ليس مقالاً للدفاع عن سيريزا، اليونان تنتصر!

طلال عبدالله
2015 / 2 / 14 - 17:15     




ما إن تم الإعلان عن فوز حزب سيريزا بالانتخابات البرلمانية اليونانية، حتى بدأ اليسار العربي بالانقسام مجدداً حيال تبني موقف من فوز الحزب، وهو الأمر الجديد القديم لدى اليساريين العرب!


الماركسية يا رفاق منهج علمي للتحليل، قد نضطر إلى العودة إلى هذه المبادئ الرئيسية البسيطة لنذكر الماركسيين بحقيقة منهجهم في التحليل، وبصفته منهج علمي، فهو يدرس الواقع وينطلق من ممكناته في تحليل الأحداث، وهنا، هنا بالتحديد يكمن مربط الفرس!

سيريزا .. حزب راديكالي

يضم حزب سيريزا اليوناني، أو حزب اليسار الراديكالي (كما يحلو لمناصريه تسميته) طيفاً واسعاً من اليساريين، حيث بدأ كائتلاف لليساريين الراديكاليين وعلى رأسهم الماويين والخضر، وجميع الشيوعيين الذين تركوا الحزب الشيوعي في الأعوام ما بين 1956 و 2010، وانضم لهم فيما بعد الكثير من الأناركيين، فيما قضى زعيم الحزب أليكسيس تسيبراس فترة طويلة من شبابه في صفوف شبيبة الحزب الشيوعي.

لسنا هنا في معرض التعريف بالحزب، ولا بزعيمه الشاب الذي يبلغ من العمر أربعين عاماً، بل سنسعى من خلال هذه المادة إلى تفكيك خبر فوز الحزب بالانتخابات البرلمانية، وفك الاشتباك لدى اليساريين العرب فيما يتعلق بذلك الإنجاز التاريخي.

إن إحدى أبرز الأزمات التي تضرب جذور اليساريين العرب هو أخذهم لمواقف الأحزاب الشيوعية كالنصوص المقدسة، متناسين بأن منهجهم العلمي في التحليل لا يقبل النصوص الجامدة، وبأن مواقفهم تأتي عقب دراسة مستفيضة للواقع، وانطلاقاً من ممكناته، وللأسف هم يرون بأن من يعارض أي موقف للحزب يصير “تحريفياً”!

نعم، للحزب الشيوعي اليوناني موقف من سيريزا، موقف مبني على وقائع داخلية وسياسية سنتناولها في هذه المادة، ولكننا قد نعود قليلاً إلى جذور تاريخية لمعرفة كيف حقق سيريزا هذا الانتصار التاريخي، ونجيب على السؤال الأكثر تعقيداً، هل سيبدأ الحلم من أثينا هذه المرة؟

بداية الظهور .. سيريزا في مواجهة الاتحاد الأوروبي

خلال ثمانينيات القرن الماضي، ضربت أزمة ديون القارة اللاتينية، وذلك في ظل وجود سلطات حاكمة ليبرالية في تلك الدول آنذاك، أزمة الديون تلك وما تبعها من سياسات تجويع وإفقار (سياسات تطلق عليها الرأسمالية سياسات تقشفية) للشعوب اللاتينية قادتهم للبحث عن عالم آخر ممكن، فلم يجدوه إلّا في صفحات اليسار.

تكرر الأمر في أوروبا مع اليونان أولاً، ومن ثم مع البرتغال وإسبانيا وإيرلندا وإيطاليا، حيث ارتفعت مستويات الديون العامة في تلك الدول بشكل كبير، فيما بات يعرف بأزمة الديون السيادية في أوروبا 2010، لتبدأ دول أوروبا الشمالية بتعزيز سلطتها على دول أوروبا الجنوبية، مرة أخرى، في صراع دول الشمال مع دول الجنوب!

