رؤية فى الغد بمناسبة الإنتخابات البرلمانية المصرية


محمود حافظ
2015 / 2 / 3 - 17:44     

بشكل عام عندما نتحدث عن الغد فلابد لنا من الحديث عن اليوم والأمس فهما صانعى الغد من خلال تراكم المعارف والعلم والتقنيات إضافة غلى تراكمات العلاقات الإجتماعية بمعنى آخر الأمس واليوم هما إستشراق الغد وعندما نتحدث عن الإنتخابات البرلمانية المصرية لابد لنا مندراسة الواقع المصرى من خلال القوى الإجتماعية الفاعلة والتى تحددها شكل العلاقات الإنتاجية فى المجتمع كما تحددها التقنيات الحديثة ولكن دوماً يكون للعامل الإنسانى الغلبة فى التحديد ولابد أن نعى هذه الحقيقة فالإنسان هو محور الكون وهو أيضاً المحور المؤثر فى العملية الإنتاجية فكما أن قوى الإنتاج أحد أطرافها الإنسان العامل مع وسائل الإنتاج التى تحددها التقنيات فإن علاقات الإنتاج هى أيضاً علاقة بين إنسان يعمل ليخرج السلعة من وسائل الإنتاج مع إنسان آخر يحوز أو يملك هذه الوسائل الإنتاجية .
وكما أنتجت المعارف الحضارية كيف نشأت الحضارة الرأسمالية المهيمنة حتى الآن ايضاً أنتجت المعارف كيف يستغل الإنسان أخيه الإنسان من خلال هذه المنظومة فى علاقات الإنتاج وكيف يحصل الإنسان المالك على مزيد من مكسبه عندما يستغل الإنسان العامل ويقتطع جزءاً من أجره .
فى هذه المقدمة القصيرة نحاول فيها رسم الحياة فى الواقع اليومى وفى حياة الأمس من خلال رؤية الحضارة المهيمننة والتى تطورت حتى أصبحت تقسم الكون بين قوى منتجة مهيمنة وقوى مستهلكة تابعة وأصبح رأسالمال هو المحور الرئيسى الدافع لعملية الإنتاج وأصبح الحصول عليه هو الغاية وإنتفت الوسيلة فى الحصول بمعنى كل الوسائل متاحة وباى طريقة للحصول وهو التطور الذى خلق علاقات مستحدثة فى النظام الراسمالى الليبرالى حتى أصبح هناك مايعرف بالليبرالية الجديدة أو النيوليبرالية والتى تحاول تأبيد وضعها بالتعمية بواسطة ما تملكه من وسائل الهيمنة على الناموس الطبيعى الكونى للتغيير نحو الأرقى والأفضل لحياة هذا الإنسان .
ربما يقول قائل ما علاقة هذا بالعنوان الرئيسى للمقال وهو رؤية فى الغد بمناسبة الإنتخابات البرلمانية المصرية نقول له العلاقة وطيدة فالإنتخابات إفراز للعلاقات الإجتماعية والتىا تلعب فيها العلاقات الإنتاجية الدور الرئيسى فالعلاقة هى فى الأساس علاقة بين من يملك ومن لايملك إلى قوة عمله أو جهده المبذول فى النهاية هى علاقة بين من يحكم بمعنى من فى يده السلطة وبين المحكوم وهو الشعب ولما يكون هناك وضوحاً للرؤية يستطيع الناخب الفرد ان يتوجه إلى صندوق الإقتراع للإدلاء بصوته طبقاً لمصلحته ودوره الإجتماعى .
