دعم البرجوازية الاسلامية بعد سقوط الدولة القومية


علاء الصفار
2015 / 2 / 6 - 22:29     

قوى الامبريالية ! من مشروع الحركة القومية و إلى بربرية حركة ( داعش الأمريكية)!


سقطت الدولة العثمانية علي يد الغرب, دولة الرجل المريض, التي اطلق عليها الغرب. لا يخفى ان النضال ضد الدولة العثمانية اخذ ابعاد معينة واضحة و معروفة للجميع. فكان اشد مفصل لسقوط الدولة العثمانية هو دخول قوى الغرب الاستعمارية و بقيادة بريطانيا و ظهورشخصية لورنس العرب الذي يعتبر منتوج الملك السعودي, فقام بادوار و اعمال قادته إلى ان يقع فريسة و ضحية لقوات الجندرمة التركية التي تولته بالتعذيب البدني و الجنسي.

هنا يكمن الجذر الاساسي في اسقاط الدولة العثمانية و كان طبعا هناك حركات و نزعة و شعور قومي عربي يحاول الخلاص من دولة الوالي العثماني التي صارت مجرد استلام موارد الامصار و الاهانة للشعوب العربية و مع ترك البلدان ينخر فيها سوس التخلف و الغوص في الانحطاط على مستوى الثقافة و العلم و السياسة و شكل الحكم, فكلمة الوالي العثماني, تحمل بطياتها كل مدلول الفترة المظلمة.

فبرزت بعض الأفكار و المنظمات التي تنشد التحرر من ربقة الدولة العثمانية التي تزامن مأزقها مع انتعاش الغرب السياسي و العسكري كقوة لطرد الحكم العثماني و السيطرة على الشعوب العربية. اذكر فقط واحدة من تلك المنظمات وهي حركة تركيا الفتاة, ثم ظهور حزب الاتحاد و الترقي فاشعل الفتيل القومي في اطرف الدولة العثمانية لتنهار اما المارد البريطاني و الفرنسي. فارتبط التاريخ السعودي و ملوكة مع التاج البريطاني و صارت الحركة القومية طرف نزاع من اجل الخلاص من حكم التركي.

وصولاً في هذا الايجاز لتاريخ طويل من الأفكار المشبع بالصراع و الدماء و كيف أبلى الغرب الأستعماري بخصمه العثماني و كيف دفع الظلم العثماني بقبول الخلاص على يد الجيش الغربي رغم الأختلاف القيمي و الديني.هكذا وجد العرب أنهم رموا بالحكم التركي ليجدوا أنهم اصبحوا فريسة الطائرات و الدبابات الفرنسية و الأنكليزية. و ليظهر مولود جديد على الساحة الثورية العالمية, ألا وهو الدولة البلشفية لتفضح مؤآمرة سايكس_بيكو و لينتشر فكر جديد في الشرق الإسلامي و العربي.

فهكذا ظهرت الأحزاب القومية و الشيوعية في البلدان العربية, فمن بداية الغزو بعد الحرب العالمية تم تاسيس كل الشكل للممالك العربية و تم ربطها بالسوق الانكليزية و الفرنسية و حسب التقسيم للدول العربية عراق انكليزي و لبنان فرنسي و إلخ.

فتم تتويج ليس الملوك بل تأسيس قوى الجيش والأمن و على يد المحتل الغربي, أي أن القواعد العسكرية كانت متمثلة بالجنرالات الميدانية المتواجد في الممالك العربية و مع نفوذ كبير للمخابرات الأنكليزية. هكذا عملت بريطانيا و فرنسا على الحفاظ على الملك المتوج من قبلها وعلى استشارات و دعم المملكة السعودية الإسلامية حيث كان الاعداد قائم على اسس إقامة دولة دينية مماثلة للدولة الدينية لعصر القرون الوسطى المتسمة بالإقطاع و البداوة, فكان قد اُنجز الفكر السلفي لهذه الدولة مع ملك العمالة و التخلف و شيوخه البائسين و كان فكر محمد عبد الوهاب هو دستور للملكة التي انبثقت في العهد الاستعماري .

هكذا مر دهراً من البناء الاستعماري لكل مفاصل الممالك العربية أي اصبحت الممالك مدن متصلة بالتاج البريطاني ام الفرنسي لحد أن فرنسا أرادت تحويل الجزائر محافظة فرنسية. لا يعنيني من التاريخ هذا كله , إلا أمر واحد أن الدولة العربية الحديثة كل اسرارها العسكرية و السياسية و تسليحها و اجهزتها الأمنية تحت إشراف الغرب و أمريكا, و حتى ظهور و صعود الأحزاب القومية سواء في مصر أم العراق و ليبيا وكل ما يدعى بالمغرب العربي و الهلال الخصيب.

