أوقفوا إرهابكم في سوريا


ثائر الناشف
2015 / 1 / 15 - 21:34     

كل ما جرى في العالم خلال القرن الماضي من حروب وصراعات دامية ، لا يساوي من حيث حجم المعاناة والمأساة ما يجري اليوم في سوريا من قتل متعمد وتدمير ممنهج وتهجير منظم .
ففي الحربين العالميتين الأولى والثانية وما تبعهما من حروب وصراعات عرقية وأهلية في مختلف أرجاء العالم ، لم يتعرض شعب للإبادة والاقتلاع من جذروه ، بمثل ما تعرض له الشعب السوري الأعزل طوال أربع سنوات .
خلال الحربين العالميتين سقط ملايين البشر كضحايا لتلك الحرب القذرة ، لكنها لم تكن حربا بإرادة الضحايا ، بل كانت بإرادة القوى الدولية المتصارعة على العالم ضمن سياسية المحاور والاحلاف التي كانت سائدة آنذاك .
كما أن المرحلة التي تلت الحربين العالميتين ، شهدت هي الاخرى حروبا أهلية وعرقية عديدة سقط خلالها مئات آلاف الضحايا ، لكنها تظل حروبا محصورة في نطاق المكونات الأهلية والعرقية، التي تتصارع فيما بينها لأسبابها الداخلية التي تترتبط بالصراع على الموقع أو الهوية أو الدين .
أما الصراع في سوريا ، فهو صراع من نوع مختلف تماما عما جرى في الحربين العالميتين أو في الحروب الأهلية والعرقية التي شهدها العالم . لم يكن الصراع في سوريا على الهوية أو على الموقع الجغرافي ، بل كان صراع الثنائيات المتناقضة التي ظلت لبرهة من الزمن تخبو تحت جمر القمع ، وما أن عصفت بها رياح التغيير والثورة، حتى لهبت نيرانها المستعرة، معلنة الصراع بين الحرية والاستبداد ، بين النور والظلام ، بين الإنسانية والعبودية ، بين العقل والجهل ، بين الحرب والسلام .
وما أن بدأ الصراع يزداد استعارا ، بين الحرية التي كانت قلوب السوريين ترنو إليها ، واستبداد وفاشية نظام الأسد ، حتى بدأت الأفاعي تطل برؤوسها إلى سوريا حاملة معها كل شرور الإرهاب وفنون الإجرام ، فلكل أفعى أطلت برأسها حساباتها ورهاناتها وتخوفاتها، ما جعلها تعلن انحيازها الأعمى إلى جانب نظام الاستبداد والطغيان إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر .
وفي اليوم التالي ، وجد الشعب السوري نفسه محاصرا بعشرات الأفاعي السامة ، وبدأ الصراع غير متكافئ بين شعب أعزل ، همه الوحيد أن يعيش حرا كريما بلا خوف وقمع ، وبين أفاعي نفثت سمومها القاتلة ، لتقضي على آخر أمل للشعب السوري ، مقابل الحفاظ على مصالحها التي لم تتماش وقيم الحرية والكرامة والعدالة التي حملتها ثورة الشعب السوري .
فالحرب التي يتعرض لها الشعب السوري ، ليست حربا من طرف واحد ، أي بين الشعب ونظام الأسد ، فلو كانت بين الشعب والنظام ، لانتهى أمر النظام منذ الأسابيع الأولى لانطلاق الثورة الشعبية العارمة، لكنها حرب الأفاعي السامة التي ساندت نظام الأسد كل بحسب مصلحته ، ضد إرادة الشعب السوري .
كما أنها لم تكن حربا أهلية ، كغيرها من الحروب الأهلية التي انتهت باتفاقات سلام وتسويات سياسية ، بدليل حالة العجز السياسي التي لم تفض حتى اليوم إلى أي حل للصراع الدائر في سوريا .
فالشعب السوري اليوم ، يواجه إرهاب الأفاعي التي اجتمعت عليه من كل حدب وصوب ، الأفاعي السامة التي أطلت برأسها ، في معركة غير متكافئة بين شعب لا يملك إلا ما يدافع فيه عن نفسه ، وبين دول كبرى ( أفاعي سامة ) أعلنت عن نفسها بشكل مباشر كروسيا وإيران اللتين زجت بكل إمكانياتهما في أتون حرب الإبادة الكاملة ضد الشعب السوري .
وليت الصراع يقف عند هذا الحد ، بل تعداه إلى حدود أبعد ، فالأفاعي السامة ( روسيا وإيران ) راحت تتهم الشعب السوري بالإرهاب ، بعد أن استكملت تلك الأفاعي لعبتها القذرة في تفريخ الإرهاب من جلدها أو استجلبته من ما وراء الحدود باسماء وأشكال متعددة، وحشدت الرأي العام الدولي لتسويق منتجها الإرهابي وإلصاقه بالشعب السوري الذي مارست عليه أبشع أنواع الإرهاب في التاريخ .
وكما أسلفنا القول ، إن معاناة ومأساة الشعب السوري ، لم تشهدها البشرية ، ولم يعرفها التاريخ من قبل ، فعندما تجتمع أقوى وأكبر دول العالم لتحارب الشعب السوري، وتسعى لاجتثاثه وتهجيره بواسطة الإرهاب ، حينها لا يكون أمامنا سوى أن نصرخ بأعلى صوتنا .. أوقفوا إرهابكم عن الشعب السوري .