الإرهاب الروسي الإيراني في سوريا


ثائر الناشف
2015 / 1 / 17 - 00:10     

منذ انطلاق الثورة السورية قبل أربع سنوات ، أعلن النظامين الروسي والإيراني تدخلهما المباشر في سوريا تحت ذرائع شتى ، رغم وجودهما القديم في سوريا، بحكم العلاقات التحالفية التي نسجها نظام الأسد مع الاتحاد السوفياتي الذي ورثته روسيا الاتحادية اليوم ، ومع نظام الملالي الطائفي الذي يتبنى نظريات أسطورية لإعادة المنطقة إلى ما قبل التاريخ .
وللوقوف عند حقيقة الإرهابين الروسي والإيراني في سوريا ، لا بد لنا من استعراض الذرائع التي تقف خلفها كل من موسكو وطهران ، أولاها الحفاظ على مؤسسات الدولة في سوريا ، وهي ذريعة لا مبرر لها ، فهل من المعقول أن السوريين أصبحوا قاصرين عن حماية مؤسساتهم وإقامة نظامهم السياسي والدستوري الذي يحترم خصوصياتهم الثقافية والاجتماعية .
ثانيها ، الحفاظ على المصالح الروسية – الإيرانية في سوريا ، وهي مصالح استراتيجية قديمة مع نظام الأسد ، فالمصالح الروسية هي مصالح اقتصادية في جزء كبير منها وأخرى عسكرية باتت معروفة للقاصي والداني ، أما المصالح الإيرانية فهي مصالح تتعلق بالمشروع الطائفي الذي يدفع به نظام الملالي بكل قوة، حتى لو أدى إلى نشوب حروب أهلية تعصف بالمنطقة ، وهو ما يحدث الآن فعلا في العديد من الدول العربية التي يمتد لها المشروع الطائفي الإيراني .
ثالثها ، الحفاظ على نظام الأسد الذي يعني بالنسبة لنظام الملالي استمرار مشروع المقاومة والممانعة ضد " الاستكبار الدولي " وهي ذريعة باطلة أسقطتها الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية وكشفت بما لا يدع مجالا للشك المتاجرة الإيرانية بالقضايا العربية ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية
أما بالنسبة لروسيا ، فإن الحفاظ على نظام الأسد يعني عدم التفريط بآخر مناطق النفوذ الروسي في الشرق الأوسط ، وكيلا تنتقل سوريا ، بحسب التفكير الروسي إلى الحضن الغربي ، وهو ما ظهر جليا في الانقسام الرأسي والأفقي بين صفوف المعارضة السورية التي توزعت بين المحورين الروسي والغربي .
رابعها ، ذريعة الحرب على الإرهاب في سوريا ، وهنا بيت القصيد ، فهذه الذريعة تبدو غير مقنعة للرأي العام، بل وتبدو فاضحة بعض الشيء للموقفين الروسي والإيراني ، فأي إرهاب في سوريا أكثر فظاعة وبشاعة من إرهاب نظام الأسد ؟ ومن الذي بدأ بالإرهاب في سوريا قبل أن تتكاثر الجماعات المتشددة ، أليس نظام الأسد هو أول من بدأ الإرهاب بقصف المدن وترويع المدنيين وقتلهم بدم بارد ؟ ومن الذي أطلق سراح الجماعات الإسلامية المتشددة من السجون والمعتقلات ، أليس نظام الأسد هو من أطلق لها العنان لتشكل خلاياها وتنظيماتها العسكرية ؟ أليست كل هذه التدابير التي سار عليها نظام الأسد في تخريب الثورة السورية ومواجهة الشعب السوري ، أليست من وحي التخطيط الإيراني الروسي ، لخلط الأوراق ببعضها ، وتصوير الثورة على أنها إرهاب الجماعات المشتددة التي تهدد أمن المنطقة والعالم .
فمن السذاجة الاعتقاد ، أن روسيا وإيران وما تبقى من نظام الأسد ، رأس حربة في محاربة الإرهاب ، فهم من برع في صناعة الإرهاب بوجهيه القاعدي أو الميليشياوي الطائفي ، وهم من شرع أبواب سوريا لكل من هب ودب من الجماعات المتشددة ، لتتغلغل في المدن والبلدات السورية ، وتبدأ بفرض أفكارها الشاذة التي لا تتناسب ورؤية الشعب السوري للحياة ، كما ولا تتناسب مع المشروع الوطني للثورة السورية في الحرية والكرامة .
ولا يفوتنا أيضا ، الإرهاب الذي مارسه الروس في مجلس الأمن الدولي لأربع مرات متتالية وفي مجلس حقوق الإنسان الدولي ، من خلال تعطيلهم لقرارات الشرعية الدولية ، وإرسالهم الشحنات الحربية الضخمة والخبراء والطيارين العسكريين لنظام الأسد بشكل دائم ودون انقطاع ، لتدمير ما تبقى من المدن السورية على طريقة التدمير الروسي للمدن والبلدات في القوقاز .
أما الإرهاب الإيراني في سوريا ، فلا يحتاج أدلة ، لأنه واضح كالشمس في رابعات النهار ، وهو مستوحى من الخبرة الإيرانية في قمع الاحتجاجات الشبابية التي انطلقت عام 2009 في طهران بعيد عمليات التزوير والتزييف التي مارسها نظام الملالي في الانتخابات الرئاسية بين نجاد وموسوي ، ولم يكن أمام رأس النظام السوري إلا الأخذ بالأوامر الإيرانية التي حملها سعيد جليلي مستشار الأمن القومي الإيراني في اليوم الأول الذي انطلقت فيه الثورة السورية قبل أربع سنوات .
ولا زال الإرهاب الروسي الإيراني يمارس أدواره الخبيثة في تخريب البنية التحيتة والنسيج السوري عبر أداتهم التدميرية المتمثلة برأس نظام الأسد الذي حافظوا عليه من السقوط ووفروا له كل أسباب البقاء والاستمرار إلى أبعد مدى ممكن ، حتى لو كلفهم ذلك مزيدا من الاستنزاف في مواردهم الاقتصادية .