لقد عانى الغرب الإستعماري من ضربات الحركات القوميين العرب مع بروز نشاط الأحزاب الشيوعية و من ثلاثينات القرن الماضي, لأنوه الى ثورة العشرين العفوية في العراق و التي تحالفت مع كل الحركات في الجوار العراقي و خاصة سوريا.

أن انبعاث اشراق ثورة البلاشفة و اسم لينين الذي هابه الغرب و خاصة بريطانيا و زعيمها تشرشل, فكان الشبح المؤرق للاستعمار الغربي. فعرف الغرب أن شكل الملكية اصبح شكلاً قبيحا, لأ نفضاح العمالة الصارخة بوجود حاكم عسكري و قواعد و دبابات المستعمرين التي تلطخت بدماء الشعوب, فالصراع السياسي و العصيان المسلح بات يهدد عرش الملك العربي العميل و يلطخ بالدماء تاج مملكة لا تغيب الشمس على مستعمراتها.

فعالج الغرب و أمريكا الأمر ضمن هكذا معترك, إذ الشعوب خبرت ظلم النهب الغربي و الحياة البائسة لجموع الشعب حيث تكريس للاقطاع و الشيوخ و الملوك الخونة, فقامت بريطانيا بالأختيار الأنسب من القوى الغير ثورية الغير بلشفية. فكان النجاح للأحزاب القومية التي هي الشر الأهون الذي يجب تقبله القوى الإستعمارية للوقوف ضد الخطر الشيوعي الذي يهدد بالإجتثاث الجذري للإستعمار الذي عرف أبعاد الثورات الشيوعية التي حدثت في الصين و كوبا.

فتعاملت كل القوى الغربية و أمريكا الصاعدة مع الأحزاب القومية في ضرب الاحزاب الشيوعية في المنطقة العربية كلها بل و في ارجاء الأرض. و خاصة بالتعامل مع الاتحاد الاشتراكي لجمال عبد الناصر و بعث العراق بمجازر عام ( 63)و ما انتج من فاشية صدام حسين الحربية فدمرت ليس القوى الثورية في العراق بل في المنطقة و بالتعاون مع المملكة السعودية و طبعا بمؤازرة الدولة الصهيونية في إسرائيل.

إذ أعتبر صهيانة إسرائيل أن الأحزاب الشيوعية المحلية و الأقليمية و العالمية عدوها الأول الذي يجب الأنقضاض عليه و بمعية السعودية و الرجعية العربية و بدعم الامبريالية الامريكية. ففي عقود العشرينات و الثلاثينات و الخمسينات لمع نجم بن غورين لتصفيت اليسار بين اليهود و حال دون تكون نقابات عمالية تجمع العرب و اليهود, إذ الرؤى للدولة الصهيونية قائمة على معاداة الشيوعية بموروث سلفي يهودي يهوى دولة يهودية خالصة العرق و الدين. بعد الاحتلال قامت الدولة الصهيونية بزج الشيوعيين و اليسار في السجون و طرد القادة الحازمين خارج إسرائيل ليتم مسلسل الإضطهاد لأوسع شرائح الجماهير الشعبية و بعقوبات بربرية سار بها أحزاب العنصرية بقيادة حزب العمال و حزب الليكود لتركيع الشيوعيين و أحزاب اليسار و بتوجه لابادة الفلسطينيين.

هكذا لمن يريد مناقشة التاريخ و معرفة خرافة الدول البرجوازية العربية أم خرافة المملكة السعودية أم خرافة دولة شعب الله المختار العنصرية, و من هم العرابون الذين أنتجوا الممالك و الدولة القومية العربية و الدولة العنصرية في إسرائيل.

الأنتلجسيا الحديثة ينسفون التاريخ الملطخ بوحل الدبابات و الدماء للشعوب العربية, ليذرفوا دموع الضفادع الباردة في مستنقع العمالة, ليلوموا الشعوب التي لم تقدر رحمة الغرب و اليوم رحمة غزو امريكا للعرب لإستغلال الفرصة الذهبية للتطور المدني و العلماني الذي جاءت به القوى الإستعمارية.

السادة العلمانيين و الليبراليين يفصمون شبائك العدوان على الشعوب, فإحتلال البلدان كان اساسا مبني على مؤامرة سايكس_ بيكوالتي يطمسها الليبرايين المنافقون و الصهاينة ( كالسيد ي. ابراهامي المْعَلِم) و يحاول إقناع الناس اجمعين أن أمريكا حمامة سلام لنشر الحرية و إقامة الدول العصرية, وفق شرائع و قوانين حقوق الحيوان الناطق في الشرق الأوسط. فيغرد ديماً أي سخف يحمله منطق المؤامرة اي شخفأي سخفأي آيايا لمبادا .

