مداخلة التيار اليساري الوطني العراقي في اللقاء اليساري العربي الخامس 20-21/ شباط 2015 حول ( الحركات الاسلامية )


التيار اليساري الوطني العراقي
2015 / 3 / 5 - 00:04     

مداخلة التيار اليساري الوطني العراقي في اللقاء اليساري العربي الخامس 20-21/ شباط 2015 حول ( الحركات الاسلامية )

مداخلة التيار اليساري الوطني العراقي في اللقاء اليساري العربي الخامس 20-21/ شباط 2015 حول ( الحركات الاسلامية ) بالاستناد الى الورقة المشتركة المقدمة من قبل الحزب الشيوعي السوداني والحزب الشيوعي المصري وورقتي الحزب الشيوعي اللبناني وحزب التقدم والاشتراكية.

ابدء مداخلتي بأن اروي لكم حادثة واقعية نقلا عن رجل دين, تعبر عن الوعي الفلاحي في دحر الخطاب الديني التخويفي بالنار وقواه الاعلامية الهائلة, إذ روى لي, بأنه دعا مجموعة من الفلاحين لمساعدته في حرض ارضه وقال لهم لكم حورية في الجنة مع كل ضربة في ارضي..فضرب احد الفلاحين سبعة ضربات سريعة وتوقف ...فسأله السيد رجل الدين لماذا توقفت ؟ وكان جواب الفلاح الواعي ..سيدنا سبع حوريات كافي ! واليوم يتظاهر الفلاحون العراقيون احتجاجا على مصادرة اراضيهم على يد القوى الاسلامية الممنوحة لهم بموجب الاصلاح الزراعي .

ان الورقة المقدمة من قبل رفاقنا في الحزب الشيوعي المصري والحزب الشيوعي السوداني, ورقة غنية في ناحية الاستعراض التأريخي, رغم انه استعراض طويل ولكنه مفيد في تثقفيف الاجيال الجديدة, إذ سنستفيد منها في موقع اليسار العربي المقرر انشاؤه. والورقة تمتع بالتحليل المعرفي وتطرح رؤية برنامجية تبدو من حيث الشكل والمضمون ختصة بمصر والسودان, لكن بشكل عام هي مشتركات العالم العربي.

اغنيت الورقة من قبل رفاقنا في حزب التقدم والاشتراكية خاصة في الجانب الميداني واهمية الربط والتمييز بينا ماهو تاكتيكي واستراتيجي في الموقف من القوى الاسلامية. كما اغنيت ايضاً في الفقرة الرابعة – الصفحة الاولى الواردة في ورقة رفاقنا في الحزب الشيوعي اللبناني, التي تتناول الموقف من القوى الاسلامية من الناحية الوطنية, ناحية التصدي للغزو ومقاومة الاحتلال, وبين الموقف الطبقي المرتبط بالبرنامج الاقتصادي والاجتماعي. فهناك تكامل بين الاوراق الثلاث, وبنفس الوقت تمايز حسب ظروف هذا البلد او ذاك.

إن أوجه التشابه واضحة بين الكوارث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي سببها وصول القوى الاسلامية الى الحكم سواء كان لفترة قصيرة كحال مصر أو لفترة طويلة كما هو الحال في السودان, ومرور ما يزيد عن العشر سنوات راهنا في العراق ضمن تحالف طائفي اثني مرتبط بالمشروع الامبريالي الصهيوني لتقسيم العراق كمقدمة لتفتيت المنطقة. كما تتشابه الوسائل والاساليب المستخدمة في التعدي على الحقوق المجتمعية.
عندما نعود الى موضوعة الحركة الاسلامية في العراق, فهي تنقسم الى مرحلتين تأريخيتن , مرحلة ما قبل الاستقلال الوطني , حيث لم تكن هناك حركات او احزاب اسلامية كما هو الحال في مصر وغيرها من البلدان العربية, بل كانت هناك جمعيات وشخصيات, غير أن المؤسسة الدينية التي لعبت دورا سياسياً أساسياً هي المرجعية, نقصد مرجية النجف الشيعية, وتميزت هذه المرحلة بوجود الاحزاب البرجوازية الوطنية والاحزاب المرتبطة بالمستعمر البريطاني ناهيكم عن الحزب الشيوعي العراقي , تكاد تكون مهمنة على المشهد السياسي في البلاد.

