عرض كتاب جاسم الحلوائي -موضوعات سياسية وفكرية معاصرة-


مزاحم مبارك مال الله
2014 / 12 / 19 - 00:18     

كتاب من القطع المتوسط يقع في 196 صفحة ،صدر عن مطبعة إيلاف للطباعة الفنية الحديثة لعام 2014 ،وهو المنشور رقم(1) من منشورات موقع الناس الألكتروني ،وقد أجتهد القائمون على الموقع وفي مقدمتهم الرفيق يونس بولص متي والذي آثر أن يجمع مقالات الرفيق جاسم الحلوائي في هذا الكتاب بمناسبة الذكرى الستين لعضويته في الحزب.
يحتوي الكتاب على المعالجات الفكرية والسياسية والتاريخية المعاصرة التي أنبرى أليها الحلوائي. وجاء في مقدمة موقع الناس:"إن اختيار كتابات المناضل جاسم الحلوائي لم يأتِ محض صدفة ،فهو مناضل مخضرم أقتحم سوح النضال منذ خمسينيات القرن الماضي وعاش تجارب الحزب الشيوعي العراقي والحركة الوطنية العراقية بانتصاراتها وانتكاساتها".
وتضيف المقدمة: "ولم يفتر حماس الحلوائي ولم يبخل بعطائه لا عندما كان عضواً في اللجنة المركزية للحزب(1964 ـ 1985)، وعضو سكرتاريتها (1974 ـ 1978) ،ولا عندما أصبح ضمن قاعدة الحزب".
وتضيف:"الحلوائي من المساهمين بفعالية في المؤتمر الوطني الخامس للحزب 1993 ـ مؤتمر الديمقراطية والتجديد ـ ، لقد أصبح الحلوائي منسجماً أكثر مع نفسه في هذا المؤتمر".
الكتاب يحتوي على 12 مقالاً كتبها الرفيق الحلوائي، تنوعت بمواضيعها مبتدءاً بالمؤتمر الوطني الخامس ،إضافة الى الحوار الذي أجراه معه الكاتب والصحفي داود الأمين ،ويحتوي أيضاً على الرسالة التي بعثها الحلوائي الى الدكتور عبد الحسين شعبان حول كتاب شعبان الموسوم "عامر عبد الله النار ومرارة الأمل".
المقال الأول/(مؤتمر الديمقراطية والتجديد 1993 منعطف مصيري في تأريخ الحزب الشيوعي العراقي) ،يقول الحلوائي:
"حرر هذا المؤتمر الحزب من الجمود العقائدي والنصيّة "،و"كان بمثابة ثورة على "المسلمات" المكبّلة لعقل الحزب وتفكيره ،وبات الحزب أدق فهماً للمنهج الديالكتيكي المادي في تناول مختلف الأمور،وقد جدّد الحزب أيديولوجيته في هذا المؤتمر ،وفي الوقت الذي ظّل الحزب متمسكاً بخياره الاشتراكي كهدف بعيد فأنه صحح هويته ومرجعيته الفكرية وبنيته وتنظيمه ونشاطه ،ومن حيث علاقاته بالقوى الاجتماعية والسياسية الأخرى".
أن الرفيق الحلوائي في مقاله القيّم هذا يتناول أبرز الأسباب في أطلاق أسم "مؤتمر الديمقراطية والتجديد"على هذا المؤتمر،وكذلك يتناول كيفية حصول التجديد، والولادة العسيرة وأبرز نتائجه.
المقال الثاني/(تجربة ح.ش.ع في مجال التحالفات السياسية ودورها ـ 1934 ـ 2014)، يتناول الحلوائي المسيرة الجبهوية وتحالفات الحزب بتسلسلها الزمني ووفق خط بياني متصاعد مع المصالح الطبقية والسياسية للشعب العراقي ،مبتدءاً من لجنة التعاون الوطني ،لجنة الارتباط، جبهة وطنية للانتخابات البرلمانية عام 1954،محاولة تشكيل قيادة موحدة لانتفاضة تشرين 1956 ،الجبهة الوطنية والقومية التقدمية ،جوقد، جود، الجبهة الكردستانية العراقية ،لجنة العمل المشترك.
المقال الثالث/(أثورةً كانت أم أنقلاباً عسكرياً؟)
ويتناول فيه الجدل حول تسمية ما حصل يوم 14 تموز 1958 فيقول: "أن الخلاف حول التسمية ليس أمراً شكلياً ،بل هو نابع من الخلاف حول طبيعة ما حدث". فالحدث أجرى تغييراً جذرياً في النظام على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية "،فلهذا الحدث أنصاره وخصومه ،ثم يضيف: "أن عدم أطلاق صفة الثورة على ما حصل يوم 14 تموز 1958 من شأنه أن ينزع عنها مشروعيتها التأريخية"، ثم يضيف:"أن الحدث أخذ شكل انقلاب عسكري وتحول الى ثورة شعبية في لحظة تأريخية واحدة، ... أن الجدل عمّقه مسيرة الثورة المتذبذب ومآلها".