فكل شئ يجري بحب الله, عفواً بحرية الإرادة و ما اصاب العرب و اليهود من ويلات جرى لسخف فكرهم و تاريخهم البائس الخالي من الفكر العلماني الحديث فجميع العلمانيين و الليبراليين يميطوا اللثام عن كل الأجرام الإستعماري و بديماغوجية يصورون حركات الشعوب و الأحزاب الشيوعية و الأجنحة اليسارية في الأحزاب القومية أغبياء لم سيتوعبوا قيم الغرب و تقدمهم على العقل العربي و اليهودي اليساري و الشيوعي الذي تم نحره على يد الرجعية العربية و اليهودية المتربعة على سلطة أنجبها الغرب و طورتها الامبريالية الأمريكية من اجل تكون كل البلدان العربية بقرة حلوب تصب البترول العربي في السوق الغربية و الأمريكية لتبني حضارتها القذرة على دماء و جماجم الشعوب.

اليوم و بعد الأنهيارات الكبيرة, و خاصة لدولة السوفيت و بعض الدولة العربية البرجوازية العميلة أساسا لأمريكا, رأت أمريكا أن البلدان العربية و من خلال معرفتها لادق تفاصيل تاريخها و شكل الحكام, لا بل بوجود اللوبي الامريكي الصهيوني في جهاز السلطة البرجوازية القومية, نخرها سوس الهوان. فالدكتاتور وصل إلى النقطة الحرجة فدخل عنق زجاجة التمرد و العصيان, فسلطة البرجوازية فتحت كل مسامات الدولة و المجتمع للغرب و أمريكا.

فعايشت أمريكا كل ارهاصات دولة البرجوازية و عرفت مكامن ضعفها, فشخصت أن حال الدكتاتور العربي صار يشابه حالة الشاه الإيراني. أي أن العلاج موجود في ذخير الخبرة الغربية و الأمريكية التي درست الواقع أفضل من حزب الدكتاتور و سلطته, فقرأت الطالع التعيس لكل زعماء الدولة القومية البرجوازية.

لكن أمريكا و بسقوط السوفيت كانت قد قرأت طالعها السعيد لتدشين القرن الأمريكي المنتصر على قلعة الشيوعية و انتهاء الحرب الباردة. فكان لا محال أن تبدء حرب العولمة, وهذه, كما نوه لها كارل ماركس. أن تأخر أنتصار قوى الأشتراكية سيقود لحروب بربرية تخوضها الامبريالية التي أفلست عبر التاريخ حيث الأزمة الأقتصادية ستكون ليست دورية بل حالة مستديمة سرطانية والحلول للأزمة هو الهجوم البربري على الشعوب الفقيرة و نهب ثرواتها و ليحل الخراب للبشر و البيئة في المستعمرات.

لكن في الغرب و أمريكا لا يوجد فقط البرابرة الدمويين أمثال ريتشار دنيكسون و جورج بوش فثمة من يدرس التاريخ و الحدث و هم قرب هيئات أصدار القررات السياسية و الحربية. فهناك من كتب أن أمريكا سائرةً لفتح أبواب الجحيم و آخر كتب أن الطبول الحرب العالمية الثاثة على الأبواب و الاصم من لا يسمعها.

هكذا انهارت قوى الدكتاور المصري حسني مبارك و المعمر القذافي بعد أن خدموا اسياد البيت الأبيض الغامق جداً بوجود باراك أوباما حيث يقود المرحلة التاريخية القذرة في المنطقة العربية.

فسياسة كل النظم البرجوازية كانت تتناسق مع ايحاءات الغرب و أمريكا في ضرب القوى الثورية اليسارية في أحزابها و إلى العمل على ضرب الأحزاب الشيوعية و قمع الحركات الجماهيرية من اجل البقاء في دست الحكم و العمل على ضخ النفط و تحقيق مرامي أمريكا, بالمقابل تضمن أمريكا سكوتها عن كل جرائم الدكتاتور العربي. فهكذا بقى الدكتاتور العربي مدة (30 إلى 40 عام) كالدكتاتور دعي القومية صدام حسين رغم مجازر حلبجة و الانفال و جرائم الحرب في الاهوار و على إيران و كل القتل لليساريين في حزبه أم للأحزاب الكردية و كل الجرائم ضد الشيوعيين.

