حول تداعيات إستشهاد مواطنون مصريون على يد داعش فى ليبيا


محمود حافظ
2015 / 2 / 17 - 15:16     

لقد تم الإعلان عن إستشهاد مواطنين مصريين من العاملين فى ليبيا والذى سبق خطفهم والإعلان عن ذبحهم فى وقت سابق وكأن هؤلاء من يدعون أنهم داعشيون يقومون بالتسلية الإعلامية لترهيب الآخر وبث الرعب فى قلبه حتى يصيبه الوهن , وربما هم يستنطقون التاريخ الذى أوضح هذه الظاهرة أثناء الغزو التتارى على بلاد العرب حتى قيل لقد دب الوهن فى القلوب ولكن عندما نكمل العبارة التاريخية بحكم واقع التاريخ هذا الوهن الذين تحدثوا عنه قد تم نقله لجيوش التتار الغازية حينما جاءت تغزوا مصر فتكسرت جحافلهم فى عين جالوت وقام الجيش المصرى بطردهم واسر من أسر حتى إنتهى إلى حين رجعة هجمات المغول أو التتار هذه المعركة التى عززت بعد ذلك حكم المماليك لمصر .
والسؤال هنا هل فعلاً إنتهى حكم التتار أم عاودوا الكرة فى صورة اخرى هذه المرة فى صورة العثمانيون التورانيون هؤلاء الذين إستوطنوا فى هضبة الأناضول وقاموا بتأسيس تركيا الحديثة وتأسلموا وأقاموا دولة الخلافة العثمانية فى تركيا وبعد فتحهم للقسطنطينية عاصمة دولة الروم او الأستانه او إستنبول حاليا .
فى هذه المرة حاول الحاكم المملوكى المصرى دحرهم مرة اخرى فخرج عليهم السلطان الغورى بجيش مصرى حتى وصل إلى الحدود الشامية التركية ليحارب سليم الول فى مرج دابق جيش ينتقل آلاف الكيلومترات على الخيل يحارب جيش فى موضعه فكانت هذه المرة الهزيمة الأليمة والتى بعدها دخل سليم الأول السلطان العثمانى القاهرة محتلاً ليضم مصر إلى الخلافة العثمانية ويقوم بشنق طومان باى على باب زويلة فهذا هو دأبهم بث الرعب فى القلوب ومن هنا لابد أن نوضح حتى الآن أمران .
أولهما الجذور التتارية المغولية وكيفية تعاملها مع الآخر حتى يمكنها السيطرة عليه وهو التعامل الوحشى اللإنسانى فى التمثيل بالبشر بعد قتلهم او أثناء قتلهم .
ثانيهما البوابة الإعلامية لما تسمى داعش وهى دابق فدابق تم إختيارها بعناية لرمزيتها وهذا ما يجب علينا توضيحه ربما الكثيرون لايعيرون لإسم هذه البوابة إهتماماً فهى ترمز إلى هزيمة الجيش المصرى بقيادة قلنسوة الغورى فى دابق او مرج دابق والرمز هنا عائد ورامز إلى صراع تمفرضه على الأمة العربية وقيادتها المصرية فكما هزمناكم سابقاً سنهزمكم لاحقاً والعين مصلطة على مصر والجيش المصرى .
أيضاً من حديث القاتل الداعشى فى جريمة قتل المصريين فى ليبيا بعد إشارته لدابق وتنفيذه للقتل كان هناك أمران آخران لابد من إظهارهما .
الأمر الأول هو اللغة الذى يتحدث بها القاتل فإن كان يتحدث بإسم الإسلام فقد فرض الله عز وجل دستور الإسلام وهو القرآن الكريم بلغة عربية وهنا لابد أن نعى هذه الحقيقة من يتحدث إلينا يتحدث بلغة الغرب الإمبريالى بلغة إنجليزية بلكنة أمريكية وهنا لابد أن نعى هذه الإشارات ورمزيتها فكما كانت الرموز السابقة ترمز لصراع عربى تقوده مصر – عثمانى تركى تقوده تركيا وهو الصراع الرئيسى الظاهر هناك صراع أكبر واشمل ترمز إليه لغة التخاطب التى تنتهجها داعش وهى لغة المهيمن الأمريكى وحتى فى إنثروبولوجية الأشخاص القتلة فهم لاينتمون إلى الجنس العربى بقدر إنتمائهم إلى سكان أوربا وأمريكا فلغة وجنساً يوضح الصراع الأساسى الأشمل وهو الصراع بين الهيمنة العالمية وقوى التحرر من تبعية هذه الهيمنة والتى فرضتها ثورة الثلاثين من يونيو 2013 م والتى قطعت حبال التبعية المصرية للإمبرالية العالمية بالقيادة الأمريكية .