ارتفاع مستويات الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي هدد اليونان بإعلان إفلاسها، لتتوجه الحكومة اليونانية آنذاك إلى ما بات يعرف بالـ “ترويكا” والتي تضم الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

مطالبات الاتحاد الأوروبي لليونان تمثلت بتطبيق سياسات “إصلاحية” أو “تقشفية”، وبالطبع ما هي إلا سياسات تدمير للمجتمع تتمثل في رفع الضرائب وخفض الإنفاق العام وتخفيض الأجور وتقليص ميزانيات القطاعات الاجتماعية، الأمر الذي قاد ارتفاع معدلات البطالة في اليونان إلى أكثر من 25%.

في عام 2009، أي قبيل اندلاع أزمة الديون، حصل سيريزا على 5% من أصوات اليونانيين في الانتخابات البرلمانية، وفي عام 2010، انشق عن الحزب أربعة برلمانيين بسبب تباين مواقفهم مع الحزب إزاء النظرة إلى الاتحاد الأوروبي، فيما حصل الحزب على 27% من أصوات اليونانيين في انتخابات العام 2012 و 2014، واليوم يتربع سيريزا على عرش السلطة في اليونان بعد حصده لأكثر من 36% من أصوات اليونانيين.

ارتفاع شعبية سيريزا في اليونان ترافق على مدار السنوات الخمس الأخيرة مع ارتفاع نسب البطالة ومعدلات الفقر بسبب السياسات التي تنتهجها السلطة الحاكمة في اليونان للوفاء بمتطلبات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، حيث تبنى الحزب خطاباً رايكالياً جذرياً فيما يتعلق بتلك المؤسسات، رافضاً لخطط التجويع والإفقار المسماه “خطط تقشف”، تماماً كرفضه للمساعدات الأوروبية أو ما يسمى بـ “حزم الإنقاذ”.

هي كذلك، الليبرالية تقوم على التجويع والإفقار، وتعزيز هيمنة الشمال على الجنوب، أو المراكز على الأطراف، والجنوب هنا ليس بالضرورة جنوباً جغرافياً، وإنما جنوباً اقتصادياً كذلك، وفي المحصلة لا يمكنني اعتبار من يرفض ذلك إلّا بالراديكالي، ولفظة راديكالي هنا لا تعني التطرف كما يحلو لوسائل الإعلام المأجورة ترجمتها، آن لنا أن نعيد لمصطلح الراديكالية بريقه، تماماً كما يفعل الرفاق القوميين مع مصطلح الجذرية!

التغيير يأتي من الجنوب

هو حوار دائر منذ زمن، من أين تنطلق الثورات؟ من الحلقات الأقوى أم الحلقات الأضعف؟

خلال العقدين الماضيين، ابتداءً من أمريكا اللاتينية وانتقالاً إلى الدول الأضعف في أوروبا، تتلخص الإجابة عن تلك التساؤلات بأن الشرارة ستبدأ من الأطراف، ولكن هل ستتمكن من تحقيق أهدافها في ظل حصارها مالياً وعلمياً وتكنولوجياً؟ يبقى هذا هو السؤال الأهم!

هي أزلية صراع الشمال مع الجنوب، وهنا نعيد للتذكير، نحن لا نتحدث عن الشمال أو الجنوب من ناحية الجغرافيا، بل هو صراع بين كتلتين على مستوى العالم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، في جنوب العالم اليوم دول تجنح صوب الاشتراكية والتحرر من سطوة الإمبريالية العالمية من خلال الانخراط في محور مناهض لها، دون أن نتناسى بأننا اشتراكيون!

أمريكا اللاتينية التي تحررت من وطأة الإمبريالية هي خير مثال على التغيير الذي انطلق من الجنوب (بالمناسبة تحرر أمريكا اللاتينية بدأ كما في اليونان، ونتذكر كلنا بأن ثورة تشافيز البوليفارية بدأت بمحاولة انقلاب عسكري في العام 1992 ومن ثم من خلال تأسيس حزب الجمهورية الخامسة والمشاركة في الانتخابات عام 1999)، واليوم ينطلق تغيير أوروبا من جنوبي القارة.

هو التغيير كذلك، إما أن تقوى على حمل السلاح والقيام بثورة كما في ثورات أمريكا اللاتينية منتصف القرن الماضي أو روسيا في بداية القرن، وإما أن تخوض غمار النضال السياسي دون التخلي عن المنهج الماركسي في التحليل والنظرة تجاه كل ما يخص المجتمع براديكالية.