المقال الرابع/(مؤامرة الشواف في الموصل آذار 1959)
يستعرض الرفيق الحلوائي التركيبة الاقتصادية الاجتماعية للموصل، وتضمن مقاله هذا عدة عناوين(الأستعدادات للمؤامرة، مؤامرة مكشوفة ،الشروع بالمؤامرة، قمع التمرد ،من المسؤول، الاغتيالات في الموصل)، فقد أستند الى العديد من المصادر،إضافة الى كونه أحد الذين عاصروا تلك المرحلة وأحداثها.
المقال الخامس/(أحداث كركوك في تموز 1959)
يستهل الحلوائي هذا المقال بالاستشهاد بثلاثة شهادات صدرت عن ثلاث مؤرخين مشهود لهم علميتهم وحياديتهم، حول الانطباعات السلبية التي علقت في أذهان الناس عن ح. ش.ع إزاء أحداث كركوك في تموز 1959 ،وهم كل من حنا بطاطو، والكاتب المحامي جرجيس فتح الله والمؤرخ ألن دان، مشيراً الى إن الثلاثة أكدوا براءة الشيوعيين من تلك الأحداث.
ثم يستعرض بعدد من السطور مدينة كركوك ووصف سكانها. وتحت عنوان ثورة 14 تموز في نفس المقال يذكر الحلوائي استغلال القوى المضادة للثورة التركيبة الاجتماعية والطبقية في المدينة واستخدامها بأعمال مضادة للثورة ودور القنصليات الأجنبية في هذه الأعمال(حسب إفادة ناظم الطبقجلي)في أفادته أمام المحكمة العسكرية الخاصة.
ثم وتحت عنوان"قاسم يستغل الحادث ضد الحزب الشيوعي"فيمر على موقف قاسم، وما صوّر لقاسم من أحداث والتي أدت به الى أن يصرّح تصريحاته الخطيرة في كنيسة مار يوسف يوم 19 تموز والتي ادت الى تصعيد الموقف ضد الشيوعيين والقوى الوطنية والديمقراطية. وتحت عنوان "شهادة مهمة" يدرج الحلوائي ما ذكره الرفيق عزيز محمد حول أحداث كركوك والتي جاءت في المقابلة التي أجرتها مجلة (الوسط)الصادرة في لندن عام 1997.
المقال السادس/ (انقلاب 8 شباط 1963)
في بداية المقال يوجز الحلوائي الظروف والأسباب التي أدت الى قيام الانقلاب الدموي في شباط 1963،والقوى المحركة والمنفذة له والدوائر التي تعاونت على تنفيذه. وتحت عنوان "الحزب الشيوعي يقف ببطولة ضد الانقلاب الفاشي"، استعرض الحلوائي بطولة وثبات قادة الحزب وقواعده، والبيانات التي أصدرها الحزب في دعوة الشعب لمقاومة الفاشيين ،وتحت هذا العنوان يستعرض الكثير من ملاحم البطولة للشيوعيين ومناصريهم والوطنيين والديمقراطيين في أماكن عديدة من بغداد وخارجها.
وفي عنوان"الصمود البطولي"يصف الرفيق الحلوائي صمود الشهيد البطل سلام عادل والشهيد البطل محمد حسين ابو العيس الذي مارس الأنقلابيون معه شتى أنواع التعذيب أمام زوجته الرفيقة الأديبة سافرة جميل حافظ حتى لفظ أنفاسه الأخيرة أمامها، ويقول الحلوائي (لم يكن بوسع أي كاتب مهما أوتي من براعة التصوير ،أن يعرض القصة الكاملة لما جرى في قصر النهاية وملعب الإدارة المحلية والنادي الأولمبي وبناية محكمة الشعب وغيرها من أماكن جرى تحويلها الى مقرات للتحقيق والتعذيب).
وبنفس المقال وتحت عنوان (أخر ما كتب سلام عادل) وهو ما قدمه الشهيد من تقييم أولي للانقلاب تم توزيعه على لجان المناطق والمحليات، هي أخر رسالة منه ،فيقول "أن انقلاب ـ الردة ـ في 8 شباط بدأ فكرياً وسياسياً واقتصاديا منذ أواسط 1959ثم يقول الشهيد :" ان السبب الرئيسي الذي أدى الى سيطرة الانقلابيين على الحكم هو العزلة التي أصابت تدريجياً ديكتاتورية قاسم عن الشعب وعن القوى الوطنية".
