عابد خزندار سلاماً!


اسحاق الشيخ يعقوب
2015 / 2 / 16 - 08:53     


عابد خزندار رفيق درب وقضية فكر (...) وكنا واياه نتفجر وطنيا في ذات الدرب وذات القضية.. هو من اقصى غرب الوطن ونحن من الشرقيّة: كل شيء فيه فينا وكل شيء فينا فيه هو من الغربّية ونحن من الشرقية: فالوطن واحد والفكر واحد والمسار واحد والحزب واحد والهمّ واحد وعلى ايقاع اليسار في السرب واحد (...) هادئ الطبع يُفكر ويقول ويسمع ولا يقول واذا قال يقول متسائلا فيما يقول انه ظاهرة صدق ووفاء تضج باليسارية الوطنية وتبتهج بفكر اليسار في الكتاب وخارج الكتاب: في الستينيات دخل سجن الشرقية وهو من الغربّية فالعداء لليسار الوطني لا تصده حدود ولا تمنعه سدود وكان عابد خزندار: ليله ونهاره يأكل ويشرب وينام بين دفتي كتاب حتى بلغ سنواته الثلاث في السجن وفرّ عجلاً من الشرقية الى الغربية وفي يساره كتاب وفي يمينه كتاب ما اشد قبضة السجن بعيداً عن الاهل والعائلة الا ان الوطن العصي على الانفتاح كان عابد خزندار يتلمظ فيه طعم الحرية من اجل الانفتاح (!) دلف عليّ برفقة أخي يوسف ذات ليلة منزلي في الخبر ضممته الى صدري وانا اشم فيه وفي حديثه رائحة أرغفة اليسار وكان يزجي أمامي عتباً بليغا ان احدا من اليسار يوم كان في السجن لم يذهب للاطمئنان على اهله من الشرقية الى الغربية وكنت اقول له اني لم اكن يومها في الوطن فقد كنت اكثر من عشرين سنة خارج الوطن وكان يقول ادري.. ادري لا لوم عليك وانما على (...) الذي لم يقم بشيء من الواجب تجاه الاطمئنان على اهلي يوم كنت في السجن (!) وكنا على ذات القول نقول القصور في اليساريين وليس في اليسار كفكر ومنهج عمل وتنظيم وقد كان راحلنا العزيز وراحل الوطن واليسار عابد خزندار معطاء متفاني البذل بنكران ذات ووفاء للقضية الوطنية وتفكيك مغاليق انغلاقاتها من اجل العدل والمساواة والانطلاق الى عالم الحرية (!) وكان لعابد خزندار علاقات حميمية مع شخصيات اليسار المصري وكان يرى في مصر رائد ثقافة فكرية تنويرية لها تأثيراتها في مجُمل الحياة الثقافية في العالم العربي وقد هاتفني ذات ليلة وبغتة الحزن تكاد تأخذ بصوته وهو ينقل اليّ المه على وفاة الكاتب والمفكر المصري الكبير لطفي الخولي وكانه يريد ان يسارع في اشراكي في حزنه والمه على فقيد عزيز داهمه الموت وهو في غمرة نشاط ادبي وفكري وثقافي وسياسي لا يكف ولا يهدأ رغم سنواته السبعين وقال وكأنه يجترح صدمة فاجعة من اعماق مشاعره مات (لطفي الخولي) وصمت وهو يلتقط يباب رضابه بلسانه الذي راح مثقلاً متعثراً وهو يردد وانا اردد معه بحزن عبر الهاتف رحم الله لطفي الخولي (!) ان عابد خزندار هو كاتب ومفكر يتفاعل بقلمه الحر واقع الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويصوّب الخطأ ويدعو الى اصلاحه وتقويمه وهو يربط كل اصلاح وطني بالثقافة الوطنية الرائدة في اصلاح ما اعوجّ في مؤسسات المجتمع مدركا انه اذا نهضت الثقافة فان جميع مؤسسات المجتمع تكون على طريق النهوض والاصلاح والتقدم وكان عابد خزندار كاتبا وطنيا كبيرا فذا يُشار اليه بالبنان في اهم الصحف عندنا مثل صحيفة (عكاظ) وصحيفة (الرياض) ان ذاكرة عابد خزندار ستبقى شمعة مضيئة في ذاكرة الوطن على مدى التاريخ رحم الله عابد خزندار واسكنه فسيح جناته والهم اهله وزوجته (شمس) وبناته ورفاق دربه الصبر والسلوان (!)