نقد [العولمة] .. لسعاد خيري (11)


موسى راكان موسى
2015 / 2 / 11 - 23:02     

:: تكلمة ::

في الفصل السادس / العولمة الإنسانية :


(أولا) الثورة العلمية و التكنولوجية و الإنسان في مرحلة عولمة الرأسمال :

تبدأ الدكتورة بالقول : { لم تعرف البشرية وتائر و مجالات للتغيرات كالتي نعيشها اليوم , و يبدو أن التغيرات على مدى حياة جيل واحد من عصرنا أكثر مما كان يجري خلال ألف عام سابقا , كل ذلك بفعل الثورة العلمية التكنولوجية التي أصبحت ذات طابع عالمي شامل } .. و تكمل بالقول : { تتصارع قوى متعارضة : قوى تقدمية تعتبر الثورة العلمية التكنولوجية عاملا فعالا مسرعا و مشددا لعملية الإنتقال و العمل على تسخيرها لخدمة البشرية , و قوى رجعية تستخدمها لجلب المصائب إلى البشرية و لوقف العملية التاريخية } , و هذا التعارض بين التقدمي و الرجعي أمر مفهوم كما هو تعارض بين الجديد و القديم و سعي كل منها لأن يفرض ذاته في إطار العلاقة التي تضم كل منهما , و تضيف الدكتورة : { و تستثير الثورة العلمية التكنولوجية لدى البشرية آمالا عريضة و في نفس الوقت تستدعي الكثير من القلق و المخاوف , فالثورة العلمية التكنولوجية تؤدي إلى رفع إنتاجية العمل و إلى تغيير محتواه , و لكنها في ظل الرأسمالية تولد مشكلة البطالة (...) تخفف عمل الإنسان و لكنها في ظل الرأسمالية تسلب منه التوتر البدني الصحي و المبادرة و تحوله إلى آلة ضاغطة على الأزرار (...) تجعل حياة و معيشة الإنسان هنيئة و مريحة , و في نفس الوقت قادرة على تسميم أجواء و بيئة العالم بنفايات إنتاجها , تضع (...) في يد الإنسان مصادر جبارة للطاقة و مستحضرات كيمياوية و بيوكيمياوية فعّالة و لكنها تخلق في ظروف سيادة العلاقات الرأسمالية خطر هلاك البشرية في أتون حرب عالمية نووية أو بيوكيمياوية } , و من ذلك نعي أن الدكتورة تسعى لإستنطاق العلم و التكنولوجيا ثنائية متناقضة وفقا للمصالح التي تتأتى بفعل التموضع أو الموقع ضمن علاقات الإنتاج الرأسمالية .. و نظريا لا خلاف على ذلك , و يكفي أن ننبه إلى التركيز في جملة (فالثورة العلمية التكنولوجية تؤدي إلى رفع إنتاجية العمل و إلى تغيير محتواه) .

طبعا الدكتورة لا تستقصد الجانب النظري بل تتجاوزه إلى الواقعي .. و يمكننا القول أن من أسباب الخلط و الغلط عند الدكتورة هو في أصل إنطلاقها من مجموعة الأفكار و الرؤى و من ثم مقارنتها و مقارعتها بالواقع الموضوعي .. إذ تقول : { إن الإنسان في المجتمع الرأسمالي يفقد ثقته بنفسه , و إن العلم و التكنولوجيا هما ثمرة نشاطه الخاص , لأن علاقات الإنتاج الرأسمالية تضفي على العلم و التكنولوجيا حياة مستقلة و سلطة غامضة بالنسبة للناس , و يصبح العلم و التكنولوجيا تجسيدا لعلاقات تسيطر على الإنسان و تشوهه جسميا و روحيا , فالعلاقات بين الناس في النظام الرأسمالي تبرز و كأنها علاقات بين الأشياء , و تصوّر العلاقة بين الرأسمال و العمل و كأنها علاقة بين التكنولوجيا و الإنسان , بين الإنسان الآلي و العامل , بين عقلانية العلم و لا عقلانية الفرد } , و إن قمنا بغربلة النص فيمكننا أن نفهم أن في خضم المرحلة المعاصرة .. أن (العلاقة بين الإنسان و التكنولوجيا) هي التي تتقدم إلى الواجهة ! , و هو كذلك بالفعل لكنه كذلك إن إكتفينا بنظرة سطحية ساذجة .. لكن رغم أنها نظرة سطحية ساذجة إلا أنه لا يستهان بها أو بتأثيرها الواقعي إذ أنها تستعمل إيديولوجيا للتضليل عن الماوراء هذه النظرة السطحية الساذجة (و إن كنا لا نرى هذا الماوراء رأسمالية) : { و يجهد المؤدلجون للرأسمالية بتأكيد هذا و صدرت آلاف الكتب التي تضفي على التقدم التكنولوجي صفات خيالية مرعبة كمارد جبار يسحق البشرية , فهم لا يرون بالنظام الرأسمالي و حروبه و لا الإستغلال و الظلم الإجتماعي الخطر الذي يهدد البشرية بل التكنولوجيا الحديثة } .