فأمام أمريكا البقاء في افغانستان و العراق في حالة حرب دائمة والعمل على ايجاد بديل عميل في مصر و ليبيا, لتتخبط أمريكا في احداث مصر و أنفضاح مشروع تأييد القوى السلفية و الأخوان الخمير المعتق لأفكار محمد عبد الوهاب. ثم ليتجرع أوباما و هيلري كلنتون بمرارة رؤية هيجان الشعب في الشوارع ليطيح بالاخوان حليف أمريكا كممثل للبرجوازية الإسلامية, فتملك أمريكا الذعر من أن تتلقف السلطة قوى الشعب الحرة لكن بقى الوضع هناك معلق أما في ليبيا فالأمر يجري نحو جرف الحرب الأهلية و هو ممكن أستيعابه طالما السيطرة على انابيب النفط محكمة و كما في العراق. و يبقى الهم السوري أمر مؤرق و هو يؤكد كابوس العرافين الأمريكيين و الغربيين أن أمريكا بهجومها على عميلها صدام حسين قد تفتح أبواب الجحيم.

فيبقى خيار أمريكا أمام هول الأحداث هو الرغبة في رؤية الطبقة البرجوازية العربية بالعودة إلى السلطة, بشكلها البدائي و المتخلف حيث المملكة السعودية و قطر هي القوى التي تعمل مع أمريكا, إذ صارت أحزاب اليسار أكثرا انحطاطاً و بنهاية بائسة للأحزاب الشيوعية حيث أنهكها الدكتاتور فتحولت لجثة متنقلة, مع غزو العولمة صارت في هلوسة الأحزاب البرجوازية الإسلامية الطائفية, يرعبها جبروت حركات فاقدة لأي برنامج أو أخلاق سياسية متسمة بالغوغاء والتفجيرات لتظهر جبهة النصرة و داعش كقوى بربرية تعتمد عليها أمريكا في خدمة مخططها الجديد و ضخ البترول.

فإذا كان للدكتاتور قوات أمن تحمي البلاد من الحرب الأهلية فاليوم صارت جميع البلدان التي إنهار فيها الدكتاتور بلدان تترعرع فيها القوى الهمجية لتسيطرعلى مدن النفط, في توجه تحتضنه أمريكا للذهاب إلى اقصى ابعاده في التخريب في مشروع يقضي على كل أسس بناء دولة وطنية و لتجاوز تقسيم سايكس_ بيكو. ليكون تفتيت وفق الرؤى الأمريكية, لتكوين مشايخ على غرار الخليج حيث الغور كبلدان خارج نطاق الحضارة. لتتحكم بها أمريكا بمواردها و تاريخها نحو التدمير الشامل لتوصيفها بلدان تعادي الحضارة, و يحق إنزال كل أنواع الحصار و القصف بأسم وجود الإرهاب.

و هذا هو الطالع السعيد لممالك الخليجية و السعودية لتصدر التاريخ بتوفير قوى الدمار عبر القاعدة و داعش لتكريس عصر التخلف الديني. فأمريكا قد عقدت العزم على يكون القرن الأمريكي هو السيطرة على الدول العربية بتنظيمات ألعن من الدكتاتورية القومية, متمثلة في قوى جبهة النصرة و الاخوان و داعش لتمثل سلطة برجوازي دينية. بهذا تكون أمريكا قد حصدت ثمارات مخططاتها بزمن ينهاز القرن, للرجوع بالبلدان العربية القهقري و حالة التردي إذبان الحال المزي لشكل الإستعمار العثماني بويلاته سواء في النهب أو في شكل تخلف السلطة ( سلطة والي الدولة الإسلامية في الشام و العراق, بزعامة ابو بكر الدجال).

فالأخوان و جبهة النصرة و داعش قوة بديلة لسلطة برجوازية دينية, لسطة سقطت سواء بالحرب أم سواء بأحد الربيع العربي المشبوه, تسلمها أمريكا زمام أمر الشعوب من اجل نسف كل البلدان, إذ أن هذه القوى بلا أي تاريخ نضالي بل بتاريخ بربري جل أعماله تحطيم دولة أفغانستان الشيوعية و التفجيرات في العراق في سوريا, و هي قوى تخدم بشكل جداً مناسب الامبريالية الأمريكية و إسرائيل.

تصر كل القوى الرجعية و البرجوازية الإسلامية في الخليج و خاصة قطر و بالأخص حرامي الحرمين في السعودية على أنها بلدان إسلامية تخشى الله و تصبوا سياستها على خدمة المسلمين و انها ليس عميلة لأمريكا, و هذا إدعاء ليس غريب.

لأمر الغريب أن يأتي اليوم اليساري و العلماني العربي و الصهيوني, ليؤكد لنا أن لا وجود للمؤامرة إلا في عقول الشيوعيين و عقل السيد نؤام تشومسكي رغم كل تفجيرات القاعدة و داعش الأمريكية. فمن تصدق أيها القارئ الكريم.

المصادر قراءة في كتاب_ 501 عام و الغزو مستمر للسيد نؤام تشومسكي_

مع الاطلاع على ما يطرح من اراء سياسية سواء المكتوبة ام المسموعة و مسح رؤيتي الخاصة عليها

على السلام الاممي و الحرية القاكم!