ربما يقول قائل إذاً تبقى المسائل محسومة طالما الأمر يتوقف على المصالح فالعامل يبحث عن مصلحته ليعطى صوته لمن يمثله وكذلك الفلاح وتبقى الطبقة الوسطى هى المعيار الوسيط بين العمال والفلاحين كطبقات كادحة وبين الطبقة الحاكمة والتى بيدها السلطة والتى فى اليوم تتكون من مجموعة رجال الأعمال والتى بكل وضوح وصراحة يمثلون سياسة السوق المفتوحة حسب اقوالهم وبالتالى سياسة التحكم التى يفرضها الراسمال فى التحرك بين الأسواق أى سياسة النيوليبرالية والتلا تسمى بالرأسمالية المتوحشة والتى إجتاحت الكون منذ أكثر من عقدين من الزمن وهى فى النهاية تمثل سلطة تحكم هى فى نهاية الأمر سلطة تعمل لمصلحة آخر والآخر هو من ينتج السلع وهذه السلطة تقوم بالوكالة لتسويق هذه السلع وفى نفس الوقت تقوم هذه السلكة بواسطة رجالها بتوصيل كل ما يحتاجه المنتج من مواد أولية أساسية لتخرج السلع هؤلاء الوكلاء هم رجال عملاء لآخر وهم فى نفس الوقت تابعون لهذا الآخر بمعنى أنهم وإن كان هناك فى واقعك تميزاً ما فى سلعة ما فرضت الظروف الواقعية أن تتميز فيها فواجبهم هو هدم هذا المنتج بشتى الوسائل ليروجوا لمنتج من هم عملاء وتابعين له وعندنا الأمثلة الكثيرة فى واقعنا ويكفى أن نشير غلى صناعة المنسوجات المصرية والتى كانت تغزوا الأسواق كافضل صناعة الآن انهارت هذه الصناعة بواسطة هذه السلطة وبإنهيار الصناعة تنهار معها مكوناتها والأهم هنا هو الإنسان العامل فى هذه الصناعة والذى يصبح بلاعمل اضف غلى ذلك كثير الكثير من الصناعات التى تم بيعها وتشريد عمالها .
هنا نسال هل يستطيع الناخب أن يتوجه لإختيار من يمثله أو يتوجه لإختيار من يحاربه فى لقمة عيشة وحياته وحياة من يعول .
ولأن الإنتخايات البرلمانية تكون كاشفة عن حركة الصراع فى المجتمع المصرى بين الضداد والأضداد هنا سلطة تحكم وتمثل رجال أعمال لديهم نهم وجشع رهيب نحو جمع وتكديس راسالمال من بطون وعمل الطبقات الكادحة من العمال والفلاحين الذين يقفون فى الطرف الاخر الضد فى الصراع الطبقة فى البنةالإجتماعية المصرية .
وفى الظروف الحالية المصرية وبعد ثورتين كانت أهدافهما هى العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية وكلها أهداف تخدم الطبقات الكادحة بمعنى آخر أهداف ضد الراسمالية وضد توحشها كما جاءت الورة الانية بعد ثورة يناير فى يونيو وتضيف غلى اهداف الثورة هدف آخر لايقل أهمية وهو هدف كسر ربقة التبعية والعمالة والإستقلال الوطنى بمعنى تنحية سلطة رجال الأعمال .
هنا الرؤية الإجتماعية واضحة بعد ثورتين على أساس توجهات الجماهير الشعبية المصرية لصندوق الإقتراع والتى فيه تختار من يمثلها فهوى الثورتين هو يتجه نحو التغيير والإتجاه نحو التغيير معناه هو الوقوف بجانب الحق والعدالة الإجتماعية التى تضمن لقمة العيش والكرامة الإنسانية والتى تصاغ فى النهاية بالحرية وقطع علاقة التبعية للهيمنة العالمية الرأسمالية وهذا يعنى أن هوى الشعب المصرى هو يتجه نحو التغيير غلى فكر مخالف متقدم يرنوا إلى التقدم والإزدهار والعيشة الشريفة وهو ما يمثله فكر اليسار او الجنوح إلى الفكر الإشتراكى والذى يعنى تحيق العدالة الإجتماعية .
فهل هذه الرؤية التحليلية هى رؤية واضحة وقراءة موضوعية للواقع المصرى أم هناك عراقيل تحول دون ذلك لتنتج فى النهاية الإنتخابات البرلمانية نواباً للشعب يمثلون السلطة الحالية سلطة رجال العمال وتكريس التبعية الإقتصادية .