و تترجم الدكتورة تسلل هذا التضليل إلى الأفئدة عن طريق الربط الغير واعي بين التقدم العلمي و التكنولوجي مع القوى العشوائية المُجحفة و المُهددة : { يشعر الإنسان في ظل العلاقات الرأسمالية المدججة بالتكنولوجيا الحديثة , بأنه ضحية لقوى عشوائية لا ترحم , تهدده بالركود و الأزمات و البطالة , و تربط هذه القوى في وعيه بتقدم العلم و التكنولوجيا } .

تكمل الدكتورة : { تتحوّل التكنولوجيا مثلها مثل البضاعة إلى شيء ذي طابع صوفي , و تبرز بصفة كائن مستقل له حياته الخاصة و سلطته على الناس , و تبدو الأمور و كأن التكنولوجيا هي التي تسيطر على العامل و تضطره للعمل و ليس الرأسمال , و التكنولوجيا هي التي تهدد العامل بالبطالة و ليس الرأسمال , و لم يعد الإنسان يحسب نفسه مبدعا للأشياء التي تحيط به , لأن هنالك حلقات وسيطة كثيرة بين العملية الجزئية التي يقوم بها العامل و المنتوج الجاهز بحيث يغيب الإرتباط بينهما عن نظره , و يقع عالم الأشياء الجاهزة (البضائع) الذي لا يمثل إلا تجسيدا لقوى العمل الخاصة , خارجه و فوقه , و يبدو و كأن للبضائع حياتها الخاصة التي تجري بموجب قوانين معينة , و في مجال دورتها ترد هذه البضائع و كأن [ليس العامل هو الذي يشتري وسائل وجوده و وسائل الإنتاج بل وسائل الوجود (البضاعة) هي التي تشتري العامل لكي تضمه إلى وسائل الإنتاج] (أرشيف ماركس و إنجلز , المجلد الثاني , الفصل 7 , ص 61) } , تضع الدكتورة لنا أكثر من نقطة تستلزم التركيز في خضم الحالة المعاصرة :
1) تحوّل التكنولوجيا بصفة كائن مستقل له سلطة .
2) تبدو التكنولوجيا كأنها تقوم مقام النظام الرأسمالي (حد وصف الدكتورة سعاد) .
3) يغيب الإرتباط بين العامل و المنتوج ليس بمعنى الإغتراب الكلاسيكي .. إنما بالإضافة لضعف إرتباط العامل بالمنتوج بفعل وجود حلقات وسيطة كثيرة بينهما .