وقد زاد من رمزية هذا الصراع الأساسى بين الهيمنة العالمية وأدواتها فى الصراع الرئيسى بالقيادة العثمانية التركية الإستراتيجية المعتمدة لدى الهيمنة العالمية وهى إستراتيجية الفوضى الخلاقة المرتبطة ببناء شرق اوسط جديد فهذه الفوضى تعتمد على بث الصراعات الطائفية والمذهبية والإثنية وكان إنتقاء شباب يعمل فى ليبيا مواطنون مصريون يدينون بالمسيحية لهو أمر يقصد منه إثارة فتنة طائفية أو إعادة إنتاج فتنة طائفية فى بداية عهد تأسيس التبعية لأمريكا فى منتصف السبعينيات عندما فرض حكم السادات الفتنة الطائفية فى مصر فى احداث ماسمى وقتها احداث الزاوية الحمراء بين عناصر إسلامية متطرفة قام السادات نفسه بصناعتها بالتوجه الأمريكى وشباب مسيحى مصرى ثم توالت احداث الفتنة بعد ذلك حتى كانت ثورتى مصر فى 25 يناير 2001 م والتى إندمج فيها النسيج المصرى ولكن من خطف الثورة حاول إعادتها مرة اخرى خاصة فى احداث ماسبيرو ولكن قامت ثورة 30 يونيو لتعزل حكم الفتنة بتنظيمه الإخوانى الإجرامى وتعيد اللحمة مرة اخرى ليترابط النسيج المصرى فى أرض الوطن كأقوى مما كان .
من السابق نخرج بنتيجة وخلاصة لابد لنا ان نعيها جيداً وربما نرددها كثيراً دون وعى وهى أن داعش لغة وفكراً صناعة أمريكية تعمل فى الأساس على إعادة تقسيم الوطن العربى بسايكس بيكو جديدة بلغة ولكنة أمريكية مستندة بأدوات للصراع تقود هذه الأدوات فى المباشر العثمانيون الجدد الأتراك مع من يدعمهم ويساندهم بالأمول من الرجعية العربية وخاصة هذه الإمارة القطرية الأمريكية وبمعلومات إستخباريه أمريكية صهيونية بمعنى لاتدخل ظاهرى للعدو الصهيونى ولكنه تدخل باطنى من الموساد الصهيونى عن طريق الإمداد بالمعلومات حتى يتم حفظ ماء الأنظمة الخليجية التى تشارك كادوات فى هذا الصراع وأيضاً القوى الرجعية وهنا نود أن نوضح هذه الملاحظة بين الأنظمة والقوى الرجعية فإذاكانت الأنظمة الرجعية العربية فى الخليج العربى الغنى بأموال النفط هو من بدأ بصناعة التطرف الدينى والذى انتج داعش وروافدها فهذه الأنظمة تحاول النأى بنفسها الآن خوفاً على مصالحها من هذه القوى المتطرفة لتنقلب عليها ولهم فى السادات عبرة عندما إنقلبت هذه القوى على السادات وقتلته وهو من صنعها وفى محاولة بعض الأنظمة الخروج من الصراع تبقى لديها قوى إجتماعية من ضمن مكونات السلطة الحاكمة تعمل على تقديم الدعم والإسناد إلى هذه القوى المتطرفة والتى تثير الرعب والزعر بإسم الإسلام فمازالت الحركة الوهابية فى السعودية حاكمة ومازال فكرها السلفى التكفيرى يتاجج داخل المملكة السعودية وهنك الكثير من شيوخ هذه السلفية يساندون ويدعمون بالمال والعتاد والتكفيريون هذه الحركات والتى تعتبر كل من تركيا العثمانية والأردن العميلة للسعودية وأمريكا بوابات غضافة غلى البوابة اللبنانية وربما مازالت احداث عرسال اللبنانية مع خطف جنود من الجيش اللبنانى لم تفارق الذاكرة كما لابد لنا من الإشارة إلى بعض القوى الإجتماعية الأخرى الآخذة فى الإندثار ولكنها تستمد المدد من الحليف العثمانى وهى قوى الجماعة الإرهابية الإخوانية .