المقال السابع/(انتفاضة معسكر الرشيد في 3 تموز 1963)
يورد الحلوائي مجموعة من أسماء الشيوعيين الذين وبمحاولات فردية حاولوا أعادة بناء التنظيم الحزبي بعد انقلاب شباط الأسود، ومنهم إبراهيم محمد علي الديزئي ومحمد حبيب وحسن سريع وحافظ لفتة وهاشم الآلوسي وحامد الحمداني. ويقول أنضم الى المجموعة ما يقارب من الفي شخص ،حزبيين ولا حزبيين ،أغلبهم من العسكريين جنوداً ومراتب ،توزعوا على العديد من معسكرات بغداد وغيرها. أمّنت المجموعة الاتصال بقيادة الحزب والتي طلبت التريث وإعطاء الفرصة للحزب كي يعيد ترتيب أوضاعه ،الاّ أن المجموعة لم تقتنع.
المقال الثامن/(قطار الموت)
المقال التاسع/(ترسيخ الديمقراطية في العراق الضمان الأكيد لتحقيق طموحات الشعب الكردي القومية)
في البداية يثبّت الحلوائي حق الشعب الكردي في تقرير مصيره ،ثم يتطرق الى الأخطاء التي ارتكبتها الحركة القومية الكردية وخصوصاً في تحالفها مع أعداء عبد الكريم قاسم ،مشيراً الى مواقف ح .ش.ع من القضية الكردية وتبني الحزب عام 1962 برنامجاً متقدماً ومتطوراً لحل المسألة الكردية وكرس الحزب كل طاقاته وإمكاناته السياسية والجماهيرية من أجل تحقيقه، وأصطدم الحزب بقوة بحكم قاسم وقدّم على هذا الطريق التضحيات الكبيرة.
المقال العاشر/(من الذي يجب أن يدفع تعويضات خسائر الحرب العراقية ـ الإيرانية)
ألف مليار دولار تطالب إيران ان يدفعها العراق، كورقة ضغط بعد زوال النظام ،وقد أورد الحلوائي تصريحات الخبير القانوني(طارق حرب في 13/5/2010) الخطيرة ودون أدراك مدى مسؤولية وخطورة ما يقول ،حينما صرّح:"أن المبلغ المطلوب من الجانب الإيراني قد يكون محلاً للنقصان أو أن يكون أقرب الى الواقع".
ثم يقول الحلوائي :"ليس من مصلحة الشعبين العراقي والإيراني إثارة موضوع التعويض عن خسائر الحرب ،أما إذا أثار حكام إيران الموضوع بشكل رسمي فليس من حق أي مسؤول عراقي التنازل عن خسائر العراق التي يتحملها الجانب الإيراني ،فما بعد حزيران 1982 سحب صدام أخر جندي عراقي من الأراضي الإيرانية وطالب بإيقاف الحرب وحينها لجأ الى مجلس الأمن الذي اصدر قرار إيقاف الحرب في تموز 1982 الذي رفضته إيران".
المقال الحادي عشر/(الديمقراطية ودكتاتورية البروليتارية)
يقول الحلوائي:أن الشكل الديمقراطي للحكم هو نقيض لأي شكل من أشكال الحكم الدكتاتوري بما في ذلك دكتاتورية البروليتارية ،لأن الدكتاتورية ترفض تداول السلطة وفصل السلطات. ويضيف:"تخلت الحركة الشيوعية العالمية أو غالبيتها ،عن مفهوم دكتاتورية البروليتارية، ليس بسبب تعارضه مع أسس الديمقراطية فحسب ،بل ولأن تحقيقه لا يمكن أن يتم الاّ بالعنف، لذلك تخلى ح.ش.ع أيضاً عنه في المؤتمر الوطني الخامس ولم يعد اليه في مؤتمراته اللاحقة".
المقال الثاني عشر/(التراث الأشتراكي في برنامج ح. ش. ع)
في هذا المقال يستعرض الحلوائي وباختصار جميل فكرة الاشتراكية والتي وصفت بالطوباوية ومن ثم ظهور مفهوم الاشتراكية العلمية والمستند الى المادية التاريخية والديالكتيكية ،وأن الشعوب مرت بمراحل تاريخية كثيرة جداً بكل خصالها السياسية فتكوّن تراثاً اشتراكيا ضخماً عبر مئات السنين ،لذلك فالحلوائي يعتقد(أن عبارة "سائر التراث الاشتراكي" الواردة في برنامج ح.ش.ع ،تعني الاشتراكية الطوباوية وتراث الأمميات الثلاث وكل تراث المدارس الاشتراكية التي رافقت الماركسية وتبعتها بما في ذلك التجربة السوفيتية الفاشلة في بناء الاشتراكية، ويسترشد الحزب بما هو صحيح من هذا التراث).
أرى أن مقالات الرفيق الحلوائي لها قيمة فكرية عالية تستدعي من كل شيوعي أن يقرأها، كما أن الجهد الذي بذله رفاق موقع الناس أنما يستحق كل التثمين والشكر.