هنا يأتى دور الحراك الإجتماعى وكذا صياغة القوانين التى بمقتضاها يمكن المشاركة فى العملية الإنتخابية فالحراك الإجتماعى يقع فريسة للرأسمال والرأسمال يتركز فى ايدى فئة بعينها من رجال الأعمال المكون للسلطة السابقة والتى حكمت مصر طوال 40 سنة ويلعب هنا الراسمال دورا سياسيا فى توجيه الناخب سواء بشراء صوته بالمال أو رشوته ببعض السلع أو السيطرة على فكره بفكر يناهض من يعملون لمصلحته وكما نرى من أفكار تؤجج مشاعر الكراهية وتؤجج الغزائز والنعرات القبلية .
إن إستغلال السلطة الحالية لوسائل الإعلام فى تشويه عدوها الطبقى اللدود بإتهامه أنه يسعى ضد الدين هذا الإتهام من شانه قلب المعادلة لصالح السلطة التى تطحن الطبقات الكادحة بواسطة هذه الطبقات التى تذهب لصندوق الإقتراع وتعطى صوتها لعدوها اللدود حيث لعبت السلطة فى التاثير على الناخب بأن من يقول انه يسعى لمصلحته فهو ضد الدين لشعب يعشق الدين .
هنا يأتى دور ما يعرف بالمثقف العضوى بمعنى مثقف ينتمى إنتماءاً طبقياً للطبقات الكادحة ويشاركها همومها ليعرفها بمصالحها العضوية وهذا المثقف هو من نحتاجه حتىا يحد من دور المثقفين العضويين للطبقات الراسمالية الجشعة والتى كل دورها هو تشويه الحقائق .
لنعطى مثلاً ما زال هذه المثل حيا وهو ما تم فى مساء يوم 24 يناير الماضى وقتل ناشطة يسارية شيماء الصباغ عن طريق اى طرف ضد توجهات فكر شيماء سواء الشرطة او أحد الأعداء الذى يسعى إلى تأجيج المشاعر ضد الشرطة ولكن وهذا الأمر خاضع حاليا لحكم القضاء ليقول فيه كلمته ما يهمنا هنا طريقة تناول افعلام والذى يمثل المثقف العضوى للسلطة الحاكمة وهنا لابد من التفريق بين السلطة الحاكمة والتى تدير الحكومة وتتحكم فى دعائم الإقتصاد الوطنى وسلطة الرئيس المنتخب التىا لم تتبلور بعد .فالإعلام أخذ يهاجم الشهيدة شيماء ومن أتى بها من محل غقامتها فى الأسكندرية إلى القاهرة فالهجوم إنصب على الضحية ومن اتى بالضحية فإذا كانت الضحية ناشطة يسارية وتنتمى إلى حزب يسارى وهو حزب التحالف الإشتراكى والناشطة جاءت إلى القاهرة لتضع إكليلاً من الزهور على لوحة الشرف لشهداء يناير فى ميدان التحرير وجاءت فى يوم سابق عن اليوم الذى حدده أنصار الجماعة الإرهابية للقيام بتخريب مصر وعندما تستهدف ناشطة يسارية يصب جام الغضب عليها وعلى حزبها اليسارى الذى هو فى النهاية يمثل الطبقات الكادحة ويبحث عن مصالحها هنا يتضح دور المثقف العضوى فى التأثير على الجماهير الشعبية ففى ظل غياب نوافذ للمثقف العضوى اليسارى وفى ظل إمتلاك الإعلام بالكامل للمثقف العضوى الرأسمالى يتم عملية تزييف الوعى لدى الناخب المصرى .
ولكن يحضرنا هنا بصيص من أمل فى واقع يشبه واقعنا ففى الأمس البعيد قليلاً وفى قارة كانت تعتبر بحكم العمالة والتبعية الحديقةالخلفية للهيمنة الأمريكية وهى القارة اللاتينية أصبحت فى يوم تستفيق على مصالحها وقررت جماهيرها الشعبية الإختيار للعدالة الإجتماعية وبواسطتها تعدت شعوب القارة مرحلة التبعية والفقر المدقع نحو الحياة فى عيشة كريمة وبحرية وكرامة إنسانية .