موقف الحزب الشيوعي .. ومواقف سيريزا

يتبنى حزب سيريزا مواقف تجاه كافة القضايا اليونانية، بل ولربما الدولية، هو يرفض خطط الإفقار والتجويع “الخطط التقشفية” بشكل تام، ويريد الوصول إلى تسوية حيال الديون اليونانية المستحقة، وهو مستعد لذلك حتى لو قاد ذلك إلى خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي!

“إعادة النظر في العلاقة مع المقرضين الدوليين” التي أعلن عنها الزعيم الشاب لحزب سيريزا تتمحور حول إسقاط بعض الديون عن اليونان، أو لربما يلجأ الزعيم الشاب إلى التخلف عن سداد الديون للدول الأوروبية، قد تبدو آلية ذلك غير واضحة تماماً، ولكن المؤكد أنه لن يتفاوض حيال رفع “الخطط التقشفية” عن الشعب اليوناني.

ويتضمن برنامج الحزب أيضاً رفع الحد الأدنى للأجور إلى سابق عهده 750 يورو، وخفض الضرائب، وإعادة منح العلاوات السنوية للمتقاعدين، وتقديم العلاج المجاني، ومنح الكهرباء بشكل مجاني للشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً، ودعم أسعار الطاقة لتلك الشرائح أيضاً.

خطاب تسيبراس أمام آلاف اليونانيين إبان الإعلان عن فوز الحزب كان واضحاً: “الشعب اليوناني أعطى تفويضاً واضحاً، اليونان ألقت وراء ظهرها التقشف والخوف، وخمس سنوات من الحرمان، سنمضي قدماً مع الأمل والاستقرار، ترويكا المقرضين أصبحت من الماضي”!

وقال: “نحن سنخلق مستقبل نصرنا، وانتصار جميع الشعوب الأوروبية، التي تكافح ضد التقشف لمستقبل مشترك”.

يأخذ الحزب الشيوعي اليوناني على سيريزا تحالفه مع حزب اليونانيين المستقلين”، وذلك باعتباره “حزباً يمينياً”. في واقع الأمر احتاج سيريزا إلى مقعدين فقط لتأمين الثقة لحكومته، وبذلك اتجه إلى حزب صغير منفصل عن حزب ساماراس بعد انتخابات 2012، وهو حزب يعرف عنه العداء الشديد لألمانيا وغطرستها ولسياسات التقشف، وبالمناسبة يعتبر الحزب في داخل اليونان “حزباً قومياً” بطريقة أو بأخرى.

وضمن حرب الحزب الشيوعي غير المبررة على سيريزا، يدعي الحزب بأن سيريزا يؤمن بمبادئ “الكينزية”، مع أن سيريزا صرّح في الكثير من المناسبات عن مسؤولية “النيوليبرالية” عن الأزمة ومشاكل العمّال في اليونان.

تجنح الكينزية باتجاه إيجاد حلول للأنظمة الاقتصادية الرأسمالية، وذلك عبر تطوير الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية بحيث تتدخل الدولة لإحداث التوازن الاقتصادي، الأمر الذي شوهد في الولايات المتحدة من خلال تطبيق سياسات التخفيف الكمي (طبع النقود)، ومؤخراً في أوروبا، وذلك وفق مزاعمهم لدعم مستويات النمو المتدهورة في تلك المناطق.

الكنزية ليست حلماً لأي اشتراكي بالتأكيد، ولكن لا يخفى علينا بأن السياسات الكنزية التي وسعت دور الدولة في بعض الدول الأوروبية في منتصف القرن الماضي أسهمت في الجنوح نحو الاشتراكية، أي أنها كانت جسراً له، على الأقل في عدد من دول أوروبا الغربية!

في الواقع تعيش الرأسمالية العالمية أزمة بنيوية تعود جذورها إلى ما قبل العام 2008 وتتواصل حتى يومنا هذا، وبذلك فهي أزمة لا يمكن للكينزية أن تحلها، وبالأخص إذا ما تحدثنا عن وصول الرأسمالية الاحتكارية إلى طريق مسدود، حيث لم تعد حلولها تجدي نفعاً.