أما المرحلة الثانية فتبدأ مع ثورة 14 تموز 1958 وسقوط الحكم الملكي العميل, والانجازات التي حققتها خاصة قانوني الاصلاح الزراعي والاحوال الشخصية, اللذين استفزا مرجعية النجف المتحالفة مع الاقطاع تحالفا ثيوقراطيا وتحصل على نسبة الخمس كمصدر مالي كبير, إضافة الى حصول رجال الدين على الاراضي بواسطة الاقطاعيين مقابل الخدمات التي تقدمها المرجعية للاقطاع, ونقصد مرجعية محسن الحكيم تحديداً.

اخذت كمرجعية محسن الحكيم زمام المبادرة للتصدي لما اطلق عليه أنئذ بالمد الأحمر, في وصف تبوأ قيادات عسكرية يسارية للحكم والمد الجماهير الكاسح المطالب ب { حزب شيوعي في الحكم مطلب عظيمي}.فاصدرت الفتوى الشهيرة المعبرة عن طبيعتها البرجوازية الطفيلية, التي تحرم الصلاة في "ارض مغتصبة" والمقصود بها الارض التي حصل عليها الفلاح بقانون الاصلاح الزراعي, علما ان القانون قد أخذ بالاعتبار كل المحاذير ذات العلاقة بالدين الاسلامي, فقد تم أخذ نصف ما يملكه الاقطاعي مقابل تعويض مالي ومنحت الارض للفلاح مقابل ثمن مقسط على مدى 30 عاماً.وجاءت الفتوى الثانية التي صدرت تحت عنوان الانتماء للشيوعية كفر والحاد, وبموجبها اصدر حكم البعث قانون رقم 13 الذي قضى بإبادة الشيوعيين بعد تسلمه الحكم بالتحالف مع القوى الاقطاعية والرجعية المتضررة من حكم ثورة 14 تموز الذي جاء للحكم باشرف السي اي ايه بانقلابه الفاشي 8 شباط 1963, ونتائجه المعروفة.

وبالمناسبة, فإن الدلائل تشير الى اصطفاف القوى الاسلامية بعضها مع البعض الأخر متحالفة ومتجاوزة للصراع الشيعي- السني, عندما يتعلق الأمر في مواجهة اليسار او البرنامج الشيوعي. الدليل على هذا هو سعي مرجعية محسن الحكيم غداة ثور 14 تموز 1958 لتشجيع تأسيس حزب اسلامي سني في المنطقة الغربية بارسال وفودها الى هناك, وجرى فعلا تأسيس الحزب الاسلامي العراقي القائم اليوم في العراق.كما ان حزب الدعوة تأسس في سياق الرد على ثورة 14 تموز 1958 رغم محاولاته لاحقاً الادعاء بتأسيس الحزب عام 1957, لكنه لم يتمكن من تقديم وثائق تثبت ذلك.

وتثبت المرحلة الراهنة عبر المقارنة بين القوى الطبقية التي استلمت الحكم في انقلاب 8 شباط 1963 والقوى الت جاءت الى الحكم في 9 نيسان 2003, أن جوهرها الطبقي واحد, وهي ذات القوى الاسلامية بشقيها الشيعي والسني المتحالفة مع القوى القومية العربية الشوفينية عام 1963 ومع القوى القومية العشائرية الكردية الانفصالية في الحالتين. اما الفارق فكان حزب البعث رأس الحربة في انقلاب 1963 نتيجة المد القومي ومحاولة التصدي للمد اليساري الجامح كما وصفه وزير الخارجية الامريكي حينها " علينا ايقاف الحصان الجامح" برفع شعارات ما فوق اليسارية للاتيان بنظام يسحب البساط من تحت الخزب الشيوعي العراقي. أما في 2003 فشكلت القوى الاسلامية رأس الحربة في أطار المد الاسلامي الراهن الذي يهدف قطع الطريق على ما يجري في المنطقة.