و إن كان مع ما سبق التحفظ هو أقصى ما نستطيع الذهاب فيه .. إلا أن الدكتورة تثير نقطة أخرى : { و في عصر عولمة الرأسمال تطرح على نفس الشكل قضية منتجات العقل البشري من المعارف العلمية و التكنولوجية , حيث تكتسب هذه المنتجات أيضا إستقلالا صوفيا و تصبح غريبة عنه } , لا يمكن أن تكتسب ما تسميه الدكتورة ب (منتجات العقل البشري من المعارف العلمية و التكنولوجية) أي إستقلال حقيقي و فعلي عن صاحبها , فلا و لن يستطيع أحدهم أن يسلبني إستنتاج أن (1+1=2) كمثال بسيط .. و هذا المثال ذاته لا يمكنه أن يكون غريبا عني عن طريق إحتكاره من شخص أو شركة أخرى , بل و إن إفترضنا أن المرء يستطيع إحتكار المعرفة .. هذه المعرفة ذاتها لم تنشأ مع عقل المُحتكر الخالص , و بالتالي فإحتمالية تكرار إكتشاف ذات المعرفة من عقول أخرى يلغي جوهر الإحتكار في هذا الجانب , لكن رغم ذلك لا ننكر محاولات بل وجود قوانين لإحتكار المعرفة .. لكن الأخيرة لا تفرض الإحتكار ذاته الذي يكون تجاه السلع أو وسائل إنتاج السلع .

تكمل الدكتورة : { فلم يعد العالم الذي إكتشف أو إخترع في مختبره شيئا جديدا يغتبط عندما يعترف أن إكتشافه أو إختراعه بعد أن سجل براءة إختراعه في شركة ما سيحتجز في خزائنها لسنوات طويلة أو تحرم منه ملايين البشر بفرض أسعار عالية على الإستفادة منه لتجني الشركة الأرباح الخيالية أو بحجة حماية الملكية الفكرية التي أصبحت للرأسمالي و ليس له هو الذي أبدعها } , سبق و قلنا أن إحتكار المعرفة لا يكون هو ذاته إحتكار السلع و وسائل إنتاج السلع لإختلاف يطال جوهر كليهما , و رغم أننا لا ننفي أن الشركات تسعى بالفعل لإحتكار الإختراعات و الإكتشافات لتسوقها فتربح .. إلا أننا نرى أن الشركات تتنافس فيما بينها لإحتواء صاحب الإختراع أو الإكتشاف الذي بدوره يكسب و يربح هو الآخر بل إن إختراعه و إكتشافه يبقى منه و له , و بدل أن كانت الشركة تهضم المُخترع أو المُكتشف .. أصبح المُخترع أو المُكتشف هو من يهضم الشركة , فتنافس الشركات هو شكل من أشكال الهروب من الفناء و التمسك بالبقاء و الإستمرار و لو بأدنى ربح ممكن .. و حتى ربحها لا يكون على حساب المُخترع أو المُكتشف , و هذا الوضع ليس وضعا رأسماليا بكل تأكيد .

و تقول الدكتورة : { و لم تطوّر الثورة العلمية التكنولوجية أدوات الإنتاج فقط في عصر عولمة الرأسمال بل الآليات الإجتماعية المعقدة التي تطحن أثناء تأديتها لوظيفتها الإنسان و لا سيما الدولة , و في النتيجة يشعر الإنسان إنه جزء من الناحيتين التكنولوجية و الإجتماعية , فليس هو الذي يوجه هذه الآليات بل هي التي توجهه و تملي عليه طابعه و تحدد وتائر و تواتر عملية العمل , و بإعتباره ليس ذاتا بل موضوعا لنشاط الإدارة الآلية البيروقراطية لخدمة الرأسمال , يرزح تحت وطأتها و يتشابك فيها بغض النظر عن إرداته و رغبته كنسيج عنكبوت تضل فيه الطريق } , إنسان العصر أصبح يرى ذاته من خلال التكنولوجيا .. بل و كما تقول الدكتورة أصبحت التكنولوجيا هي الموجه له و تملي عليه إسلوب حياته , و تحاول الدكتور تجاوز هذه القراءة السطحية لظاهرة واقعية .. لتقرأ ما وراءها إلا أنها بدل أن تقرأه إنما تمارس فعل الأدلجة في ذلك للأسف .