خلاص البشرية من هذا الدمار يتلخص في استنهاض القوى اليسارية الراديكالية، بخطاب جديد يتكيف مع ممكنات الواقع وينطلق منها، خطاب يعرف جيداً كيف يصل بالبشرية إلى بر الأمان بحلول منطقية وواقعية، بالإمكان اعتبارها جسراً نحو الاشتراكية ومن ثم مجتمع الشيوع الأخير!

من تلك الزاوية بالتحديد وجد سيريزا موطئ قدم له على الساحة اليونانية، هو يرفض السياسات التقشفية ولو قاد ذلك خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي، نعم؛ سيتفاوض الحزب مع المقرضين على شطب جزء من الديون وإعادة جدولة الباقي، ولكنه لن يتنازل عن إلغاء الخطط التقشفية، الأمر الذي تتمسك به قيادات الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها ألمانيا، وبذلك قد يكون خروج اليونان من منطقة اليورو، أو استقلالها عن أوروبا كما يحلو لأنصار سيريزا تسميته، هو الحل الأمثل.

الانخراط في الخط السياسي والاقتصادي الذي يمثله سيريزا مهم، وبالأخص إذا ما تحدثنا عن بدء حديث الإمبريالية العالمية على إسقاطه عبر تثوير الشارع نظراً لعدم قدرة الحزب على الوفاء بالوعود التي قطعها على نفسه، ومن هنا لا يمكن أن يكون من يحاول إسقاط التجربة إلّا في معسكر الإمبريالية.

نحن نعي تماماً بأن تلك التجربة ستنجح وستحارب، ونحن نعي ما هي الأخطاء التي قد تشوب تلك التجربة، ومن هنا، من هذه الزاوية بالتحديد يجدر بنا الانخراط ضمنياً فيها لدعمها وتصحيح أخطائها، لا في سبيل إسقاطها، كما تريد الإمبريالية وأنصارها.

حرب على كل الجبهات .. في اليونان أيضاً!

لا تريد البرجوازية اليونانية خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي، ذلك بأنها المستفيد الأكبر لبقاء اليونان ضمن الاتحاد، وبذلك فهي ستكشر عن أنيابها وتبدأ هجمة شرسة على سيريزا، تماماً كما هو الحال بالنسبة لإسبانيا وإيطاليا والبرتغال، والتي بدأت البرجوازية فيها بالتخطيط لمنع انتقال تجربة اليونان إلى جنوب القارة العجوز.

في اليونان، وعلى مدار خمس سنوات، شهدنا ثورة حقيقية، إضرابات عامة وتحركات جماهيرية، أمور قادت إلى تجذر للوعي والفكر، وبالتالي ميل نحو اليسار، ومن أجل ذلك، على الماركسيين أن يواصلوا النضال من أجل دعم سيريزا وتحويله إلى حزب جماهيري حقيقي للطبقة العاملة، بدلاً من انتقاده في العلن من أجل أسباب في معظمها سياسية.

ببساطة، هي اليونان من جديد، طليعة الثورة الأوروبية، مدريد ليست بالبعيدة يا أثينا.



“سيريزا تعني الحرية، سيريزا تعني الحرية، اليونان ليست للبيع” تهتف امرأة في شوارع أثينا احتفالاً بفوز سيريزا في الانتخابات.

الحزب الشيوعي الإيطالي أبرق برسالة إلى سيريزا يهنئه بالفوز، والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يؤكد “للرفيق تسيبراس” على حد تعبيره على استعداد فنزويلا الكامل للعمل مع اليونان.

ألمانيا “العظمى” ترتعد، والكثير من دول الشمال الأوروبية، وعلى رأسها السويد، تأكيدات متواصلة من تلك الدول بأنها “لن تسمح لليسار باجتياح أوروبا مهما كلّف الأمر”!

