ما يُقترف بِسم سُنة الحياة


أحمد محمد منتصر
2015 / 3 / 11 - 08:42     

إننا نعيش الآن في القرن الحادي و العشرين و لا نعلم المصدر الحقيقي لما يسمونه الآن سُنة الحياة , حتي أصبح كل شيء يمت لحياتنا بصلة من قريب أو بعيد مرتبطاً بسُنة الحياة , كل الأفكار التي يعكسها لنا المجتمع إذا تم تحليلها فإنها لن تزيدك إلا عداء للمفاهيم المجتمعية المترسخة من قديم الأزل و ما تم تطويره منها ليكون مناسباً بما يُفترض أن تكون عليه سُنة الحياة .
أهي بدعة تم إبتداعها , أم عادة تم إستحداثها من قِبل المجتمع , أم هي في الحقيقة شيء يفوق قوانين الطبيعة و الخليقة , يفوق أي معتقد و أي قانون , نعم لقد فاق مصطلح سُنة الحياة جميع الأديان بقدسيتها جميعاً حتي أصبح هذا المصطلح يعتنقه و يؤمن به ذو الأديان المختلفة فعلياً .
فبِسم مصطلح سُنة الحياة تحولت حياة البشر من الإبداع إلي الروتين الثابت , فأصبحت سيرورة الحياة بلا قيمة أشبه من العدم , فقد كنا سابقاً نسمع عن قصص لحياة البشر الناجحين وكان يصيبنا الإنبهار و الإندهاش , ولكن الآن بتحليل هؤلاء و مدي نجاحهم نجد أنهم بالفعل نجحوا و لكن بقوة الحياة المادية التي تمنحها لقلة معينة أو فئة توافرت لهم ظروف الحياة العملية و الترفيهية أو بقوة التمرد علي المفاهيم الحياتية المتعارفة , و أن نجاحهم هذا هو الإستثناء لباقي البشر العاديين الذين لم تتوفر لهم فرص النجاح .
بِسم مصطلح سُنة الحياة تحولت بل توحشت حياة البشر و أصبح مفهوم سيطرة القوي و المتحكم في من لا حول له ولا قوة مرتبط تماماً بمفهوم سُنة الحياة , حتي أصبح مصطلح سُنة الحياة هو المُبرر الأعظم لجميع إنتهاكات البشر و فرض سلطويتهم الغير آدمية بالمرة علي باقي البشر العاديين .
بِسم مصطلح سُنة الحياة أصبح تطور المجتمعات حتمي من سيء إلي أسوأ و تجردت جميع المعاني و المفاهيم الإنسانية حتي بخُست و أصبح الإنسان كقيمة لا يُساوي مقدار وجوده حتي , بل أصبحت قيمته مرتبطة بمكانته فإن كان فقيراً لا يملك سوي قوت يومه فمن الممكن أنه يوماً ما سيُدهس تحت عجلة الحياة , أما إن كان غنياً ذو مكانة مجتمعية مرموقة فبذلك قد تبدلت الأرض له جنة يخلد فيها مُنعماً مُرفهاً و هذه هي سُنة الحياة !!
سُنة الحياة هذه بإسمها تم إقتراف الأخطاء , بفضلها تم إنتهاك الحقوق , بسبها أصبحت حياتنا منذ ولادتنا حتي موتنا مُسجلة و معلومة ليست غيبياً بل معلومٌ أنه سيولد بإسم و دين و جنسية و مطلوب منه أنه يبقي أمد الدهر يدافع عن أشياء لم يخترها , معلومٌ أنه إن وُلد فقيراً سيموت فقيراً و العكس صحيح , معلومٌ أنه سيتعلم و يُصرف عليه الكثير لا من أجل غاية التعليم بل من أجل إستثماره جيداً ليجني ثمرة إستثماره فيما بعد , معلومٌ أنه يوماً ما سيكبر و مطلوب منه أن يأتي بطفل جديد لهذا العالم ليستثمره مثلما تم إستثماره بالضبط , أليس بإسم سُنة الحياة تمر الحياة هكذا !!
ثم نأتي بعد ذلك إلي تفاصيل الحياة التي أيضاً استحوذ عليها مصطلح سُنة الحياة فنجد أن الزواج مثلاً لم تعُد له قيمة روحية و معنوية أكثر ما له من قيمة مادية , فالزواج في عالمنا خصوصاً في مجتمعاتنا الشرقية ما هو إلا صفقة يُستثمر فيها الرجُل و الأنثي , نعم الإثنان فالرجُل يُستثمر بماله و الأنثي تُستثمر بحياتها , نعم بحياتها فهي في مجتمعنا وُجدت لتكون آلة لجلب مستثمرين جُدد للحياة , فإن كان الرجُل جاهز برأس ماله فهنيئاً له الصفقة , و إن كان ممن طحنتهم الحياة تحت عجلتها فسيُرفَض لإن هناك غيره العديد من هم أجهز منه و أكثر منه مالاً , فكم زواج و كم قصة حب بين طرفين لم تكتمل بإسم سُنة الحياة !!
إننا نعيش في عالم تحكمه الدبابات و رؤوس الأموال , عالم تحكمه الطبقية و العنصرية و حب الذات , عالم تحكمه القوة المملوكة بإسم سُنة الحياة , و ما علينا إلا أن نعيش راضخين لقوانينهم قانعين بما سنّته لنا سُنة الحياة , إما أن نتمرد و نوّصف بأبشع الأوصاف من المجتمع فقط لإننا نريد أن نحيا حياتنا نحن , ندرس ما نريد و نعمل ما نريد و نحب ما نريد و نرفض ما نريد , إنهم يسلبوننا ما يُميزنا كإنسان و هو حق تقرير المصير , فلتحسدوا العديد من الحيوانات علي أن لديهم حق تقرير مصيرهم و لديهم حريات لا يتمتع بها الإنسان !!
إننا نريد ثورة بالفعل و لكن بأي مفهوم ؟؟ ثورة لكسر الفوارق الطبقية , ثورة تقضي علي المفاهيم المجتمعية التي رسختها أنظمة ضد الإنسانية أنظمة الإستغلال و كبح فُرص الحياة الإنسانية , ثورة من أجل التحرر من قيود الرجعية , إننا نريد نضال واسع من أجل كل القيم و المعاني المندثرة بفعل السلطوية و الرجعية و الطبقات الحاكمة الديكتاتورية التي استحوذت علي الثروات الطبيعية و البشرية و صدّرت لنا الفقر و الجوع بإسم سُنة و سيرورة الحياة .
و كما قال جيفارا " فليفاجئنا الموت على أي بقعة من الارض مرحباً به ما دامت هناك آذان مُصغية لنداء التحرير "
فلنعيش حتي نناضل لكي نتحرّر .. لا لكي نموت