السويد والنفاق السياسي والديني لحكم آل سعود


أحمد جميل حمودي
2015 / 3 / 22 - 09:01     

بدأت الأزمة السياسية بين الحكومة السعودية والحكومة السويدية مع وصول الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي للسلطة في نهايات عام 2014، حين زاد تداول وسائل الاعلام السويدية لمسألة صفقة السلاح المزمع عقدها مع السعودية ومدى توافقها مع الدستور السويدي. والسويد كبلد ديمقراطي لديها قواعد ومبادىء تؤكد عدم توريد الأسلحة إلى دول النزاع أو الدول الديكتاتورية. زاد الضغظ الشعبي والإعلامي على الحكومة الحالية لإلغاء صفقة السلاح، حيث تربط السويد بالسعودية علاقات اقتصادية جيدة. ولكن الصراع سيبقى دائما، خاصة في دولة مثل السويد حيث حكم القانون، بين ركائز القيم الانسانية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان كمبدأ لتوجيه العلاقات السياسية الخارجية للدول أو ركائز المصالح ومنطق الارباح الاقتصادية التي تحكم العلاقات بين معظم الدول.

من هنا وعقب الحكم بالجلد على المدون السعودي رائف بدوي لاتهامه بـ "الاساءة للدين" جاء تصريح وزيرة الخارجية السويدية "مارغوت فالستروم" بأن هذا الحكم ينتمي الى القرون الوسطى. وبدأت تدهور العلاقات السعودية السويدية بمنع وزيرة الخارجية السويدية من إلقاء كلمة في الجامعة العربية، ثم استدعاء السعودية لسفيرها بالسويد، وكذلك فعلت الإمارات، فضلا عن تصريحات الكويت لمواقف شبيهة بالسعودية، وإجراءات أخرى اتخذتها السعودية، ووصل الأمر لاستصدار بيان ل 57 دولة عضو بمنظمة التعاون الاسلامي يستنكر الموقف السويدي، وهذه المنظمة تتأثر، كما الجامعة العربية، بمواقف السعودية التي تضخ لها الأموال الممنوحة من ثروة النفط السائبة لآل سعود!

حمي وطيس الحكومة السعودية ومن والاها من دول الخليج، الامارات والكويت، لان وزيرة خارجية السويد انتقدت حالة حقوق الانسان بالسعودية، التي رأت من وجهة نظرها الثقافية الاوربية أن الجلد ينتمي الى العصور الوسطى! ما الفرق بين قادة هذه الدول وبين داعش؟! داعش تقطع رؤوس مخالفيها والسعودية تقطع العلاقات السياسية وتغطي أهدافها السياسية بالحفاظ على هيبة ال سعود تحت مسمى الاساءة للاسلام! وتقدم هذا الرأي إلى الرأي العام السعودي والعربي من أن موقف الوزيرة السويدية موقف معاداة للاسلام! وبالتالي تهيىء "العقل الجمعي" وتدفعه الى التطرف والتعبير بالعنف لرد اعتبار هيبة الاسلام! بينما الحوار والتواصل مع هذه الدول هو الحل لسد الفجوة الثقافية بين الغرب والعالم الاسلامي.

لم يغفر وقوف هذه الحكومة السويدية، ذات التوجه الاممي، الى جانب قضية فلسطين واعترافها بدولة فلسطين، رغم غضب الولايات المتحدة من هذا القرار الذي اتخذته السويد، لم يغفر لها هذا الموقف الشجاع من قبيل "أن تعبير الوزيرة السويدية كان تعبيرا عن حالة ثقافية تؤمن بها"، التي ربما لا يناسب موقفها الموقف الرسمي للسعودية ومن والاها كالامارات والكويت!

في الوقت الذي تغزو فيه إيران المنطقة بعدّها وعتادها وتحتل أربع عواصم عربية، بيروت وصنعاء ودمشق وبغداد، ولا نسمع سوى تصريحات باردة ولا خطوات جدية من السعودية والدويلات الخليجية الصغيرة لوقف المد الايراني في المنطقة!
فعلا كما قال اهل المثل: أبي لا يستطيع السيطرة الا على امي! وكلنا يعلم القنوات الخفية والعلاقات الاقتصادية المعلنة بين الامارات وايران على سبيل المثال! فلماذا لا تقطع هذه العلاقات الخليجية مع ايران رغم أنها تصيب الامة العربية كل يوم في مقتل؟!
لو كانت هذه الحمية للاسلام لكنا قدّرنا ذلك، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ولكن هذه الحمية للحفاظ على السلطة الابدية لال سعود، الذين يحكمون باسم الدين ولكن ليس لهم، كقادة وامراء على خلاف الشعب الذي ينتمي الى هذه الامة دينيا وثقافيا، ليس لهم من الدين الا اسمه! الا من رحم ربي من أمرائهم الصالحين...

أما التعمق في التفسير الديني والسياسي لهذا الموقف السعودي فربما يعالج في مقال آخر. ولكن من المعلوم أن إحدى ركائز الحكم السعودي طويل المدى هي المؤسسة الدينية، منذ عهد تأسيس الدولة السعودية التي لا تريد أن تغضب هذه المؤسسة، وتريد أن تظهر لها بمظهر الدولة الذائدة عن الدين وحامي حمى الاسلام!