وفى الأمس القريب وفى ظل حادثة شيماء الصباغ كان هناك فى الطرف الآخر من البحر المتوسط وتحديداً فى اليونان إحتفالات شعبية بفوز إئتلاف سيريزا والذى يمثل إئتلاف الأحزاب اليسارية اليونانية علماً أن اليونان من اقدم الدول فى المنظومة الأوربية منظومة اليورووقد شن الإعلام الأوربى حملة واسعة ضد إختيار الشعب لتوجيه الناخب اليونانى ضد إختيار من يمثله ولكن هنا كان هناك مثقف عضوى شارك الشعب معاناته وبصر الشعب بمستقبله والظروف بيننا وبين اليونان واحدة فى المعاناه هم يخضعون إلى سياسات التقشف والإستدانة مثلنا تماماً فصيغة الحكم لكل العملاء واحدة فكما أن صندوق النقد الدولى له روشته واحدة لاتتغثير ويمارسها البنك الدولى وكا كافة البنوك المركزية الخاضعة للهيمنة الرأسمالية العالمية فد مارسها البنك المركزى الأوربى على اليونان هى هى نفسها السياسات التى تمل او لما تشمل خصخصة القطاع العام بمعنى بيعه وتشريد عماله كان مطلوباً أن يحدث فى الونان ولكنا كنا سباقون فى الخصخصة والبيع والتشريد للعمال ايضاً تقليل العمالة وهذا مايعنى بتشريد العمال وفصلهم من أعمالهم وكذا وضع حد أدنى للأجور فهذه السياسات التى طبقت علنا ارادها البنك الأوربى أن تطبق على اليونان ولكن كان هناك مثقف عضوى يثقف الشعب اليونانى ويبصره بمصالحه حتى ذهب هذا الشعب ليطلب من يمثله من تحالف اليسار فى اليونان لتلحق اليونان بمسيرة أمريكا اللاتينية الإشتراكية لتحقيق العدالة الإجتماعية .
إن هذا الفوز لإتلاف سيريزا سوف يزيد الأمر إشتعالاً فنجاح روشتة سيريزا سوف تقلب اوربا راساً على عقب وسوف تتاثر بها دول حوض المتوسط فهناك إيطاليا واسبانيا والبرتغال وإيرلندا لها نفس الظروف وإن كانت اقل وطاة من الظروف اليونانية .
لقد كان هذا النجاح لسيريزا هو سبب آخر من إشتداد الحملة على اليسار المصرى لحجب رؤية ما يحدث فى اليونان .
ويبقى فى النهاية السؤال هنا هل يستطيع اليسار المصرى ان يستلهم تجربة اليونان فى تحالف إئتلافى لأحزابه ؟
وسؤال آخر هل يسمح هذا اليسار لنفسه بالنزول للشارع المصرى وتوجيه الشعب المصرى وتوعيته بمصالحه لتحقيق العدالة الإجتماعية ؟ ونحن على ابواب الإنتخابات البرلمانية أعتقد ان الفرصة مازالت سانحة .
يبقى سؤال اخير كان من الواجب إثارته من ذا الذى يستطيع التقدم لخوض الإنتخابات البرلمانية ويدفع كل هذه الأموال من أموال ممهدة للإشتراك وأموال لتوقيع الكشف الطبى وأموال دعاية رسمت لها اللجنة المشرفة على الإنتخابات حد أدنى بنصف مليون جنيه للدعاية الإنتخابية فهل يستطيع ممثلاً عن العمال او الفلاحين الكادحين ان يتقدم للترشح ؟إن هذا السؤال لهو وضوح رؤية لمن يحكمنا ويتحكم فينا ويبقى الدور الرئيسى بيد من يقود الشعب المصرى نحو هواه فى تحقيق العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية والإستقلال الوطنى .