الأقفاص السمكية فى مصر - متهم أم مجنى عليه


محمود حافظ
2014 / 12 / 17 - 12:26     

تلاحظ دوما إنه كلما قرب موعد السدة الشتوية فى مصر يكثر الحديث عن الأقفاص السمكية فى نهر النيل كما يكثر الحديث عن حملات إزالة لهذه الأقفاص من مجرى النيل والمبرر دوماً هو أن الأقفاص تلوث المجرى المائى مما يصيب البشر والسمك بنواتج هذا التلوث من أمراض تبدأ بالفشل الكلوى والكبدى وتنتهى بالأمراض السرطانية كما تلاحظ اللهث المستمر للقيام بأعمال تحاليل للمياه بغرض واحد وهو كيف أن هذه الأقفاص السمكية تقوم بتلويث مجرى النيل شريان الحياة للمصريين وهنا نطرح السؤال هل الأقفاص متهمة فعلاً بالتلوث أم هى مجنى عليها .
للإجابة على هذا السؤال لابد أن نوضح ماهى هذه الأقفاص وما هو الغرض منها ولماذا تم إبتكارها ؟ .
وفى هذا الشأن نقول إن إبداعات العقل البشرى والتى دوماً تسعى إلى خير البشرية وخاصة فى توفير إحتياجات الإنسان من غذاء وخاصة فى شقه البروتينى كانت وراء عملية إكتشاف وتطور الإستزراع السمكى والذى يعنى فى الأساس إجراء عملية أسر للأسماك من بيئتها المائية وتريتها ورعايتها فى مكان الأسر حيث قامت معاهد البحث بدراسة أنواع الأسماك سواء كانت أسماك مياه بحرية أو أسماك مياه عذبة ثم قامت المعاهد بدراسة السلوك الغذائى الطبيعى للأسماك من حيث إذا كانت من آكلات العشب أو من آكلات اللحوم بمعنى مفترسة وغير مفترسة كما قامت المعاهد أياً بدراسة السلوك الجنسى لكل نوع من الأسماك التى تؤسر لكيفية إكثاره ولن نطول فى الحديث فى هذه الدراسات ولكن وجب الإشارة إليها فى العموم كانت نتيجة هذه الدراسات معرفة السلوك ومعرفة الإحتياجات الغذائية لكل نوع من الأسماك فى بيئته المائية الخاصة وهذا ما إستدعى مع عملية الأسر تكوين المحتوى الغذائى لهذه الأسماك فبدأ من زيادة المحتوى الغذائى الطبيعى للأسماك ثم تطور إلى تصنيع الأعلاف الخاصة بالأسماك ومع هذا التطور تماهى نعه تطور آخر هو فى كيف يتم زيادة الإنتاج للأسماك فى الأسر فتطورت المزارع من مزارع عادية إلى مزارع نصف مكثفة إلى مزارع مكثفة وكان هذا التطور وليد دراسة الوسط الذى تعيش فيه الأسماك والإحتياجات المعيشية للأسماك فى الوسط المائى وكان العامل المؤثر فى هذا التطور هو توفر عنصر الأكسجين اللازم للتنفس ودراسة مدى تشبع الوسط المائى بهذا العنصر من إرتفاع وإنخفاض لدرجات الحرارة وما هى العوامل التى تؤثر على زيادته وإنخفاضه فى الوسط المائى وكان من أهم هه العوامل هو التيار المائى وتدفق المياه والكائنات الحية النباتية الدقيقة التى تعيش معلقة فى الوسط المائى وماتعرف بالطحالب أو الفيتوبلانكتون وهى كأى أصل نباتى منتجة نهارا ومستهلكة ليلاً لعنصر الأكسجين كما وجد من ضمن المؤثرات فى هذا الشأن ( الإستزراع السمكى ) عنصر الآمونيا والذى يستهلك الأكسجين من خلال عملية أكسدة الآمونيا الناتجة فى الأحواض السمكية نتيجة تحليل الفضلات فى الأحواض .
إذاً من خلال هذه الدراسات وجد أن توفير عنصر الأكسجين بصفة دائمة يعمل على زيادة التكثف فى الأحواض السمكية لأن فى النهاية الكائن الحى إحتياجاته المعيشية تتوقف بالدرجة الأولى على تنفسه ثم على غذائه ومن هنا كان التصنيف للمزارع السمكية السالف ذكره .
