الإرهاب الأسدي الطائفي وجه آخر للإرهاب الأصولي الرجعي


ثائر الناشف
2015 / 1 / 28 - 23:56     

شكل الإرهاب الأسود الذي ارتكبته الميليشيات الطائفية في سوريا التابعة لنظام الأسد عقديا وطائفيا ، أو تلك المستوردة من الدول المجاورة لسوريا ، كالعراق ولبنان وإيران وأفغانستان ، رديفا للإرهاب في أبشع صوره وأشكاله الذي مارسته التنظيمات الأصولية المتشددة ضد الثورة السورية.
فالإرهاب الأسدي، أصبح علامة فارقة في تاريخ ممارسة الإرهاب ضد المدنيين ، وهو إرهاب راكمته سنوات الاستبداد والتفرد بالسلطة والنزعة الطائفية العميقة، التي عبرت عن نفسها بقوة مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في كافة أرجاء المدن السورية قبل أربع سنوات ونيف .
ولم يهمل نظام الأسد النصائح والوصفات الإرهابية، التي قدمها حلفائه الروس والإيرانيون من قبيل خبرتهم الطويلة في ممارسة الإرهاب العابر للحدود ، رغم أن نظام الأسد لا تنقصه الخبرات والحيل في صناعة الإرهاب داخل أقبية مخابراته ، أو حتى داخل دوائره الضيقة التي تفتي له باللجوء إلى الإرهاب من وحي تراثها الذي ينضح بالجهل واستعداء الآخر .
فما تمارسه الجماعات الإسلامية المتشددة بأفكارها الأصولية الرجعية ، يمارسه نظام الأسد بأفكاره الفاشية المصبوغة بصبغة طائفية بغيضة ، لا تقل سوءا وفحشا عن الأفكار الأصولية ، من حيث استعدائها للآخر المختلف معها نهجا وفكرا ورأيا ، ورفضها لقيم الحرية والتغيير والحداثة ، وتفضيلها بدلا من ذلك للاستبداد والقمع والتخلف والفساد، ولجوئها للتكفير والتخوين كأحد الأداوات المتبعة لمواجهة الآخر ( العدو ) المختلف معها .
ولا يمكن طمس إرهاب على حساب إرهاب آخر ، فالشمس لا تحتجب بالغربال ، وإرهاب نظام الأسد واضح كالشمس لا تخطئه العين ، كإرهاب الجماعات الأصولية، فما يجمع إرهاب نظام الأسد بإرهاب الجماعات الأصولية، رفضهما للمشروع الوطني الذي يتطلع إليه الشعب السوري، بشغف كبير ويبذل دونه التضحيات الجسام .
لكن التعامي الدولي عن الإرهاب الأسدي ، ركز الأنظار بشكل متعمد نحو إرهاب الجماعات الأصولية ، وهو عمل مقصود ، نابع من المخاوف الكبيرة التي باتت تنتاب صناع القرار الدولي من تنامي وشيوع ظاهرة الإرهاب ، لكنهم بهذا أشبه بالطبيب الذي يعالج السرطان بدواء آخر لا علاقة له بهذا المرض الخطير .
فالخيط الرفيع الذي يضم الإرهاب الأسدي وإرهاب الجماعات الأصولية ، لا بد له أن ينقطع ، ولن يدوم إلا بدوام الطغيان ، وليس هناك طغيان استمر إلى ما لا نهاية ، فكما أن الصداقات والعدوات بين الشعوب والحكومات لا تدوم ، فإن الإرهاب الذي تتقاسمه العصابات الفاشية والرجعية لن يدوم باستمرار القتل والتدمير .
ومن يتعامى اليوم عن الإرهاب الأسدي ، رغم كوارثه الكبيرة التي أصابت الشرق الأوسط ، لن يستمر في تعاميه بشكل نهائي ، فعندما تقتضي المصلحة إعادة النظر من جديد في واقع المنطقة ، سيسدل الستار على كابوس الإرهاب، سواء كان رجعيا أصوليا أو فاشيا طائفيا .