وقد عبر عبد العزيز الحكيم خير تعبير عن موقفهم الراهن عندما اجاب ردا على سؤال صحفي ذكي..{انكمم تتعاونون اليوم مع الحزب الشيوعي العراقي في حين ان والدكم المرجع محسن الحكيم هو من اوقف المد الاحمر في العراق ؟..ان الحزب الشيوعي اليوم حالة صغيرة ! يعني سنضربه ان تحول الى حالة كبيرة !وكان ردنا عليه : ان اليسار العراقي لم يقل كلمته بعد, وهو يخطئ ان قاس قوة اليسار العراقي بحجم من اشار اليهم.

.واعرب نوري المالكي عن فخره بدور حزب الدعوة ومؤسسه الصدر الاول الذي قتل على يد صدام حسين, في التصدي للفكر الماركسي ليس في العراق فحسب بل اعتبر النهضة قد هزمت الشيوعيين في تونس ايضاً.وجاء ردنا عليه والذي وصل الى يديه..باننا كيسار عراقي نوجه له النصيحة التالية : كان هم نوري السعيد الاول كما كان يعلن دوما هو القضاء على الشيوعية والحزب الشيوعي في العراق , فكان مصير نوري السعيد مزبلة التاريخ وبقى الحزب الشيوعي,واعلن صدام هدفه للقاء على الحزب الشيوعي وعمل بكل الوسائل لتنفيذ ذلك فالتحق بنوري السعيد في مزبلة التاريخ وبقى الحزب الشيوعي العراقي, أما الزعيم عبد الكريم قاسم فاختار طريق التعاون مع الحزب الشيوعي العراقي وارتكب اخطاء بشأن الديمقراطية. وليس امام نوري المالكي سوى ان يختار أما مصير نوري السعيد وصدام حسين أو خيار الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم والاستفادة من اخطائه..! وتمد يدك الى القوى اليسارية والوطنية الديمقراطية في أطار مشروع وطني تحرري ديمقراطي يحرر العراق من الاحتلال ويقيم شكل من اشكال النظام التعددي.

إن النظام الراهن في العراق وفي اطاره الايدلوجي الاسلامي, الذي تحالف تحالفاً علنياً ومكشوفاً مع " الشيطان الاكبر" ويعمل تحت ادارته المباشرة, يمارس عمليات النهب والفساد باشع الاساليب والاشكال, فنهبت اموال الشعب بمئات المليارات وحطم كل ما تبقى من الصناعة الوطنية والزراعة, وصادر اراضي الفلاحين الممنوحة لهم بموجب قانون الاصلاح الزراعي.

إذن, هذا هو المظهر العام للقوى الاسلامية, غير إن هناك قوى اسلامية واجهت الاحتلال بحركة مقاومة, وهي من الطرفين, التيار الصدري وهيئة علماء المسلمين, ولكنها اشتركت ايضاً, في ناحية ممارسة كل اشكال الاضطهاد والمصادرة والقتل والذبح والتطهير الطائفي للمدن.علما ان التيار الصدري حاول ان يتخلص من ازمته هذه بالقرار الصادر عن رئيسه القاضي بحل ما يسمى ب "جيش المهدي" بعد ان فقد السيطرة على افعاله. لذلك اتخذ اليسار العراقي موقفاً واضحاً مفاده عدم وجود اي قوى اسلامية رغم حساب بعضها على المقاومة يمكن التعاون معها.

وأخيراً, نضع امامكم معلومة خاصة بعلاقة التيار اليساري الوطني العراقي بالقوى الاسلامية الحاكمة, حيث استجاب التيار لوساطة مطروحة منذ سنوات, فالتقى لجنة المصالحة الوطنية التابعة لمجلس الوزراء,بعد "الانسحاب الامريكي" الرسمي من العراق في 31/12/2011 بفترة طويلة , حيث انتقل اليسار العراقي من المعارضة اليسارية السرية لنظام المحاصصة الطائفية الاثنية الفاسد الى موقع المعارضة اليسارية العلنية لهذا النظام, وافتتح مقر التيار اليساري الوطني العراقي في مركز بغداد,وبسبب غياب قانون الاحزاب في العراق تم اللقاء بلجنة المصالحة الوطنية التابعة لمجلس الوزراء .



التيار اليساري الوطني العراقي