هل يمكن إصلاح الاسلام؟


طريف سردست
2014 / 12 / 14 - 17:21     

هل يمكن اصلاح الاسلام او اصلاح الفكر الاسلامي؟
اصطدام المجتمعات والتيارات الاسلامية بالحضارة والتطور الحديث، خلق تعبيرا ت عن مشاعر التغرب بين كتلة كبيرة، والتي ظهرت في اوضح صورها بنتائج الهبة الشعبية في ما يسمى بالربيع العربي، حيث اجتاحت القوى الاسلامية جميع الهبات الشعبية، بما فيه التي بدأت سلمية وعلمانية ديمقراطية.
وقبل ذلك حاول الكثير من المفكرين ايجاد مخرج لهذا المأزق بطرح اصلاحات لاعادة رؤية النص المقدس، انطلاقا من ان ظاهر النص المقدس يتحمل المسؤولية الرئيسية كمصدر تكوينات الوعي الفكري لدى جزء كبير من العامة.
افضل المفكرين مثل نصر حامد ابو زيد ( كفره الازهر) ، ومحمود محمد طه ( اعدمه النظام السوداني) ، حسين مروة ( اغتاله حزب الله)، محمد عابد الجابري (اكاديمي صالونات) ، احمد القبانجي ( اعتقلته ايران وطردته الى العراق) ، ومحمد شحرور، واحمد صبحي (اضطر للجوء الى امريكا)، وسامر الاسلامبولي ( نصب نفسه مرجعا لمعاني اللغة العربية)، وسمير إبراهيم خليل حسن، جميعهم حاولوا تقديم مخارج لاصلاح الفكر الاسلامي ومصادره.
غير ان الفشل كان وسيبقى من نصيبهم، لعدة اسباب من بينها ان الاسلام السني لايملك مرجعية ( على العكس من الاسلام الشيعي او الكنيسة المسيحية مثلا).

الكثير من المصلحين يبدؤون تبريراتهم لضرورة الاصلاح تارة بأن النص كان مضطر لتقديم صياغة تتناسب مع مستوى المتلقي في عصر محمد، وتارة اخرى بأن الاسلام في ذاته ليس المسؤول عن اخطاء التطبيق، لأن الانسان أخطأ فهم النص لكونه يملك افق محدود وعقل محدود، بما يعني أن ضرورة اعادة قراءة النص امر لاغنى عنه على ضوء التطورات الجديدة.

بطبيعة الحال يتناسى الجميع ان الله هو الذي اختار اللغة البشرية وسيلة للتواصل، على الرغم من علمه بمحدودية عقل الانسان ونواقص اللغة كأداة.
والقول ان الله كان مضطرا لمراعاة المتلقي في عصر محمد يجعلنا نتساءل : وماذا عن المتلقي في عصرنا الان، لماذا لم يراعيه، بحيث نحتاج الى الاصلاحيين لاعادة تفسير ظاهر النص؟
معاني مفردات الكلمات تملك تعبيرات وشمولية وعمق مختلف من بيئة اجتماعية (قبلية) الى اخرى كما ان معاني مفردات الكلمات تتغير على مر الزمان. ذلك يجعل التواصل مع مختلف الفئات المعرفية والاجتماعية عبر الزمان والمكان امر غاية في الصعوبة يصل الى حد الاعجاز الذي لاتستطيع عليه الا الالهة، فلماذا يصبح حجة لتبرير الفشل؟ بمعنى اخر القول ان ذلك يعني رمي الله بالفشل.

احدى الامثلة على ذلك اقتبسها من احدى النقاشات بما يخص كلمة بعل التي وردت في الاية التي تقول: اتعبدون بعلا وتذرون أحسن الخالقين. في الواقع ان كلمة بعل اجنبية بابلية فينيقية وتعني السيد الاعلى، وكلمة الله ايضا اجنبية، سومرية بابلية، وتعني السيد الاعلى فتصبح الاية بعد ترجمتها: اتعبدون السيد الاعلى وتذرون احسن الخالقين ( الذي هو السيد الاعلى ايضا) فتصبح الاية بلا معنى، وخطأ الفهم هنا يقع على صاحب النص وليس الانسان.

كما نرى فأن رد السلبيات الى خطأ الفهم امر مثير للدهشة، فالفهم هو علاقة جدلية بين النص والعقل وليس من طرف واحد، فلايمكن ان يكون المسؤول طرف واحد. ثم كيف يكون الفهم هو المسؤول مع ان الحجة تقول ان النص جاء على مستوى المتلقي، فهل يعقل ان الله احتاج الى النزول الى مستوى المتلقي الى درجة ان النص اصبح بلا معنى، بل وخطأ تاريخي ولغوي، ومع ذلك يصبح الذنب على المتلقي؟

في الواقع نحن لانستطيع إعادة فهم النص الديني في اطاره التاريخي، اي اصلاح الفكر الاسلامي، من جهة لان ذلك طعن مباشر بالله واتهامه بسوء صياغة النص بما استدعى تتدخلنا في طرح تفسير ومن جهة ثانية لاننا لانملك مرجعية تحكم بيننا، في قصورنا العقلي، وبين نيات الله وغايته في صياغة النص. من الذي سيحكم بيننا في اي نوع من انواع الفهم للنص هو الفهم الصحيح ونحن جميعا متهمين بالقصور العقلي وقصور الفهم بنفس المقدار. ان الشئ الثابت الوحيد، من الحاجة للاصلاح، ان لافهم على الاطلاق هو الفهم الصحيح المضمون، لفقدان التحكيم الموضوعي، وبالتالي سقطت مرجعية النص تماما. وهذه المعضلة خلقها قصور النص وهو قصور يتحمله المصدر وحده.
ولكن، إذا توصلنا الى ان النص قد سقطت مرجعيته منطقيا، لعدم قدرتنا على فهمه فهما واحدا، بحيث يراعي المكان والزمان ، بدليل التعدد على مر العصور والى اليوم.. الا يعني ان ذلك بذاته هو إصلاح، غاية في الجذرية، بما يحقق مصالح الجميع؟