لقد تكالبت كل هذه القوى المهيمن عليها من الإمبريالية العالمية بالزعامة الأمريكية والحليف الصهيونى والتوابع فى كل من تركيا وقطر والقوى الداعمة من قوى السلفية الوهابية فى الخليج العربى وقوى الجماعة الإخوانية الإرهابية والتى ىتعيث فى الرض فساداً ورمزيتها فيما يعرف فى ليبيا بقوات فجر ليبيا والذين سيطروا على العاصمة طرابلس الليبية بدعم ومساندة الشريك القطرى – العثمانى التركى .
فإذا كانت ليبيا الآن مختطفة بواسطة قوات فجر ليبيا فى مصراتة وطرابلس فإن داعش الشريك او بما يسموا بانصار الشريعة تقيم لها إمارة داعشية فى بلدة درنة الليبية فى الشرق الليبى كما أن داعش ايضاً تعمل وتتواجد فى شبه جزيرة سيناء المصرية منذ ايام المعزول مرسى وجماعته وكل املها محاصرة الشعب والجيش المصرى من الشرق فى سيناء مع فتح الإمداد من الكيان الصهيونى والأردن ومن الغرب من إمارة درنه فى ليبيا والتى قامت أخيراً إلى هذه الجريمة اللأخلاقية بذبح مواطنون مصريون وإراقة دمائهم فى البحر المتوسط غشارة غلى القوى الأوربية المناهضة .
إن شعور هذه القوى الغاشمة بتعاظمها هو الذى جعلها تتعاظم ايضاً فى التصوير بالقتل الهمجى وهنا لابد ان نقول عندما تتعاظم قوى بهمجية قتلها فهى فى النهاية تكتب نهايتها بافعالها .
فكما فعلت داعش مع الطيار الأردنى معاذ الكساسبة وأحرقته حياً الأمر الذى أصبح الموضع الأردنى فى صراع داخلى بين القوى البانية والداعمة والساندة والموردة للمقاتلين لداعش والنصرة نتيجة الحلف الإمبريالى – الخليجى الداعم وبين قوى داخلية إجتماعية قد اثارها منظر الهمجية فى القتل والوحشية التى تمارس مع أحد ابنائها فماكان من الاردن مرغماً بضغط شعبى إلا أن يقوم بفك حلفه مع داعش والقيام بدك اوكارها فى شمال سوريا والعراق وأيضاً مافعلته فى مصر فى سيناء من الهجوم على رجال الجيش المصرى والشرطة المصرية هو أيضاً ما سطر نهايتها فى سيناء على يد الجيش المصرى والذى حاولت نتيجة هجمات الجيش توجيه نظره تجاه الغرب فى ليبيا ولكن هيهات داعش هنا أو هناك سوف تدكين من الجيش الوطنى المصرى وتكون نهايتك كنهاية اجدادك من التتار والمغول والعثمانيون الذى اذاقهم محمد على بجيشه المصرى المر والهوان .
فى الخاتمة هل نقول ان داعش والنصرة والجماعات الإرهابية الإخوانية والتكفيرية السلفية الوهابية هى مرحلة من مراحل الصراع بين قوى التحرر الوطنى وقوى الهيمنة الراسمالية العالمية والتى تتاجج حالياً مع وضوح علامات النصر بدحرها وافولها وكتابة نصر جديد لقوى التحرر الوطنى سواء فى مصر وبقيادتها او فى كل من سوريا والعراق وليبيا .
يبقى السؤال فى ماهو الأصل فى ظهور داعش واخواتها ؟ ربما نجيب فىى ماهو آت .