و تلجأ الدكتورة سعاد إلى ماركس فتقول : { لقد عبر كارل ماركس عن مأساة الإنسان في ظل العلاقات الرأسمالية بمفهوم الإغتراب , الذي يكمن في أساسه إغتراب العمل (...) و الجانب الآخر من الإغتراب و الذي لا يقل أهمية هو أن العملية الحية للعمل نفسها تصبح ضياعا للذات (...) و عذاب وقت العمل يرافق عذاب وقت الفراغ الذي يؤدي إلى إنتحار روحي و أحيانا جسدي أيضا كما تشهد على ذلك الإحصاءات الرسمية و أعلاها في الولايات المتحدة حيث ينتحر في كل عام ما بين 20 – 25 ألف إنسان و هناك ما بين 4 – 6 ملايين مدمن على الكحول و أكثر من نصف مليون مدمن على المخدرات ثلثهم من الشباب , أما تنامي التسارع في التبدلات الجارية في إنتاج البضائع و الخدمات و في سرعة وسائط النقل و تزايد تغير الناس لأماكنهم و قصر إرتباطهم بأشياء كثيرة بما فيها أنواع العمل و بالتالي إرتباط الناس فيما بينهم يشكل عامل تخلخل في التوازن الروحي و يغير الإنطباع عن الحياة ذاتها , و تتغير المفاهيم و العادات و الأذواق و التقاليد و المفاهيم الأخلاقية , فيصعب على الكثيرين أن يرسموا لأنفسهم إسلوبا شخصيا عقلانيا سليما و ثابتا لدرجة ما في الحياة , و يقترن الشعور بالوحدة و الإغتراب و الضياع بإنحلال المثل الإجتماعية و فقدان معنى الحياة و إضاعة الآفاق و العدمية و المجون } , و إن كان الإغتراب الذي حدده ماركس في ظل العلاقات الرأسمالية هو لتوضيح تراجيديا الإنسان .. إلا أن هذا لا يغفر للدكتورة كي تجعل منه الإطار الحاوي لكل المشكلات الإجتماعية العصرية من إنتحار و إدمان للكحول و تعاطي للمخدرات دون أن تتناول السبب الحقيقي لهذه المشكلات و تفاقمها من الواقع المعاصر لا من النص الماركسي الكلاسيكي , هذا بالإضافة إلى أن الدكتورة لا ترى الجانب الإيجابي في ظاهرة الإنتقالات و ضعف إرتباط الناس بالأشياء بما فيها الأرض و العادات و التقاليد و المُثل .. فهي و كأنها تدعو إلى الإرتباط بهذه الأشياء ! .

و تهندس الدكتورة الأدوار في ظل النظام الرأسمالي : { ففي النظام الرأسمالي تؤدي الثورة العلمية التكنولوجية إلى أن يكون العامل المثالي هو الإنسان الآلي الخاضع و المهندس آلة لتصليح و مراقبة الآلة , و مثال العالم إنسان ذو منطق سليم و إطلاع واسع مثل إطلاع الآلة الإلكترونية , و لا يهمه كيف تستخدم منجزاته العلمية و التكنولوجية و لمصلحة من , و مثال الفنان هو الماهر و المتفنن في خدمة مآرب الرأسمالية , و مثال المواطن هو الإنسان الذي يؤدي الخدمة المخلصة النزيهة و يعتبر الرأي الرسمي بالنسبة له هو الحقيقة الوحيدة في الدنيا } , و إن صح ذلك على المستوى النظري إلا أن إسقاطه على الواقع المعاصر لا يصح .. لأن بالكاد تختلف هذه الهندسة بين الأنظمة ! .