ولما كانت المزارع السمكية المكثفة تحتاج إلى تكلفة فى الإنشاء لأنها فى النهاية سيتم إنشائها كمزارع محدودة المساحة مجهزة ببناء يسمح بتربية الأسماك فى وسط يسهل التعامل معه بإزالة ما يعوق عملية التنفس ومعنى هذا لابد من إجراء إزالة مستمرة للرواسب التى تنتج مركب الآمونيا الذى يؤثر على إستهلاك الأكسجين وهذا مايعنى تبطين أرضية الأحواض بالخرسانة أو أى بديل وكذلك تبطين الجدران مع وضع مصدر إنتاج الأكسجين فى هذا الحوض الخرسانى أو ما يشبهه ,
وحتى لانطيل فى هذا الحديث كان إكتشاف الأقفاص السمكية كاحد إبداعات العقل البشرى والتى تقلل تكاليف الإنشاءات وتؤدى نفس الغرض بل على افضل ما يمكن فى عملية الإستزراع المكثف فالقفص عبارة عن حيز من المساحة مصنوع بأركان صلبة سواء من الخشب او الألمونيوم مغطى بشباك تحجز الأسماك فى الأسر وتسمح بالمرور المستمر للمياه وعائمة بواسطة عوامات وفى هذا القفص توضع إصباعيات الأسماك ويتم تغذيتها بالعلف المناسب حسب سلوكها الغذائى وما يتبقى من غذاء يهرب من الأقفاص تتلقفه الأسماك خارج القفص التى تعيش حياتها العادية فى بيئتها المائية وبمرور التيار المائى المناسب يتم التجدي المستمر لعنصر الأكسجين كما أن التيار يحمل معه ما ينتج من فضلات وتحللاتها فى المجرى المائى وهنا وج علينا طرح السؤال المهم ما هو التأثير الذى يسببه القفص العائم فى المجرى المائى وقبل طرح هذا السؤال او الإجابة عليه وجل الإشارة ألى أن الأنواع التى تستزرع بهذه الطريقة فى نهر النيل فى مصر هى من الأسماك العشبية والتى سلوكها الغذائى الطبيعى هو التغذية على الفيتوبلانكتون أو الطحالب الهائمة والمعلقة فى المياه وهذه الأسماك من النوع المفلتر للمياه وهى البلطى النيلى وهو سمكمة النيل وتنتمى إليه وكذا المبروك الفضى وهى سمكة لاتتغذى صناعيا بل تقوم بعملية فلترة كبيرة جداً للفيتوبلانكتون العالق فى المياه لتنقيتها وهذه السمكة بهذه الطريقى هى من الأسماك التى تقوم بتنظيف البيئة المائية وهى معروفة عالميا ً بأنها صديقة للبيئة .
هنا لابد من افجابة على السؤال هل الأقفاص تلوث النيل ام جزء منها ينقيه ؟ , والسؤال الآخر من هى هذه الجهاتالتى تدعى أن الأقفاص السمكية تلوث المجرى المائى ؟ , أيضاص هل هناك جهة ما تشرف على هذا النوع من الإستزراع الذى يعمل على توفير الغذاء البروتينى للشعب سواء فى مصر ونيل مصر أو أى مجرى مائى سواء عربى أو أجنبى ؟
واضح إن من يقوم بعمل الدراسات او التحقيقات بعيداً كل البعد عن معرفة المحتوى العلمى للإستزراع السمكى بل ولاعن معرفة السلوك الغذائى للأسماك .
كما هو واضح أيضاً غياب مخزى للجهة العلمية أو العملية التى تعرف ماهية الإستزراع واهميته ووضع الأسس العلمية لإدارته مما تسبب فى عشوائية غير منظمة لعملية إستزراع الأقفاص السمكية .
هما نطرح السؤال الثانى لماذا الأقفاص مجنى عليها ولماذا تحديداص فى هذا التوقيت ؟ .
هذا التوقيت لأننا فى مصر مقبلين على ما يعرف بالسدة الشتوية وهى عملية تنظيمية للرى يمنع فيها المياه إلآ فقط للسياحة وإستهلاك البشر والمصانع للمياه وهذا يعنى ان هناك مياه فى هذه الفترة تعوم فيها المراكب أو الفنادق العائمة فى مجرى النهر من القاهرة حتى أسوان بكل ما تصرفه وكذلك الإستخدام فى مجال معيشة الإنسان والمصانع وهذا ما يعنى أن المياه الناتجة من هذه الإستخدامات عبارة عن صرف صحى وصرف صناعى بكل ما يحمل من ملوثات ويكفى أن نعرف أن فى منطقة الجيزة وحدها وهى منطقة ظهير صحراوى كل صرفها الصحى والصناعى يصب فى فرع رشيد من مجرى النهر عن طريق مصرف الرهاوى وهو مصرف عموم الجيزة بما يحمل من ملوثات حيث الصرف الصحى والصناعى يتدفق فى النهر بدون حتى أدنى معالجة ومع حبس المياه فى هذه الفترة تحديداً يكون التلوث فى المجرى خاصة فرع رشيد على اشده مما يعمل على نفوق الأسماك فى الفرع هذا إضافة على اللاهمال الشديد من جانب وزارة ارى الذى سمح للعديد من السكان على جانبى النهر بإلقاء مخلفاتهم فى مجرى النهر كل هذه الملوثات التى تسمح بها وزارة الرى والموارد المائية لدرجة إلقاء 2 مليون مترمكعب ماء صرف صخى وصناعى من خلال مصرف الرهاوى يوميا فى النهر لإحتياج وزارة الرى إلى ما يقرب من 8 مليار متر مكعب مياه إضافة إلى الحصة المصرية هذه الإحتياجات لابديل للرى إلا من توفيرها من مياه الصرف عامة وليتها توفرها من مياه الصرف الزراعى إلا أن هذه الصرف يختلط بالرف الصحى والصرف الصناعى وهذا ما يجعل وزارة الموارد المائية تجد شماعة تعلق عليها أخطائها فتتبنى تدمير منتج غذائى نتج من الأقفاص السمكية على أساس ان هذا المنتج هو المتهم بتلويث مجرى نهر النيل رفقاُ أيها الناس بهذا الشعب ولا حاربوه فيما ينتجه حتى يتصيد هذه الحرب من يقومون بعمليات الإستيراد للأسماك لسد الفجوة الغذائية البروتينية .