تستفيد من الرعاية ولا الدعم اللازم من حكوماتها إضافة إلى ضعف الجودة في منتوجاتهامع غلاء أسعارها في حين أن نظراءها الأوروبيين يستفيدون من المساعدات الضخمة والدعم اللازم من حكوماتها علاوة على جودة منتوجاتها مع أسعار مقبولة وستمتلئ الأسواق الافريقية بالصناعات الأوروبية وستنافس بذلك المنتجات المحلية على ضآلتها مما يعني وأد الحلم الافريقي الذي يسعى للنهوض وايضآ سوف يكون هناك آثارا سلبية ملحوظة في الميزانيات السنوية للبلدان الإفريقية الفقيرة وهناك العديد من الدراسات تشير إلى خسارة في السيولة تزيد عن مليار يورو سنويا وحسب الدراسات الدقيقة فسوف تخسر السنغال ما يزيد من ١-;---;--١-;---;--٥-;---;-- مليار من إيراداتها الجمركية بينما ستخسر مالي ٢-;---;--٣-;---;--٪-;---;-- ، وغامبيا٢-;---;--٢-;---;--٪-;---;-- ، وغينيا١-;---;--٥-;---;--٪-;---;-- ، وبنين ٤-;---;--٠-;---;--٪-;---;--، في حين ان نيجيريا ستخسر سنويا حوالي ٨-;---;--٠-;---;-- مليار دولار وهناك آثار أخرى تتمثل في تدهور الحالة الاجتماعية والنفسية للشعوب الافريقية المقهورة واستمرارية الحصار الاقتصادي للدول الافريقية ككيانات تعيش تحت وطأة الديون المتضاعفة مما يمنع من استقلاليتهاالحقيقية كما أن هناك من الباحثين من يتحدث عن احتمالية إعادة جدولة العملة الاستعمارية (فرنك سيفا) وانخفاض حاد في قيمتها كما حدث في ١-;---;--٩-;---;--٩-;---;--٤-;---;-- وبالرغم من كل السلبيات التي ذكرتها سوف نجد في الوقت نفسه استعدادا تاما من الزعماء الافارقة وحكوماتنا الكرتونية لتوقيع هذه الاتفاقيات من غير تقديم مبررات على الرغم من فصاحتهم المعهودة وليس من سبب في رأي سوى أن كلا من هؤلاء الرؤساء حريص على كرسيه والحفاظ عليه وليس لديهم استعداد لمواجهة الضغوط الخارجية او الثورات الشعبية الداخلية في حال جفاف الينابيع الاقتصادية الضئيلة التي تضمن رواتب الموظفين القليلين علما بأنه تم اغتيال أكثر من واحد وعشرين رئيساً منذ ١-;---;--٩-;---;--٦-;---;--٣-;---;--م ليومنا هذا كما تم الانقلاب على عدد كبير من الرؤساء الأفارقة وهم في سدة الحكم وما ذلك إلا لأنهم في الغالب رفضوا تنفيذ إملاءات خارجية أو توقيع اتفاقيات كانت ستقضي على الشعوب الافريقية فهل زعماؤنا اليوم ونحن في الألفية الثالثة حريصون على عروشهم أكثر من حرصهم على شعوبهم؟ وهل لديهم نخوة وشهامة نظرائهم من زعماء امريكيا الاتينية الذين كسروا حاجز الاستعمار الحديث وشقوا طريق النهوض لأوطانهم؟ وريثما يتضح الجواب عبر صفحات التاريخ فنصيحتي للشعوب الإفريقية أن تكون دروعا شعبية ضد زعمائها المتواطئون مع الإمبريالية العالمية من أجل المصلحة العليا لأوطاننهم مما عسى أن يكون هذا خليقا بنفخ روح الشجاعة والحماس في اتخاذ مواقف وخطوات جريئة لإخراج القارة الإفريقية من عالم البؤس والشقاء إلى عالم الحرية والعزة والحياة الكريمة !