أمريكا وسياستها الجديدة في المنطقة... ملاحظات سريعة...


أحمد الناصري
2015 / 2 / 10 - 15:04     

الدولة الفاشلة ومنع تسليح الجيوش العربية وخلق بدائل (محلية) أخرى...

لا خلاف حول سعة النفوذ الأمريكي، وسيطرة أمريكا على منطقتنا، وفرض سياستها المباشرة، وذلك لحماية وجود إسرائيل، وتأمين تدفق الطاقة الحيوية الرخيصة وممراتها (النفط والغاز) باعتبارها عصب الاقتصاد الرأسمالي حتى لحظة بعيدة قادمة.
وقد تجسد ذلك بمبدأ آيزنهاور، الذي يقضي بحماية المصالح الأمريكية بالقوة لمنع تمدد الاتحاد السوفيتي السابق في منطقتنا. وهو مبدا طرحته وطبقته إدارة آيزنهاور (مبدأ آيزنهاور 5 يناير 1957) والإدارات الأمريكية، كتحول نوعي كبير وخطير في السياسة الأمريكية، حول الشرق الأوسط، بعد صعودها نهاية الحرب العالمية الثانية، على حساب بريطانيا وفرنسا وعموم أوربا، والعدوان الثلاثي الشهير على مصر وسياسة عبد الناصر عام 56. وكان ذلك على شكل حروب وتدخلات عنيفة وانقلابات وحصارات وضغوط سياسية وعسكرية واقتصادية واحتلال مباشر!
ما اريد الاشارة أليه هنا في هذه المتابعة السريعة، هو التحول في السياسية الأمريكية من أشكال التبعية والنفوذ والهيمنة التقليدية القديمة، مع المحافظة على الأنظمة المشوهة (السعودية والأردن والخليج) إلى مشروع خلق الدول الفاشلة وصناعة وتشجيع وادامة الحروب الاقليمية (الحرب العراقية – الإيرانية) والإرهاب المتنقل والحروب الأهلية، ومحاولة فرض نموذج الشرق الأوسط الجديد، الذي تقوده إسرائيل، تحت شكل ومسمى الفوضى الخلاقة، حسب متطلبات العولمة الرأسمالية وانهيار الاتحاد السوفيتي ونظام القطب الواحد!
الآن، أمريكا تدير وتنفذ قضية وخطط تدمير الجيوش العربية، رغم عدم خطورتها وتهديدها لإسرائيل، بسبب طبيعة النظام العربي الرسمي. لكن المخطط يبغي تأمين مستقبلي طويل الأمد لإسرائيل.
اليوم تمارس أمريكا سياسة منع تسليح الجيوش العربية، كما في لبنان خوفاً على إسرائيل ومنع أي احتمال مهما كان ضئيلاً لانتقال الاسلحة إلى قوى معادية لها، وكي يبقى لبنان هشاً يعتمد على الخارج. كذلك عدم تسليح الجيش العراقي، تحت حجج كثيرة رغم المعاهدة المزعومة، بينما يجري تسليح الميليشيا الكردية وتدريبها، كذلك تسليح ما يسمى الحرس الوطني بصيغة طائفية عشائرية، خارج نطاق الدولة، مع توجيه ضربات محدودة ومحسوبة لداعش، بغرض تحجيمها وتوظيفها وليس القضاء عليها، والأمثلة كثيرة، بينما تدرب وتسلج جبهة النصرة (يعني القاعدة الأم) ومنظمات إرهابية غيرت أسمائها فقط، من خلال الأردن والسعودية وقطر وتركيا بالتنسيق مع إسرائيل.
كل ذلك لإبقاء العراق بلداً ضعيفاً ومهدداً ويحتاج ويعتمد على أمريكا، لبقاء السلطة الطائفية في بغداد (ما يسمى بالعملية السياسية) رغم كل هذا الخراب والدم والفساد والفشل...
النموذج السوري في قلب سياسة التدمير الأمريكية، رغم كل الظروف الداخلية المتشابكة وارتباطها الخارجي المباشر، والعمل على عرقلة ومنع الحل السياسي كحل وحيد وممكن لمنع استمرار حرب التدمير السورية. وأيضاً النموذج الليبي الذي ساهموا في صناعته، ثم تركوه يحترق ويغرق، مع تامين تدفق النفط مقابل السلاح للميليشيات وليس لبقايا الدولة... وتجربة اليمن نموذج آخر على هذه السياسة المقصودة...
طبعاً قبل هذا كله، هو فرض نماذج اقتصادية مشوهة وتابعة، كذلك طبيعة المساعدات والدعم الاقتصادي المشروط والمحدد، حيث لم تقم صناعات أساسية في أغنى البلدان العربية، وهذا ليس أمراً عفوياً أو بالصدفة!
*في هذه اللحظات تطرح أمريكا العقيدة الاستراتيجية الجديدة، من خلال تشخيص وتحديد العدو الحالي المباشر، وهو روسيا (أزمة أوكرانيا) والنقطة الثانية تسليح إسرائيل الثكنة العسكرية العدوانية بأحدث الأسلحة والمنظومات المتطورة!
* أسئلة كثيرة تدور حول وضع ومستقبل الإمبراطورية الأمريكية الراهن وفي المستقبل المنظور!
* الأزمة الرأسمالية البنيوية الطويلة والعميقة، تتفاقم في أمريكا وأوربا. ربما بداية المواجهة من اليونان، لكن في العموم اليسار لم يشتغلها فكرياً ونضالياً وترك الفقراء تسحقهم عجلات الاستغلال الثقيلة، حيث يسيطر ويقود كل شيء عملياً، التكتل المالي والسلطة الخفية (المخابرات)!
*سؤالي الأخير هو، كيف نواجه هذه السياسة التدميرية في منطقتنا، وندافع عن مصالح وحقوق الفقراء والكادحين والأطفال والنساء، لأكثر من نصف مليار إنسان حسب توقعات 2050 القريب؟