و تضيف : { هذه السمات للمجتمع الرأسمالي إكتشفها ماركس قبل قرن و نصف و لم يكتف بذلك بل و بيّن سبل و وسائل التحرر منها و لخصها (...) إن البشرية تعيش الآن في خطر ماحق , و لكن هذا الخطر لا يتأتى مطلقا من التكنولوجيا و العلم بل من إستخدام الرأسمالية لها بإسلوب لا إنساني ناجم عن لا إنسانية علاقات الإنتاج الرأسمالية } , و كأن العالم سيبقى هو كما هو مدة قرن و نصف بسمات إكتشفها ماركس ! , رغم أن الدكتورة تؤكد على وجود و حدوث تغييرات هيكلية جذرية في العالم إلا أنها لا تنطلق منها لتفهمها هي كما هي , أصبح الواقع أسيرا للأيديولوجيا .. بإسم القراءات العلمية (الماركسية) ! , و كأن القراءة العلمية ممكنة دون الموضوعية .. دون معرفة الشيء هو كما هو بقوانينه هو لا بإسقاطاتنا الفكرية و رؤانا القانونية .

تكمل الدكتورة : { الإستخدام الصحيح للثورة العلمية التكنولوجية لخير الإنسان و تحييد آثارها السلبية أمر ممكن فقط في المجتمع الإشتراكي حيث تسود الملكية العامة لوسائل الإنتاج و لا تتعارض فيه منتجات النشاط الإنساني مع مبدعيها كقوة غريبة و مسيطر عليهم , بل تخضع لمراقبتهم الإجتماعية , المجتمع الذي لا ينقسم إلى طبقات متناحرة ذلك المجتمع الذي تتطابق فيه مصلحة المجموع مع مصالح كل فرد } , عل الدكتورة تقصد بالمجتمع الإشتراكي هنا هو المجتمع الشيوعي , لكن رغم ذلك يبقى هذا الحل حلا يتيما لأبعد حد .

و يبدو أن يُتمْ الحل قد كان صارخا .. فإندفعت الدكتورة لتجد له من يتبناه : { كتب غيس هول رئيس الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة (...) : التغيير في عالمنا المعاصر يحدث بتسارع مذهل بفعل الثورة العلمية التكنولوجية التي ترسم معالم المستقبل و التي تجلب معها كل صور التقدم (...) في كل نواحي النشاط الإنساني (...) الأمر الذي يتطلب تطوير أساليب و وسائل كفاح القوى الثورية و الإنسانية (...) , فالثورة العلمية التكنولوجية تؤثر بشكل ملموس على العلاقات الإقتصادية و الإجتماعية على الصعيد العالمي و تسرع عملية تحول العالم من الرأسمالية إلى الإشتراكية , فهي لا ترفع إنتاجية العمل فقط بل تحل الآلات مكان الأيدي العاملة و حتى عقول البشر فتشيع البطالة و الإفقار ليس فقط بين شغيلة اليد و الفكر بل و بين عموم البشرية و تضاعف الأرباح و تركزها بيد حفنة صغيرة من البشر , و تخلق الأزمات المستعصية للرأسمالية نفسها التي يصعب حلها } و تكمل الدكتورة متفقة على ما يبدو مع غيس : { فالنظام الرأسمالي لا يستطيع أن يتعامل مع التكنولوجيا الحديثة بشكل صحيح لأنه قائم على أساس تحقيق أعلى ربحية (...) الأمر الذي يؤدي إلى فوضى الإنتاج و المنافسة الوحشية فيما بينهم بعيدا عن كل تخطيط أو تعاون من أجل خير الإنسان و إسعاده } , يمكننا أن نركز على ((تطوير أساليب و وسائل كفاح القوى الثورية و الإنسانية )) , كان ليصح أن نقول أن هذا الكفاح الذي يُشن هو كفاح دونكيشوتي بإمتياز .. إلا أننا نفترض صدق النوايا لهؤلاء المكافحين مما يجعلهم بموقع سيزيف , فرغم الإعتراف بالتغيير الذي طال العالم في هيكله و المضي بجدية في تطوير أساليب و وسائل الكفاح إلا أن القراءة لما وراء الواقع كانت إيديولوجية بإمتياز , نظرة علمية تنفي العلمية .. أو لنقل بصراحة أكثر نظرة ماركسية تنفي الماركسية : لأنها نظرة إيديولوجية سواء سمّت نفسها ماركسية أو علمية فهي تنفيهما .