هذا ليس بالإمكان يا ألمانيا، فالعالم الجديد متعدد الأقطاب -والذي تناولته في الكثير من المواد في راديكال- يكسب عنصراً جديداً، من جنوب القارة الأوروبية هذه المرة. بوديموس قادم يا أسبانيا!

المعركة الرئيسة في اليونان اليوم هي المعركة ضد الخطط التقشفية، الجماهير في دول الجنوب الأوروبية وعلى رأسها اليونان وعلى اختلاف وجهات نظرها تجمع على شيء واحد، العدالة، واسترجاع مفاتيح الدول الأوروبية التي سلّمت قبل أكثر من 40 عاماً للأسواق المالية.

انتصار سيريزا هو انتصار لليسار، الصحف الأوروبية تصف تسيبراس بجيفارا عصره، وما بين هذا وذاك لا يخفى عليك يا أليكسيس توسيع قاعدة التأميمات وتوسيع مظلة الاشتراكية.

سياسات سيريزا لا يمكن أن توصف إلّا بالمناهضة للنيوليبرالية، على الأقل هي لن تسمح باستمرار الحلول الكارثية التي وضعها اليمين الرجعي وأسهمت في المزيد من الكوارث للشعب اليوناني. اليونان لا تنتمي إلى الشرق المتعصب، وليست أرثدوكسية!

المحور المناهض للإمبريالية كسب ضيفاً جديداً اليوم، ولكنه في هذه المرة يتحدث لغة الحكيم زوربا.

سيريزا .. ثورة في أوروبا

سرعان ما ستنتشر نار سيريزا في أوروبا، ورياح التغيير باتت في أوروبا أقرب من أي وقت مضى، تغيير يجنح نحو اليسار، تغيير سيقلب معادلة الإمبريالية العالمية بكل تأكيد.

نعم، قد لا يجنح سيريزا باتجاه الاشتراكية التي نتمنى أن نراها في اليونان بشكل فوري، ولكنه على الأقل يمتلك خطاباً يتسامى فوق الخطاب الرث للأحزاب الاشتراكية في أوروبا، أو أحزاب الاشتراكية-الليبرالية! سيريزا ليس حزباً على أقصى اليسار بالمناسبة، ولكن وفق الواقع المتاح، فإن انتصار سيريزا يعد انتصاراً لنا جميعاً.

نحن اليوم نناصر سيريزا كما نناصر روسيا، روسيا ليست اشتراكية، ولكنها طرف في معادلة القضاء على هيمنة الإمبريالية وخلق عالم متعدد الأقطاب، وسيريزا؛ كما هو الحال في روسيا، ليس حلماً نهائياً بالتأكيد، ولكنه الجسر الذي سيصل بنا إلى عالم اشتراكي.

لأول مرة في التاريخ لا يقسم رئيس الوزراء على الإنجيل بحضور القساوسة، هي كذلك رؤية سيريزا للعلمانية أيضاً، علمانية حقيقية، ليكون سيريزا بذلك اسم على مسمى، فسيريزا في اللغة اليونانية تعني (نحو الجذور)، فإلى الجذور يا تسيبراس.

في الختام لا يسعني إلا التوجه بالشكر لرفيقي وصديقي محمد أبو شاشية على بحثه من قلب أثينا عن إجابات لبعض التساؤلات التي أسهمت في بناء هذه المادة، وعلى المواد المصوّرة التي وصلتني منه، كما لا يسعني إلّا التعبير عن فرحة غامرة، بانتصار اليسار في جنوبي أوروبا، اليسار الراديكالي!

بوديموس قادم يا أسبانيا، والجبهة الحمراء قادمة يا فرنسا.

آن الأوان أن يعمم اليسار الراديكالي في العالم (وبالتحديد في الأطراف) شعاراً واحداً: “لن نشد الأحزمة بعد الآن، نحن سنوقف السداد وأكثر…. فأنتم مطالبون بدفع تعويضات مالية عما جرى في حقبة (شد الأحزمة) من تدمير للبنية التحتية بأكملها”.

لكل عصر أممية، وأممية هذا العصر هي “أممية الأطراف”، فمن يخرجها إلى النور ومن يديرها؟ من يا سيريزا؟